بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم أجمعين
من الإنس والجن ومن شر السلطان و
الشيطان الرجيم برحمتك يا أرحم الراحمين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
(موضوع وجدته وثائقي جدا مهم)
اللهم أخرجنا من كلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم وأفتح علينا أبواب فضلك ويسر علينا خزائن علمك برحمتك يا أرحم الراحمين
في يومٍ مُغبَّر بالظلام..
توجه القوم إلى جنَّةُ الدنيا ..
ليقتلعوا قصورها وقبابها ..
غرضهم ..شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
إفساد" عقيدة" ..
"خربوا" الجنه ..
بتهديمهم لقبور " الأئمة"
ولكن ..
"هيهات" "هيهات" ..
فجنتنا خالدة ..
بأئمتنا .. بصحابة ..
رسولنا وزوجاته ..
الكرام ..
ونبقى .. نقول ..
" بإنتظار العدل الإلهي المقدس"
ليأخذ كلُ ذي حقٍ حقه ..
القبور وخطوط الشرعية في (الزيارة، الاستشفاء، التبرك)
إن مسألة القبور وزيارتها، ووجودها، وأثرها، وشرعيتها بالذات، تزامناً مع هدم الوهابية لقبور الأئمة (عليهم السلام) في البقيع، والمزارات والأماكن المقدسة لمطلق المسلمين سنة وشيعة، فقد وصفها عون بن هاشم، حين هجم الوهابيون على الطائف بقوله: (رأيت الدم فيها يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء الجارية أظنها والله حمراء).
وكان ممن قتل في هذه الهجمة التاريخية المشهورة التي تدل على همجيتها على البعد البعيد للوهابية عن الإسلام ووجههم المزري والمشوه للإسلام ـ الشيخ الزواوي مفتي الشافعية وجماعة من بني شيبة (سدنة الكعبة)... وكانوا قد بدأوا في تهديم المشاهد والقبور والآثار الإسلامية في مكة والمدينة وغيرهما.. ففي مكة دُمرت مقبرة المعلى، والبيت الذي ولد فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
" نكبة البقيع "
أما ما يسمى بنكبة البقيع حيث لم يُبق الوهابيون حجراً على حجر، وهدموا المسجد المقام على قبر حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء ومسجد الزهراء (عليه السلام) واستولوا على أملاك وخزائن حرم النبي (صلى الله عليه وآله).. وهُدمت قبور أهل البيت النبوي (عليه السلام)، وقبر عثمان، وقبر الإمام مالك.
" ردةُ فِعل العالم الإسلامي"
وعندئذ وردت عليهم من كل أطراف العالم الإسلامي رسائل احتجاج ـ وهذا ما يدل على رفض العالم الإسلامي وتبرئة وتكفير هذا المنطق الوهابي وكل كيانهم ـ على ما قاموا به من تخريب للمشاهد والآثار الإسلامية... ومن أهم تلك الاحتجاجات وأقواها، ماجاء من مصر والعراق وتركيا والهند وإيران وإندونيسيا، فالبقيع مقبرة مقدسة في المدينة المنورة، وقد دُفن فيها أربعة من أئمة أهل البيت وهم: الإمام الحسن بن علي والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق (عليهم الصلاة والسلام) كما دُفن فيها: إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإسماعيل بن الإمام الصادق ،وبعض بنات النبي وبعض زوجاته، وعماته، والسيدة أم البنين حَرَم الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ومرضعة النبي: حليمة السعدية، وجمع من الصحابة والشهداء والتابعين..
" البقيع الغرقد"
البقيع: بباء موحدة مفتوحة، بعدها قاف مثناة، بعد القاف ياء مثناة ساكنة، وآخره عين مهملة: هي بقعة طاهرة بجوار قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجنوب الشرقي مقابل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة وتضم أربعة من أئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله (ص) وهم:
1 ـ الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام
2 ـ الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام
3 ـ الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام
4 ـ الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
كما يضم البقيع أيضا: قبر العباس بن عبد المطلب عم النبي (ص) وقبر إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبر عدد من عمات النبي (ص) وزوجاته وبعض أصحابه وعدد من شهداء صدر الإسلام والعديد من الأولياء وكبار شخصيات المسلمين وفي بعض التواريخ أن عشرة آلاف صحابي دفنوا فيه.
وقد كان البقيع منذ عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مزاراً للمؤمنين إلى يومنا هذا ولكن الوهابيين هدموا تلك القباب الطاهرة ومنعوا المسلمين من تأدية شعائرهم الدينية وممارسة معتقداتهم الشرعية.
"مساحة البقيع"
تبلغ مساحة البقيع الحالية مائة وثمانين ألف متر مربع.
ويعتبر البقيع من أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي حالياً.
"البقيع في اللغة":
البقيع لغة: موضع من الأرض فيه أروم شجر من ضروب شتى وبه سمي بقيع الغرقد بالمدينة المنورة لأن هذا النوع من الشجر كان كثيراً فيه ثم قطع.
وفي كتاب (العين) الغرقد: ضرب من الشجر.
وأيضا: الغرقد: شجر له شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازماً للموضع.
