لقد وردت الروايات حول المهدي بشكل كثير بلغ حد التواتر1 ، ما لم يبق مجالاً للشك في هذه العقيدة ، و الطرق المتعددة باختلاف الرواة زاد في قوة هذا التواتر .
فأجمعت فرق المسلمين كلها ، بخروج المهدي في آخر الزمان ، حيث الظلم و الاضطهاد ، من قتلٍ و سجنٍ و سلبٍ و غيره مما ملأ المعمورة ليغير ذلك كله الى العدل والامان و القسط.
إلا أنه قد روى بعض من شذّ و ندر بأن المهدي ليس له وجود آخر غير وجود عيسى حيث لا مهدي إلا عيسى ( حديث ابن ماجه ) و قد رذّه أحمد بن محمد الصديق قائلاً :
( ففي التذكرة للامام القرطبي ، و فتح الباري لامير الحفاظ العسقلاني ، نقلاً عن الحافظ ابي الحسين الآبري انه قال : رداً لحديث ابن ماجه الموضوع الآتي فيه انه ( لا مهدي إلى عيسى) ما نصه : قد تواتر الاخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (ص) في المهدي و انه من اهل بيته ، و انه يملأ الأرض عدلاً و أن عيسى عليه الصلاة و السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال ، و انه يؤم هذه الامة و عيسى خلفه . . . ) 1 .
و عليه فمن ينكر ذلك التواتر المنقول عن خيرة صحابة الرسول 2 ، لا يمكن وصفه إلا كمن أنكر الشمس في وضح النهار ، و قد كتب الاستاذ ناصر الدين الالباني في رده على سؤال رده على سؤال ورده من مجلة التمدن الاسلامي قال :
و خلاصة القول : ان عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه (ص) يجب الايمان بها لانها من امور الغيب ، و الايمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى : { الم ، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب } و ان انكارها لا يصدر الا من جاهل أو مكابر ، أسأل الله ان يتوفانا على الايمان بها . . . 1 .
و الآن نبقى مع بعض الأحاديث التي اعتمد عليها الرواة في اثبات تواترهم في عقيدة المهدي .
جاء في سنن ابي داود عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة )./ سنن ابي داود : حديث رقم 4284 ج4 ص 107 )
و جاء في الجامع الصحيح قال : قال رسول الله (ص) : ( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) . / سنن الترمذي : حديث رقم 2230ج 4 ص 505 ط مصر .
وجاء في المعجم الكبير قال : عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : ( لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلاً و قسطاً ، كما ملئت ظلماً و جوراً ) . / المعجم للحافظ : حديث 10214 ج10 .
و عليه فلا مجال للشك في هذا الاعتقاد عند فرق المسلمين اجمع .
بل إن بعض الديانات الغير اسلامية ، تؤمن بفكرة المهدي كفكرة عامة .
يقول الدكتور أحمد محمود صبحي : ان مسيحيي الأحباش ينتظرون عودة مليكهم ( تيودور ) كمهدي في آخر الزمان . . . و يعتقد المغول ان ( تيمورلنك ) أو ( جنكيز خان ) قد وعد قبل موته بعودته الى الدنيا لتخليص قومه من الحكم الصيني ، و في الأساطير الفارسية : ينتظر المجوس ( اشيد ربابي ) احد أعقاب ( زرادشت ) ، وفي الديانات المصرية القديمة و كتب الصينين و عقائد الهنود القدامى المتعلقة بتناسخ الأرواح عقائد مماثلة لما عند الفرس القدامى / ( كتابه : نظرية الامامة ) .
فمن هو هذا الرجل المخلص الذي تنتظره البشرية عبر كل تلك السنين ؟