يسَّر الاقتصاديون الماليون على المستثمرين مسألةَ تعظيم العائدات مع الحد من الخسائر لأقصى درجةٍ ممكنة. تتميز فرضية السوق الكفء واستراتيجيتها المقترحة؛ أي الاستثمار في صندوق مؤشراتٍ شامل، بميزةٍ عظيمة. ولكن يبقى السؤال: هل من وسيلةٍ للتغلب على السوق بمخاطرةٍ أقل؟
لا يزال الاقتصاديون يبحثون عن تركيبة الماليات هذه. أحد الاقتصاديين الذين ربما يكونون قد حققوا إنجازًا باهرًا يُدعى جيرمي سيجل، أستاذ الماليات بكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا. حصل سيجل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ماساتشوستس في عام ١٩٧١، وقام بتدريس الاقتصاد الكلي والماليات بجامعة شيكاجو، في الفترة من عام ١٩٧٢ إلى ١٩٧٦.
ويتولى توجيهه من الاقتصاديين بول صامويلسون (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا) وميلتون فريدمان (شيكاجو). وقد اشتُهر أكثر ما اشتُهر بكتابه «أسهم على المدى الطويل»، ولكنَّ أحدث كُتُبِه «مستقبل المستثمرين» (٢٠٠٥) يُمثِّل اكتشافًا مهمًّا. وقد كشف في دراساته عما سمَّاه «مصيدة النمو». كان البروفيسور سيجل وفريق عمله قد انخرطوا في مشروعٍ بحثيٍّ ضخم، ألا وهو: تحليل التاريخ الكامل لمؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ الشهير منذ ظهوره في عام ١٩٥٧؛ فقد أراد اختبار النظرية الراسخة القائلة بأن إضافة شركاتٍ جديدةٍ نشطةٍ لتحل محل شركاتٍ أقدم وأبطأ أداءً هو سر السجل الإيجابي القوي الطويل المدى لمؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠.
يزعم واضعو نظريات السوق الكفء أن المستثمرين سوف يُبلون بلاءً حسنًا إذا اكتفَوْا فقط بشراء سلة أسهمٍ والاحتفاظ بها. هذا هو ما تفعله متوسطات مؤشر داو جونز الصناعي، أليس كذلك؟ حسنًا، ليس بالضبط. في الواقع مؤشرات الأسهم في تغير دائم. ولا بد أن تفيَ الشركات الحكومية بالشروط المحددة لكي يتم إدراجها ضمن مؤشرٍ ما، والأسهم التي لم تَعُدْ مؤهلةً أحيانًا يتم حذفها أو الاستعاضة عنها بأسهمٍ أخرى مؤهلة. ونتيجةً لذلك فإن مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ والمؤشرات الأخرى ليست في الواقع قائمةً من الأسهم الثابتة غير المتغيرة. يخضع مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ للتحديث والتلاعب به على نحوٍ متواصل، بِناءً على معايير ستاندرد آند بورز لقيمة السوق، والعائدات، والسيولة؛ وبِناءً على ذلك يكون أداءُ الشركات المضافة أفضلَ بكثيرٍ من أداء الشركات المحذوفة؛ فالمسار ليس عشوائيًّا لهذه الدرجة برغم كل شيء. والمثير في الأمر أنه في عام ٢٠٠٠، في ذروة فقاعة التكنولوجيا، أُضيفَ ٤٩ شركةً جديدةً للمؤشر، وفي عام ٢٠٠٣، قرب ذروة السوق الانخفاضية، أضاف مؤشر ستاندرد آند بورز ثمانيَ شركاتٍ جديدةٍ فقط. وقد أحدثت هذه التغيرات تحولًا في تركيبة المؤشر من أسهمٍ صناعيةٍ بشكلٍ عامٍّ إلى شركاتٍ ماليةٍ وتكنولوجيةٍ بشكلٍ عام. وكل ذلك يُعَدُّ جزءًا من عملية التدمير الخلاق للرأسمالية.