وفي (مجمع البحرين): البقيع من الأرض: المكان المتسع، قيل: ولا يسمى بقيعاً إلا وفيه شجر أو أصولها ومنه بقيع
الغرقد.
والغرقد بالفتح فالسكون: شجر من شجر الغضاء، ومنه بقيع الغرقد لمقبرة أهل المدينة المشرفة وهو مشهور.
وفي (لسان العرب): شجر عظام وهو من العضاه، واحدته غرقدة وبها سمي الرجل.
وقال بعض الرواة: الغرقد من نبات القُف.
والغرقد: كبار العوسج، وبه سمي بقيع الغرقد لأنه كان فيه غرقد.
والغرقد: ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك و(الغرقدة) واحدته، ومنه قيل لمقبرة أهل المدينة بقيع الغرقد لأنه كان فيه غرقد وقطع.
وقيل: إذا عظمت العوسجة فهي الغرقدة.
" أهمية البقيع"شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
والبقيع أرض مقدسة، وأرض مشرفة، وتربة معظمة بل هي قطعة من الجنة لأنها تضم ـ في طياتها.. أبدان ذرية رسول الله وأجساد جمع من أولياء الله.
وقد كانت على هذه القبور قباب وبناء، وكان لها صحن وحرم، فكانت عظيمة في أعين الناس، شامخة في قلوب المسلمين... محفوظة حُرمتها وكرامتها، وكان الناس يتوافدون على هذه البقعة المقدسة لزيارة المدفونين فيها ـ عملاً بالسنة الإسلامية من استحباب زيارة القبور وخاصة قبور ذرية رسول الله وأولياء الله تعالى.
" حملات الوهابية"
وعندما شن الوهابيون حملتهم عليها، عَمدوا إلى هذه القباب المكرمة فهدموها بمعاول الاستعمار وسَوّوا تلك القبور مع الأرض، وحّولوا البقيع إلى تراب وغبار وأحجار ـ بعد أن كان مفروشاً بالرخام ـ ونَهبوا كل ما كان فيه من فُرش غالية وهدايا عالية، وسرقوا المجوهرات واللآلئ، التي كانت داخل أضرحة أهل البيت (عليهم السلام). وذلك في عام 1342.
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
كما قاموا بفعلة شنيعة في سنة 1216هـ (1801م) بالاعتداء على مباني مدينة كربلاء، فهدّموا المساجد والأسواق، والكثير من البيوت التراثية المحيطة بالمرقدين وعبثوا بالمراقد المقدسة وهدموا سور المدينة
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
ومما يدل على همجية النهج الوهابي المنافي لقيم الحضارة والتمدن، ما لاحظه قوم لا شأن لهم وقضية التوحيد، الرحالة السويسري (لويس بورخات) الذي وصف البقيع بقوله: (هي عبارة عن مربع كبير تبلغ سعته مئات من الخطوات، محاط بجدار يتصل من الجهة الجنوبية بضاحية البلدة، وبساتين النخيل الأخرى. وتبدوا المقبرة حقيرة جداً لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر وأتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من أي قبر مشيد تشييداً مناسباً، وتنشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها (..) وقد خّرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
مراحل الهدم
الهدم الأول عام 1220هـ
كانت الجريمة التي لا تنسى، عند قيام الدولة السعودية الأولى حيث قام آل سعود بأول هدم للبقيع وذلك عام 1220 هـ وعندما سقطت الدولة على يد العثمانيين أعاد المسلمون بناءها على أحسن هيئة من تبرعات المسلمين، فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع حيث عادت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.
يقول أحد الرحالة الإنجليز حين وصف المدينة المنورة بعد تعميرها بأنها تشبه اسطانبول أو أية مدينة أخرى من المدن الجميلة في العالم، وكان هذا في عام 1877 - 1878م أي قبل تعرض المدينة المباركة لمحنتها الثانية على أيدي الوهابيين العتاة.
الهدم الثاني عام 1344هـ
ثم عاود الوهابيون هجومهم على المدينة المنورة مرة أخرى في عام 1344 هـ وذلك بعد قيام دولتهم الثالثة وقاموا بتهديم المشاهد المقدسة للائمة الأطهار (عليهم السلام) وأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تعريضها للإهانة والتحقير بفتوى من وعاظهم.
فاصبح البقيع وذلك المزار المهيب قاعا صفصفا لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن أن تعرف صاحبه.
يصف الرحالة الغربي واسمه (ايلدون رتر)، المدينة المنورة بعد الجريمة الثانية التي نفذها الوهابيون عند استيلائهم على المدينة وقتلهم الآلاف من الأبرياء، يقول: (لقد هدمت واختفت عن الأنظار القباب البيضاء التي كانت تدل على قبور آل البيت النبوي.. وأصاب القبور الأخرى نفس المصير فسحقت وهشمت).
العزم على هدم قبر الرسول
وتشير الوثائق والقرائن إلى أن الوهابيين لم يكتفوا بتلك الجرائم بل حاولوا مرارا هدم قبة الرسول (صلى الله عليه وآله) الا انهم غيروا رأيهم بسبب حدوث ردود فعل إسلامية قوية من مختلف البلدان الإسلامية.
