عربي
Sunday 17th of November 2024
0
نفر 0

الامام المهدي عليه السلام المحطة الأخيرة في خط الإمامة

الامام المهدي عليه السلام المحطة الأخيرة في خط الإمامة

 

تمثّل حياة الإمام المهدي الحجّة بن الحسن العسكريّ عليه السلام الحلقة الأخيرة من حلقات الإمامة، والمحطّة الموعودة التي بشّر اللهُ ورسولُه بها، وبشّر بها الأئمّة المعصومون الواحد تلو الآخر، المحطّة التي ستحطّ قافلة البشرية المكدودة المتعَبة رِحالها عندها، فتنعم بعد مشاقّ طويلة وعناء مُرّ بظِلال واحته الوسيعة الوارفة، وتسعد في أفياء عدله، وتهنأ في بهجتها برأفته ولطفه.

فلنتعرّف على شيء من البشارات التي دلّتنا على حقيقة استمرار خطّ الإمامة، والتي تدلّ ضِمناً على وجود الإمام المهدي عليه السلام، ثمّ نعرّج على موضوع الأحاديث التي تحدّثت عن البشارة به، وعن ولادته المباركة، وصفاته الكريمة، وغيبته، وغير ذلك من الأمور التي تتعلّق بشخصه الشريف.

1 ـ حديث الثقلين

روى علماء المسلمين عن عدد كبير من الصحابة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال (إنّي تاركٌ فيكم الثقلَين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعِترتي أهل بيتي، فانظْروا كيــف تَخلفونــي فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا علَيَّ الحوض). (1)

وروى علماء المسلمين في قضيّة المباهلة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج للمباهلة وليس معه غير أصحاب الكساء: عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وهو يقول (اللهمّ هؤلاء أهلي) ورووا مثل ذلك في آية التطهير(2)، كما رووا أنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقف على باب فـــاطمة عليهـم السلام صباح كلّ يوم إلى تسعة أشهر وهو يقرأ (إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكمُ الرِّجْسَ أهلَ البيت ويُطهِّركم تطهير) (3).

وفي تصريح النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ القرآن والعترة لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض دليل واضح على استمرار خطّ الإمامـــة، وعلى وجود إمـام من أهل البيت عليهم السلام يُماثل استمرار وجوده استمرار وجود القرآن الكريم. قال ابن حجر: وفي أحاديث التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض(4).

 

2 ـ حديث ( أهل بيتي أمانٌ لأهل الأرض)

روى علماء المسلمين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:(النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمانٌ لأهل الأرض، فإذا ذَهَبت النجومُ ذَهَب أهلُ السماء، وإذا ذَهَب أهلُ بيتي ذَهَب أهلُ الأرض).(5)

وفي هذا إشارة إلى دوام الدنيا بدوام أهل البيت عليهم السلام، وقد أشار علماء أهل السنّة إلى هذا الأمر في ذيل قوله تعالى (وما كانَ اللهُ لِيُعذِّبَهُم وأنتَ فيهم)(6) وقالوا إنّ الله عزّوجلّ ألحقَ وجودَ أهل بيت النبيّ في الأُمّة بوجوده صلى الله عليه وآله وسلم، وجعلهم أماناً للأُمّة لِما سبق من قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم (اللهمّ إنّهم منّي وأنا منهم)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في فاطمة عليهم السلام إنّها بضعة منه، وفي عليّ عليه السلام إنّه كنفسه، وفي الحسنَين عليهما السلام إنّهما منه، وقوله في الحسين عليه السلام: (حسينٌ مني وأنا من حُسين).(7)

3 ـ حديث (إنّ الأرض لا تخلو من حُجّة)

