الشيخ محمد جواد بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهيم بن حسين بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي.
ولد في العراق في النجف الأشرف سنة 1282هـ. في بيت من أقدم البيوتات النجفية وأعرقها في العلم والفضل والأدب.
نشأ في مدينة النجف الأشرف، ودرس المقدمات فيها، ثمّ سافر إلى مدينة الكاظمية سنة 1306هـ ليستمر في طلبه للعلم فيها.
وفي سنة 1312هـ عاد إلى النجف الأشرف، فحضر على الشيخ محمد طه نجف والشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ الآخوند محمد كاظم الخراساني والسيد محمد الهندي.
هاجر إلى سامراء عام 1326هـ فحضر درس الميرزا محمد تقي الشيرازي ـ زعيم الثورة العراقية ـ عشر سنين، وألف فيها عدّة كتب، وغادرها عند احتلاها من قبل الجيش الانجليزي إلى الكاظمية، فمكث بها سنتين، مؤازراً للعلماء في الدعاية للثورة ومحرّضاً لهم على طلب الاستقلال. ثمّ عاد إلى النجف الأشرف، وواصل نشاطه في التأليف، فكان من أولئك الندرة الأفذاذ الذين أوقفوا حياتهم وكرّسوا أوقاتهم لخدمة الدين، فلم يُرَ إلاّ وهو يجيب على سؤال، أو يحرّر رسالة يكشف فيها ما التبس على المرسِل من شك. أو يؤلّف كتاباً.
وقف قبال النصارى وأمام تيار الغرب الجارف، فمثّل لهم سمّو الإسلام على جميع الملل والأديان، حتى أصبح له الشأن العظيم والمكانة المرموقة بين علماء النصارى وفضلائها.
كما تصدّى للفرقة المنحرفة ـ كالبابية والقاديانية والوهابية والإلحادية وغيرها ـ فكتب في ردّهم ودحض شبهاتم عدّة رسائل.
بلغ في خلوص نيّته بمكان، حتى أنه كان لا يرضى أن يوضع اسمه على تأليفه عند طبعها، وكان يقول: إني لا أقصد إلاّ الدفاع عن الحق، لا فرق عندي بين أن يكون باسمي أو باسم غيري.
وما كان لله ينمو، حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يكون اسمه ناراً على علم، وبلغت شهرته أقاصي البلاد، حتى أن أعلام أوربا كانوا يفزعون إليه في المسائل العويصة.
كان يجيد اللغات العبرانية والفارسية والانجليزية، بالإضافة إلى لغته العربية، ولذلك برع في الرد على أهل الكتاب ودحض أباطيلهم وكشف خفايا دسائسهم.
وكان مع عظيم مكانته في العلم وتفقّهه في الدين، أدبياً كبيراً وشاعراً مبدعاً، له نظم سلس ومتين أكثره في أهل البيت(عليهم السلام) ورثائهم، وبعضه في الردود الدينية.
ومع كل هذه المكانة العلمية، فإنه كان متواضعاً للغاية، يقضي حاجاته بنفسه، ويختلف إلى الأسواق بشخصه لابتياع ما يلزمه.
ألف الكثير من الكتب والرسائل في مختلف العلوم، حيث اشتهرت مؤلّفاته بالدقة والعمق، نذكر المطبوع منها:
1 ـ الهدى إلى دين المصطفى في الرد على النصارى.
2 ـ الرحلة المدرسية، في الرد على اليهود والنصارى.
3 ـ التوحيد والتثليث، في الرد على النصارى.
4 ـ المسيح والأناجيل، في الرد على النصارى.
5 ـ نور الهدى، في الرد على شبهات وردت من لبنان.
6 ـ البلاغ المبين، في الإلهيات.
7 ـ أنوار الهدى، في الرد على الطبيعيين والماديين وشبهاتهم الالحادية.
8 ـ نصائح الهدى، في الرد على البابية.
9 ـ دعوى الهدى إلى الورع في الأفعال والفتوى، في إبطال فتوى الوهابيين بهدم قبور البقيع.
10 ـ رسالة في الرد على الوهابية.
11 ـ قصيدة في معارضة قصيدة ابن سينا العينية في النفس.
