ولد عام 1975م فی " صنعاء " عاصمة جمهوریة الیمن(1)، من أسرة تعتنق المذهب الزیدی، ودرس فی المدارس الدینیة الزیدیة حتى أصبح أستاذاً فی المدرسة العلمیة الزیدیة الرئیسیة بصنعاء والتی تقام جلسات دروسها فی الجامع الکبیر، له مؤلفات مخطوطة فی المذهب الزیدی، اضافة إلى نظمه الشعر وتمتعه (2)
وقال القاضی أحمد بن صالح بن أبی الرجال الزیدی فی مقدمة کتابه (مطالع البدور ومجمع البحور): "والتحقیق: إن الزیدیة منسوبة إلى الإمام علی بن أبی طالب وسبطیه وأمهما لاجماعهم إن الحق معهم وإن انتسبوا إلى زید بن علی فما ذاک إلاّ أنها وقعت فترة بعد قتل الحسین بن علی (علیه السلام) کادت تنسی أشهر صفات أهل البیت وهی الجهاد فی سبیل الله لاظهار الحق ومحو الظالم، فقام زید بن علی بسنة آبائه فی إنکاره لأعمال هشام بن عبد الملک وخروجه علیه فانتسب من ورائه إلیه لهذه الخصیصة، فلولا هذا لکان انتساب هذه الفرقة إلى الإمام علی أنسب".
التعرّف على التشیع:
یقول الأخ إسماعیل: "سافرت إلى سوریا والتقیت هناک ـ عن طریق الصدفة ـ ببعض علماء الشیعة الإمامیة الحجازیین، فانعقدت بیّننا صداقة حمیمة، وکان یجمعنا حبّ أهل البیت (علیهم السلام) والولاء لهم، فکان معظم کلامنا یدور حول مکانة أهل البیت (علیهم السلام) وفضائلهم، حتى بلغ الحدیث بنا حول عصمتهم.
وکان لابد لنا من أن نحددّ تعریف المصطلحات التی یدور البحث حولها، لیسعنا بعد ذلک أن ننطلق فی البحث من المشترکات الموجودة بیّننا".
تعریف العصمة:
قال الشیخ المفید: " العصمة من الله تعالى لحججه هی التوفیق واللطف، والإعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط فی دین الله، والعصمة تفضّل من الله تعالى على من علم أنّه یتمسک بعصمته، والاعتصام فعل المعتصم، ولیست العصمة مانعة من القدرة على القبیح، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن، ولا ملجئة له إلیه..."(3).
وقال السید المرتضى: " العصمة هی اللطف الذی یفعله تعالى، فیختار العبد عنده الامتناع من فعل القبیح "(4).
وقال الشیخ الطوسی: " العصمة: المنع من الآفة، والمعصوم فی الدین الممنوع باللطف من فعل القبیح، لا على وجه الحیلولة "(5).
وقال ابن أبی الحدید المعتزلی: " وقال الأکثرون من أهل النظر: بل المعصوم مختار متمکن من المعصیة والطاعة... إلى أن قال: وقال أصحابنا ـ یعنی المعتزلة ـ: العصمة لطف یمتنع المکلّف ـ عند فعله ـ من القبیح اختیاراً "(6).
وذهب أحد علماء الزیدیة المعاصرین إلى أنّ العصمة هی: " اللطف الذی تترک لاجله المعصیة بلا محالة، ولهذا لا یوصف بها إلاّ الأنبیاء أو من یجری مجراهم.
وقال أیضاً: وکل رسول یوحى إلیه بشریعة جدیدة أو مجدّدة لما قبلها من الشرائع، لابد أن یکون معصوماً بتوفیق الله ولطفه عن ارتکاب الکبائر والفواحش من المعاصی قبل البعثة وبعدها، ومعصوماً کذلک من الصغائر التی تسیء إلى مقام النبوة وتثیر الشُبَه حولها، وهذا هو رأی الزیدیة ومن وافقهم "(7).
أسباب العصمة:
إنّ المدارس الکلامیة عموماً تؤکد أنّ العصمة لا تنافی الاختیار، والشخص المعصوم یمتنع عن القبیح بکامل إرادته واختیاره، لکن یبقى معنى العصمة ملفوفاً بنوع من الغموض لم یوضحه المتکلمون السابقون، فهم لم یذکروا أسباب ومنشأ هذا اللطف، ولم یفصحوا عن معنى اللطف الإلهی الموجب للعصمة.
