ركنان تقوم الإمامة عليهما :
إن من المعلوم والمفهوم : أن الإمامة أصل أصيل عند الشيعة الإمامية ، فهي وفقاً للأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ـ إمتداد للنبوة ـ لا يمكن تحقيق الأهداف الإلهية بإسعاد البشر ، وإيصالهم إلى كمالهم ، ونيلهم درجات القرب والرضا الإلهي بدونها.
وهي كذلك ، منصب إلهي ، لابد من الرجوع فيه إلى الله العالم الحكيم والمدبر الرحيم سبحانه وتعالى.
فهو وحده الذي يعين الإمام ، ويدلّ عليه بواسطة النص ، حيث يكون هذا الإمام قد تربى تربية إلهية خالصة في مهبط الوحي ، ومعدن الرسالة ثم بعد ذلك في حجر الإمامة ، حيث إن ذلك من شأنه أن يمنحه الفرصة لاكتساب علومه ومعارفه الشاملة من مقام النبوة ، ومصدر المعرفة الأول. أو من وارث علمه ، والإمام الحاضر والقائم بالأمر من بعده في كل عصر وزمان.
ونستخلص من ذلك :
أن الإمامة تقوم على ركنين أساسين :
أحدهما : النص القاطع لكل عذر.
الثاني : العلم الخاص ، الذي يتلقاه الإمام ( عليه السلام ) من مقام النبوة مباشرة ، أو بالواسطة هذا بالإضافة إلى الملكات والخصائص القيادية ، وكل ما من شأنه أن يحفظ المسيرة ، ويضمن سلامة الاتجاه ، مثل صفة العصمة ، والتدبير ، والحنكة ، والشجاعة ، والكرم ، وغير ذلك مما يساعده على النهوض بأعباء المسؤولية على النحو الأكمل والأفضل والأمثل.
التأكيد على الركن الأول :
ونلاحظ هنا : أن الأئمة ( عليهم السلام ) قد اهتموا بالتأكيد على هذين الركنين الذين أشرنا إليهما. حتى إن علياً ( عليه السلام ) قد استشهد لحديث الغدير بالصحابة والبدريين منهم خاصة في أكثر من مورد ، وأكثر من مناسبة ، في رحبة الكوفة ، وفي صفين وفي الجمل ، وفي يوم الشورى ، فشهد جم غفير منهم بسماعهم ذلك مباشرة منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
كما أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد جمع الصحابة في موسم الحج ، وذكرهم بفضائل أبيه ، وبحديث الغدير ، وبأفاعيل معاوية (1).
تتبع كتب الحديث والأثر ، والتاريخ والسير يوضح هذا الإصرار منهم عليهم السلام ، لكثرة ما روي عنهم عليهم السلام في هذا المجال.
_________________
1 ـ راجع على سبيل المثال : كتاب الغدير ج 1 ص 159 و 213 ودلائل الصدق ، وكتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام ص 90 فما بعدها.