إنّ الحديث النجوم أسانيد عديدة تفيد بمجموعها الشهرة ، لكن التتبّع لها يفيد : أن واحداً من تلك الأسانيد لم يكن ليسلم من طعن علماء الرجال وأئمة الجرح والتعديل من أهل السنة .
رواية عبدالله بن عمر بن الخطاب :
لقد رووا هذا الحديث عن عبدالله بن عمر ، إلاّ أنّ في سند الرواية :
1 ـ « عبدالرحيم بن زيد » .
ومن راجع كتاب ( الضعفاء ) للبخاري و ( الضعفاء ) للنسائي ، و ( العلل ) لابن أبي حاتم ، و ( الموضوعات ) و ( العلل المتناهية ) لابن الجوزي ، و ( ميزان الاعتدال ) و ( الكاشف ) و ( المغني ) للذهبي و ( خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ) للخزرجي ... وغيرها وجد كلمات الطعن والذم لهذا الرجل كقولهم : « ليس بشيء » و« كذاب » و « ضعيف » و« كذاب خبيث » .
وقد مر في مواضع من الكتاب بعض تلك الكلمات .
2 ـ « زيد العمي » .
وقد صرّحوا بضعفه أيضاً ، بل تقدم في كلام المناوي عن الحافظ ابن عدي قوله « عامّة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء » .
ورووه بسند آخر من عبدالله بن عمر أيضاً إلاّ أن فيه :
« حمزة الجزري » .
الذي جاء في ( الضعفاء ) للبخاري « حمزة بن أبي حمزة النصيبي : منكر الحديث » وفي ( الضعفاء ) للنسائي : « متروك الحديث » وفي ( الموضوعات ) : « قال يحيى ليس بشيء ، وقال ابن عدي يضع الحديث » وفيه عن أحمد « هو مطروح الحديث » وعن يحيى « لا يساوي فلساً » وتجد أمثال هذه الكلمات في ( البحر المحيط ) لأبي حيان و ( الميزان ) و ( الكاشف ) للذهبي وغيرها ، وقد تقدم بعضها .
رواية عمر بن الخطاب
لقد رووا هذا الحديث عن عبدالله بن عمر ، إلاّ أنّ في سند الرواية :
1 ـ « نعيم بن حماد » .
وهو مجروح كما تقدم في كلام ابن الجوزي .
2 ـ « زيد العمي » .
وقد تقدم الكلام فيهما .
رواية جابر بن عبدالله الأنصاري
ورووا هذا الحديث عن جابر بن عبدالله ، إلاّ أن رواته مجهولون ، فقد تقدم عن ابن حجر العسقلاني في ( تخريج أحاديث الكشاف ) قوله :
« وأخرجه ـ يعني الدار قطني ـ في ( غرائب مالك ) من طريق حميد بن زيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في أثناء حديث وفيه :
فبأيّ قول أصحابي أخذتم اهتديتم ، إنّما مثل أصحابي مثل النجوم ، من أخذ بنجم منها اهتدى .
قال : لا يثبت عن مالك : ورواته دون مالك مجهولون » .
ورواه بسند آخر عن جابر أيضاً ، إلاّ أن فيه :
1 ـ « أبو سفيان » .
وقد قال ابن حزم « أبو سفيان ضعيف » (1) .
2 ـ « سلام بن سليم » .
وقد قال ابن حجر : « وسلام ضعيف » .
وقال ابن حزم : « يروي الأحاديث الموضوعة وهذا منها بلا شك » .
وقال ابن خراش : « كذب » .
وقال ابن حبان : « روى أحاديث موضوعة » .
ونقل هذه الكلمات في ( سلسلة الأحاديث الموضوعة والضعيفة ) وأضاف أنه ( مجمع على ضعفه ) .
2 ـ « الحارث بن غصين » .
وقد قال ابن عبدالبر بعد أن نقل الحديث بالاسناد عن جابر : « هذا إسناد لا تقوم به حجة ، لأن الحارث بن غصين مجهول » .
وقد تقدم أن الزين العراقي أورد كلام ابن عبدالبر هذا مرتضياً إيّاه ...
