عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

آداب ألتطهير

من المعلوم في العلوم الفقهية أن النجاسة على نحوين: الخبث والحدث، والثاني على نحوين: الحدث الأصغر والحدث الأكبر، ولكلّ منها معنى ظاهري وباطني نأتي على ذكرها.
الخبث: بالمعنى الفقهي هوالنجاسة الظاهرية الطارئة على الجسم أو اللباس، مثل النجاسة بالدّم أو البول ونحوهما، وهذه النجاسة ترفع بغسل موضعها بالماء.
أما نظيرهذه النجاسة في عالم الباطن التلوّث بقذارة المعاصي الصغيرة التي تصدر من المؤمن، وحيث أن مرتبة النجاسة فيها ضعيفة بالآلام الدنيوية وتوجب رفعها الابتلاءات في هذه الدنيا الفانية.
قال تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ"(1).
الحدث الأصغر: هذه النجاسة هي تعني في المعنى الفقهي نواقض الوضوء، من النوم والدخول إلى قضاء الحاجة وغير ذلك، وهذا الحدث يرفع بالوضوء أو التيمم حال الضرورة.
وأما المعنى الباطني لهذا الحدث:
فإما النوم: فليفكّر الإنسان أن النوم في الليل أو النهار حدث يوجب الوضوء كذلك الغفلة عن الله والآخرة حدث لا بد لك من رفعه.
وأما الدخول لقضاء الحاجة: فيروى عن الإمام الصادق عليه السلام: "سمي المستراح مستراحا لاستراحة النفوس من أثقال النجاسات واستفراغ الكثفات والقذرفيها، والمؤمن يعتبر عندها أن الخالص من حطام الدنيا كذلك يصير عاقبته فيستريح بالعدول عنها وتركها، ويفرّغ نفسه وقلبه عن شغلها ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر ويتفكر في نفسه المكرمة في حال، كيف تصير في حال، ويعلم أن التمسك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدّارين، وأن الراحة في هوان الدّنيا والفراغ من التمتع بها وفي إزالة النجاسة من الحرام والشبهة فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إياها، ويفرّ من الذنوب ويفتح باب التواضع والندم والحياء ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه طلبا لحسن المآب وطيب الزلفى ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات إلى أن يتصل بأمان الله في دار القرار ويذوق طعم رضاه، فإن المعوّل ذلك وما عداه لا شيء".
هذا ونموذج هذه النجاسة في المعنى الباطني بعض المعاصي الكبيرة التي ليس لها جزر نفساني وكبعض المعاصي الذي قد يتفق للإنسان وخصوصا في عهد الشباب.
الحدث الأكبر: وهو الجنابة وترتفع بالغسل، وهي في المعنى الباطني: الفناء في الطبيعة (الدنيا)، بمعنى الاستغراق فيها، والغفلة عن الروحانية، ونموذج هذه النجاسة في الروح هي المعاصي التي رسخت جذورها في القلب وصارت منشأ للملكات الخبيثة والرذائل النفسانية من الكبر والحسد والشرك ونحوها، وتسمّى بالموبقات وقد أوعد لله سبحانه صاحبها النار.
والآداب القلبية للغسل هي ألا يتوقّف الإنسان السالك إلى الله تعالى في حين غسله بتطهير الظاهر وغسل البدن، بل عليه أن يغسل جنابة باطن روحه وهي غلبة قوّة الشهوة عليه، وليعلم أن أصل الجنابة الروحية هو حب الدنيا والشرك بالله تعالى الظاهرة منه والخفي.
آداب مطلق اللباس:
إن الإنسان روح وجسد، باطن وظاهر، ولكلّ منهما تأثيره في الآخر، لذلك إن جميع الآداب الصورية الظاهرية الشرعية لها في الباطن أثر بل آثار، ولكلّ من الأخلاق الحسنة آثار في الظاهر والباطن، ولكلّ من المعتقدات الحقّة أيضا آثار.
فمثلاً على تأثير الباطن والظاهر: الإيمان الله تعالى وأنه هو المتصرّف في الوجود وأنه هو أعلم بكل شيء، يوجب كثيراً من الكمالات النفسية والأخلاقية، مثل التوكل والاعتماد على الحق وقطع الطمع من المخلوق ويوجب كثيراً من الأعمال الصالحة وترك الكثير من الأعمال القبيحة، وهكذا سائر العقائد والمعارف.