كان مشروع سيجل مشروعًا عملاقًا تطلَّب تتبُّع التاريخ المؤسسي المعقَّد لمئات الشركات المتعاقبة التي خضعت للاستحواذ عليها أو التوزيع على مدار عدة عقود. بعد ذلك قارن سيجل أداء محفظتين استثماريتين على مدار ٥٠ عامًا: محفظة «الناجين»، وتتألف من جميع الأسهم الأصلية المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠، ومحفظة «المنحدرين الكُليين»، وتتألف من شركاتٍ أضيفتْ على مدار السنين. وقد توصَّل إلى استنتاجٍ مخيف، ورد في كتابه «مستقبل المستثمرين»، إذ كتب قائلًا: «إن العائدات على الشركات الأصلية المدرجة ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ تتغلب على عائدات أسهم مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ التقليدية التي تُحدَّث باستمرارٍ وبمخاطرةٍ أقل … لقد تفوقت أسهم شركات مؤشر ستاندرد آند بورز الأصلية، في المتوسط، على الشركات الجديدة التي تبلغ نحو ١٠٠٠ شركة، والتي أُضيفت إلى المؤشر على مدار النصف التالي من القرن.»
كيف يمكن أن يكون ذلك؟ السبب واضح بحسب سيجل: انتظار ستاندرد آند بورز لفترةٍ طويلةٍ للغاية قبل إضافة هذه الشركات الجديدة الناشئة إلى هذا المؤشر. لقد زايد المستثمرون بالفعل على سعر هذه الشركات الجديدة الجريئة حتى وصل إلى مستوًى بالغ الارتفاع، وفي الوقت الذي أُضيفتْ فيه تلك الشركات إلى مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠، كان المستثمرون قد دفعوا كثيرًا للغاية. وقد عكست شركة ستاندرد آند بورز هذه العادة الباهظة في مؤشرها ستاندرد آند بورز ٥٠٠.
ولا يمكن إنكار أن ستاندرد آند بورز كانت على صوابٍ في ملاحظتها أن الشركات المرشحة لدخول المؤشر قد حققت عائداتٍ ومبيعاتٍ وقِيَمًا سوقيةً أفضل من الشركات القديمة. ولكنها وقعتْ في «مصيدة النمو» المتمثلة في تأخُّرها الشديد عن إضافة الشركات الجديدة والجريئة إلى مؤشرها.
ولنفس السبب، انتظرت ستاندرد آند بورز طويلًا جدًّا حتى حذفت الشركات الخاسرة من المؤشر. وفي الوقت الذي حذفت فيه الشركات أخيرًا من المؤشر، كانت تتأهب لعملية تحوُّلٍ وتعديلِ مسار. وبعد حذف هذه الأسهم من المؤشر، غالبًا ما كانت تبدأ في الارتفاع؛ فكانت تميل إلى التعافي والعودة إلى قيمتها الحقيقية. ويُعَدُّ هذا مثالًا لما يُطلِق عليه الإحصائيون «الارتداد للمتوسط». فالأسهم المنخفضة القيمة سوف تستعيد وضعها في النهاية، مثلما تهبط الأسهم ذات القيمة المبالَغ فيها في النهاية لتعود إلى قيمتها الأساسية. وقد اكتشف سيجل أن ستاندرد آند بورز تميل إلى تعقُّب سعر السهم بدلًا من توقُّعه.
ويحذر بيتر لينش من أن مصيدة النمو ذات طابعٍ شاملٍ إلى حدٍّ ما؛ فالأفراد والمؤسسات يعانون منها على حدٍّ سواء. ويشير في كتابه «التغلب على وول ستريت» إلى أن المؤسسات تنتظر «شراء سهم وول مارت في حين يوجد منفذ في كل تجمعٍ سكانيٍّ كبيرٍ في أمريكا، وخمسون محللًا يتابعون الشركة، فيما يبرز رئيس شركة وول مارت على صفحات مجلة «بيبول» كملياردير غريب الأطوار يقود شاحنةً صغيرةً للذهاب إلى العمل. وفي هذا الوقت يباع السهم مقابل ٤٠ دولارًا.» كان لينش يشتري سهم وول مارت حين كان ﺑ ٤ دولارات.