رواية عبدالله بن عباس
ورووا أيضاً هذا الحديث عن ابن عبّاس ، إلاّ أن في سند الرواية :
1 ـ « سليمان بن أبي كريمة » .
وقد ضعّفه أبو حاتم الرازي والجلال السيوطي ومحمد بن طاهر وقال ابن عدي : « عامة أحاديثه مناكير » وقال الذهبي : « لينّ صاحب مناكير » راجع : ( الموضوعات ) لابن الجوزي و ( ميزان الاعتدال ) و ( المغني ) للذهبي ، ( لسان الميزان ) لابن حجر و ( قانون الموضوعات ) لمحمد بن طاهر ، وغيرها .
2 ـ « جويبر بن سعيد » .
الذي قال النسائي في ( الضعفاء ) عنه : « متروك الحديث » والبخاري في ( الضعفاء ) : « جويبر بن سعيد البلخي عن الضحاك ، قال علي بن يحيى : كنت أعرف جويبراً بحديثين ، ثم أخرج هذه الأحاديث فضعّف » وابن الجوزي في ( الموضوعات ) : « وأما جويبر فأجمعوا على تركه . قال أحمد : لايشتغل بحديثه » وفي ( الميزان ) « قال ابن معين : ليس بشيء وقال الجوزجاني : لا يشتغل به ، وقال النسائي والدار قطني وغيرهما : « متروك الحديث » وفي ( الكاشف ) : « تركوه » إلى غير ذلك من الكلمات .
3 ـ « الضحاك بن مزاحم » .
وقد جاء في ترجمته من ( الميزان ) و ( المغني ) للذهبي و ( تهذيب التهذيب ) لابن حجر العسقلاني وغيرها : إنّ الرجل كان لا يحدّث عنه ، ضعيفاً في الحديث ، مجروحاً .
وقد أنكر شعبة وجماعة من كبار الأئمّة أن يكون لقي الرجل ابن عباس ...
رواية أبي هريرة
ورووا هذا الحديث عن أبي هريرة أيضاً ، إلاّ أن في سند الرواية :
« جعفر بن عبدالواحد القاضي الهاشمي » .
وكان هذا لرجل متهماً بوضع الحديث وسرقته ، متروكاً كذاباً ... كما يظهر من مراجعة ( تخريج أحاديث الكشاف ) و ( لسان الميزان ) لابن حجر العسقلاني ، و ( المغني ) و ( الميزان ) للذهبي ، و ( اللالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ) للجلال
هذا ... بغض النظر عن المقال المعروف في أبي هريرة نفسه .
رواية أنس بن مالك
ولقد رووا هذا الحديث كذلك عن أنس بن مالك ، إلاّ أن في سند الرواية :
« بشر بن الحسين » .
يرويه عن الزبير بن عدي عن أنس وقد قال الذهبي في ( المغني ) : « قال الدار قطني : متروك ، وقال أبو حاتم : يكذب على الزبير » .
ولاحظ سائر الكلمات في ذمه في ( لسان الميزان ) (2) لابن حجر .
تأملات في متن حديث النجوم
والآن ... هلمّ معي لنرى هل يصح صدور مثل هذا الكلام من رسول الله صلّى الله عليه آله وسلّم ؟ وهل كان جميع الصحابة على خير من بعده ؟ وهل كانوا جميعاً مؤهلين لأن يقتدى بهم ؟ وهل كانوا جميعاً هادين حقاً ؟ ...
إذا كان كذلك ، فما معنى قوله تعالى :
* ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) (3) .
وقوله تعالى :
( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذّبهم مرّتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) (4) .
وغيرهما من الآيات الكريمة التي تنص على وجود المنافقين بين أصحاب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم .
ثم هل يمكن الاعتقاد بأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان لا يعلم ما سيقع بعده بين الأمة الاسلامية ؟
كلاّ ... ثمّ كلاّ ... إنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان على علم بجميع ما سيحدث بين أصحابه وأمته إلى يوم القيامة ، لذا وردت الأحاديث الكثيرة التي لا تحصى يخبر فيها عليه وعلى اله الصلاة والسلام عن القضايا التي سيستقبلها المسلمون .