ومثال تأثير الظاهر في الباطن: اللباس، فكما أن للألبسة الفاخرة جدّا في النفوس تأثيراً، كذلك للألبسة الدّنية جدّا في النفوس تأثير، فقد يوقع اللباس الفاخر بالكبر واحتقار الآخرين والغررو والعجب، كذلك اللباس الرديء قد يلبسه الإنسان ليشتهر بالزهد والقداسة، فيقع أيضا بالتكبر والغرور والعجب فضلا عن الرياء وغير ذلك من المفاسد الباطنية. وبعض الناس يقلّد الأجانب في لباسه فينعكس ذلك على باطنه بحيث يمكن أن يصبح قلبه محبّا لهم ومبغضا لأعدائهم.
وبكلمة أخرى:إن لباس الشهرة سواء في جانب الافراط (اللباس الفاخر) أو التفريط (اللباس الرديء) من الأمور التي تؤثر على القلوب الضعيفة وعلى سلوكها وأخلاقها، وقد وردت روايات عديدة في هذا المجال نورد بعضها:
عن الإمام علي عليه السلام: "من لبس ثوبا عاليا فلا بد من التكبرولابد للمتكبر في النار".
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إن الله تبارك وتعالى أوصى إلى بعض أوليائه: قل للمؤمنين لا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تأكلوا كأعدائي ولا تمشوا كأعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي".
وعنه عليه السلام: "إن الله يبغض شهرة اللباس".
وعنه أيضا عليه السلام: "الشهرة خيرها وشرها في النار".
وعنه عليه السلام: "إن الله يبغض الشهرتين، شهرة اللباس وشهرة الصلاة".
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما معناه: "من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثياب الذل يوم القيامة".
سر طهارة اللباس:
من شرائط صحة الصلاة الظاهرية طهارة اللباس الظاهري, وكذلك من شرائط صحة الصلاة الباطنية طهارة اللباس الباطني.
وطهارة اللباس الباطني يعني:
1- الطهارة من المعاصي.
2- الطهارة من الأخلاق الذميمة، وأمهات ذمائم الأخلاق وأصولها، العجب وحبالنفس والتكبّر والتظاهر والتعصّب، فكلّ منها مبدأ كثير من الذمائم الأخلاقية ورأس كثير من الخطيئات.
3- طهارة القلب الذي هو اللباس الحقيقي للأنسان، وما لم يتطهّر هذا اللباس فمن الصعوبة تحصيل الطهارتين السّابقتين.
ولتطهير لباس القلب مراتب:
أ- التطهير من حبّ الدنيا الذي هو رأس كل الخطيئات ومنشأ جميع المفاسد، وما دام الإنسان محبّا للدنيا لا يتيسّر له محبة الله تعالى التي هي أم الطهارات، كما أنه لا يستشعر حلاوة العبادة.
ولأهمية هذه المرتبة من طهارة القلب كان لكتاب الله ووصايا الأنبياء والأولياء عليهم السلام وخصوصا أمير المؤمنين عليه السلام الاهتمام الكبير في التزهيد في الدنيا، وهذه المرتبة من الطهّارة تحصّل من خلال الاستزاده من العلم الإلهي والمجاهدة والرياضة الروحية والتفكّر في المبدأ والمعاد والاعتبار في فناء الدنيا وبقاء الآخرة، "رحم الله امرءا ًعلم من أين وفي أين وإلى أين".
ب- التطهير من الاعتماد على الخلق الذي هو شرك خفي، ويحصل هذا التطهير بالتوحيد الفعلي للحق جلّ وعلا، ولا يكفي الاعتقاد العقلي بأنه لا مؤثر في الوجود إلا الله، بل ينبغي أن يصبح اعتقادا قلبيا من خلال تنبيه القلب وتلقينه بهذه الحقيقة، حتى تصل حالنا إلى قطع الطمع من الخلق، وهناك مراتب أخرى للتطهير.
في الاعتبارات القلبية لستر العورة:
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "... فإدا لبست ثوبك فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته وألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك وليكن باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة واعتبر بفضل الله عزّ وطلّ حيث خلق اسباب اللباس لتستر العورات الظاهرة وفتح أبواب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء ولا تفضح أحدا حيث ستر الله عليك أعظم منه واشتغل بعيب نفسك واصفح عمّا لا يعنيك حاله وأمره...".
من فقه الاسلام
س: هل يجب بعد غسل القماش المتنجس بالماء الجاري أو الكر عصره خارج الماء ليطهر أم أنه يطهر بعصره داخله؟
ج: لا يشترط في تطهير القماش وأمثاله بالماء الجاري أو الكر العصر، بل يكفي في ذلك أيّ عمل يوجب خروج الماء الداخل فيه وإن حصل ذلك في الماء الكر أو الجاري ولو كان الخروج بسبب التحريك العنيف.