الجريمة كما وصفها الغربيون
يقول الرحالة السويسري لويس بورخارت والذي اعتنق الاسلام وسمى نفسه ابراهيم: (تبدو مقبرة البقيع حقيرة جدا لا تليق بقدسية الشخصيات المدفونة فيها. وقد تكون أقذر واتعس من أية مقبرة موجودة في المدن الشرقية الأخرى التي تضاهي المدينة المنورة في حجمها، فهي تخلوا من اي قبر مشيد تشييدا مناسبا، وتنتشر القبور فيها وهي أكوام غير منتظمة من التراب. يحد كل منها عدد من الأحجار الموضوعة فوقها.. ويعزي تخريب المقبرة الى الوهابيين.
ثم يصف هذا الرحالة قبورة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وقبر العباس (عليه السلام) وعمات النبي (صلى الله عليه وآله) بالقول (فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر، وحفر عريضة ومزابل!
أما جبل أحد فيقول عنه هذا الرحالة بأنه وجد المسجد الذي شيد حول قبر حمزة وغيره من شهداء أحد مثل مصعب بن عمير وجعفر بن شماس وعبد الله بن جحش قد هدمه الوهابيون.. وعلى مسافة وجد قبور اثني عشر صحابيا من شهداء أحد (وقد خرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها).
القبور قبل الهدم(5)
كان البقيع قبل هدمه هكذا:
الأئمة الأربعة (عليهم السلام) في قبة، وتزار فاطمة الزهراء (عليها السلام) في بقعتهم حيث من المحتمل أنها دفنت هناك، وإن كنت أنا رأيت في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقفاً في قبره الشريف.. وقال لي وهو يشير إلى ما بين قبره ومنبره: أن قبر فاطمة ابنتي (عليها السلام) هناك، والله العالم بحقيقة الحال.
كما يحتمل أنها (عليها السلام) دفنت في بيتها، ولعل أمير المؤمنين (عليه السلام) حمل صورة جنازة إلى عدة أماكن، كما حمل الإمام الحسن (عليه السلام) صورة جنازة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البصرة.
ومن هنا لا بأس بزيارة الصديقة الطاهرة (عليها السلام) في البقيع، وفي المسجد، وفي بيتها وذلك لخفاء القبر الشريف، وسيظهر إن شاء الله تعالى عند ظهور ولدها الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وإن كان من المحتمل إخفاء قبرها (عليها السلام) إلى يوم القيامة ليبقى سنداً على مظلوميتها طول التاريخ.
وكان في نفس تلك القبة مدفن العباس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله).
وكانت خارج القبة بفاصلة قليلة قبةٌ مبنية على بيت الأحزان، حيث كانت الزهراء (عليها السلام) تخرج إلى ذلك المكان وتبكي على أبيها.
وكانت تشتمل مقبرة البقيع على قباب كثيرة، مثل أزواج النبي وأولاده وبناته ومرضعته (صلى الله عليه وآله) حليمة السعدية، وكانت هناك قبة فاطمة بنت أسد (عليها السلام) والدة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقبة أم البنين(عليها السلام) زوجة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وقبتها قرب قبة عمات النبي (صلى الله عليه وآله)، وكانت أيضاً قبة جابر بن عبد الله الأنصاري، وغيرهم مما هو مذكور في التاريخ.
يتبع...
بصراوي مشاغب08-10-2006, 12:54 صباحاً
" الضحالة الحضارية لـ .. "
وهذا بالتأكيد ـ منطقياً ـ لا يدل إلا على الضحالة الحضارية للوهابيين وفقدانهم الوعي الاجتماعي، الديني بل خللهم المعرفي، ولا يمكن وضعهم ضمن إطار إسلامي ينسجم ومنطلقاته الموضوعية، وهذا (الرأي) هو الذي رسخ أخيراً في أقطاب العالم الإسلامي بكل مذاهبه، بأن هؤلاء بعيدين عن الإسلام، سيما مع ما فضحهم أخيراً في ولادتهم المزرية المتمثلة بنظام الطالبان في افغانستان، بما يقوم به من ممارسات ونهج وقوانين تشوه الإسلام.. سيما بعد بروز الإسلام كظاهرة شرقية تهم العالم في بعده الجيوسياسي.
"القبور بين الشرعية والبدعة"
نبدأ في المسألة من نفي السلب (الرفض)، مع بحث تاريخ مبسط يمكن وضعه في إطار الاحتجاج بالسنة وهي تاريخية بلا شك، فالعلاقة مع القبور في التبرك والزيارة، أمرٌ طارئ مستحدث (بدعة) على الدين أم غير ذلك. هذه الممارسات تخبرنا السُنة أنها من الممارسات التي كانت شائعة في صدر الإسلام وتفجره الأول. فإذا كان الأمر شركاً، فهذا يفضي إلى القول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) والأنبياء (عليهم السلام) قبله والصحابة ـ استغفر الله ـ كانوا في شرك. فقد كان الصحابة، أول من مارس هذا النوع من الشعائر، ولم يكن هناك أي حساسية يجدونها في ذلك، ولا كان الرسول (صلى الله عليه وآله) ينهاهم عن أمر وهو يعلم أن الطبيعة البشرية تحتاج إلى أن تجسّد ولاءها، وتحول ذلك إلى حالات محسوسة تعيشها في حياتها اليومية.