إنه صلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين قال : « ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ... » (5) .
وهناك أحاديث كثيرة أيضاً وردت في خصوص صحابته تفيد سوء حال جم غفير منهم ، وانقلابهم من بعده على أعقابهم ، مرتدين عن الدين راجعين بعده كفاراً خاسرين .
منها : قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما أخرجه البخاري :
« أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعنّ رجال منكم ، ثمّ ليختلجنّ دوني ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما احدثوا بعدك » وفي حديث : فأقول : سحقاً لمن غيّر بعدي » وفي بعض الأحاديث : « إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى » (6) .
ومنها : قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأصحابه :
« لا ترجعوا بعدي كفاراً » (7) .
ومنها : قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم :
« الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل » (8) .
... إلى غير ذلك من الأحاديث التي رواها القوم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذم الصحابه آحاداً وجماعات ، في موارد كثيرة ومناسبات مختلفة ومواطن عديدة ...
فكيف يحسن منه سلام الله عليه وآله أن يجعل كلاً من هؤلاء نجماً يهتدى به والحال هذه ؟
على أن كثيراً من الصحابة اعترفوا في مناسبات عديدة بالجهل وعدم الدراية والخطأ في الفتيا ، حتى اشتهر عن بعض أكابرهم ذلك ... ولذا كان باب التخطئة والرد مفتوحاً لدى أصحاب رسول الله تعالى عليه وعلى آله ، بل ربّما تجاوزت التخطئة حد الاعتدال وبلغت التكذيب والتجهيل والتكفير ... وتلك قضاياهم مدونة في كتب الآثار .
وهل أعجب من دعوى كون جميعهم نجوماً يهتدى بهم والحال أنه لم تكن لهم هذه المنزلة عند أنفسهم ، كما هو واضح عند من راجع أخبارهم ؟
وأمّا سبّ بعضهم بعضاً ، وضرب بعضهم بعضاً ، ونفي بعضهم لبعض فقد كان فاشياً فيما بينهم ، بل لقد استباح بعضهم قتل بعض ...
أما إذا راجعنا أخبار كلّ واحد من الصحابة وتتبعنا أفعالهم وقضاياهم لعثرنا على أشياء غريبة عن الاسلام ، بعيدة عنه كلّ البعد ، من شربٍ للخمر ، وشهادة زورٍ ، ويمينٍ كاذبة ، وفعل للزنا ، وبيعٍ للخمر ، والأصنام ، وفتياً بغير علم ... إلى غير ذلك من الكبار المحرمة بأصل الشرع واجماع المسلمين ... نشير هنا إلى بعضها باختصار ...
* 1 ـ كذب جماعة من مشاهير الصحابة وأعيانهم في قضية الجمل في موضوع ( الحوأب ) ، وتحريضهم الناس على شهادة الزور كما شهدواهم ، والقصة مشهورة ... (هذه القصة مشهورة رواها كافة أرباب التواريخ ، كالطبري وابن الأثير وابن خلدون والمسعودي وأبي الفداء ... وغيرهم .) .
2 ـ قصة خالد بن الوليد وقوم مالك على عهد أبي بكر إذ وقع فيهم قتلاً ونهباً وسبباً ، ثم نكح امرأة رئيسهم مالك بن نويرة من ليلته بغير عدة ، حتى أنكر عمر بن الخطاب ذلك (9) .
3 ـ زنا المغيرة بن شعبة في قضيةٍ هذا مجملها :
إن المغيرة بن شعبة زنا بأم جميل بنت عمر ، وهي أمرأة من قيس ، وشهد عليه بذلك : أبوبكرة ، نافع بن الحارث ، وشبل بن معبد .
ولما جاء الرابع وهو زياد بن سمية ـ أو : زياد بن أبيه ـ ليشهد أفهمه عمر ابن الخطاب رغبته في أن يدلي بشهادته بحيث لا تكون صريحة في الموضوع حتى لا يلحق المغيرة خزي بإقامة الحدّ عليه ، ثم سأله عمّار رآه قائلاً :
أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة .
فقال : لا .
فقال عمر : الله اكبر ، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم .
فقام يقيم الحدود على الشهود الثلاثة (10) .
4 ـ بيع سمرة بن جندب الخمر على عهد عمر بن الخطاب ، فقال عمر لمّا بلغه ذلك :
« قاتل الله فلاناً ، باع الخمر ... ؟ » (11) .
5 ـ بيع معاوية بن أبي سفيان الأصنام ، فقد جاء في ( المبسوط ) نا نصه :
« وذكر عن مسروق رحمه الله قال : بعث معاوية رحمة الله بتماثيل من صفر تباع بأرض الهند فمر بها على مسروق رحمه الله قال : والله لو أني أعلم أنه يقتلني لغرقتها ، ولكني أخاف أن يعذّبني فيفتنني ، والله لا أدري أي الرجلين معاوية :
رجل قد زيّن سوء عمله ، أو رجل لقد يئس من الآخرة فهو يتمتّع في الدنيا ... » (12) .
6 ـ شرب عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب ( وكنيته أبو شحمة ) الخمر على عهد أبيه في مصر أيام ولاية عمرو بن العاص عليها .
وقد أقام عمر الحد على ولده هذا في المدينة ـ بعد أن طلبه من مصر ـ وقد أقام عمرو الحدّ عليه هناك وهو مريض ثم حبسه أشهر فمات على أثر ذلك (13) .
7 ـ جهل بعض كبار الصحابة بالأحكام الشرعية ، بل بمعاني الألفاظ العربية ، وقوله في ذلك بغير علم .
فقد اشتهر عن أبي بكر أنه لم يعرف معنى « الكلالة » بالرغم من نزولها في القرآن ، وبيان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم معناها للأمة ، فقال حينما سئل عنها :
« إني رأيت في الكلالة رأياً ، فإنّ كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له ، وإن يكن خطأ فمني والشيطان ، والله برئ منه ... » (14) .
8 ـ بيع معاوية بن أبي سفيان الشيء بأكثر من وزنه ، فقد جاء في ( الموطأ ) ما نصه :
« مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : إن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينهى عن مثل هذا ، إلاّ مثلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بمثل هذا باساً .
فقال أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية ؟ أنا أخبره عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرضٍ أنت بها » (15) .
9 ـ إقدام زيد بن أرقم على أمرٍ قالت عائشة أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن لم يتب ... فقد روى جماعة من المحدّثين والفقهاء والمفسرين « عن أم يونس : إن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن أرقم الأنصاري : يا أمّ المؤمنين أتعرفين زيد بن أرقم ؟ قالت : نعم ، قالت : فإني بعته عبداً إلى العطاء بثمانمائة ، فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته منه قبل الأجل بستمائة ، فقالت : بئسما شريت وبئسما اشتريت ، ابلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن لم يتب .
10 ـ مؤامرة عائشة وحفصة على زينب بنت جحش ، فقد روي عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها فتوأطات أنا وحفصة على أنّ أيّتنا دخل عليها . فلتقل له ؛ أكلت مغافير (16)؟ قال : لا ولكن أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، لا تخبري بذلك أحداً » .
والخلاصة : فإنّ الآيات الكريمة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، وكتب التاريخ والفقه تشهد على بطلان حديث النجوم ، وتدل على أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يجيز لنا الاقتداء بكلّ واحد من صحابته ، لمجرد صحبته وفيهم المنافق والفاسق والمجرم ...
فمعنى حديث النجوم دليل آخر على أنّه موضوع ، بالاضافة إلى ضعف جميع رواته وطرقه ...
وقد نص على بطلان هذا الحديث من هذه الناحية جماعة من علماء الحديث كالبزّار وابن القيّم وابن حزم (17) .
نعم . هناك في كتب أهل السنة ومصادرهم المعتبرة في الحديث ، أحاديث رووها عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نؤمن بمضمونها ، ونأخذ بمؤدّاها ، ونعتقد بمدلولها ، ولا مجال لورود شيء من المحاذير فيها ، صلّى الله عليه وآله وسلّم :
«النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي » (18) .