وقد حاول العلامة الطباطبائی فی تفسیره " المیزان " أن یسلّط الأضواء على هذه المسألة قائلا: " ونعنی بالعصمة وجود أمر فی الإنسان المعصوم یصونه عن الوقوع فیما لا یجوز من الخطأ والمعصیة "(8).
والظاهر أنّ قوله " وجود أمر فی الإنسان... " هو تعبیر آخر عن (اللطف) الذی کانت تعبّر به المدرسة الکلامیة القدیمة.
وقد أوضح کلامه هذا بقوله: " الأمر الذی تتحقق به العصمة، نوع من العلم یمنع صاحبه عن التلّبس بالمعصیة والخطأ، وبعبارة أخرى: علم مانع عن الضلال"(9).
وقال أیضاً: " إنّ قوّة العصمة لا توجب بطلان الاختیار، وسقوط التکالیف المبنیة علیه، فإنّها من سنخ الملکات العلمیة "(10).
وهکذ نرى العلامة الطباطبائی ضمن تأکیده على عدم منافاة العصمة للاختیار یرى أنّ العلم سبباً للعصمة، فمثل هذا العلم یخلق من صاحبه إنساناً مثالیّاً، لا یخالف قول ربّه قید أنملة ولا یتعدى الحدود التی رسمها له فی حیاته قدر شعرة، ولن تزول عنه المعصیة فحسب، بل لن یجد مجرد التفکیر بالمعصیة إلیه سبیلاً.
أدلّة لزوم عصمة الإمام:
قالت الإمامیة بوجوب عصمة الإمام من الذنب والخطأ، لأنّ الإمامة منصب لا یلیق إلاّ للمعصوم، واستدلوا على ذلک بأدلّة عقلیة ونقلیة:
الأدلّة العقلیّة:
قال الشیخ المفید:
" فإن قیل: هل یشترط فی الإمام أن یکون معصوماً أم لا؟
فالجواب: یشترط العصمة فی الإمام کما تشترط فی النبیّ (علیه السلام) .
فإن قیل: ما الدلیل على أنّ الإمام یجب أن یکون معصوماً؟
فالجواب: الدلیل على ذلک من وجوه:
الأوّل: أنّه لو جاز علیه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر یسدّده، وننقل الکلام إلیه ویتسلسل، أو یثبت المطلوب.
الثانی: إنّه لو فعل الخطیئة فأمّا أن یجب الإنکار علیه أو لا، فإن وجب الإنکار علیه سقط محله من القلوب ولم یتّبع، والغرض من نصبه إتّباعه، وإن لم یجب الإنکار علیه سقط وجوب النهی عن المنکر وهو باطل.
الثالث: إنّه حافظ للشرع، فلو لم یکن معصوماً لم یؤمن علیه الزیادة فیه والنقصان منه "(11).
ویوضح السید المرتضى بعض ما أجمله الشیخ المفید قائلاً:
" فأمّا الذی یدلّ على وجوب العصمة له من طریق العقل، فهو أنّا قد بیّنا وجوب حاجة الأمة إلى الإمام، ووجدنا هذه الحاجة تثبت عند جواز الغلط علیهم ـ أی الأئمة ـ وانتفاء العصمة عنهم، لما بیّناه من لزومها لکل من کان بهذه الصفة، وینتفی جواز الغلط بدلالة أنّهم لو کانوا بأجمعهم معصومین لایجوز الخطأ علیهم لما احتاجوا إلى إمام یکون لطفاً لهم فی ارتفاع الخطأ، وکذلک لمّا کان الأنبیاء معصومین لم یحتاجوا إلى الرؤساء والأئمة، فثبت أنّ جهة الحاجة هی جواز الخطأ.
فإن کان الإمام مشارکاً لهم فی جواز الخطأ علیه، فیجب أن یکون مشارکاً لهم فی الحاجة إلى إمام یکون ورائه، لأنّ الاشتراک فی العلّة یقتضی الاشتراک فی المعلول، والقول فی الإمام الثانی کالقول فی الأوّل، وهذا یؤدی إلى اثبات مالایتناهى من الأئمة، أو الوقوف إلى إمام معصوم، وهو المطلوب "(12).
