عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

أيهما أكثر خوفاً، الرجل أم المرأة؟

أيهما أكثر خوفاً، الرجل أم المرأة؟

* بيير داكو
أليس الرجل، في نهاية المطاف، هو الذي يعاني الشعور بعدم الأمن والعجز والدونية أكثر من المرأة؟
لنلاحظ أول الأمر:
أ ـ أن الرجل يخاف المرأة خوفاً عميقاً.
ب ـ لا يحس الرجل في نفسه أنه متفوق على المرأة: إنه يعاني الحاجة إلى الزعم بأنه متفوق عليها، مع أنه يحس إزاء المرأة بحالة من الخطر وعدم الأمن.
ج ـ منذ أن تتفوق إحدى النساء، يتصرف الرجل العادي كما لو أن هوة كانت قد انحفرت تحته. وسترى أنه يتصرف على هذا النحو لا لأنه يخشى أن يفقد رجحانه بالمعنى التقليدي للكلمة، بل لأن المرأة ((تقود)) الرجل في كل مرة يكون فيها فريسة خشية غريبة خفية.
د ـ يُصاب المرء بالذهول لو لاحظ عدد سلوكات الرجال التي تذكر، أمام امرأة (وربما زوجة)، بسلوكات صبي صغير أمام أمه.
هـ ـ بل إنني أعتقد أن المرأة تشعر بأنها ((متفوقة)) على الرجل. وهذا الشعور يعشعش في مناطق وجدانية منيعة على الرجل بصورة كلية. فالمرأة قبل كل شيء أم (بالفعل أو بالقوة). وعاطفة الأمومة جزء من طبيعتها. وهذه العاطفة، من جهة أخرى، ليست معنية ((بطفلها)) على سبيل الحصر، بل هي معنية أيضاً بالعالم كله. وهذا هو السبب في أن المرأة تميل إلى النظر إلى أفعال الرجال كما تنظر إلى ألعاب أطفالها: بنوع من الريبية، بل بالتهكم أو بالعطف.
وثمة ما هو أكثر: وجود المرأة ضرب من الغلاف الذي يتصف معاً بأنه مغلق وواسع، والذي يتيح لها أن ((تمس)) قوى الوجود العميقة. وهذا هو السبب الذي من أجله تنظر إلى أعمال الذكور، وفتوحاتهم، نظرة تتصف بالقليل من الشرود، على أنها ظاهرات سطحية. ويمكن القول إن المقصود هنا شعور بالتفوق إزاء الرجل، أو بالحري شعور بالاتساع: إن المرأة تحس إلى أي مدى تتصرف وجدانياً على مستوى آخر يتصف بأنه كالحياة لا يمكن تحديده، مستوى لا يتوصل الرجل إلى الإحساس به أبداً.
إن لشعور الرجل بالدونية أمام المرأة باعثاً آخر.
كان الرجل، فيما مضى، على توافق مع الطبيعة وواقع الأشياء، ومع عمله وحروبه. وهو، في أيامنا هذه، يحاول بمشقة، وقد تحول إلى رقم، أن يتعلق ببدائله الهزيلة، بدائل القوة. وكما كان يقول لي أحد الطلاب السود: ((إن الصياد الكبير في العهد الغابر أصبح جرّافاً صغيراً في أيامنا هذه)).
ومن هؤلاء الرجال الذين أصابهم التدهور، يُتطلب أكثر فأكثر (بالمجهول). ولكن النساء موجودات أمامهم. وأعماقهم لم تتغير من حيث ما تتصف به من إيجابي أو سلبي. أما النساء، فقد لبثن كما كنّ دائماً على الرغم من المظاهر الخارجية.
كانت إحدى النساء الذكيات تقول لي:
أتمنى، لمرة واحدة، أن أكون الموجهة، والقائدة الأولى، في مهنة وقف بصورة اعتيادية على الرجال. أتمنى أن أظهر قدرات مساوية لقدراتهم، وأن أبرهنها لنفسي. ثم أستعيد مكاني النسوي، لأنني في الحقيقة قليلة الاكتراث بما يفعله الرجال ...
فنحن نجد في قول هذه المرأة عنصرين: الرغبة في الثأر ثم عدم اكتراثها بالأعمال الشائنة التي يقوم بها الذكور على سبيل الحصر.
وعلى عكس الرجل الذي يتصف بصورة طبيعية أنه غير مستقر، تتسم المرأة بأنها في منتهى الاستقرار. يضاف إلى هذا أنها استطاعت أن تحتفظ، خلال العصور، بضرب من مرونة في التلاؤم صانها، مهما يكن اعتقاد الناس، من عبودية الذكر.
والمرأة تلاحظ الرجل مزودة بسلاح فكرها الثاقب المخيف. فكيف لا يجتاحه منذئذ شعور دائم بالدونية؟ ذلك أنه على علم بأنه لا يطابق ما هو عليه، وبأن المرأة تنزع عنه القناع وتَقدِره بالقيمة الحقيقية، قيمة ماهيته.
يضاف إلى هذا أن كثيراً من النساء يغذين الشعور بالدونية لدى الرجل، دون أن يقصدن ذلك بصورة شعورية. ويحدث ذلك عندما تبدي إحدى النساء، بصورة ماكرة أو جهاراً، شعوراً بالإعجاب إزاء أحد الرجال:
((أنت قوي وذكي. ومن المثير أن يعمل المرء معك ... ولا أستطيع إلا أن أستسلم، فأنت على حق دائماً ... ويشعر الإنسان بالأمن معك))، الخ.
ويتمسك الرجل بهذه اللعبة. ويجهد نفسه لـ ((يستحق)) هذا الإعجاب. ويمثل دوراً، ويعلم أن أي كبوة تثير التهكم أو الهزء لدى المرأة التي تشعر بالسعادة القصوى في أن تأخذ بالثأر (حتى على صورة سلوك أمومي وعطوف على حد قولها، سلوك ليس إلا احتقاراً).
هذه المرأة تترصد الرجل. ولكن ليس بدءاً من أيامنا هذه إنما يذهب الناس إلى السيرك أملاً برؤية المروّض تفترسه الوحوش.
والسؤال ذاته يطرح نفسه مجدداً: مَن يعاني الشعور بالدونية أكثر؟ إن الميزان يشبه ميزان العدالة المثالية: الكفتان متعادلتان. والشعور بالدونية أفضل توزيعاً من الثروات.
وما النتيجة؟ المعركة مستمرة ما دام الناس يمنحون ((قيمة أخلاقية)) لمزايا كل جنس ولعوائقه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ماذا يحب الرجل في المرأه ..
دعوة للتكامل مع الاحتفاظ بخصوصية الآخر
خصائص الأسرة المسلمة
هل يعاني الشباب حقاً من مشكلة؟
إصدار كتاب "كربلاء كما شاهدت
اعتصام “زينبيات صمود” ومسيرات “أنات الإنتصار” ...
الواصلية
الإمام الخميني (ره) أحيا الإسلام وبث روح المقاومة ...
الشيخ محمد حسن النجفي المعروف بالشيخ صاحب ...
اليك عشر طرق للنوم الهاديء

 
user comment