ملاذ الجماهیر وعقدة الوهابین فی مصر هو مئات الأضرحة والمشاهد المنتشرة فی المدن والقرى الكثرة الغالبة منها لأناس یمثلون رموز الصوفیة وبعضهم علماء اشتهروا فی زمانهم أو لهم كرامات تعمق من مكانتهم الروحیة فی قلوب الناس. وذلك مثل ضریح السیة زینب والحسین والسیدة نفیسة والرفاعی والشافعی بالقاهرة. وضریح السید البدوی بطنطار والمرسی بالإسكندریة والدسوقی بكفر الشیخ والقناوی بقنا.
وهناك أضرحة ومشاهد خاصة برموز الطرق الصوفیة الكبرى مثل ضریح سلامة الرضی والشاذلی وأبی العزائم وصالح الجعفری وغیرهم.
ویكتظ جنوب مصر (الصعید) بعشرات الأضرحة حتى أنه یصعب أن توجد قریة من قرى الصعید لا یوجد بها ضریح أو فقیه أو على حد تعبیر العامة (ولی).
وفی أسوان یوجد أكثر من عشرة أضرحة ینتسب أصحابها لآل البیت ترفرف من فوقها الأعلام الحمراء والخضراء..
یوجد فی أسوان ثلاثة مشاهد للسیدة زینب إلى جانب مقامات أخرى كثیرة منتشرة بصعید مصر. وسر ذلك یعود إلى الأحلام التی تظهر فیها إشارات للعارفین بوجوب إقامة ضریح للسیدة فی مكان محدد..
ولقد شكلت هذه المشاهد ولا زالت تشكل استعزاز كبیرا للخط الوهابی المهیمن على التیارات الإسلامیة خاصة تلك المشاهد الشهیرة التی یقبل الجمیع على زیارتها.
وسوف نعرض هنا للمشاهد التی ترتبط بالشیعة ویرتبط الشیعة بها ارتباطا خاصا وإن كان یشاركها هذا الارتباط الشارع المصری.
مشهد مالك الأشتر:
قال ابن الكلبی عن أبیه: لما سار الأشتر إلى مصر أخذ فی طریق الحجاز فقدم المدینة فجاءه مولى لعثمان یقال له نافع وأظهر له الود.. فلم یزل معه إلى عین شمس. (أعنی المدینة الخراب خارج مصر بالقرب من المطریة) فلما وصل إلى عین شمس تلقاه أهل مصر بالهدایا وسقاء نافع العسل فمات..
وهذه الروایة هی أقرب الروایات إلى الواقع وتؤكد صحة موضع قبره بمنطقة القلج الآن بالقرب من بلدة الخانكة وهذه المنطقة واقعة ضمن حدود مدینة عین شمس القدیمة..
معالم الشیعة فی مصر
مرقد مالك الاشتر
مقام مالك الأشتر رضوان الله علیه... صاحب أمیر المؤمنین علیه السلام فی مصرویسمی السید العجمی هو الاسم الذی اشتهر به مقام الصحابی الجلیل (بالرغم من أصوله العربیة العریقه)
وهو من الاصحاب الخلص للإمام علی علیه السلام قتله معاویة حیث دس له السم فی العسل ومقام مالك الأشتر فی مصر لا یعلمه الا نوعان من الناس:
1. الشیعة
2. السكان المحلیین لمنطقة المرج (احدى ضواحی القاهرة الكبرى) فلایوجد اناس كثیرون یترددون على المقام والصوفیة لا یعرفونه وكاد المقام ان یندثر لولا عنایة طائفة البهرة التی انفقت على المقام بكل قوة وجددته وجعلته من روائع الاماكن.
لا یعلم سكان المرج فی القاهرة عن صاحب هذا المقام سوى انه ولی من أولیاء الله الصالحین یسمونه الشیخ العجمی وبدا البعض یعرف اسمه (الاشتر) بعد ان كتب على سور المقام من الخارج بعد التجدیدات (الاشتر)
ویعلمون ان له شان كبیر خاصة حینما یرون هنود وباكستانیین وخلیجیین وشباب مصریین یبدو علیهم انهم لیسوا من المرج یاتون لزیارته.
