حاجة الأمة إلى المرجعية في بيان المعارف الدينية بعد رسول الله
سماحة السيد كمال الحيدري
12/3/2012
المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم في هذا الشهر الفضيل، الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، حلقة أخرى من مطارحات في العقيدة، بداية لموضوع يتناول مسألة المرجعية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذن موضوع الحلقة هو (حاجة الأمة إلى المرجعية في بيان المعارف الدينية بعد رسول الله) أرحب بسماحة آية الله السيد كمال الحيدري في هذه الحلقة من البرنامج، سماحة السيد أبدأ مباشرة بالموضوع، هل هناك دليل واضح وصريح على وجود مرجعية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيان المعارف الدينية على اعتبار أن هناك أكثر من اتجاه وأكثر من مدرسة في هذا الميدان، بعضهم رأى أن الأمر ترك للأمة وآخرون قالوا بأنه نزل نص في هذا الأمر وهناك لربما من يقول بأن النبي أراد أن يكتب كتاباً إلى أمته لكنه منع أو حجب عن ذلك. ما هو ردكم.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع أنه ذكرنا في الحلقات السابقة أنه لا إشكال ولا ريب في أن الأمة تحتاج إلى مرجعية لبيان المعارف الدينية، طبعاً هناك بحث آخر الآن لا أريد أن أقف عنده ولعله إن شاء الله أشير إليه وهو أنه إذا ثبتت المرجعية الدينية المنصوصة من قبل النبي على أحد فهل تنفك هذه عن المرجعية السياسية والخلافة والإمامة بعد رسول الله أو أن هناك فصل بين ا لدين والسياسة، أي منهما؟
طبعاً هذا البحث من الأبحاث الأساسية وأنه وقع فيه خلاف لا أنه وقع بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بل هذا الخلاف وقع في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، كما سنشير إليه لاحقاً.
ولكن الذي يهمني في هذه المرحلة أن نرى أن الرسول هل كان مهتماً وهل كان معنياً بأن يكتب كتاباً للأمة لا تضل بعده أبداً أو لم يكن كذلك باعتبار أن القرآن الكريم موجود بأيدي الناس وكذلك سنته موجودة في صدور الصحابة وكذلك الصحابة الذين سمعوا منه الوحي والحديث أيضاً موجودون، إذن لا حاجة لوجود شيء وراء الكتاب ووراء السنة. إذن هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله اعتنى بهذا واهتم به وأكد على هذه الحقيقة أو لا؟
فإن ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله اعنى بذلك هذا يثبت المقولة التي أشرنا إليها سابقاً من أن رسول الله صلى ا لله عليه وآله لم يترك هذه الدنيا إلا وقد نصب مرجعية تبين الدين للناس، وتبين حقائق المعارف الدينية والقرآنية، يعني نفس الموقع الذي كان يقوم به رسول الله (لتبين للناس ما نزل إليهم) كذلك يكون لهذا الشخص أو لهذه الجهة أو لأي شيء آخر تكون نفس هذا الدور ثابتاً له.
هل يوجد دليل على ذلك أو أن القضية تحليل عقلي محض؟
الجواب: تعالوا معنا إلى النصوص الواردة في هذا المقام.
النص الأول: وارد في كتاب (الجامع الصحيح) طبعاً هذه النصوص هي نص واحد بمضمون واحد ولكن بطرق متعددة ومصادر متعددة لنتأكد أن هذا النص صادر عن النبي الأكرم.
النص الأول ما ورد في (الجامع الصحيح، أو صحيح البخاري، ج1، ص60) تحقيق شعيب الأرنؤوط، الرسالة العالمية، (باب كتابة العلم، رقم 39، رقم الحديث 114) الرواية (عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي وجعه قال: أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده).
السؤال المطروح بشكل واضح وصريح أنه ما هي الحاجة إلى هذا الكتاب مع وجود القرآن الكريم، مع وجود الصحابة، ألستم تقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله خلف في أمته الكتاب والسنة، الكتاب والسنة كانا موجودين بأيدي الصحابة فما هي الضرورة لكتابة كتاب آخر وراء القرآن ووراء ما في صدور الصحابة، لأجل ماذا؟ لأجل حفظ الأمة من الضلالة، وأنا لا أتصور يوجد هناك هدف وغاية أقدس من حفظ الأمة من الضلالة أن يرجعوا بعده ضلالاً. (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) هذا الدعاء الذي نكرره في الليل والنهار ونؤكده ونقرأه (أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ندعو الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من الضلالة، الرسول في اخريات أيامه ولعله في اخريات ساعاته من حياته يريد أن يكتب شيئاً هذا الشيء ينجي الأمة من الضلالة. هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني أيضاً ورد في (صحيح البخاري) لعلها بطريق واحد أو بطرق متعددة وأنا أؤكد هذه الحقيقة. المورد الثاني ما ورد في (صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب 175 و 176، هل يستشفع إلى أهل الذمة) الرواية (عن ابن عباس أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضبت دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله وجعه يوم الخميس فقال أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده) في الحديث كان (لا تضلوا بعده) وهنا يقول (لن تضلوا) أولاً وثانياً (لن تضلوا بعده أبداً). يعني حتى لو فرضنا أن لن لا تفيد التأبيد فكلمة أبداً تفيد هذا المعنى. فإما أن تكون أبداً تأكيد وإما أن تكون للتأسيس، إذا قلنا أن لن لا تفيد التأبيد وإنما هي للنفي فقط فأبداً تفيد التأبيد، وإذا قلنا أن لن تفيد التأبيد فأبداً تكون مؤكدة لا مؤسسة.