وفی الحقیقة أنّ مفهوم الإمامة الذی تتبناه الشیعة الإمامیة، هو القیام بوظائف الرسول من بعده، وقد تعرفت على وظائفه الرسالیة والفراغات الحاصلة بموته والتحاقه بالرفیق الأعلى.
ومن المعلوم أنّ سَدّ هذه الفراغات لا یتحقق إلاّ بأن یکون الإمام متمتعاً بما یتمتع به النبیّ من الکفاءات والمؤهلات، فیکون عارفاً بالکتاب والسنة على وفق الواقع، وعالماً بحکم الموضوعات المستجدة عرفاناً واقعیاً، وذابّاً عن الدین شبهات المشککین، وهذه الوظیفة تستدعی کون الإمام مصوناً من الخطأ.
فمادلّ على أنّ النبیّ یجب أن یکون مصوناً فی مقام إبلاغ الرسالة، قائم فی المقام نفسه، فإنّ الإمام یقوم بنفس تلک الوظیفة، وإن لم یکن رسولا ولا طرفاً للوحی، ولکنه یکون عیبة لعلمه، وحاملا لشرعه وأحکامه، فإذا لم نجوّز الخطأ على النبیّ فی مقام الابلاغ، فلیکن الأمر کذلک فی مقام القیام بتلک الوظیفة بلا منصب الرسالة والنبوّة(13).
الأدلّة النقلیة:
أوّلاً: قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِمات فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّی جاعِلُکَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ) (14)
والاستدلال بهذه الآیة الشریفة على عصمة الإمام یتوقف على تحدید مفهوم الإمامة ومفهوم الظالم الذی لیس له من الإمامة نصیب.
والمقصود بالإمامة الواردة فی الآیة غیر النبوّة وغیر الرسالة، فالنبوّة هی منصب تحمّل الوحی، والرسالة منصب إبلاغ الوحی إلى الناس.
أمّا الإمامة المعطاة للخلیل (علیه السلام) فی أواخر عمره، فهی عبارة عن منصب القیادة الإلهیة وتنفیذ الشریعة فی المجتمع بقوّة وقدرة مع توفر الشروط والظروف.
وأمّا الظالم، فهو کل من ارتکب ظلماً أو تجاوز حدّاً فی یوم من أیام عمره، أو عبد صنماً، أو لاذ إلى وثن أو ارتکب أمراً محرماً، فضلا عن الشرک والکفر، وهؤلاء بأجمعهم مصداق لنداء رب العالمین: (لا یَنالُ عَهْدِی الظّالِمِینَ) من غیر فرق أنّه تاب بعد ذلک أو بقى على ما کان علیه.
ولهذا ینبغی أن یکون الإمام طاهراً من الذنوب طیلة حیاته، وهذا هو ما یسمى بالعصمة.
ثانیاً: قوله تعالى: (أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی اْلأَمْرِ مِنْکُمْ) (15)، والآیة الشریفة فیها دلالتان:
1 ـ إنّ طاعة أولی الأمر مطلقة وغیر مخصصه بزمان أو مکان أو حالة أو غیر ذلک
2 ـ حرمة طاعة أولی الأمر إذا أمروا بالعصیان والکفر لقوله: (وَلا یَرْضى لِعِبادِهِ الْکُفْرَ )(16)
وعلیه فمقتضى الجمع بین هذین الأمرین أنّ یتصف ولاة الأمر بصفة ذاتیة وعنایة إلهیة تصدّهم عن الأمر بالمعصیة، ولیس هذا إلاّ عبارة أخرى عن کونهم معصومین.
وهذه الآیة والتی سبقتها تدلان على عصمة الإمام مطلقاً.
ثالثاً: قوله تعالى: ( إِنَّما یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً)(17)
والمراد من الرجس هو القذارة المعنویة، وهی کل عمل قبیح عرفاً أو شرعاً تنفر منه الطباع السلیمة، والتطهیر هو التطهیر من الرجس المعنوی الذی تعد المعاصی والذنوب من أظهر مصادیقه.
وتعلّق الإرادة التکوینیة على إذهاب کل رجس وقذارة، یجعل من تعلقت به هذه الإرادة إنساناً مثالیاً معصوماً، وقد تعلقت هذه الإرادة کما تشیر الآیة بالأئمة المعصومین (علیهم السلام) ، فدل هذا على عصمتهم بالخصوص.