ويشير إلى أن معظم المستثمرين المتمكنين ممنوعون من شراء أسهم الشركات ذات النمو المحدود؛ لأن الرسملة أو القيمة السوقية تكون أقلَّ من الحد الأدنى لسعرها. ولكن بمجرد ارتفاع سعر السهم إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف، تكون الرسملة السوقية مرتفعةً بما يكفي ليكون السهم مؤهَّلًا للشراء. و«ينتج عن هذا ظاهرة غريبة؛ ألا وهي السماح للصناديق الكبرى بشراء أسهمٍ في شركاتٍ صغيرةٍ فقط حين لا تكون الأسهم بمنزلة صفقةٍ رابحة.»
آي بي إم («الأزرق الكبير») في مقابل إكسون («إحدى الست شركات الكبار في مجال النفط»)
يعرض بروفيسور سيجل مثالًا لمصيدة النمو من خلال مقارنة العائدات الإجمالية على مدار فترة ٥٣ عامًا (١٩٥٠–٢٠٠٣) لعملاق التكنولوجيا آي بي إم (وتُعرف باسم «الأزرق الكبير») بشركة ستاندرد أويل بنيوجيرسي (الاسم الحالي لها إكسون/موبيل، ورمزها XOM، وهي واحدة من الشركات الكبرى العاملة في مجال النفط). وهو يصف هذا بأنه حالة تقليدية تُمثِّل ما هو حديث مقابل ما هو قديم. بموجب كل مصفوفةِ نموٍّ يستخدمها محللو الأوراق المالية، تفوَّقت آي بي إم على ستاندرد أويل من حيث العائدات، والمبيعات، والتدفق النقدي، والقيمة الدفترية، وما إلى ذلك؛ فعلى مدار فترة ٥٣ عامًا، تفوقت العائدات السنوية لشركة آي بي إم — وهذا مؤشرٌ رئيسيٌّ دالٌّ على النمو الطويل المدى — على عائدات شركة إكسون موبيل بأكثرَ من ثلاث نقاطٍ مئويةٍ في السنة. وخلال تلك الفترة، كان نمو التكنولوجيا كقطاعٍ أسرعَ كثيرًا من نمو قطاع الطاقة.
غير أن النتائج صادمة؛ فبينما تفوقت آي بي إم على صعيد الإحصاءات الداخلية للشركة، جلبت ستاندرد أويل ربحيةً أفضل للمستثمرين؛ فمع افتراض إعادة استثمار جميع الحصص الربحية، فإن ١٠٠٠ دولارٍ تُستثمر في آي بي إم كانت تساوي ٩٦١ ألف دولارٍ في نهاية فترة اﻟ ٥٣ عامًا هذه، بينما ١٠٠٠ دولارٍ كانت تُستثمر في ستاندرد أويل (إكسون) وصلت إلى مليونٍ و٢٦٠ ألف دولار؛ أي أكثر بنسبة ٣١ بالمائة. وهذا العائد يفترض إعادة استثمار جميع الحصص الربحية، وهذا عامل رئيسي.
لماذا حدث هذا؟ لأن المستثمرين كانوا دائمًا يدفعون أكثر من اللازم مقابلَ سهم آي بي إم فيما يدفعون القليل مقابل سهم ستاندرد أويل. لقد ارتكب المستثمرون الخطأ الجوهري المتمثل في دفع سعر سهم آي بي إم للصعود بشكلٍ مبالَغٍ فيه بالنسبة إلى قيمته الحقيقية، وإهمال السعر المنخفض لسهم ستاندرد أويل بالنسبة إلى قيمته.
وكل ذلك يُعزى إلى نسبة السعر إلى العائد، التي تُعَدُّ مفتاحًا للاستثمار السليم. تُعرف نسبة السعر إلى العائد بأنها سعر السهم مقسومًا على عائد السهم الواحد. ويميل المستثمرون للمزايدة على سعر الأسهم الجديدة السريعة النمو؛ ومن ثَمَّ ترتفع نسبة السعر إلى العائد الخاصة بأسهم النمو. وتُظهر دراسة سيجل نقطةَ ضعف سلوكية، ألا وهي أن المستثمرين دائمًا ما يرتكبون خطأ تعقُّب الأسهم التي تكون نسبة السعر إلى العائد الخاصة بها مرتفعة، في حين يتجنبون الأسهم التي تنخفض فيها هذه النسبة؛ فالارتداد إلى المتوسط يحدث حتمًا، والأسهم التي ترتفع فيها نسبة السعر إلى العائد مثل آي بي إم سوف تعود إلى طبيعتها في النهاية، على الرغم من عائداتها المرتفعة، فيما تصعد الأسهم التي تنخفض فيها نِسَب السعر إلى العائد مثل ستاندرد أويل إلى قيمتها الحقيقية. وهذا هو ما دعا ديفيد دريمان، كاتب العمود بمجلة «فوربس» والمدير الاستثماري، للادِّعاء بأن أفضل نهجٍ معاكسٍ لجمع المال هو شراء شركاتٍ تنخفض نسب سعر أسهمها إلى عائداتها.