وطبعا فان سیدنا مالك الاشتر غنی عن التعریف ولكن لامانع من ان نعطر الموضوع بنبذة عن سیرته الغراء:
ینتمی مالك بن الحارث النخعی إلى قبیلة یمنیة عریقة، أسلم فی عهد النبی (صلى الله علیه وآله) وكان من المخلصین فی إیمانه وإسلامه.
كان مالك أول من بایع علی بن أبی طالب علیه السلام وتبعته جماهیر المسلمین.
كان مالك الاشتر أیضا قائد الجناح الأیمن فی معركة الجمل وابلى بها بلاء حسنا.
كان من خلص أصحاب الأمیر سلام الله علیه
فقد قال عنه أمیر المؤمنین علی علیه السلام :( مالك و ما أدراك ما مالك)
وبعد استشهاد الأشتر قال أمیر المؤمنین علیه السلام: جزى الله مالك خیراً، كان عظیما مهابا، أكبر من الجبل، وأشد من الصخر، والله لقد تزلزلت بموته عالم وأمة، وفرح بموته عالم وأمة، فلمثل مالك فلتبكی البواكی).
معالم الشیعة فی مصر
رواق رائع على الطراز الهندی یؤدی فی نهایته الى الحجرة المباركة
عندما تدخل من الباب ستجد بعض الزخارف فی وجهك كتبها البهرة الاسماعیلیون مكتوب..إذا أزعجتك ملمة أو كربة *ورجوت تنفیسا فناد یا علی .
معالم الشیعة فی مصر
القبر الشریف مغطى بالأقمشة
مکتوب علی مرقده هذا مقام السید الجلیل والقائد النبیل مالك الأشتر النخعی الشهیر بالسید العجمی من مات غریبا فقد مات شهیدا ، توفی سنة 37 هجریة
وأكثر زوار مرقد مالك الأشتر من العرب والأجانب فشهرته محدودة وسط المصریین ولذلك یلقبونه بالشیخ العجمی..
وقد تم تجدید مرقده مؤخرا على أیدی طائفة البهرة الإسماعیلیین ودفن إلى جواره شقیق شیخ البهرة..
ویقع مرقده وسط بستان تحیط به مناطق زراعیة بدأ الزحف السكانی یطغی علیها فی الفترة الأخیرة..
مشهد محمد بن أبی بكر:
قال صاحب النجوم الزاهرة: أعدم محمد بن أبی بكر حرقا فی جیفة حمار میت بعد أن وقع فی أسر جند معاویة عام 37 هـ .. وقیل إنه قطعت رأسه وأرسلت إلى معاویة بدمشق وطیف به وهو أول رأس طیف به فی الإسلام.. (1)
معالم الشیعة فی مصر
معالم الشیعة فی مصر
الصورة للمقام فى حى الباطنیة
ویقع مرقده فی بلدة میت دمسیس التابعة للمنصورة. وهناك قبر ناحیة الفسطاط یقال له محمد الصغیر والعامة یعتقدون أنه محمد بن أبی بكر.. إلا أن الراجح أن مرقده ناحیة المنصورة..
المشهد الزینبی:
وهو فی مرقدها المعروف بحی السیدة زینب بالقاهرة نسبة إلیها. ویقام لها مولد ضخم فی شهر رجب من كل عام..
وقد قام أحمد بن طولون بعمارة وترمیم مرقدها. ولما جاء المعز لدین الله إلى مصر بنى لها مشهدا عظیما فی عام 369 هـ . ثم جاء الحاكم بأمر الله من بعده فأوقف علیه عدة ضیاع وقیساریات (أسواق ومحلات)..
معالم الشیعة فی مصر
معالم الشیعة فی مصر
وفی العصر العثمانی عمر المشهد مرة أخرى وجعل له مسجدا فی عام 956 هـ . وجدده عبد الرحمن كتخدا وأنشأ به ساقیة وحوضها للطهارة والوضوء عام 1174 هـ .
أما المسجد الحالی فقد الجزء الأول منه فی عهد الخدیوی توفیق. والجزء الثانی فی عهد الملك فاروق. والثالث فی عهد عبد الناصر.. (2)
المشهد النفیسی:
وهو مرقد السیدة نفیسة ابنة الحسن بن زید بن الحسن بن علی بن أبی طالب.