إذن النبي يقول: (أأتوني) أولاً يوجد فيه أمر من رسول الله، أمر من رسول الله، وإذا كان هناك أمر من رسول الله هل لا يحق لأحد المخالفة (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) هناك أمر من الله سبحانه وتعالى الرسول إذا قضى أمراً وإذا أمر بشيء فلابد من الاستجابة، وبعد ذلك سيتضح أن الذين كانوا في المجلس استجابوا لذلك أم لم يستجيبوا لذلك.
(أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً).
المورد الثالث أيضاً في (صحيح البخاري، ج3، ص343، كتاب المغازي، رقم الحديث 4431، باب مرض النبي ووفاته) الرواية (عن ابن عباس اشتد برسول الله وجعه أأتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) هذا المورد ا لثالث.
المورد الرابع ما ورد في (صحيح مسلم، ج3، ص138) دار الخير، الرواية نفس الرواية السابقة ولكن (قال رسول الله أأتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً).
وكذلك في كتاب (الموسوعة الحديثية، مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج3، ص409) تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة العالمية، (أأتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) يقول (إسناده صحيح على شرط الشيخين وأخرجه عبد الرزاق والحميدي وابن سعد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو يعلى والبيهقي والبغوي وأخرجه ابن سعد والطبراني وأخرجه ...).
إذن القضية تعد من المسلمات المقطوع بها أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال هذه الجملة يعني هذه الجملة خرجت من فمه المبارك والشريف. لا أنه نقل بالمعنى، لأن كل كلمات هؤلاء الأعلام والمحدثين يقولون بأنه قال رسول الله أأتوني بألفاظ، يعني إذا أردنا أن نتكلم بلغة علمية فهذا من التواتر اللفظي، يعني أن هذا اللفظ هذه الألفاظ مقطوعة الصدور من فم رسول الله صلى الله عليه وآله، خصوصاً إذا ضممنا إلى ذلك ما قاله الشيخ ابن تيمية في كتابه (علم الحديث، ص59) للإمام العلامة تقي الدين بن تيمية دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، قال: (وأيضاً فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة) قد يقول لنا قائل: هذه الروايات كلها ترجع إلى ابن عباس، فهي رواية واحدة أو روايات متعددة.
المُقدَّم: فيها دلالة على حضور ابن عباس وأشباه ابن عباس وهم الخواص.
سماحة السيد كمال الحيدري: خواص الصحابة وأعيان الصحابة، ومن الواضح أنه في مثل هذا المجلس من يحضر، مجلس رحلة رسول الله في بيت صغير، لا يحضر فيه أمثال معاوية وإنما يحضر فيها كبار وأعيان الصحابة. ابن تيمية يقول في ملاك التواتر، يقول ما هو ملاك التواتر؟ هل أن الكثرة لها مدخلية في حصول التواتر أو لا؟ يقول: لا، لا ضرورة لأن توجد هناك كثرة، وإنما لعل خبر واحد ينقله واحد أو اثنان من الصحابة لاعتبارات متعددة يحصل لنا القطع بصدور هذه الرواية. انظروا ماذا يقول؟ يقول في (ص58) من كتابه علم الحديث: (والتواتر لا يشترط له عدد معين، بل من العلماء من أدعى أن له عدداً يحصل له به العلم من كل ما أخبر به كل من مخبر، ونفوا ذلك عن الأربعة وتوقفوا فيما زاد عليه وهذا غلط) ما هو الصحيح شيخنا؟ قال: (فالعلم يحصل تارة بالكثرة وتارة) لا بالكثرة (بطبقات المخبرين وتارة بقرائن تقترن بأخبارهم وبأمور أخرى) إذن لابد أن نجمع الاحتمالات ونصل إلى أن هذا الخبر قطعي الصدور من النبي الأكرم.
وأيضاً (فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة والاثنان) كما في المقام واحد أو اثنان أو ثلاثة (إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء) إذا الأمة لم تختلف عليه وأجمعت عليه، يعني ابن عباس هو حبر من أحبار الأمة ولكن الأمة أيضاً تلقت ما صدر منه. (ومن الناس من يسمي هذا المستفيض والعلم هنا) يعني في مورد الواحد أو الاثنان (والعلم هنا حصل بإجماع العلماء على صحته فإن الإجماع لا يكون على خطأ) لماذا (لأن أمتي لا تجتمع على ضلالة) ومن الواضح أن هذا القدر من النص الوارد عن رسول أجمعت الأمة أنه صادر من رسول الله إذن لا تجتمع الأمة على خطأ ولا تجتمع الامة على ضلالة. (ولهذا كان أكثر متون الصحيحين) صحيح البخاري وصحيح مسلم ومنها هذا الحديث (مما يعلم صحته) يعني نقطع بأنه صادر عن النبي الأكرم.
