إن التحكم بالغرائز لدى الإنسان من أهم الأمور التي تساعد الإنسان على الوصول إلى مبتغاه، فمن خلال هذا التحكم تتولد الإرادة اللازمة للنجاح، فكيف تتحكم بغرائزك؟ وتسيطر على انفعالاتك؟ وتتغلب على نقاط الضعف في حياتك النفسية؟
هذه بعض الإرشادات التي يقدمها لك مَن تمكنوا من التحكم بإراداتهم..
- الحقيقة التي أثبتتها التجارب – الرجالية والنسائية – أن السيطرة على النفس أمر يمكن تحصيله، والإرادة وحدها التي تجعل المستحيل ممكناً، أي الجهد الواعي لمنع شيء أو اكتساب شيء.
- السيطرة على النفس – وكما ثبت بالتجربة – تساعدك في توسيع امكاناتك وخياراتك وإدخال التحسينات التي تريدها على حياتك، ويضربون لك مثلاً.. فلو كان أمامك صحن فيه عشر تمرات، وكان بإمكانك التهامها جميعاً، لكنك اكتفيت بسبعة أو خمسة كتدريب على الضبط النفسي، فإنك ستربي بذلك إرادتك.
- وعليك أيضاً الاهتمام المستمر بمراقبة نفسك.. هل هي في تطور محلوظ؟ هل هي تتأخر أو تتراجع؟ هل هي مسترسلة مع الغفلة والشهوات؟ هل لديك مفاتيح أو أزرار للسيطرة عليها في قبال المغريات؟ ففي مجال الجنس، يجمع علماء الجنس – ومن خلال تجارب ميدانية – على أن الإمتناع عن العمل الجنسي لمدة طويلة لا يحدث خطراً على الصحة الفكرية أو الجسمية.
وينقل بعض الشبان تجاربهم في ذلك فيقولون: إن التقنين الغذائي وتنقيته مما يحرّك الشهوة من حلوى وتوابل ومواد دهنية، وتنظيم أوقات الراحة والعمل، والانشغال بمهارة أو مهنة أو هواية معينة يحبها الشاب أو الفتاة، الابتعاد – ما أمكن – عن الأجواء المثيرة للغريزة كالأحاديث الشهوانية والمطالعات الماجنة، ومشاهد الغرام والإباحية، بالإضافة إلى الرياضة بمختلف أشكالها، نافعة في هذا المجال. كذلك تربية الوازع الديني والجانب الروحي في الشخصية.
وفي مجال الإدمان، فإن المدمنين على التدخين الذين تمكنوا من الإقلاع عنه يروون تجاربهم فيقولون:
- في وسع المدخن أن يتجنب الإفراط في الاستجابة لعادته بأن يضع فواصل زمنية بين لفافة ولفافة، ثم يمتنع عن التدخين يوماً كاملاً في الأسبوع، وأسبوعاً في الشهر، وشهراً في السنة، على أن يكون التقليص في استخدام اللفافات (السجائر) مستمراً.
- وهناك طريقة ثانية وهي الاستعاضة عن عادة التدخين بعادة نافعة تنسخها وتحل مع الزمن محلها، فمن يتعود التدخين في وقت معين يمكنه أن يمارس التمارين الرياضية في ذلك الوقت ليألف الرياضة وينفر من التدخين.
- هناك مَن استعاض عن التدخين باستعمال الحلوى، أو تناول أي شيء نافع للصحة بدلاً عنها.
- لكن أقدر الذين سيطروا على أنفسهم وامتنعوا عن التدخين أولئك الذين تأملوا في أضرارها قياساً بمنافعها الضئيلة، ثم اتخذوها قراراً مصيرياً بهجران التدخين إلى الأبد.
وإليك هاتين التجربتين ذاتي العبرة والدلالة..
فلقد أصابت أحد المؤمنين العاملين للاسلام نزلة صدرية إثر التدخين، فنصحه الطبيب بترك التدخين، فقال المؤمن العامل: لا أستطيع ذلك، فقال له الطبيب: إنك تقول لشارب الخمرة المدمن اتركها فشربها لا يجوز، وتقول للزاني الأسير الشهوة، اترك الزنى فهو حرام، ولا تستطيع أن تحرر نفسك من عادة تضرّك؟!
يقول المؤمن العامل: فشعرت بالحياء والحرج ولم أعد إلى التدخين من ساعتي!
والثانية أن شخصاً شجاعاً أتعب الجلادين بثباته، ولأنه كان مدمناً على التدخين، إنهار وطلب سيجارة مقابل الاعتراف على جماعته.
أرأيت كيف يفعل الإدمان بصاحبه! لتعرف معنى الحديث الشريف: "ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه"؟!
ولتحكيم الإرادة والسيطرة على النفس وجه آخر، وهو التمكن من زرع القيم الصالحة والسلوك المستقيم والعادات السليمة.
يقول بعض مَن جربوا اكتساب الفضائل الخلقية: إننا كنا إذا أردنا اكتساب فضيلة ما، عمدنا إلى ممارستها والعمل بها لمدة أربعين يوماً متتالية، حتى إذا أصبحت ملكة وعادة جارية، انتقلنا إلى غيرها. وربما أخذوا ذلك من الحديث الشريف: "مَن أخلص لله أربعين صباحاً أجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه".
ويقول أحد المواظبين على القراءة: عوّدت نفسي على أن أقرأ (50) صفحة من كتاب صباح كل يوم بعد الصلاة، وها أنذا منذ شبابي الأول ملتزم بذلك.