زوجها إسحاق بن جعفر الصادق وكان یلقب بإسحاق المؤتمن من أهل الصلاح والتقوى والخیر والدین وروى عنه الحدیث..
وكانت السیدة نفیسة من الصلاح والزهد على الحد الذی لا مزید علیه. ویقال إنها حجت ثلاثین حجة..
وكانت كثیرة البكاء قدیم قیام اللیل وصیام النهار وتحفظ القرآن وتفسیره وقد توفیت عام 208 هـ ..
ودفنت السیدة نفیسة فی منزلها الذی هو قبرها الآن وأراد زوجها أن یحملها لیدفنها فی المدینة مع أجدادها. فسأله أهل مصر أن یتركها لتدفن عندهم من أجل التبرك بها.. (أنشأ المشهد الحالی بأمر الناصر محمد بن قلاوون. وكان أول احتفال بمولدها أقیم فی عام 889 هـ فی عهد قایتباى. ویذكر أن المصریین یرتبطون بالسیدة نفیسة ارتباط خاصا ویكثر الزحام حول مرقدها یومی الأحد والخمیس حین تقام حفلات الزواج هذاك )
ومزارها الیوم من أشهر مزارات أهل البیت فی مصر ویقام لها مولد كبیر..
وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون هو الذی أمر بإنشاء مشهدها الحالی عام 714 هـ ..
معالم الشیعة فی مصر
مسجد السیدة نفیسة
أسس مسجد السیدة نفیسة بنت الحسن بن زید بن الحسن بن علی بن أبى طالب فی 1314 هجریة الموافق 1897 میلادیة، ویقع ضمن الطریق المشهور بـ (طریق أهل البیت) والذی یبدأ بمقام زین العابدین وینتهی بمشهد السیدة زینب بنت علی مرورا بالسیدة نفیسة والسیدة سكینة بنت الحسین والسیدة رقیة بنت علی بن أبی طالب وسیدی محمد بن جعفر الصادق والسیدة عاتكة عمة الرسول "علیه الصلاة والسلام ".
معالم الشیعة فی مصر
الاحتفال بمولد السیدة نفیسة
یحرص المصریون على زیارة المسجد والمقام یوم الأحد من كل أسبوع ویطلقون علیه یوم الحضرة، حیث یشعر المصرون بالراحة النفسیة وتعلو الأصوات بالدعاء والتكبیر ، ولا یعرف أحد ما هو السر وراء ارتباط الزیارة بیوم الأحد أو بصلاة العصر بالتحدید ، ولكنه بعض عشاق المكان یقولون إنه اجتهاد من المصریین توارثوه جیلا عن جیل ، فمن منطلق حبهم لآل البیت خصصوا لكل ضریح من أضرحة آل البیت یوما للزیارة أطلقوا علیه الحضرة.
یتوسط واجهة المسجد الرئیسة المدخل وهو بارز عن سمتها ومرتفع عنها تغطیه طاقیة مقرنصة وتقوم أعلاه منارة رشیقة، بنیت مع الواجهة على الطراز المملوكی. ویؤدى هذا المدخل إلى دركاة یصل الإنسان منها إلى داخل المسجد، وهو عبارة عن حیز مربع تقریبا مسقوف بسقف خشبی منقوش بزخارف عربیة جمیلة ویعلو منتصف البائكة الثانیة منه شخشیخة مرتفعة. وهذا السقف محمول على ثلاثة صفوف من العقود المرتكزة على أعمدة رخامیة مثمنة القطاع. ویتوسط جدار القبلة محراب مكسو بالقاشانی الملون البدیع. وفی طرف هذا الجدار وعلى یمین المحراب باب یؤدى إلى ردهة مسقوفة بوسط سقفها شخشیخة حلیت بنقوش عربیة. ویمكن الوصول من هذه الردهة إلى الضریح بواسطة فتحة معقودة وبوسطه مقصورة نحاسیة أقیمت فوق قبر السیدة نفیسة، ویعلو الضریح قبة ترتكز فی منطقة الانتقال من المربع إلى الاستدارة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات، وكتب علی باب ضریح السیدة نفیسة داخل المسجد "عرش الحقائق مهبط الأسرار قبر النفیسة بنت ذی الأنوار حسن بن زید الحسن نجل الإمام علی بن عم المصطفی المختار".