المُقدَّم: هناك لربما شبهة تطرح في هذا المجال، أنت اليوم تستدل عن صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتب ابن تيمية، هل تشكل هذه الكتب بكل ما فيها حجة عليكم.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا سؤال منهجي ومهم وكثيراً ما يقع فيه الخطأ والاشتباه المنهجي، مراراً ذكرنا هذه الحقيقة نحن عندنا نستدل بكتب القوم نستدل بكتب الحديث أو بكتب الفقه أو بكتب الكلام من محدثين ومن مفسرين ومن متكلمين ومن أي منهم، هذا ليس معناه أننا نريد أن نقول أن هذا الكتاب بكل ما فيه هو حجة علينا. لا نريد أن نقول أن كل ما في مسند الإمام أحمد هو حجة وصحيح، لا نريد أن نقول أن كل ما في كتاب صحيح البخاري هو صحيح وحجة علينا، لا. نحن نستدل بهذه الكتب باعتبار أن القوم قبلوا بصحتها. سيدنا لماذا لا تستدلون بكتبكم كتب الإمامة؟ الجواب: لو استدللنا بكتبنا لقالوا أن هذه ليست حجة علينا وإنما هي حجة عليكم، هذا من مصاديق القاعدة المعروفة الزموهم بما ألزموا به أنفسهم. إذن سيدنا أي الروايات التي هنا توجد أنتم تقبلونها، لا فقط تحتجون بها على الآخر؟ الجواب: هذه القضية المنهجية والقاعدة المنهجية التي ذكرناها مراراً وهي، أولاً: إذا كان الحديث مجمع عليه بين المدرستين، يعني قبله علماء السنة وقبله علماء الشيعة. ثانياً: أنه كان صحيحاً عندهم، وإلا قد يرد حديث هناك ضعيف وحديث عندنا أيضاً ضعيف فلا قيمة له. وثالثاً: أنهم اتفقوا على نقل هذا الحديث، إذا اجتمعت هذه فكما هي حجة عليهم تكون حجة علينا. أما إذا انفردوا بأحاديث كما على سبيل المثال انفردوا بنقل فضائل معاوية بن أبي سفيان أو فضائي أبي سفيان أو فضائل بني أمية، فنحن لا فقط لم تثبت عندنا فضائل هؤلاء بل ثبت فسق ونفاق والكفر الباطني لكثير من هؤلاء.
تقول: سيدنا كما تستدل بالبخاري توجد فيه البخاري فضائل لمعاوية. أقول: هذه حجة عليكم وليست حجة علينا. إذن هذه النقطة أو هذه المغالطة التي يستعملها البعض وهو أنت إذا استدللت بحديث في مسند الإمام أحمد أو بحديث في صحيح البخاري أو ... إذن كل ما في هذه الكتب فهي حجة علينا هذه مغالطة منهجية لابد أن يلتفت لها المشاهد الكريم، نحن لم نستدل بهذه الأحاديث باعتبار أنها حجة في الواقع وإنما نستدل بها باعتبار أنها حجة على الآخر فنلزمه بما ألزم به نفسه، كما هو هكذا يعني هو إذا أراد.
أنتم الآن تجدون في بعض القنوات الفضائية أن في بعض المواقع وفي بعض الكتب يقرأون الروايات من تاريخ الطبري أو من تاريخ ابن الأثير أن معاوية فعل كذا وأن الخليفة الفلاني فعل كذا وأن عثمان قتل كذا ويريدوا أن يجعلوه حجة علينا. لا، هذا ليس بحجة علينا. نعم، ذاك الذي ذكرتموه إذا كان موجوداً في كتبنا بطريق صحيح متناً وسنداً سوف يكون حجة علينا. إذن أعزائي في مقام الحجاج وفي مقام الاستدلال وفي مقام المحاججة لابد أن نتبع الطريق المنهجي المقبول وهو أن نستدل بما يلزم الآخر، سواء كان حجة عندنا أو لم يكن حجة عندنا، وهو كذلك إذا أراد أن يستدل علينا أو يحتج علينا لابد أن يستدل بما هو حجة عندنا حتى نكون ملزمين به.
الآن سؤال هذا: هذه النصوص قرأناها للأعزاء من مصادر متعددة، السؤال المطروح يا أعزائي إذا فرضنا أننا لا نحتاج شيئاً وراء كتاب الله، إذن لماذا أن رسول الله يأمر أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا أو لا تضلوا بعده أبداً.
إذا كان الذي يريد أن يكتبه نسأل هذا السؤال كما يقولون من الناحية المنطقية هذا الذي يكتبه رسول الله هل هو موجود في القرآن أو غير موجود في القرآن؟ إن قالوا موجود في القرآن فكتابته تكون لغواً لأنه موجود في القرآن، وإن كان غير موجود في القرآن فلا نحتاج إليه لأن القرآن فيه تبيان كل شيء، ولا حاجة لنا به.