حذارِ من أسهم التكنولوجيا
تُعَدُّ مصيدة النمو بمنزلة مفارقةٍ من نواحٍ عدة؛ فأسهم الاقتصاد الجديد توفر نموًّا اقتصاديًّا في الاقتصاد العالمي، غير أنها دائمًا ما تصيب المستثمرين بخيبة أمل؛ فمقابل الأسهم الرابحة القليلة البارزة، مثل مايكروسوفت أو ديل، يوجد مئات الأسهم الخاسرة. وحتى الأسهم الرابحة عادةً ما يغالَى في تسعيرها. ويُحذِّر البروفيسور سيجل من أن «تركيزنا على النمو بمنزلة فخ. والشركات الأكثر ابتكارًا وتجديدًا نادرًا ما تكون المكان الأمثل للمستثمرين.» لأن المستثمرين دائمًا ما يدفعون أكثر مما ينبغي مقابل امتياز امتلاك أسهمٍ في الشركات الجريئة والجديدة. ويُحذِّر سيجل بشكلٍ خاصٍّ من شراء أي أسهمٍ تتجاوز نسب سعرها إلى عائدها ١٠٠، وهي التي ينعدم الإقبال عليها حتمًا. في المقابل، عادةً ما يتجاهل المستثمرون الشركات القديمة المألوفة التي تبيع بمضاعفاتٍ منخفضةٍ لنسب السعر إلى العائد وتوفر فرصًا لصفقاتٍ رابحة.
وجدت دراسة جيرمي سيجل القليل من أسهم شركات التكنولوجيا أو الاتصالات في أي قوائم لأفضل ٢٠ سهمًا من حيث الأداءُ على مدار عقدٍ أو أكثر. والمثير في الأمر أن بيتر لينش قد توصَّل إلى نفس استنتاج سيجل! ففي كتابه الأفضل بيعًا «التغلب على ستريت»، كتب يقول: «أخيرًا ألاحظ بلا أي استغرابٍ أن معظم أسهمي الخاسرة كانت دائمًا أسهم شركات التكنولوجيا!»
استراتيجية سيجل الإيجابية
يقترح سيجل استراتيجية يمكنها التغلب على مصيدة النمو وتهزم السوق بمخاطرةٍ أقل. ويمكن العثور على الأسلوب المقترَح في المقارنة التي عقدها سيجل بين شركتَي آي بي إم وستاندرد أويل. لقد أشرنا إلى أنه بالرغم من أن بيانات النمو الخاصة بشركة آي بي إم كانت أفضل عامًا بعد عام، فقد أحرزت ستاندرد أويل القديمة عائدًا إجماليًّا أعلى من آي بي إم صاحبة أسهم الاقتصاد الجديد. ما الذي أحدث الفارق؟
حصص الأرباح! لقد كان سعر السوق لأسهم آي بي إم ببساطةٍ مرتفعًا للغاية بما يتعذر معه تجاوز المكاسب التي تمَّ جَنْيُها من الحصص الربحية الضخمة التي دفعتها ستاندرد أويل/إكسون على مدار السنوات. وبحسب ما يعلنه البروفيسور سيجل، فإن «العائد الربحي المرتفع لستاندرد أويل أحدث فارقًا ضخمًا في تعزيز عائداتها.» وعلى الرغم من انخفاض مبيعاتها وعائداتها مقارنةً بآي بي إم، فقد كانت شيكات أرباح ستاندرد أويل التقليدية، إذا ما أُعيد استثمارها، هي ما أحدث الفارق في التفوُّق أداءً على شركة التكنولوجيا العملاقة. وتُظهر الدراسات أن ٩٧ بالمائة من تقييم الأسهم يأتي من حصص الأرباح.