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
"علاقة الآيات بالقبور"
كذلك يمكن الركون إلى آيات كثيرة توضح العلاقة مع القبور وأهميتها، منها قوله تعالى: (فقال ابنوا عليهم بنياناً، ربهم أعلم بهم، قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً). وهذا يدل على أن قبور الأولياء والصالحين، أمر مندوب وطبيعي جداً مع كل الأديان سيما السماوية منها، وقد أقرّ الله تعالى ذلك، لكل الأبعاد المدروسة سالفاً.. في بعد يقظة الإنسان بعد ضياعه في الدنيا، ونسيان مرحلة الموت.
والآية الصريحة (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، فما المانع إذاً من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد... وإذا كان الأمر كذلك كما يعتقد الوهابيون فيكون جميع أنبياء الله مشركين ـ أستغفر الله ـ لماذا ؟ لأن أغلبهم زار مقام إبراهيم، وحام حوله.. واتخذه مصلى.. كما أثار ذلك بعض علماء الأمة في نقاشهم مع الوهابية.
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
فهذا لم يكن وسيلة دون الله، أو ذا قيمة ذاتية مستقلة عن الله، وإنما شأنه شأن الشعائر الأخرى في مندوبيتها وأثرها الوضعي المشهود. بل لطالما نجد أقرب إلى المستفيضة في توجيه هذه الشعيرة، مذكوراً مع كثير منها الأثر الكبير دنيوياً لها... وكذلك مصلحتها ومقصدها الشرعي، بل ذات دلالة تؤكد بقرائتها الكثيفة على أهمية شأن القبور في الأثر الاجتماعي وحركته، إذا أنها بعد عميق في ربط عالم الغيب (بما يثيره عالم القبر) مع عالم الشهادة، وهي محطة (القبور) والتي طالما غيّرت مسيرة أشخاص من الظلال إلى الاستقامة، بما يعرضه لنا الأدب العربي والتراث عموماً من قصص وأحداث وأشعار وكلمات رافقت التحول. ويمكن أن نذكر بعض هذه الأحاديث وأقوال الأئمة (عليهم السلام).. مثل: جاور القبور تَعَتبرْ، وإذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بالقبور، والحديث الشريف: من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ (إنا أنزلناه سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر). كما أن سورة التكاثر تحمل ثقلاً دلالياً في توجيه ذلك: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر)، بسياقها السابق واللاحق يشير إلى ما بعد مرحلة طغيان الإنسان وانفكاكه عن فطرته.. وما تثيره القبور من عودة إلى الذات وصفعة موقظة للنفس.
" أهدافٌ وخطى"
لذا كانت من أهداف وخطى آية الله السيد الشهيد حسن الشيرازي هو: تجديد البناء على مراقد أهل البيت (عليهم السلام) وإعادة ما كان مبنياً عليها من قباب ومنارات ... نظراً إلى أنّ تركها ـ كما هي عليه الآن ـ يعتبر نوعاً من الهتك والإهانة لحُرمهم المقدسة. ومن أجل هذا الهدف المقدس، تحرك الشهيد العظيم، باذلاً قصارى جهده من أجل تحقيقه، والتقى عدة مرات بالملك السابق فيصل، وبكبار المسؤولين في الحجاز وعقَد معهم سلسلة من اللقاءات والاجتماعات تمهيداً للموافقة على تجديد البناء. وقد كان الشهيد الراحل ينوي القيام ـ من جديد ـ بنشاطات جديدة ـ عندما تتاح له الفرصة ـ أملاً في تحصيل الموافقة، إلا أن يد الغدر لم تمهله لذلك. هذا.. والمطلوب من علماء الدين ورجال الفكر والعقيدة أن يبذلوا الجهود القُصوى في سبيل تحقيق هذا الهدف المقدّس.. وأن لا يتوانوا عن السعي من أجل الوصول إلى هذا الأمل الذي كان يحلم به شهيدنا المعظم (رضوان الله عليه) ويحلم به مئات الملايين من المؤمنين.
" الرحالة الغربيون"
لقد زار بورتون مقبرة البقيع زيارةً خاصة، فخرج مع جماعته من المدينة سالكاً درب الجنازة اليها، الذي يحاذي السور الجنوبي.. وهو يقول عند الوصول اليها ان هناك خبراً يقول ان سبعين ألف قديس، وفي رواية مائة الف، سوف يبعثون يوم القيامة من البقيع. وان عشرة آلاف صحابي، وعدداً لا يحصي من السادة، قد دفنوا في هذه المقبرة علي مر السنين فاندرست علي مر السنين فاندرست قبورهم لأن القبور في الأزمنة القديمة لم تكن توضع عليها شواهد .