أمّا الأدلّة من السنّة:
أوّلا: حدیث الثقلین: " إنی تارک فیکم الثقلین کتاب الله وعترتی أهل بیتی"(18)
ودلالته على عصمة، هو اخبار رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) بأنّ عترته مع القرآن دائماً، وکل من کان مع القرآن دائماً فمعناه أنّه مصیب دائماً، وکل مصیب دائماً فهو معصوم، فأهل البیت (علیهم السلام) معصومون، لأنّه لو جاز علیهم الخطأ ما کان یجب التمسک به، ولمّا وجب التمسک بهم مطلقاً کالقرآن، وجب أن یکونوا معصومین.
ثانیاً: قال الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) : " إنّما الطاعة لله عزّوجلّ ولرسوله ولولاة الأمر، وإنّما أمر بطاعة أولی الأمر لأنّهم معصومون مطهرون، لا یأمرون بمعصیته "(19)
ثالثاً: قال الإمام الصادق (علیه السلام) : " الأنبیاء وأوصیاؤهم لا ذنوب لهم لأنّهم معصومون مطهرون "(20)
هذا اضافة إلى الکثیر من الأحادیث الواردة عن أهل البیت (علیهم السلام)
اشتراک الزیدیة والإمامیة فی القول بعصمة الأئمة (علیهم السلام):
ذهبت الإمامیة إلى أنّ الأئمة إثنا عشر، قد اصطفاهم الله من قبل، فعلم منهم الوفاء بعهده فجعلهم فی الأرض ذریة بعضها من بعض لیکونوا حججه على عباده، وقد ورد النصّ فی تحدید أسمائهم، وهم معصومون کعصمة الأنبیاء، ولا یجوز منهم صغیرة إلاّ ما قدّمت ذکر جوازه على الأنبیاء، وأنّه لا یجوز منهم سهو فی شی فی الدین ولا ینسون شیئاً من الأحکام.
وقبلت الزیدیة العصمة للأئمة فی الجملة، فقالت بعصمة الإمام علیّ وولدیه الحسن والحسین (علیهم السلام)
فقد قال الحسین بن محمّد بن أحمد الهادی: " ولم تقع العصمة فیمن علمنا من ولد إبراهیم (علیه السلام) إلاّ فی محمّد وعلیّ والحسن والحسین (علیهم السلام) "(21)
تساؤل وجواب:
قد یقال: انّ ما ثبت بآیة التطهیر وحدیث الثقلین من العصمة إنّما هو للخمسة الذین ضمهم الکساء، فی حین أنّ مدعى الشیعة الإمامیة عصمة الأئمة التسعة من أبناء الحسین (علیهم السلام) أیضاً، فکیف یتسنى لنا اثبات عصمتهم من خلال هذین النصین والنصوص المتشابهة؟
الجواب: إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) فی مواقفه التی أعلن فیها عن أهل بیته (علیهم السلام) ، هل کان بصدد بیان حصر النصوص بهؤلاء الخمسة، أم أنّه کان یبتغی مجرد تطبیق العصمة علیهم لکونهم أنذاک المصداق الوحید للمعصومین؟
والصحیح هو التطبیق، وذلک لأننا رأینا الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم) قد حدد أهل بیته وبیّن مقامهم من لیلة زفاف فاطمة لعلیّ(علیهما السلام)، حیث صرّح الرسول فی تلک اللیلة بطهارة أهل البیت (علیهم السلام)(22)، وأعقب ذلک بوقوفه على بابهما طیلة أربعین یوماً(23)، ولم یکن فی البیت یومئذ سوى علیّ وفاطمة(علیهما السلام)! فتبیّن أنّ المصداق الوحید لأهل البیت أنذاک هو علیّ وفاطمة(علیهما السلام) فحسب.
وقد أعاد(صلى الله علیه وآله) اعلانه لمقامهم مرّة أخرى بعد ولادة الحسنین(علیهما السلام)، کما ورد عن أم سلمة فی جمعهم تحت الکساء(24)، وبیّن علوّ شأنهم وطهارتهم من الرجس.
فمن هنا یکتشف بوضوح أنّ القضیة کانت من باب التطبیق على الموجودین، وتبیین مصادیق المعصومین فحسب لاحصرها بهم، بمعنى أنّه لو قدّر وجود آخرین من المعصومین یومذاک لأدخلهم الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم) تحت الکساء، ولقال فیهم: " اللّهم هؤلاء أهل بیتی ".