الجواب: لا، موجود في القرآن ولكن لا يستطيع كل واحد أن يستنطق القرآن ويستخرج هذه المعارف منه، يعني أن رسول الله عندما يبين هذه المعارف أو يقول أكتب لكم لا يتبادر إلى الذهن أنه يريد أن يكتب شيئاً وراء القرآن، لا أبداً، هو يريد أن يكتب ما في القرآن، ما أمر به القرآن وما أوصى به القرآن وما نهى عن القرآن. ولكن تقول لي لماذا لم يترك ذلك للأمة لأنه يخشى أنه إذا ترك ذلك للأمة أن تختلف الأمة فيما بينها فلا تصل إلى الهداية بل تصل إلى الضلالة، بدل أن تذهب إلى راية الهداية وراية الحق تذهب إلى راية الضلالة وإلى راية الباطل، بدل أن تأتم بإمام كما قال تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) بدل أن يأتموا بإمام يهدي بأمرنا يأتمون بإمام يدعو إلى النار. إذا ترك للأمة ذلك لعلهم بدل أن يذهبوا إلى هذا الصراط المستقيم يذهبوا إلى السبل فتفرق بكم عن سبيله.
المُقدَّم: وهو بالأساس يريد أن يدل على المرجعية.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم وهذه هي النقطة المركزية.
المُقدَّم: ولا يدل على أصل النص.
سماحة السيد كمال الحيدري: وإلا النص موجود، وإنما الكلام أنه إذا وقع الاختلاف في فهم هذا النص وفي تفسير هذا النص وفي بيان هذا النص، إذن نحتاج إلى المرجعية، ومن هنا تجدون أن رسول الله بأحاديث متواترة.
قد يقول قائل: سيدنا لماذا لا تقرءوا حديث الثقلين (إني تارك فيكم ما إن تمسكتما بهما لن تضلوا بعدي أبدا) لماذا لم تستدلوا بهذا الحديث؟
الجواب: قد يقول قائل نحن لا نقبل هذا الحديث، لماذا؟ لأن هذا الحديث لم يرد في صحيح البخاري، وإذا ورد في صحيح مسلم فلم يرد (لن تضلوا بعدي أبداً).
الجواب: هذا النص (لن تضلوا بعدي أبداً) ورد في صحيح البخاري وورد في صحيح مسلم واتفقت الأمة على قبول هذا النص. فهو ليس مورد خلاف، لأنه في حديث الثقلين ذكر ويتذكر المشاهد الكريم في الأطروحة المهدوية جملة حاولوا أن يقولوا بأن حديث الثقلين هذا الذي يقول (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً) هذا المقطع من الحديث لم يثبت من طريق صحيح، ولكن هذا المقطع ثبت هنا بطريق صحيح أو لم يثبت؟ نعم، أكتب لكم كتاباً لن تضلوا.
إذن هذا النص بشكل واضح وصريح يثبت لنا هذه الحقيقة وهي ضرورة وجود مرجعية لحل الاختلاف بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
المُقدَّم: الآن ثبت لدينا صدور هذه الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله.
سماحة السيد كمال الحيدري: لنجاة الامة من الضلالة أبداً.
المُقدَّم: أولاً: لربما هناك سؤالين في هذه القضية لا سؤال واحد، أولاً ما هو موقف الصحابة أو بعض الصحابة الذين حضروا في ذلك المجلس من أمر الرسول؟
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه هي القضية الأولى،، وهناك أكثر من سؤال. في الواقع بأنه أنا لا أعلم واقعاً هل ينقضي عجب الإنسان من هذا الموقف أو لا ينقضي؟ عندما سنقرأ لكم موقف كبار صحابة رسول الله، ولعل في هؤلاء من هم من العشرة المبشرة بالجنة، ولعل في هؤلاء من هم كبار أهل الحل والعقد، وفيهم من هم من الخلفاء، إما الخليفة الأول والثاني والثالث ... إذن القضية ... تصوروا المجلس جيداً والواقعة، أ، رسول الله مسجى على فراش الموت، يريد الانتقال إلى الرفيق الأعلى، الرسول الذي حاول في حدود ربع قرن أن يوصل الهداية إلى الأمة وأن ينجي الامة من الضلالة، والآن هو في الأيام الأخيرة من عمره المبارك، ولعله في الساعات الأخيرة، رسول الله عندما قال أأتوني بكتاب لم يكن يعلم أحد من الصحابة الذين حوله أنه يبقى إلى اليوم الثاني أو الثالث ولعله بعد ساعة أو ساعتين كان يفارقهم رسول الله. وهو يأمرهم، تصوروا الموقف جيداً، يا ليت أن هذا الموقف يمثل واقعاً مع حفظ القداسة للرسول ولكثير من الصحابة يمثل حتى يعرف الناس ماذا حدث في هذه الدقائق وفي هذه الساعات وفي هذه الغرفة التي من خلالها سيتغير وجه التاريخ بهذا الاتجاه أو بذاك الاتجاه.