وكان أول شخص في الاسلام دفن في البقيع عثمان بن مظعون، لأنه أول من توفي في المدينة من المهاجرين. ففي اليوم الثالث من شعبان سنة 3 للهجرة قبَّل النبي جبين جثته وأمر بدفنها في مدي الرؤية من مقره. وكان المكان في تلك الأيام حقلاً ينتشر فيه عدد من أشجار الغرقد، فقطعت الأشجار وسويت الأرض فدفن ابن مظعون في وسطها. ثم وضع النبي بيديه الكريمتين حجرين شاهدين كبيرين فوق رأس صاحبه وقدميه. ويقول بورتون في حاشيةٍ له ان مروان بن الحكم رفع هذين الحجرين بعد ذلك حينما قرر عدم تمييز هذا القبر، لكن المسلمين استهجنوا هذا العمل من وكيل معاوية. ولعل ابن مظعون كان من خصوم الأمويين. هذا وقد أُنشئت بمرور الزمن قبة فوق هذا القبر. ثم دفن الي جنبه ابراهيم الابن الثاني للنبي محمد، فأصبح البقيع من بعد ذلك مقبرةً مشهورة.
شبكة الحسنين عليهما السلام الثقافية
ومدفن الأولياء هذا له شكل متطاول غير منتظم تحيط به جدران متصلة بالضاحية من زاويتها الجنوبية الغربية. ويحجزه درب الجنازة عن سور المدينة، كما يحده من الشمال طريق البادية الشرقي الذي يخرج من باب الجمعة. وتعتبر هذه المقبرة صغيرة اذا ما لو حظ أن جميع من يتوفاه الله في المدينة من أهلها ومن الغرباء يتأملون ان يدفنوا فيها الا الرافضة والكفرة. ولذلك فلابد لها من ان تضيق بجثث الموتي الذين لا يمكن ان تستوعبهم لولا ان الطريقة التي يدفن بها المسلمون موتاهم تساعد علي التفسخ والاندراس.. وليس في داخل المقبرة أزهار ولا أشجار باسقة، ولا كل شيء مما يخفف كآبة المدافن المسيحية في العادة، حتي ان الأبنية التي فيها تعد شيئاً بسيطاً للغاية او حقيراً في الحقيقة. ولقد هدم الأبنية والنصب القديمة التي كانت موجودة فيها الأمير سعود وأتباعه الوهابيون الذين شنوا حملة شعواء ضد ما لا بد من أنهم كانوا يعتبرونه شيئاً باذخاً من الأضرحة، لأنهم يعتقدون بأن خير القبور الدوارس. وكان منظر هذه المقبرة حينما زارها بورخارت من قبل (1814) عبارة عن «..أكوام مبعثرة من التراب، وحفر واسعة، وأنواع من الزبل، من دون شاهدة واحدة علي أي قبر. ويرجع الفضل لما بني منها بعد ذلك الي السلطانين عبدالحميد ومحمود..».
"هكذا قيل"
أ- ويقول بورتون كذلك:.. وقد دخلت المقبرة المقدسة مقدماً رجلي اليمني كما لو كنت أدخل الي المسجد، وحافي القدمين لأتحاشي اعتباري من الرافضة. فمع ان أهالي المدينة يدخلون اليها بأخذيتهم فانهم يغتاضون كثيراً حينما يرون الايرانيين يفعلون مثلهم. ثم بدأنا بقراءة الزيارة العامة المألوفة.. وأعقبناها بقراءة سورة الاخلاص والشهادة، وبانتهائها رفعنا إيدينا وقرأنا الفاتحة قراءةً خافتة ومسحنا أيدينا علي وجوهنا وتحركنا .
ب- وحينما سرنا في ممر ضيق يؤدي من جهة البقيع الغربية الي الجهة الشرقية دخلنا مرقداً متواضعاً أُقيم فوق قبر الخليفة عثمان.. فعند ما قتل أراد أصحابه ان يدفن في «الحجرة»، لكن ثوار مصر قابلوا ذلك بعنف وأقسموا أن لا يدفن هناك ولا يصلي عليه، وانما سمحوا فقط بنقله بعد تهديد حبيبة أم المسلمين (وبنت أبي سفيان) لهم. وفي خلال الليلة التي أعقبت وفاته نقل عثمان الي البقيع من قبل أصحابه، لكنهم طردوا من هناك أيضاً فاضطروا الي ايداع حملهم في بستان تقع في الجهة الشرقية الخارجية من مقبرة الأولياء هذه. وكانت تدعي «حصن كوكب» حتي أدمحها مروان بالبقيع. وقد وقفنا علي مرقد عثمان هذا وتلونا الزيارة.. وبعد ذلك دفعنا الصدقات وأرضينا الخادم بعشرة قروش.