وقوله :« النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض » (19) .
وقوله :« النجوم أمان الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فاذا خالفها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب ابليس » (20) .
وإنما قلنا ذلك : لاعتضادها بآيات القرآن العظيم والأحاديث المتواترة عن النبي الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وثبوت عصمة أئمة أهل البيت ( وهم على وبنوه الأحد عشر ) بالكتاب والسنة ، وعدم اختلافهم في شيء من الأحكام ، وحرصهم التام على تطبيق الشريعة المقدسة ...
وختاماً نعود فنسأل : هل يصح هذا الحديث عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟
والجواب : كلاّ ... فإنّ التتبع لكلمات أئمة أهل السنة وآرائهم في هذا الحديث ، والنظر في أسانيده ، والتأمّل في متنه ... كلّ ذلك يدل بوضوح على أن هذا الحديث موضوع باطل بجميع ألفاظه وأسانيده لا يصح التمسك به والاستناد إليه .
ويرى القارئ الكريم أنا لم نعتمد في هذا البحث إلاّ على أوثق المصادر في الحديث والتاريخ والتراجم وغيرها ، ولم ننقل إلاّ عن أعيان المشاهير وأئمّة الحديث والتفسير والأصول والتاريخ .
ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يوفقنا لتحقيق السنّة واتّباع ما هو بذلك حقيق ، والاقتداء بمن هو به جدير ... وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي الأمين وآله المعصومين والحمد لله رب العالمين .
المصادر :
1- سلسلة الأحاديث 1 / 78 .
2- لسان الميزان 2 / 21 ـ 23 .
3- سورة آل عمران 3 / 144 .
4- سورة التوبة 9 : 101 .
5- رواه جماعة ، وقال العلامة المقبلي في ( العلم الشامخ ) : « وحديث افتراق الأمة إلى سبعين فرقة رواياته كثيرة يعضد بعضها بعضاً بحيث لا تبقى ريبة في حاصل معناه » . المذاهب الاسلامية لمحمد أبو زهرة ص14 .
6- صحيح البخاري باب في الحوض 4 / 87 ـ 88 وغيره من الصحاح وكتب الحديث .
7- إرشاد الفحول ص76 .
8- الجامع الصغير . قال المناوي ، خرّجه الإمام أحمد في المسند ، وكذا أبو يعلى عن أبي نفيسة ، ورواه أحمد والطبراني عن أبي موسى ، وأبو نعيم في الحلية عن أبي بكر . فيض القدير 4 / 173 .
9- وهذه الواقعة أيضاً مشهورة تجدها في جميع التواريخ والسير وكتب الكلام ، وهي إحدى موارد الطعن في أبي بكر بن أبي قحافة .
10- وفيات الأعيان 2 / 455 ، ابن كثير 7 / 81 ، الطبري 4 / 207 . وفي الواقعة هذه مخالفتان للنصوص الشرعية والأحكام الاسلامية الضرورية كما لا يخفى .
11- صحيح البخاري وغيره .
12- المبسوط في الفقه الحنفي كتاب الاكراه
13- شرح النهج 3 / 123 ط مصر ، وفي القضية مخالفات للنصوص الشرعية كما لا يخفى .
14- ذكر ذلك جميع المفسرين وعلماء الكلام .
15- الموطأ 2 / 59 ، وانظر شرحه للسيّوطي .
16- المغفور ، جمعه مغافر ومغافير : صمغ كريه الرائحه يسيل من بعض الشجر .
17- سلسلة الأحاديث 1 / 83 حيث قال : « فمن المحال أن يأمر رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم باتّباع كلّ قائل من الصحابة ... » .
18- ذخائر العقبى 17 تحت عنوان ( ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، إحياء الميت 19 عن جماعة من أئمة الحديث .
19- ذخائر العقبى 17 ، إسعاف الراغبين 130 ( بهامش نور الأبصار ) كلاهما عن أحمد .
20- إحياء الميت 24 عن الحاكم ، إسعاف الراغبين 130 إلى « الاختلاف « قال : « صحّحها الحاكم على شرط الشيخين »