رسول من الله وخاتم الأنبياء والمرسلين يريد أن يوصي بوصية مضمون هذه الوصية بينها رسول الله، ليست قضية هامشية وجانبية مرتبطة بقضية فقهية وببيان شريعة، لأن رسول الله بين كل شيء قبل أن يذهب. لا يمكن لأحد أن يقول أنه كانت هناك مجموعة من التشريعات أو مجموعة من الأفكار والمباني العقدية لم يبينها رسول الله (اليوم اكملت لكم دينك) إذن الدين كامل وتام، ولا يوجد فيه أي نقص، إذن ماذا يريد أن يوجد رسول الله؟ يعني ثمرة الرسالة ومعطيات الرسالة وغاية الرسالة نجاة البشرية ن الضلالة والغواية والوصول بها إلى شاطئ الهداية والأمان والحق، وبعبارة واضحة أن يكونوا تحت راية الحق، أن يأتموا بإمام حق يهديهم إلى الله سبحانه وتعالى.
بينكم وبين الله لو أنتم أيها المسلمون أنتم أيها العقلاء أنتم أيها الحكماء أنتم يا أهل العلم والإنصاف، وأنتم جالسون في مثل هذا المجلس لم تكونوا كلكم أذان صاغية لما يقوله رسول الله، يعني أنا أتصور المشهد لو كنا نحن جالسين فالكل كان يسرع ويجد ليأتي بدواة وكتف حتى يكتب رسول الله حتى لا يتأخر، يعني أنا أتصور أنتم لو فرضنا على سبيل المثال، علم من الأعلام ومرجع من مراجع الدين افترضوا من مراجعنا الكبار حفظهم الله وأبقاهم ذخراً الذين يعدون واقعاً ثغور الأمة وثغور المذهب وثغور حفظ مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وأنتم تعلمون بأن هذه القضية ليست قضية يمكن أن يتلاعب بها يميناً ويساراً. طبعاً ليس في مدرسة أهل البيت فقط، بل في أي مذهب آخر وأي مدرسة وأي دين والى المسيحية وإلى اليهودية والهندوس وإلى أي دين وشريعة وملة ونحلة تجد أن هناك مجموعة من الأعلام والرموز ومجموعة من كبار أعلام الدين الذين عليهم وظيفة حفظ المذهب، ومن هنا يجب علينا أن نقدم كل كرامة وتقديس وحفظ لمثل هذه الوجودات المباركة والمقدسة وإن لا نسمح لأحد بأي طريق من الطرق أن يمس واحداً من هؤلاء.
نعم، التفتوا إلى هذه القضية، هذه من أهم خصائص مدرسة أهل البيت أنه فتح هناك باب الاجتهاد وباب النقد وباب اختلاف الآراء، لا يتبادر إلى ذهن البعض أنه عندما يختلف علماء الإمامية أو علماء مدرسة أهل البيت سواء على مستوى المسائل العقدية أو على مستوى المسائل الفقهية أو على مستوى المسائل السياسية سواء على مستوى ولاية الفقيه أو على مستوى الأحكام الفقهية أو على مستوى الأمور العقائدية، في الأمور العقائدية توجد بيننا اختلافات كثيرة بين علماء مدرسة أهل البيت، عندما أقول اختلافات كثيرة يعني ليست بالقليلة، لكن هذا ليس معناه التنقيص والإهانة والتسقيط. ولذا من هنا وإن كان ليس حديثي ولكنه واقعاً لا أعلم كيف جررت إلى هذه القضية لأن الكلام بعضه يجر إلى بعض.
ولذا من هنا أقدم وصية واضحة إلى أعزائي بالكم وإياكم أن تنجروا إلى خلافات جانبية وهامشية وإلى خلافات تشغلكم عن الهدف الأصلي، الهدف الأصلي هو حفظ ثغور وحدود ومباني العقائدية لمدرسة أهل البيت وللمسلمين. وقلنا نحن مراراً نحن لا توجد عندنا معركة وصراع عقدي مع المسلمين، نعم معركتنا مع ... نحن جزء من الأمة الإسلامية، ولذا أعزائي حاولوا أن لا تنجروا إلى مثل هذه الأمور الجانبية.
المهم أتصور أن الذين كانوا قد حضروا ذلك المجلس المبارك كانوا ... افترضوا أن مرجعاً من المراجع في فراش الموت قال أأتوني بكتاب لأوصي، أنا أتصور أن تلامذته ومن حوله كلهم يهرول حتى يأتي ويقدم ... ولكنه ماذا فعل كبار صحابة رسول الله، هؤلاء الذين حضروا وهم الذي صاروا خلفاء من بعده وهؤلاء الذين بشروا ... بغض النظر أنه من هم ولكن في النتيجة هم العلية وهم النخبة، ماذا فعلوا؟
أولاً: تنازعوا وتخاصموا فيما بينهم، حتى اغتم رسول الله فقال قوموا عني. اغتم رسول الله. وسأقرأ لكم الروايات ... أولاً وقع التنازع والتخاصم، أين؟ أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا التنازع لم يكن من التنازع الممدوح بل كان من التنازع المذموم لا الذين يقبله الله ويرضاه بدليل أن رسول الله صلى الله عليه كما في النص اغتم لذلك، إذا كان اختلافاً ممدوحاً فلماذا يغتم، كان ينبغي أن يطبط على ظهوره ويقول لهم أحسنتم أني أجد أنكم تختلفون هذا الاختلاف. لا فقط اختلفوا وتنازعوا.