ج-وبعد هذا سرنا خطوات قليلة الي الشمال وتوجهنا نحو الشرق فزرنا أبا سعيد الخدري صاحب النبي الذي يقع قبره في خارج البقيع. وكان المكان الثالث الذي زرناه قبة تحتوي علي قبر السيدة حليمة البدوية (السعدية) مرضعة النبي محمد.. ومن هناك توجهنا الي الشمال فوقفنا أمام مبنيً صغير يحتوي علي أكوام بيضوية الشكل من الأحجار المتناثرة، وهي قبور شهداء البقيع الذين قتلهم مسلم قائد كبير الفاسقين يزيد. ويقول بورتون في حاشية له هنا (الص 37 ج2) ان الامام الشافعي يسمح لأتباعه بسب يزيد بن معاوية الذي جعلته قساوته مع آل البيت، وجرائمه وموبقاته، يهودا الأسخريوطي المسلم. وقد سمع بورتون مسلمين أحنافاً يسبون يزيداً كذلك. أما الوقفة الخامسة فكانت بالقرب من وسط المقبرة علي قبر ابراهيم ابن النبي الذي توفي وعمره ستة أشهر، أو سنتان علي قول البعض. وكان ابن مارية القبطيةالتي أهداها الي النبي (ص) جارح مقوقس الاسكندرية في مصر. فقد أهال النبي التراب بيديه الكريمتين عليه، ورشه بالماء، ثم وضع الحجارات الصغيرة فوق ذلك وقرأ السلام الأخير عليه. ولهذا السبب دفن الكثيرون من الرجال المقدسين في هذا الجزء من المقبرة، لأن كل أحد كان يطمع في ان يلحد في الأرض التي شرفتها يدا النبي. وزرنا بعد هذا النافع ابن عمر المسمي نافعاً القاري عادة، لأنه كان يجوّد القرآن، والي جنبه مالك بن أنس ابن المدينة ورجلها الفذ. وكانت الوقفة الثامنة علي قبر عقيل بن أبي طالب أخي الامام علي. وهنا يعلق بورتون في حاشية له ويقول ان عقيلاً توفي دمشق علي عهد معاوية، لكن البعض يذكر انه دفن هناك بينما يقول غيرهم ان جثمانه نقل الي المدينة بعد ذلك ودفن في مكان كان يقوم فيه بيته من قبل وكان يسمي دار عقيل.. وقد زرنا بعد هذه البقعةً التي دفنت فيها أزواج النبي جميعهن عدا خديجة التي دفنت في مكة. وكان محمد(ص) قد تزوج خمس عشرة امرأة عاش منهن بعده تسع، وبعد أمهات المؤمنين قرأنا الفاتحة علي قبور بنات محمد اللواتي يقال أنهن كن عشراً.
د-وبعد ان يصف بورتون (الص 29 ج 2) الشحاذين وأنواعهم وكيف يستقبلون الزوار يقول: .. وقبل ان نترك البقيع وقفنا وقفتنا الحادية عشرة في القبة العباسية، أو قبة العباس عم النبي. وهنا يعلق في الحاشية بقوله ان البعض يرون ان مراسيم الزيارة كانت ولا تزال تبدأ هنا، لكن ترتيب الزيارات يختلف ولا يتفق عليه اثنان، وكانت مسؤولية ما فعله تقع علي ما فعله مزوّره الشيخ حميد، لأنه لم يشأ المجازفة بشيء من عنده .. ثم يستأنف وصف القبة ويقول: وهذه القبة التي بناها الخلفاء العباسيون من قبل في 519 للهجرة أكبر وأجمل جميع القبب الأخري، وتقع علي يمين الداخل من باب المقبرة. ويدل علي أهميتها تجمع الشحاذين بقربها، فقد جاءوا اليها ونكأكأوا عليها حينما وجدوا الايرانيين متجمعين فيها بكثرة وهم يبكون ويصلون ويصلون وبعد أن اجتزت العتبة بصعوبة طفت حول عدد من القبور كانت تشغل وسط المنبي من دون ان يكون بينها وبين الجدار الا ممر ضيق. وهي محاطة بسياج ومغطاة بعدة كساوي من القماش الأخضر المكتوب عليه بأحرف بيضاء وتبدو هذه كأنها كومة مرتبكة، لكنها ربما بدت لي كذلك بسبب الازدحام المحيط بها. وتوجد في القسم الشرقي قبور الحسن بن علي سبط النبي، والامام زين العابدين بن الحسين، وابنه محمد الباقر (الامام الخامس)، ثم ابنه الامام جعفر الصادق "عليهم الصلاة والسلام" ـ وهؤلاء جميعاً من نسل النبي وقد دفنوا في نفس المرقد الذي دفن فيه العباس بن عبدالمطلب عم النبي..
