عربي
Monday 23rd of December 2024
0
نفر 0

علي الأكبر في شخصيّته الفذّة

علي الأكبر في شخصيّته الفذّة

في ذروة المجد
الهاشميّون

رفض الإسلام أية مفاضلة اُممية أو قبلية، وأية مبادرة حتّى للتصنيفات الفردية بمعزل عن المعيار الذي قدّره القرآن، والمقياس الذي أعلنه كركيزة لا نحيد عنها عند المفاضلة والتصنيف، إنه مقياس الإيمان، ركيزة التقوى.

ولو أنّ مشروعاً منصفاً للتفاضل اُقيم وعلى مستوى النسب بين فروع العجم وقبائل العرب لما فاز به غير الهاشميِّين؛ إذ لم يكن اعتباطاً أو جزافاً خروج صفوة العرب وأعيان الأُمة الإسلاميّة وأعلامها منهم، وعلى رأسهم يقف زعيم هاشم وعميد العروبة، سيد الأُمة والإنسانيّة محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

اختاره الله تبارك وتعالى من الشجرة الهاشميّة بالذات؛ لأنها أقوى عوداً وأعمق جذوراً، وأكرم شرفاً وأمعن أصالة. وما كانت إرادة السماء لتفرّط بعملها وبعثة نبيها من موقع عادٍ ونسب بسيط قليل الشأن بمضمونه وطهارته، أو بشرفه عند الناس وسمعته وعلو منزلته، حتّى إذا ما أعلن النبي دعوته مثلاً للقبائل والبشر قابلوه بمؤاخذات على أصالته نسباً؛ حيث أصله الرديء، أو سيرته، حيث وصمات ماضيه.

ما كان الله سبحانه ليزيل باطلاً ويقيم محله حقّاً بصرح قويٍّ يتوخّى اعتبارات المستقبل، وذلك بأيدي ضعيفة قليلة القيمة، بل كان حتماً ترشيح الأيدي النزيهة القوية الكفوءة قبل تقرير النتيجة، ترشيح العائلة العاملة بجميع أعضائها وضمان كونها ذات موقع جليل قبل تقدير الثمرة المصطفاة.
٥

ويؤكد هذا - بما لاشك فيه - تكرار المعنى، وارداً في جملة من أحاديث الرسول (صلّى الله عليه وآله) بشأن اختيار الله لهاشم ثمّ عبد المطلب، ثمّ عبد الله، ثمّ هو شخصه الشريف، حيث رشح بلا منافس كصفيٍّ ومصطفى، ثمّ علي أمير المؤمنين وكل أهل بيت النبوة (عليهم السّلام) وفق عملية أمينة للاصطفاء، والأحاديث كثيرة(١) .

ولقد انحدر علي الأكبر (عليه السّلام) من أعلى تلك الشجرة، من فوق شموخها الأشم كواحدٍ ممّن خضع للترشيح الإلهي والانتخابات وفق إرادة ليس لها معارض، إنّه جاء إلينا عضواً نزيهاً عاملاً ضمن مجموعة حزب الله وجند الرحمان من خلال مروره (بالاصطفاء) حسبما يصطلح القرآن الكريم.

ولا مراء فيما تلعبه الوراثة من دور فعّال في تكوين الشخصيّة فضلاً عمّا يلعبه البيت بتربوياته السليمة السامية من أدوار في البناء الشخصي، حتّى ليتجلّى كلّ من معالم الوراثة ومعالم التربية على شخصيته في سيرته من خلال نشاطاته وفعالياته الرساليّة، وهذا ما لاحظه الشاعر في علي الأكبر:جمع الصفاتِ الغرَّ وهي تراثُه...

في بأسِ (حمزةَ) في شجاعة (حيدرٍ)
    

    

بإبا (الحسينِ) وفي مهابة (أحمدِ)

وتراه في خُلقٍ وطيبِ خلائقٍ
    

    

وبليغِ نطقٍ كالنبيِّ (محمّدِ)

____________________

(١) انظر مثلاً ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى - لمحب الدين الطبري، وغيره كثير.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

انتقال الخلافة إلى الأمويين
الاطفال يبكون في ارحام امهاتهم
تاريخ أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
الْيَومُ الحادي وَالعِشرون
الخصائص الحسنيّة (1)
مكة والمدينة في علوم القرآن
هل قرأت هذا الكتاب؟
أنهم المسئولون
في زيارة ائمّة سرّ من رأى (عليهم السلام) وأعمال ...
صحيفة الحمد

 
user comment