منعوه أن يكتب، قالوا لا تأتون بدواة، لا فقط منعوه بل اتهموه. الإنسان لا أعلم يدمى قلبه ويعتصر ... واقعاً لو يصاب بسكتة يهون الأمر، اتهموا رسول الله وهو على فراش الموت، بعضهم قال: غلبه الوجع، تعلمون ما معنى غلبه الوجع؟ يعني أن المرض غلبه بنحو اختلط كلامه بين الحق والباطل. البعض يتصور ... إذا بدل كلمة يهجر إلى كلمة غلبه الوجع تحل المشكلة. لا يعلم أن المشكلة باقية كما سنقرأ. وبعضهم صرح ...
وهنا عدة أسئلة ... المهم القدر المتيقن في كتب الأصحاب في كتاب المجاميع الحديثية المقبولة أن الأصحاب تنازعوا واختلفوا ومنعوا واتهموا.
المُقدَّم: لدي طلب لو تكتفي برواية أو روايتين ولا ندخل في التفاصيل إكراماً لرسول الله.
سماحة السيد كمال الحيدري: بيني وبين الله سأدخل في التفاصيل بقدر الروايات الصحيحة المقبولة وقصدي ليس ... أنا فقط أريد أن أقول أن هذه الدعاوى التي تقال هنا وهناك أن جميع الأصحاب كانوا منسجمون وكانوا متفقون ولم يقع بينهم اختلاف ... ليس الأمر كذلك، وبعد ذلك وجدنا وسيتضح أنه بحضور رسول الله فما بالك بعد رسول الله.
ولهذا أنتم وجدتم لم يمضِ على رحلة رسول الله عقدين من الزمن إلا وبدأت الفتن وأخذ بعضهم يقتل بعضاً. في قضية عثمان من حرض على عثمان، ومن قتل عثمان، هذا بحثه سيأتي في بعض الليالي، الذين حرضوا عليه كانوا هم كبار الصحابة.
المُقدَّم: اقتلوا فلاناً ...
سماحة السيد كمال الحيدري: الآن لعل هذه الرواية قد لا يوافقون عليها ويقولون لا يوجد فيها سند صحيح، وأنا بطبيعتي لا أحاول ... حتى من ينقل الرواية أقول لا لم يثبت. أنقل الروايات الصحيحة المعتبرة في الكتب الحديثية وفي الكتب الرجالية والتاريخية عندهم.
من الروايات الواردة في هذا المجال، أيضاً أقرأها من صحيح البخاري لا من مكان آخر. في (صحيح البخاري، ج3) عن ابن عباس عن يوم الخميس، (قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ اشتد برسول الله وجعه فقال: أأتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) هذا الذي أقرأ لكم نص الحديث لا مضمونه (فتنازعوا) هذا الأمر الأول. سؤال: لعله كان من التنازع المحمود المقبول الذي هو من طبيعة البشر. والرواية تقول (ولا ينبغي عند نبي تنازع) يعني هذا كان محمود أو مذموم كان؟ وإلا لو كان ... (فقالوا) هذه الطامة الأكبر، بعد ذلك ستظهر بعض النصوص تقول أن القائل هو عمر بن الخطاب الخليفة الثاني، هذه الطامة أكبر من تلك، مرة صحابي واحد قال، ومرة قالوا يعني هؤلاء الذين ... أكثر من واحد يعني مجموعة من أعيان الصحابة ومن علية القوم ومن بعض الذين هم من المبشرين ومن أصحاب الحل والعقد، (فقالوا ما شأنه، أهجر؟) الله الله، رسول الله في حياته أمام عينيه يتهم بأنه ... حتى لو كان استفهاماً، البعض يقول أن هذا استفهاماً ولم يكن اتهاماً، بينكم وبين الله احتمال الهجر واحتمال الهذيان واحتمال أن رسول الله ...
المُقدَّم: هذه مسبة.
سماحة السيد كمال الحيدري: يا ليت أنها مسبة، هذه تهمة في أصل الرسالة، لعله أيضاً في مواضع أخرى أيضاً قال رسول الله وكان قوله ... وأنا لا أعلم هؤلاء هل أحملهم على الصحة وأقول هؤلاء كأنهم في ذاك الوقت لم يقرأوا قوله تعالى (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا ...) الله يصرح في كتابه أن رسوله أن خاتم الأنبياء ما ينطق عن الهوى ولكن هذه المجموعة البائسة تقول أنه ماذا ... لا أقل أنها تحتمل أنه أصيب بالهجر والهذيان، استفهموه (فذهبوا) التفتوا أعزائي وأبكوا دماً على أولئك الذين يقولون أن الصحابة جميعاً كذا وكذا (فذهبوا يردون عليه) هذا الضمير يردون عليه يعني على رسول الله، يردون عليه يعني على ذاك الذي اتهمه أو احتمال بأنه هجر ... فيه احتمالات متعددة.