هـ- وبعد أن خرجنا وتخلصنا من أيدي الشحاذين الصغار وجّهنا وجهنا نحو الجدار الجنوبي الذي يوجد بقربه قبر ينسب الي السيدة فاطمة وقرأنا الدعاء المعروف. ويقول بورتون في حاشية مستفيضة (الص 41 ج 2): .. ويبدو ان المؤرخين المسلمين يبتهجون بالغموض الذي يكتنف مدفن السيدة فاطمة الزهراء(ع) ... فبعضهم يذكر أنها دفنت في الحرم الشريف ويستند في ذلك الي الرواية التي تقول انها حينما علمت بدنو أجلها قامت فرحة مستبشرة فغسلت الغسل الكبير ولبست ملابسها النظيفة، ثم فرشت حصيراً علي أرض بيتها الواقع بقرب قبر الرسول، وتمددت مستقبلةً القبلة فوضعت يدها تحت خدها وقالت لمن حضر بقربها.. لقد تطهرت ولبست ثيابي الطاهرة، فلا تسمحوا لأحد بأن يكشف عن جسدي بل ادفنوني حيث أنا.. وحينما عاد علي وجد زوجته قد توفيت، ونفذت رغبتها الأخيرة. وقد كان عمر بن عبدالعزيز يعتقد بهذه الرواية فألحق الغرفة تلك بالمسجد، ولذلك فالاعتقاد العام في الاسلام هو ان الزهراء البتول"عليها السلام" قد دفنت في الحرم. اما اولئك الذين يعتقدون بأنها مدفونة في البقيع فيستندون الي قول الامام الحسن: «.. فاذا لم يسمحوا بدفني عند قبر جدي فادفنوني في البقيع الي جنب أمي فاطمة..» وهؤلاء يرون الخبر التالي في هذا الشأن: .. فقد غسلها وكفنها علي وأم سلمة، اما غيرهم فيقولون ان اسماء بنت عميس زوجة أبي بكر كانت بجنب فاطمة حينما اعترضت في ساعتها الأخيرة علي حملها للدفن كما يحمل الرجال. لكن أسماء وعدتها بأن تصنع لها نعشاً أشبه بمحفة العروس، من جريد النخل، علي غرار ما رأته في الحبشه، وعند ذاك ابتسمت فاطمة للمرة الأولي منذ ان توفي والدها وأخذت عهداً بأن لا يدخل عليها أحد طالما كان جثمانها الطاهر مسجي في البيت. ولذلك لم تسمح أسماء لعائشة بالدخول حينما طرقت الباب عليها بعد ذلك، فذهبت شاكيةً الي أبيها وقالت له ان زوجة أبيها ستعمل محفة عرش خاصة تحمل بها جثة الزهراء الطاهرة "عليها السلام"الي مدفنها. فذهب أبوبكر الي الباب وسمع من زوجته ما كانت قد أوصت به فاطمة، فعاد راجعاً الي بيته من دون اعتراض. وقد أُخفيت وفاة ابنة النبي عن الكبير والصغير برغبة منها، فدفنت خلال الليل من دون ان يشيع نعشها أو يصلي عليها أحد سويً زوجها الامام علي وعدد قليل من أقربائها..
و-اما المكان الثالث الذي يقال انها دفنت فيه فهو مسجد صغير في البقيع جنوبي قبة العباس بن عبدالمطلب، وكان يسمي «بيت الحزن» لأنها قضت آخر أيامها فيه تندب فقد ابيها الغالي. ويبدو ان قبرها كان موجوداً هنا من قبل، لكن الزوار يصلون عليها الآن في مكانين: اي في الحرم وفي القبة العباسية.. وبعد ان غادرنا مقبرة البقيع تقدمنا شمالاً تاركين باب المدينة الي يسارنا حتي أتينا علي قبة صغيرة قريبة من الطريق، تحتوي علي قبور عمات النبي ولا سيما صفية بنت عبدالمطلب أخت الحمزة، وإحدي بطلات الاسلام في أول عهده.. ونقول تعليقاً علي ما جاء عن دفن فاطمة الزهراء عليها السلام انه يفهم من هذه الروايات، ومما جاء في «الامامة والسياسة» لابن قتيبة ان الزهراء"عليها السلام" توفيت وهي غير راضية عن ابي بكر، ولذلك لم تشأ ان يعلم بموتها هو أو غيره لئلا يصلي عليها وهو خليفة للمسلمين فدفنت في بيتها الذي أُدخل في الحرم بعد ذلك. وعلي هذا فقد تكون الرواية المنسوبة الي الامام الحسن، التي يفهم منها انها مدفونة في البقيع، غير صحيحة.
بصراوي مشاغب08-10-2006, 12:55 صباحاً
" لماذا تخريب البقيع "
الذين هدموا بقاع البقيع وسائر البقاع المباركة لم يفعلوها إلا بالسيف من دون أي منطق عقلائي، وهذا خلاف سيرة جميع الأنبياء والمرسلين والأئمة الصالحين(عليهم السلام).
إنك تجد نوحاً(عليه السلام) لم يحارب بالسيف، وهكذا ابراهيم(عليه السلام) ، وهكذا موسى (عليه السلام) وعيسى(عليه السلام) ، ومن بعدهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
نعم إنما حمل (صلى الله عليه وآله وسلم)السيف دفاعاً وذلك عندما حمل المشركون السيف ضده، فدافع عن الإسلام ضد المحاربين الذين أرادوا اجتثاث الإسلام والمسلمين بالسيف، وأمير المؤمنين علي(عليه السلام) حارب الذين حاربوه وعندما ظفر عفى عنهم.
وباقي الأئمة الطاهرين(عليهم السلام) لم يستعملوا السيف إطلاقاً إلاّ الإمام الحسن(عليه السلام) والإمام الحسين(عليه السلام) في الدفاع كما ثبت ذلك في التاريخ.
ولو كانوا يستعملون السيف لم يكن لهم ذكر حسن، كما ذهب فرعون ونمرود وهيرودس وأبو جهل ومن أشبههم أدراج الرياح.
إن المنطق هو الذي يصلح للبقاء، وإلا فصاحب السيف يسقط حين يسقط سيفه، والسيف مؤقت جداً.
