البحث الأوّل
الشعائر الإلهية في الذكر الحكيم
جاء في مختار الصحاح أنّ (الشعائر): هي كلّ ما جعل علماً لطاعة الله تعالى، وهي أعمال الحجّ أيضاً، والمشاعر هي موضع المناسك.
وشعار القوم في الحرب: علامتهم، ليعرف بعضهم بعضاً، وأشعَرَ الهديَ: إذا طعن سنامَه الأيمن حتى يسيل منه دمٌ ليُعلَم أنّه هديٌ.
ومن هنا فقد عرف الشعار بأنّه: «ممارسة كلامية أو غير كلامية تصبغ شخصية الإنسان الممارِس وتطبعها بطابع خاص يميّزها عمّا سواها»([1]).
وتتجلى هذه النقاط بوضوح في جملة من آيات الذكر الحكيم، مثل قوله تعالى:
1 ـ (وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَآ مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن
بَهِيمَةِ الاَْنْعَامِ)([2])
2 ـ (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ)([3])
3 ـ (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ)([4]) .
4 ـ (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)([5]) .
فالتقوى هو الهدف الذي تسعى الشريعة الإسلامية لتحقيقه من خلال العمل بقوانينها، والشعائر الإلهية التي نصّت عليها آيات الذكر الحكيم هي شعائر الحجّ، وهي من جملة أركان العبادة الإسلامية، التي ينبغي للمسلمين احترامها، وتعظيمها باعتبارها من «حُرمات الله»، فهي من جملة القوانين التي تحمل طابع العبادة أوّلاً، وتعطي للمسلمين معلماً من معالم شخصيّتهم المستقلّة . ثانياً، فهي تحمل بين جوانحها روح التسليم لله، والشعور بالعزّة بالله والشعور بالاستقلال عن سائر الأُمم بشتّى شرائعها ومذاهبها.