(فقال: دعوني) رسول الله تألم (دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه) هذا مورد.
وكذلك ما ورد في أيضاً صحيح البخاري، اليوم اكتفي بصحيح البخاري وتتمة المصادر ستأتي في الحلقات اللاحقة. (صحيح البخاري، ج1) (عن ابن عباس) هناك قال قالوا وهذه الرواية عن ابن عباس (قال: لما اشتد بالنبي وجعه قال أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً ... قال عمر) هناك الرواية قالوا وهنا قال عمر (قال عمر: أن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا). يعني أن النبي صلى الله عليه وآله يقول أكتب لكم كتاب نحتاج إليه أو لا نحتاج إليه؟ أترك الجواب للمشاهد الكريم. (حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط، قال: فقوموا عني ولا ينبغي عندي تنازع فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه).
المُقدَّم: قبل ذلك أنبه على أن يكون السؤال في الموضوع وأن تراعى فيه أصول الحوار وأصول المداخلة لنصل إلى النتيجة التي نرجوها من خلال هذا البحث العلمي والمعرفي، الأخ إبراهيم من السعودية، تفضل.
الأخ إبراهيم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ إبراهيم: سؤالي لماذا الرسول لم يقل لعمر بن الخطاب اصمت وأكمل ما يريد كتابته رسول الله شفاهياً للصحابة. هذا أولاً. وثانياً قلت قبل قليل مجموعة بائسة فكيف تكون مجموعة بائسة وآل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب كان حاضراً.
سماحة السيد كمال الحيدري: أولاً أود شكر الأخ إبراهيم على هذه المداخلة المؤدبة، أولاً هذا لماذا هذا ليس سؤال يوجه لي بل يوجه إلى رسول الله، أنا حديثي أن رسول الله أمر أأتوني بكتاب، لماذا لم تمتثل الأمة لذلك، أما لماذا لم يكتب بعد ذلك، ولماذا لم يقل لعمر اصمت، لماذا لم يقل للقائلين كذا وكذا، لماذا لم يفعل. هذا تكليف رسول الله وأنا لا أعين تكليف رسول الله، أنا لا أعلم لماذا سكت رسول الله ولماذا لم يكتب ولماذا لم يعاود، هذا متروك لتشخيص رسول الله.
أنا وظيفتي الأصلية أخي العزيز الكريم ... التفت إلى وظيفة المسلمين المؤمنين الحقيقيين إزاء رسول الله، في سورة الأحزاب (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً) وهنا قضى رسول الله قضى الأمر أو لا؟ ألم يقل أأتوني أم لم يقل (أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) هنا سؤالي: قلت لك أولاً أنا عبرت بعض الصحابة لا جميع الحاضرين، وعندما قلت البائسة مقصودي من البائسة تلك التي تنازعت وتلك التي اختلفت وتلك التي أكثرت الكلام وتلك التي أكثرت الغلط وتلك التي أكثرت اللغو حتى قال رسول الله لهم قوموا عني، وتلك التي قالت غلبه الوجع، وتلك التي قالت أنه يهجر.
أخي العزيز التفتوا في كتاب (السنة، ج1) لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال المتوفى 311هـ بعد أن ينقل الرواية قال: (وما يوم الخميس، ثم نظر إلى دموع عينيه تحدر على خده كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله: أأتوني باللوح والدواة أو بالكتف والدواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً. فقالوا: رسول الله) أيها المسلمون اسمعوا (فقال رسول الله يهجر) لا (أهجر) ولا غلبه الوجع. وفي الحاشية يقول: (أي أهذي يقال هجر يهجر هجراً إذا هذى هذي، الفائق ولسان العرب وغيرها ... إسناد هذا الحديث صحيح وقد أخرجه مسلم ...). تقول: سيدنا أين أخرجه مسلم؟ الآن أقرأ لكم العبارة الواردة عن مسلم. في (صحيح مسلم، ج3) قال: (قال رسول الله أأتوني بالكتاب والدواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فقالوا إن رسول الله يهجر) بينكم وبين الله لا تستثقل ولا تستوحش أن يقال لرسول الله رب العالمين يهجر ولكنك تستوحش وتستغرب ولا تتحمل أن يقال لبعض الصحابة أنهم من البائسين، أهذا هو حبكم لنبيكم أهذا هو حبكم لإمام الأولين والآخرين، أنه يتهم رسول الله، وإلا المتهم لم يكن من الجن ولم يكونوا قد جاءوا مما وراء الجبال، بل كانوا قد عاشوا معه لسنين.
إذن أعزائي أولاً لماذا لم يقل رسول الله لهم شيئاً؟ هذا تكليفه وأنا لا أعلم، هو يقدر الحكمة متى يتكلم ومتى يسكت ومتى يكتب ومتى لا يكتب.
وثانياً: أنه تقول بائسين، ليس قصدي أهل البيت وليس قصدي ابن عباس، ابن عباس يقول، الآن اترك أهل البيت، ابن عباس يقول: الرزية كل الرزية ودموعه تسيل، من الواضح أن هذا كان راضٍ وكان من المنازعين والمخاصمين أو لم يكن؟ إذا كان من المنازعين لماذا يبكي.