وبينما كانت آي بي إم دائمًا ما تُدفع بعيدًا عن قيمتها النسبية من قِبل مستثمرين متحمسين لا يطيقون صبرًا، يدفعون سعرها ليتجاوز المستويات المتوسطة، ظلت ستاندرد أويل على طبيعتها الحقيقية وأدَرَّتْ أرباحًا ثابتة لمساهميها.
ثَمَّةَ أدلة متنامية تشير إلى أن الشركات التي تدفع أرباحًا منتظمةً تُظهر نموًّا طويل المدى وأنماطًا أقل مخاطرةً من شركات النمو التي لا تدفع أرباحًا. ونظرًا لأن الأسهم ذات الربحية تميل إلى أن تكون ضخمة ومن نوعية الأسهم المتوسطة القيمة السوقية، فهي لا تخضع بطبيعتها للتقديرات المبالغ فيها التي تنطبق على شركات النمو وشركات التكنولوجيا الجديدة؛ إذ تبقى مرتبطة بقيمها الحقيقية.
وزن الحصة الربحية مقابل الرسملة السوقية
ليس عليك أن تُضحِّيَ بالأرباح للاستثمار في أسهمٍ ربحية؛ فقد وجدت دراسات أكاديمية حديثة أن مؤشرات الأسهم المرتبطة بحصص أرباحٍ تميل إلى التفوق على صناديق المؤشرات ذات الرسملة السوقية. وقد نشرت مجلة «سمارت موني» مؤخرًا أن «الأبحاث المستقلة تبدو داعمة لأصحاب المؤشرات الأساسية؛ فعلى أثر إنشاء مَحافظ استثمارية بِناءً على مكاسب، أو حصص أرباح، أو مبيعات، أو قيمة دفترية تعود إلى خمسة أعوام وعشرةٍ وعشرين عامًا عبر أسواقٍ في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأوروبا، وجنوب شرق آسيا، واليابان، خلصت إحدى شركات الأبحاث بلندن، وهي شركة ستايل ريسيرش، إلى أن الربط الأساسي للأسهم بمؤشراتٍ قد تفوَّق أداءً على صناديق المؤشرات المرجحة برأس المال بمتوسطٍ يتراوح بين ٢ و٢٫٥٪ في السنة.»(1)
ويشير عمل جيرمي سيجل إلى أن صناديق المؤشرات المرجحة بحصص الأرباح تتغلب على مؤشرات الرسملة السوقية ﺑ ٣٠٠ نقطةِ أساسٍ كلَّ عام، وهو ما يُعَدَّ فارقًا ضخمًا.
أَرِني المال!
تُعَدُّ الأسهم ذات الحصص الربحية استراتيجيةً استثماريةً ممتازةً بالنسبة إلى المستثمرين، وذلك لعددٍ من الأسباب:
• أولًا: «حصص الأرباح لا تكذب»: تُعَدُّ الحصةُ الربحيةُ النقديةُ الدليلَ الماديَّ الوحيدَ على قيام أي شركةٍ بمهمتها؛ حيث توفر منتجًا أو خدمةً مفيدةً لعملائها، وتعمل لصالح المساهمين وكذلك المسئولين التنفيذيين للشركة وموظفيها. ومن متابعة فضائح الشركات العديدة وخطط المحاسبة المشكوك في أمرها، وتقارير الأرباح الوهمية، لا يوجد مثل شيكٍ في البريد أو إيداعٍ نقديٍّ في حساب الوساطة الخاص بك، لتُطمئِن نفسَك من خلاله بأن الشركة تفعل شيئًا صائبًا؛ فمن المريح أن تعرف أن الشركة قد ربحتْ بالفعل ما يكفي من المال لتدفع للمساهمين. إن حصص الأرباح النقدية ليست عرضةً للمراجعات، مثل مكاسب الماضي؛ فالمكاسب دائمًا ما تكون مثيرة للشك نتيجةً للتلاعب في الحسابات.