س: ما هو حكم الوضوء والغسل بالماء الذي هو كثيف بطبيعته، مثلا كماء البحر الذي صيّرته كثرة أملاحه الطبيعية كثيفا، كما بحيرة أرومية أو ما هو أكثر كثافة منها؟
ج: مجرد كثافة الماء بسبب وجود الأملاح فيه لا تمنع من صدق الماء المطلق عليه، والمناط في ترتيب الآثار الشرعية للماء المطلق هو صدق هذا العنوان ونظر العرف.
س: في حالة غسل الملابس المتنجسة بالماء الكثير هل يجب العصر أم يكفي استيلاء الماء على محل النجاسة بعد زوالها؟
ج: الأحوط وجوبا العصر أو التحريك، ونحوهما مما يوجب انتقال الغسالة من موضعها.
س: عندما نريد غسل البساط أو السجاد بماء الأنبوب المتصل بالحنفية، فهل يطهر بمجرد وصول ماء الأنبوب إلى المحل المتنجس أم يجب فصل ماء الغسالة عنه؟
ج: لا يشترط في التطهير بماء الأنابيب فصل ماء الغسالة؟ بل يطهر بمجرد وصول الماء إلى المكان المتنجس بعد زوال عين النجاسة وانتقال الغسالة من موضعها بواسطة الضغط باليد على البساط والسجاد أثناء أتصال الماء به.
س: هل الشمس من المطهرات؟ وإذا كانت من المطهرات ما هي شروط تطهيرها؟
ج: تطهير الأرض، وكل ما لاينقل، مثل البناء وما اتصل بالبناء، وما أثبت فيه كالأخشاب والأبواب ونحوهما، بإشراق الشمس عليها بعد زوال عين النجاسة عنها، وبشرط أن تكون حال إشراق الشمس عليها رطبة ثم تصبح جافة بواسطة الشمس(2)
الستار
إن الستّارية من أوصاف الله تعالى وطوبى لعبد تخلّق بأخلاق الله... وقد شدّد النكير في الروايات على من كان بصدد إفشاء عيب من أخيه المؤمن.
كما قال الصادق عليه السلام: "من اطلع من مؤمن على ذنب أو سيئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ولم يستغفر الله له كان عند الله كعاملها وعليك وزر ذلك الذي أفشاه عليه وكان مغفورا لعاملها وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا مستور عليه في الآخرة ثم يجد الله أكرم من أن يثنّي عليه عقابا في الآخرة".
وقال عليه السلام: "من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروتّه ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان".
وذكر المحدث القمي عن سفيان بين عيينة، قال في قوله تعالى: إلا أمم أمثالكم... ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من بعض البهائم، فمنهم من يقدم إقدام الأسد، ومنهم من يعدو عدو الذئب، ومنهم من ينبح نباح الكلب، ومنهم من يتطوّس كفعل الطاووس، ومنهم من يشبه الخنزير، فإنه لو ألقي إليه الطعام الطيّب تركه، وإذا قام الرجل عن رجعيه (الغائط) ولغ فيه، وكذلك نجد الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها فإن إخطأت مرة واحدة حفظها ولم يجلس إلا رواه عنه...
ثم قال: فاعلم يا بنيّ إنك إنما تعشر البهائم والسباع فبالغ في الاحتراز.
قال المحدث القمي بعد نقل هذا الكلام، أقول وأحسن من هذا ما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إن الأشرار يتتبعون مساوىء الناس ويتركون محاسنهم كما يتتبع الذباب المواضع الفاسدة من الجسد ويترك الصحيح".
المصادر :
1- النساء:31.
2- م.س، ص27-28-29.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

العلاقات الزوجية الناجحة تُحسِّن مناخ الأرض
السيد محسن الأمين العاملي ( قدس سره ) ( 1284 هـ ـ 1371 ...
المرأة في القرآن
مدير قناة الجزيرة في باكستان عضو في القاعدة ...
ربط الطفل بالسلف الصالح
إصدار كتاب "المنهج الحق كتاب الله والعترة ...
الإمام الخميني رجل القرن العشرين، ورجل القرن ...
إصدار كتاب "النَّثر الفنِّي في ثورة ...
رجل ضعيف وامرأة قوية .. صراع بين قوتين
ثورة زيد بن علي بن الحسين

 
user comment