وبقاء القبور المباركة مهدومة دليل على أنه لازال السيف بيد الهادمين إلى الآن ولكن عندما يسقط السيف من أيديهم، ستجد المسلمين جميعاً في نفس اليوم آخذين في البناء.
وقد ورد في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام): (وفي قلب من يهواك قبرك).
هذا بالنسبة إلى القبور الطاهرة، أما الكتب الكثيرة الثمينة المخطوطة التي أذهبوها بالإحراق ونحو ذلك فلا يمكن إعادتها حتى بعد اسقاط السيف من أيديهم.
وهكذا الكثير من آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتراث الإسلامي كـ(باب خيبر) الذي قلعه أمير المؤمنين علي(عليه السلام) ، وقد كان الباب موجوداً إلى قبل تسلطهم على هذه البلاد الطاهرة.
أدلة العقل في الأزمان باقيــة وليس يذهب إلاّ السيف والحجر
إن هارون والمتوكل ومن إليهما أعملوا كل ما لديهم من سلاح ومال لهدم قبة الحسين (عليه السلام) لكنهم ذهبوا إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم، والقبة النوراء باقية بأجلى مظاهرها وستبقى إلى يوم يبعثون.
"خطورة مشروع هدم الآثار "
إزالة العشرات من آثار رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله الأطهار(عليهم السلام) وأصحابه الكرام باسم توسيع مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر غير عقلائي وغير شرعي،بل تضييع للتراث الإسلامي والتاريخي.
فإن لتلك الآثار دلالات للبشرية ومقومات للهداية ، بالإضافة إلى أنها من أحسن الذكريات لا الذكرى فقط .. والدنيا بأجمعها تحتفظ بالآثار بكل أنواعها، حيث أن العقل والعرف يدلان على حفظها، ولا يكون ذلك خلاف الشرع الذي يصرح بالمرور في ديارهم والنظر إلى آثارهم، وقد قال القرآن الحكيم: (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل).
وقال تعالى: (وإنها لبسبيل مقيم).
فان حفظ آثار العذاب عبرة فكيف بآثار الصالحين.. وكيف بالنبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) والأصحاب المكرمين، وهكذا بالنسبة إلى المؤمنات الطاهرات.
ومن هنا حفظ عقلاء العالم أهرام مصر، وان كان فيه نوع من إحياء الآثار الفرعونية.
وحفظوا موضع عبور موسى البحر، ومحل إحراق إبراهيم(عليه السلام)، ومسجد أصحاب الكهف، وغار حراء، وغار ثور، وغيرها.
هذا بالاضافة إلى وجود المعنوية في تلك الأماكن، كيف لا وقد قال سبحانه: (فقبضت قبضة من أثر الرسول).
فإن كان تراب حافر فرس جبرئيل له ذلك الأثر الخارق الذي سبب الخوار في العجل الجسد، أفلا يكون لتلك الآثار الكثيرة البركات العظيمة؟.
إن لريح ثوب يوسف(عليه السلام) ـ كما أشار إليه القرآن الحكيم ـ وقميصه الذي ارتد أبوه بصيراً بسببه.. تلك الآثار، فكيف لا تكون للأماكن المقدسة في المدينة المنورة الآثار العظيمة.
لقد حفظها المسلمون لينالوا من كرامتها.. وكيف لا تكون البركات الكثيرة لجنة البقيع الغرقد وقد تضمن جسد عدد من الأئمة المعصومين(عليه السلام) وأولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجاته وأصحابه!.
إن للآثار واقعيةً، وللذكرى أثراً حقيقياً وإنْ لم يقترن بأثر مادي، فالواجب الاهتمام بكل ذلك حتى يأذن الله بإعادتها وما هو عليه بعزيز.
" هكذا كُتب"
1-موقع يازهراء
نسـيمٌ هـبَّ فـي عطرٍ كما يأتـي الربـيعُ
بـأزهارٍ لـهـا عطـرٌ إذا ذُكِـرَ البـَقيـعُ
إن هدم قبور الأئمة الأطهار من آل بيت الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، هو هتك لحرمات الله تعالى، وتعدّ صارخ على شعائر الاسلام، وعمل إجرامي بحق الامة الاسلامية، ولا ينمّ إلا عن مدى تجذر العداء البغيض و الحسد والحقد الأسود في قلوب المنافقين وأعداء الله تعالى تجاه الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله واهل البيت سلام الله عليهم. حيث ما بَرحوا يبحثون في القضاء على أي معلم من معالم الاسلام العظيم أو شعيرة من شعائر الله عزوجل، ولكن أنّى لهم و تبّت أيديهم، فقد فضحوا وخزيوا في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب مهين.
ونحن إذ نستنكر ونشجب هذا الإعتداء الغاشم والمؤلم للقلوب الحيّة، نرجوا من المسلمين جميعاً ومن محبّي آل بيت الرسالة أن يهبّوا للمطالبة بإعادة ترميمها وبناءها بما يناسب ومقام الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله ومقام اهل البيت سلام الله عليهم أجمعين.
ولا يضيع الله أجر المحسنين .