ثم إنّنا لا نحتاج فی معرفة المعصومین إلى أکثر من معصوم واحد یکون المرجع فی تعیین غیره، لأنّ العصمة تمنع صاحبها من الخطأ فی التطبیق.
ویکفینا من هذه النصوص عصمة هؤلاء الخمسة الذین ضمهم رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وهم المرجع لنا لتعیین المعصومین من بعدهم وهذا ما حدث بالفعل.
إثبات عصمة الأئمة من ذرّیة الحسین:
قد وردت العشرات من النصوص المعلنة عن عصمة الأئمة من ذرّیة الحسین (علیه السلام) بأسمائهم وصفاتهم على نحو لا یقبل التردید والشک، ومن هذه النصوص:
1 ـ أخرج البخاری ـ فی الصحیح ـ عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبیّ(صلى الله علیه وآله وسلم)یقول: " یکون اثنا عشر أمیراً. فقال کلمة لم اسمعها، فقال أبی: إنه قال: کلّهم من قریش "(25)
وفی روایة أحمد عن بن مسروق، قال: " کنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو یقرؤنا القرآن، فقال له رجل: یا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)کم یملک هذه الأمة من خلیفة؟ فقال عبد الله: ما سألنی عنها أحد منذ قدمت العراق قبلک، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله، فقال: إثنی عشر کعدَّة نقباء بنی إسرائیل "(26)
2 ـ وأخرج مسلم ـ فی الصحیح ـ عن النبیّ(صلى الله علیه وآله وسلم) أنّه قال: " لا یزال الدین قائماً حتى تقوم الساعة، أو یکون علیکم إثنا عشر خلیفة، کلهم من قریش "(27)
3 ـ عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) یقول: " أنا وعلیّ والحسن والحسین وتسعة من ولد الحسین مطهّرون معصومون "(28)
4 ـ عن أبی سعید الخدری قال: سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) یقول للحسین (علیه السلام) : " أنت الإمام ابن الإمام وأخو الإمام، تسعة من صلبک أئمة أبرار، والتاسع قائمهم "(29)
5 ـ عن أبی جعفر الباقر (علیه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاری، قال: " دخلت على فاطمة(علیها السلام) وبین یدیها لوح (مکتوب) فیه أسماء الأوصیاء، فعدّدت اثنی عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم علیّ (علیهم السلام) "(30)
والجدیر بالذکر أنّ الکثرة العددیة لهذه الروایات لیست هی الأساس الوحید لقبولها، بل هناک مزایا وقرائن تبرهن على صحتها، فالبخاری الذی نقل هذا الحدیث " یکون اثنا عشر... " کان معاصراً للإمام الجواد (علیه السلام) ، والإمامین الهادی والعسکری(علیهما السلام)، وفی ذلک مغزاً کبیر! لأنّه یبرهن على أنّ هذا الحدیث قد سجّل عن النبیّ(صلى الله علیه وآله وسلم) قبل أن یتحقق مضمونه، وتکتمل فکرة الأئمة الإثنى عشر فعلا، ویعنی هذا أنّه لا یوجد أی مجال للشک فی أن یکون نقل الحدیث متأثراً بالواقع الإمامی الإثنى عشری وانعکاساً له(31)
کما یستفاد من هذه الروایات:
1 ـ إنّ عدد الإمراء والخلفاء لا یتجاوز الإثنى عشر، وکلّهم من قریش
2 ـ إنّ هؤلاء الأمراء معیّنون بالنصّ، کما هو مقتضى تشبیههم بنقباء بنی إسرائیل، لقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً)(32)
فان سؤال الصحابة للنبیّ(صلى الله علیه وآله وسلم) إنّما هو عن خلفائه لا بتأمیر الناس أو بالتغلّب، إذ لایهم الصحابة السؤال عن ذلک، لأنّ تأمیر الناس وتغلّب السلاطین لا یبتنی ـ عادة ـ على الدین، حتى یهم الصحابة السؤال عنه، فظهر أنّ السؤال إنّما هو عن الخلفاء بالنصّ، وعنهم أجاب النبیّ (صلى الله علیه وآله وسلم)(33)
3 ـ إنّ هذه الروایات افترضت لهم البقاء ما بقی الدین الإسلامی، أو حتى تقوم الساعة، کما هو مقتضى روایة مسلم، وأصرح منها الروایة الأخرى فی مسلم أیضاً: " لا یزال هذا الأمر فی قریش ما بقی من الناس إثنان "(34)
وإذا صحّت هذه الاستفادة فهی لا تتلائم إلاّ مع قول الإمامیة فی عدد الأئمة، وبقائهم، وکونهم من المنصوص علیهم من قبله(صلى الله علیه وآله وسلم)(35)
الإندفاع نحو الاستبصار:
یقول الأخ إسماعیل: " إنّ ممّا جذبنی إلى مذهب أهل البیت (علیهم السلام) ، قوّة منهجیته فی أموره العقائدیة والفقهیة، فدفعنی ذلک إلى إعلان انتمائی إلیه عام 1994م فی سوریا، وقرّرت بعدها دراسة العلوم الدینیة فی إحدى الحوزات العلمیة الشیعیة لأکون على علم وبصیرة من دینی ".