المُقدَّم: علي من الدنمارك.
الأخ علي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي: سيدنا سؤالي وصية النبي صلى الله عليه وآله للإمام علي أو للأمة الإسلامية هل كانت وصية تفضيلية أو وصية وجوبية، يعني هل أن النبي صلى الله عليه وآله قال مثلاً أيها المسلمون هذا إمامكم من بعدي وخليفتي فهو الأحسن وهو الأكرم وهو الأعلم ولم يوجبها عليهم وجوباً.
المُقدَّم: عندما نتحدث عن المصداق ومضمون الكتاب وما هو الذي نحتمله.
سماحة السيد كمال الحيدري: اخواني الأعزاء لا تستبقوا البحث، حاولوا أن يبقى البحث على تسلسله المنطقي حتى لا تتداخل الأبحاث، أعزائي إن شاء الله تعالى ... أولاً لابد أن نعين موقف بعض الصحابة.
المُقدَّم: ما هو الدليل على الكتاب الذي منع النبي عن كتابته يشير إلى مرجعية الإمام.
سماحة السيد كمال الحيدري: هل توجد عندنا أدلة أخرى أو لا توجد.
المُقدَّم: الأخ أبو موسى من العراق.
الأخ أبو موسى: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو موسى: شيخنا بالنسبة لتبليغ لكتاب هل هو كتاب من ضمن الرسالة أو ماذا؟ وهل كتب الكتاب.
المُقدَّم: علي من قطر تفضلوا.
الأخ علي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي: سماحة السيد هل يمكن أن يكون تقرير الرسول بالسكوت تقريراً من الرسول لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سكت عن هذا الأمر وهذا يندرج تحت تقرير الرسول لهذا الأمر، فيجب أن ننظر من هذه الزاوية، وليس بالضرورة ... حسب الاتجاه الذي تتكلم عنه أن الرسول يكتب لعلي بن أبي طالب أن يكون الولي والإمام للأمة، ولكن سكوت النبي عن الكتابة أيضاً يندرج تحت هذا المفهوم الذي نتبعه نحن أهل السنة والجماعة، وليس هناك أي اتهام للرسول صلى الله عليه وآله بكلمة الهجر، لأن كلمة الهجر في مفهومه في ذلك الزمان وليس بالمفهوم المغلوط حالياً أنه تأثير الحرارة على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقد تكون هذه الدعوة التي ادعاها الرسول تحت هذا المفهوم وليس حسب مفهوم سوء الظن.
المُقدَّم: اعتذر للمتصلين الآخرين.
سماحة السيد كمال الحيدري: الأخ العزيز يقول أن هذا تقرير من رسول الله، إنا لا أعلم إذا كان تقريراً من رسول الله لماذا أن الرسول صلى الله عليه وآله تألم (فلما أكثروا اللغط) اللغط أمر ممدوح عند الرسول والاختلاف عند النبي!! (قال قوموا عني) إذا كان تقريراً كان يقول لهم بارك الله فيكم، اجلسوا الذين منعت أن أكتب. لأن الرواية تقول (غلبه الوجع ... وعندكم القرآن فحسبنا ...) كأن رسول الله لا يعلم أن القرآن بأيديهم (فحسبنا كتاب الله) ولا أريد الدخول في التفاصيل. يقولون أن الخليفة الثالث هو الذي جمع القرآن وكان مبعثراً، وهنا عمر يقول (فحسبنا) يعني الكتاب كان موجود أو كان مبعثراً. إذا كان مبعثراً في الصدور وفي الجلود هذا يسمى كتاب بينكم وبين الله. هذا لا يسمى كتاباً. إذن كتاب الله كان موجوداً ومجموعاً في عهده. أما ماذا فعل الخليفة الثالث؟ إذا وفقت سأبين أن الخليفة الثالث فعل فعلاً كان ممدوحاً أو لا؟ له حديث آخر.
(فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت) أهل البيت ليس المقصود بهم العترة يعني الذين كانوا جالسين (فمنهم من يقول قربوا ليكتب لكم رسول الله كتاباً لن تضلوا بعده) يعني نفذوا أمر رسول الله (ومنهم من يقول ما قال عمر) إذن تبين أن رأس الجهة التي منعت هو عمر (ومنهم من يقول ما قال عمر) إذن هذه التعابير التي وردت قالوا وقال أرادت المجموعة التي اتبعت الخليفة (فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي قال قوموا عني فكان ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله) إذا أقرهم لماذا تكون رزاية؟ هذا أولاً.
وثانياً: يقول في مسند الإمام أحمد للشيخ شعيب الأرنؤوط، الأخ العزيز كان اللغة العربية تتدبل. (مسند أحمد، ج3) الرسالة العالمية قال: (أهجر ... قال في النهاية اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل ... أي تغير كلامه واختلط) اختلط بماذا؟ اختلط بالوهن والباطل (واختلط لأجل ما به من المرض) إذن هجر ووجع تعطي معنى واحد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وقع فيه الخلط.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة السيد كمال الحيدري، شكراً لكم أعزائنا المشاهدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.