ويمكن تسجيل العائدات في السجلات في عامٍ أو بضعة أعوام. ويمكن بيع أصول رأس المال وتدرج قيمتها كدخلٍ عادي. ويمكن شطب الديون كتكاليف مباشرة، أو مد أجلها. ولكن إيداع أموالٍ سائلةٍ في حسابك هو شيء مضمون، واختبار مصداقيةٍ لمكاسب الشركة الحقيقية. إنه دليل ملموس على ربحية الشركة. لا يمكن أن ننكر أنه قد حدثتْ بعض الفضائح المتعلقة بحصص الأرباح، ولكنها شديدة الندرة. إنها ليست حيلةً ماليةً أو مخطط بونزي. لا بد أن تُدفع حصص الأرباح من المكاسب. وحسب عنوان كتاب جيرالدين وايس، فإن «حصص الأرباح لا تكذب».
• ثانيًا: «التوزيع المنتظِم للأرباح يفرض نوعًا من الانضباط المالي لدى أي شركة»: إن الأمر مشابه للمستثمرين الذين لديهم رهن عقاري على منازلهم، فمُلَّاك المنازل لديهم الحافز لكسب ما يكفي من المال لدفع الرهن العقاري الشهري. أو كما يقول باتريك دورسي، رئيسُ قسم تحليل الأسهم بشركة مورنينجستار: «الشركة التي تدفع حصةً ربحيةً تشبه المستثمر الذي يلتزم بخطة تقاعدٍ أو خطة ادخار؛ فالمال ليس في جيبك؛ ومن ثَمَّ لا يمكن تبديده في مكانٍ آخر.»
• ثالثًا:
«الأسهم ذات الأرباح تتغلَّب على السوق»: كما أشرنا من قبل، على المدى الطويل تتخطى المؤشراتُ المرجحةُ بحصص الأرباح المؤشراتِ المرجحةَ بالقيمة السوقية ﺑ ٣٠٠ نقطةِ أساسٍ كلَّ عام. والمحفظة الاستثمارية المؤلَّفة من أسهمٍ ذات حصصٍ ربحيةٍ متنوعةٍ تميل إلى التفوق على الأسهم غير الربحية. وتدعم الدراسات هذه النتيجة في الأسواق الدولية أيضًا.في الواقع، تمنح حصص الأرباح المستثمرين الفرصة لشراء أسهمٍ بتقديراتٍ مغرية. ونادرًا ما تجد سهمًا محلقًا في السماء ذا قيمةٍ سوقيةٍ كبيرةٍ ويُدِرُّ حصةً ربحيةً صحية.
• رابعًا:
«الأسهم ذات الأرباح أقل مخاطرة»: تُظهر الدراسات أن الأسهم ذات الحصص الربحية لا تتفوق على الأسهم غير الربحية فحسب، ولكنها تفعل ذلك بتقلُّبٍ أقل؛ فمن خلال الاستثمار في هذه الشركات المستقرة، تتجنَّب تمامًا المجازفاتِ العاليةَ المخاطرِ لأسهم النمو النشيطة، مثل فقاعة التكنولوجيا التي اندلعت في بداية الألفية الثالثة؛ فأنت تتجنب الأسهم المستقبلية لكلٍّ من شركتَي إنرون وإي توي. في الوقت نفسه، سوف تصعد الأسهم ذات الحصص الربحية في سوقٍ صعودية، وإن لم يكن بشكلٍ ملحوظٍ مثل أسهم النمو؛ فهي تتألق وتبرز خلال فترات الأسواق الصعودية. وتوزيع الأرباح يوفر دعمًا احتياطيًّا حين تتدهور أسهم النمو من حولك؛ فهي غالبًا ما تكون ملاذًا آمنًا للمضاربين. ولا نعني بهذا أنها لن تنخفض؛ فهي غالبًا ما تنخفض مع بقية أسهم السوق، وليست محصنةً ضد مكائد سياسة الاحتياطي الفيدرالي والجغرافيا السياسية، ولكنها تميل إلى الصمود أكثر من أسهم الماضي القريب الساخنة.
مؤخرًا تعاون جيرمي سيجل مع مدير الصناديق الاستثمارية الأسطوري مايكل شتاينهارد لإنشاء مجموعة «ويزدوم تري» لصناديق سوق الأسهم المرتبطة بحصصٍ ربحية.