المصادر :
1- الیمن: تقع فی الرکن الجنوبی الغربی لشبه جزیرة العرب، یبلغ عدد سکانها قرابة (18) ملیون نسمة، یدین أغلبهم بالإسلام، تقدر نسبة الشیعة (8) ملایین أکثرهم من الزیدیة
2- الزیدیة: " هم القائلون بإمامة أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب والحسن والحسین وزید ابن علی (علیهم السلام) ، وبإمامة کل فاطمی دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وکانت بیعته على تجرید السیف للجهاد" اوائل المقالات (للمفید): 4.
3- تصحیح الاعتقاد للمفید: 128.
4- رسائل الشریف المرتضى (مسألة فی العصمة): 3 / 325.
5- التبیان للطوسی: 5 / 490.
6- شرح النهج لابن أبی الحدید: 7 / 8 ـ 7.
7- الزیدیة نظریة وتطبیق لعلی الفضیل: 102.
8- تفسیر المیزان: 2 / 134.
9- المصدر نفسه: 5 / 78.
10- المصدر نفسه: 5 / 354.
11- النکت الاعتقادیة للمفید: 39 ـ 40.
12- الذخیرة للشریف المرتضى: 430، 431.
13- کتاب الالهیات للسبحانی: 4 / 116 ـ 117.
14- البقرة: 124
15- النساء: 59
16- الزمر: 7
17- الزمر: 7
18- قد تواتر هذا الحدیث، وأخرجته معظم الصحاح وکتب الحدیث، راجع: الغدیر وعبقات الأنوار وصحیح الترمذی ومسند أحمد وغیرها.
19- الخصال للصدوق: 1 / 139، بحار الأنوار للمجلسی: 25 / 200.
20- الخصال للصدوق: 2 / 608، بحار الأنوار للمجلسی: 25 / 199.
21- ینابیع النصیحة لمحمد بن أحمد الهادی: 236 ـ 237.
22- مجمع الزوائد للهیثمی: 9 / 206 ـ 207، مقاتل الطالبین لأبی الفرج: 59.
23- مجمع الزوائد للهیثمی: 9 / 169، المناقب للخوارزمی: 60 (28)، المعجم الأوسط للطبرانی: 8 / 111 (8127)، المستدرک للحاکم: 3 / 172 (4748).
24- المستدرک للحاکم: 2 / 451 (3558)، 3 / 158 (4705)، شواهد التنزیل للحسکانی: 2 / 67 ـ (731)، صحیح مسلم: 4 / 1883 (2424)
25- صحیح البخاری: 6 / 2640 (6796).
26- مسند أحمد: 1 / 398 (3781).
27- صحیح مسلم: 3 / 1452 (1822).
28- کمال الدین لابن بابویة: 1 / 312، بحار الأنوار للمجلسی: 36 / 243.
29- بحار الأنوار للمجلسی: 36 / 290.
30- کمال الدین وتمام النعمة لابن بابویة: 1 / 344.
31- بحث حول المهدی للسید محمد باقر الصدر: 106.
32- المائدة: 12
33- دلائل الصدق للمظفر: 2 / 489.
34- صحیح مسلم: 3 / 1452 (1820)، وأنظر: صحیح ابن حبان: 14 / 162 (6266)، مسند أحمد: 2 / 29 (4822).
35- الأصول العامة للفقه المقارن للسید الحکیم: 178.
source : .www.rasekhoon.net