وشهد المسجد خلال السنوات الأخیرة حركة إعمار كبیرة حتى وصلت مساحته لأكثر من ألف متر مع وجود الحدیقة من حوله فأكسبته الكثیر من الجمال بسبب حب وإقبال الكثیر من قیادات ورموز الدولة لهذا المسجد.
لم نعرف الدوافع التى أدت إلى قدوم السیدة نفیسة مع زوجها إلى مصر، وما إذا كانت دوافع سیاسیة ناتجة عن الضغوط التى كان یواجهها آل البیت من قبل القوى الحاكمة، إذ كان والد السیدة نفیسة والیا على المدینة من قِبَل الخلیفة العباسى أبى جعفر المنصور، ثم غضب علیه العباسى وعزله، ومن ثم رحلت معه هى وزوجها إلى مصر، أم أن هناك دوافع أخرى لرحیلها من المدینة وقدومها إلى مصر، وقد أجمع المؤرخون على أنها وصلت مصر مع زوجها أو أبیها أو كلیهما.
وحسب الروایات، یُحكَى أن أهالى مصر شُغفوا حبًّا بالسیدة نفیسة، واستعدوا لاستقبالها عندما علموا أنها فى الطریق إلى مصر، فخرج أهالى الفسطاط “القاهرة” لاستقبالها وأعیانها فى العریش، وكانت تدعو الله قائلة: “إلهى.. یسّر لى زیارة قبر خلیلك إبراهیم”، فاستجاب الله لها، وزارت – هى وزوجها “إسحاق المؤتمن” – قبر الخلیل إبراهیم علیه السلام، ثم رحلا إلى مصر فى رمضان عام 193 هجریة فى عهد هارون الرشید، وفى العریش – فى أقصى الشمال الشرقى لمصر – استقبلها أهل مصر بالتكبیر والتهلیل، وخرجت الخیول تحوطها وزوجها، حتى نزلا فى دار كبیر التجار وقتها “جمال الدین عبد الله الجصاص”.
وصلت السیدة نفیسة إلى القاهرة یوم السبت 26 رمضان 193 هجریة، قبل أن یأتى إلیها الإمام الشافعى بخمس سنوات، ونزلت فى دار سیدة من المصریین تُدعى “أم هانئ”، وأقبل علیها الناس یلتمسون منها العلم، حتى ازدحم المنزل وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت علیه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: “إنى كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غیر أنى امرأة ضعیفة، وقد تكاثر حولى الناس فشغلونى عن أورادى، وجمع زاد معادى، وقد زاد حنینى إلى روضة جدى المصطفى”، ففزع الناس لقولها ورفضوا رحیلها، حتى تدخَّل الوالى “السرى بن الحكم” وقال لها: “یا ابنة رسول الله، إنى كفیل بإزالة ما تشكین منه”، ووهبها دارا واسعة، ثم حدد یومین فقط فى الأسبوع یزورها الناس فیهما طلبًا للعلم والنصیحة، لتتفرغ هى للعبادة بقیة الأسبوع، فوافقت وبقیت.
مشهد رأس زید بن على:
ویقال له زین العابدین فی مصر وقد سرقه أهل مصر ودفنوه فی موضعه الحالی وقدم به إلى مصر عام 822 هـ أبو الحكم بن الأبیض القیسی فی جمادى الآخرة.. وقد خطب فی الناس برأس زید واجتمع الناس إلیه فی المسجد..
وذكر الكندی أن الأفضل أمیر الجیوش لما بلغته حكایة رأس زید بن علی أمر بكشف المسجد وكان بوسط الأكوام ولم یبق من معالمه إلا محراب. فوجد هذا العضو الشریف..
قال المقریزی: وهو مشهد صحیح لأنه طیف بها فی مصر.. (والمسجد المذكور هنا هو مسجد الفطاط أو المسجد العتیق وكان ذلك حین طائف الأمویین برأس زید فی الأمصار وجاءوا إلى مصر فسرقه الناس ودفنوه فی الموضع الذی استخرجه منه الأفضل )(3)
وهناك أیضا مشهد كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق وكانت من الزاهدات العابدات ومدفنها یقع بمقابر قریش بجوار مسجد الشافعی بمصر..