12 ـ قصيدة في جواب القصيدة البغدادية في إثبات وجود الإمام المهدي(عليه السلام).
13 ـ داروين وأصحابه.
14 ـ نسمات الهدى.
15 ـ أجوبة المسائل البغدادية، في أصول الدين.
16 ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن.
17 ـ رسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم وصومهم، طبعت باللغة الانجليزية فقط.
18 ـ تعليقه على مباحث البيع من كتاب المكاسب.
19 ـ العقود المفصّلة في حلّ المسائل المشكلة، وهي 14 عقداً في الفقه وأصوله.
20 ـ رسالة في البداء.
توفي رضوان الله عليه ليلة الاثنين 22 من شعبان سنة 1352هـ، ودفن في الحجرة الثالثة الجنوبية من طرف مغرب الصحن الشريف لمرقد الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام).
نبذة عن کتاب اعاجيب الاکاذيب للشيخ محمد جواد البلاغي رحمه الله
سفر قيّم على صغر حجمه إلاّ أن محتواه يغني الباحث والمتتبع، فهو يعدّ مصدراً أساسياً لكل من يريد أن يقتحم هذا الميدان وهو ثمرة ناضجة مدلاّة لمن رام قطافها.
صنّف أساساً للرد على أربعة كتب وضعها النصارى مشحونة بالافتراءات على الإسلام فدحضها، وعرض في ثانيا فقراته تحريفات العهدين الرائجين، ومخالفتهما للشرع والعقل.
كل ذلك بأسلوب قوي متين، فهو على اختصاره سهل ممتنع يبرز مقام المؤلّف الشامخ.
طبع هذا الكتاب لأول مرّة في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1345هـ، وترجم إلى اللغة الفارسية وطبع في مدينة النجف الأشرف أيضاً سنة 1346هـ، وطبع في مدينة قم المقدسة سنة 1412هـ، بإعداد السيد محمد علي الحكيم.
مقدمة الکتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله محقّ الحقّ الهادي إلى الصواب، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين نبيّ الهدى، والداعي إلى سبيل ربّه بالحكمة الموعظة الحسنة، وعلى آله الطيبين، وصحبه المنتجبين، والعاقبة للمتّقين. وبعد،
فإني في هذه السنين وجدت جِدّ المبشرين من النصارى واجتهادهم بالدعوة ونشر الكتب في جميع النواحي، مستمدين من نشاط أمّتهم في بذل الأموال الطائلة في هذا السبيل.
فحداني حب العلم إلى النظر في هذه الدعوة وهذه الكتب المنثورة كقطر المطر، لكي أرى قيمتها في هذا الجدّ وذاك النشاط;
وحصل لي من كتب المبشرين:
كتاب الهداية، بمجلّداته الأربعة المطبوعة في مصر بمعرفة المرسلين الأمريكان، كما هو مكتوب عليها.
وكتاب هاشم العربي.
وكتاب رحلة الغريب بن العجيب.
وكتاب ثمرة الأماني.
وحصل لي معها كتب العهدين، وهي:
كتب العهد القديم التي ينسبها اليهود والنصارى إلى الوحي الإلهي والنبوّات.
وكتب العهد الجديد التي ينسبها النصارى إلى الوحي الإلهي والنبوّات.
ومجموع العهدين يكون ستة وستّين كتاباً.
فأخذت بكلتا يديّ التحقيق والإنصاف، ومشيت بينهما جنباً لجنب، فتصفّحت كتب المبشرين، وأمعنت النظر في كتب العهدين، مرّة بعد مرّة، فاعترضني في ذلك مواقف موحشة، ومناظر مدهشة، فبعثني حبّ الخير للبشر، والتشرّف بخدمة الهدى والاستقامة، على أن أجرّد من كل صنّف من تلك المواقف والمناظر كُتيّباً صغيراً، أقدّمه لطالبي الاطلاع على أعمال البشروالنظر في الاُمور التاريخية وأحوال الإنسان. وبدأت مما فيها بما يعود إلى الكذب، وسمّيت هذا الكُتّب المخصّص لذلك: أعاجيب الأكاذيب، فاقرأ فيه وتعجّب..