النشأة الطيبة
عاش في ظل جده السبط الشهيد عليه السلام أربع سنوات ، وصبغت شخصيته الفذة بتلك الصبغة الإلهية التي تجلت في حياة السبط الشهيد ، ولا ريب أن مأساة كربلاء الفجيعة تركت طابعها على نفسية الإمام الباقر (ع) الذي رافق صورها وشاهدها لحظة بلحظة .. لأنه - حسب بعض الرواة - كان ممن حضرها مع سائر ابناء الأسرة الهاشمية .
وبعد تلك الفاجعة عاش الإمام (19) سنة و (60) يوماً في ظل والده سيد الساجدين،[1] حيث كانت حياته الكريمة مثلاً أعلى للصبغة الربانية ، وظل شعاع تلك الحياة يضيء درب السالكين إلى اللـه .. حتى اليوم .
ومنذ باكورة حياته المباركة تجلت فيه ملامح الإمامة . وقد جاء في الحديث المأثور عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي قال : كنا عند جابر بن عبد اللـه فأتاه علي بن الحسين ومعه ابنه محمد وهو صبي ، فضمه جابر إليه فقال علي لابنه : قبّل رأس عمك فدنا محمد من جابر فقبل رأسه ، فقال جابر : من هذا ؟وكان قد كفّ بصره - فقال له علي : هذا ابني محمد فضمه جابر إليه وقال : يا محمد ! محمد
رسول اللـه (ص) يقرأ عليك السلام ، فقالوا لجابر : كيف ذلك يا ابا عبد اللـه ؟
فقال : كنت مع رسول اللـه (ص) والحسين في حجره وهو يلاعبه ، فقال :
يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له علي إذا كان - يوم القيامة - نادى مناد ليقم سيد العابدين ، فيقوم علي بن الحسين ، ويولد لعلي ابن يقال له محمد ، يا جابر إن رأيته فاقرأه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسير . فلم يعش ( جابر ) بعد ذلك إلاّ قليلاً ومات.[2] وبعد والده اضطلع بمقام الإمامة العامة .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] المصدر : ( ص 217 ) .
[2] المصدر : ( ص 227 ) .