وهناك الكثیر من مراقد الطالبیین بالقرب من مشهد السیدة نفیسة من أشهرها مرقد السیدة رقیة ابنة الإمام علی الرضا وینسبها العامة إلى الإمام علی وبجوار مرقدها عدة مراقد للطالبیین..
وبالقرب من مرقد السیدة رقیة هناك مشهد مشهور هو مشهد السیدة سكینة بنت الحسین ویحتفل المسلمون بمولدها كل عام..
وهناك أیضا مرقد مشهور لواحدة من بنات الإمام الصادق وتدعى عائشة وتسمى المنطقة التی یقع فیها المرقد بحی السیدة عائشة ویقام لها مولد كبیر كل عام.. (4)
رأس الحسین:
كثرت غارات الصلیبیین على الشام فی أواخر العصر الفاطمی مما دفع بالفاطمیین إلى الدخول فی مواجهات عسكریة معهم وإجلائم عن القدس وعسقلان فی عام 491 هـ على ید الأفضل بن أمیر الجیوش..
والأفضل هذا هو الذی حمل رأس الحسین وكان مدفونا فی عسقلان فأخرجه وعطره وحمله فی سفط إلى أجل دار بها وعمر المشهد. فلما تكامل حمل الأفضل الرأس الشریف على صدره وسعى به ماشیا إلى أن أحله فی مقره..
وقیل إن المشهد بعسقلان بناه أمیر الجیوش بدر الجمالی وكمله ابنه الأفضل..
إلا أن الفاطمیین خشوا على الرأس من الصلیبیین فقرروا حمله إلى القاهرة من عسقلان. وقد وصل الرأس إلى مصر فی یوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعین وخمسمائة. وكان الذی وصل بالرأس من عسقلان الأمیر سیف المملكة تمیم والیها والقاضی المؤتمن ابن مسكین شارفها. وحصل فی القصر یوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة المذكور..
ویذكر أن الرأس الشریف لما أخرج من المشهد بعسقلان وجد دمه لم یجف وله ریح كریح المسلك. فقدم به الأستاذ مكنون فی عشارى من عشاریات الخدمه وأنزال به إلى الكافوری. ثم حمل فی السرداب إلى القصر الزمرد. ثم دفن عند قبة الدیلم بباب دهلیز الخدمة. فكان من یدخل الخدمة یقبل الأرض أمام القبر. وكانوا یتحرون یوم عاشورا عند القبر الإبل والقبر والغنم ویكثرون النوح والبكاء ویسبون من قتل الحسین ولم یزالوا على ذلك حتى زالت دولتهم..
وذكر أن أبا صالح طلائع بنى مسجده خارج بابا زویلة لیدفن به الرأس ویفور بهذه الفخار. فغلبه أهل القصر على ذلك. وقالوا: لا یكون ذلك إلا عندنا. فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه له. ونقلوا الرخام إلیه. وذلك فی خلافة الفائز على ید طلائع فی سنة تسع وأربعین وخمسمائة.. (5)
ولقد كان وجود رأس الحسین بمصر من العوامل الفاعلة التی ربطت المصریین بالتشیع وبأهل البیت. وكان أیضا من عوامل صمودهم فی وجه الحملات المضادة المعادیة التی قادها بنی أیوب لدفعهم نحو الكفر بالشیعة وموالاة خصوم آل البیت.
وإن كانت هذه الحملات قد نجحت إلى حد كبیر فی نقل المصریین من الشیعة إلى السنة بالحدید والنار وبوسائل أخرى إلا أنها لم تنجح فی انتزاع حب آل البیت من قلوبهم. ذلك الحب الذی یجعل من تسننهم تسننا هشا قابلا للسقوط.
المصادر:
1- النجوم الزاهرة ج 1 ص 104: 105..
2- مساجد مصر وأولیاؤها الصالحون د / سعاد ماهر..
3- الخطط ج 1 نقلا عن الكندی.
4- لا یعترف الشیعة بعائشة هذه ویشككون فیها. إذا لا یوجد فی أبناء آل البیت من یستخدم اسم عائشة.. انظر معجم البلدان لیاقوت الحموی ج 5 / 142: 162..
5- خطط المقریزی ج 2 / ص 161: 162..