وردت أحاديث كثيرة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام، احتجّ بها علماء الطرفين(8) في أنّ الأرض لا تخلو من حجّة، فقد رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال في نهج البلاغة ـ في حديث طويل ـ (اللهمّ بَلى، لا تخلو الأرضُ مِن قائمٍ لله بحُجّة)(9)، ورُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال (ما زالت الأرض إلاّ ولله فيها حُجّة يُعرِّف الحلالَ والحرام، ويدعو الناس إلى سبيل الله)(10)، وسئل الإمام الرضا عليه السلام: هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال: ل(11) وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعةً لَساخَت الأرضُ بأهلها، وماجَت كما يموجُ البحرُ بأهله.(12)

ناهيك عن الأحاديث الكثيرة التي رُويت عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام في أنّه لو لم يبقَ في الأرض إلاّ اثنان، لَكانَ أحدَهما الحجّة.(13)

وتشير هذه الأحاديث بأجمعها إلى ضرورة وجود إمامٍ في كلّ زمان يقتدي به الناس ويجعلونه حُجّة بينهم وبين ربّهم، وذلك (لئلاّ يكونَ للناسِ علَى الله حَجّة)(14)، و (لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عن بيّنةٍ ويَحيىَ مَن حَيَّ عن بيّنة)(15) و (قُل فللهِ الحجّة البالغة).(16)

4 ـ حديث (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)

روى علماء المسلمين عامة في آُمّهات كتب الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (مَن ماتَ ولم يَعرِف إمامَ زمانه، فقد ماتَ مِيتةً جاهليّة).(17) 

وورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة تتّفق في معنى واحد، وهو وجوب معرفة الإمام الحقّ على كلّ مسلم ومسلمة، وإلاّ فإنّ مصيره يُنذر بنهاية مهولة.

ولا ريب في أنّ الإمام الذي مَن لا يعرفه يموت مِيتةً جاهليّة هو الإمام الحقّ؛ لأنّ معرفة السلطان أو الحاكم أو المَلِك الفاسق الظالم ـ إذا فُرض كَونه مصداقاً للإمام في الحديث ـ ليس من الدِّين، فضلاً عن انتفاء الثمرة من معرفة مثل هذا الإمام مِن قِبل الفرد المسلم.

وفي الحديث دلالة على استمرار وجود الإمام الحقّ في كلّ زمان، وعدم خلوّ عصرٍ ما منه، وهذا لا يتمّ إلاّ بالقول بوجود الإمام المهدي عليه السلام الذي وردت الرواية أنّه حقّ وأنّه مِن وُلدِ فاطمة عليهم السلام، كما سيأتي.

5 ـ أحاديث (الخلفاء اثنا عشر)

روى علماء المسلمين ـ ومن جملتهم البخاري ومُسلم ـ عن رسول الله| أنّه بَشَّر أُمّته بالأئمّة الاثني عشر عليهم السلام، حيث رَوَوا أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزالُ الدِّين قائماً حتّى تقوم الساعة، أو يكون عليكم اثنا عشر خليفةً كلُّهم من قُريش)(18)، وفي حديث آخر ( يكون اثنا عشر أميراً كلُّهم من قُريش)(19) كما رووا أنّ ابن مسعود سئل: يا أبا عبدالرحمن، هل سألتُم رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كم يَملِك هذه الأُمّةَ مِن خليفة ؟ فقال: نعم، ولقد سألنا رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اثنا عشر كعِدّة نُقباء بني إسرائيل).(20)

وفي الحديث الأخير إشارة إلى قوله تعالى: (ولقد أخَذَ اللهُ ميثاقَ بني إسرائيلَ وبَعَثنا مِنهمُ اثنَي عَشَرَ نَقيباً)(21) ، حيث بيّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث أُخرى أنّ هذه الأمّة ستقتفي أثرَ الأمم السالفة ـ خاصّة بني إسرائيل ـ حتّى لو دخل أولئكم جُحرَ ضَبّ، لَدخَلَتْه هذه الأُمّة(22) وقد فطن العلماء إلى هذه السُّنّة الإلهيّة، فأورد بعضهم ـ كما فعل ابن كثير الدمشقي في تفسيره ـ أحاديث ( الأئمّة آثنا عشر كلّهم من قريش) في ذيل هذه الآية الكريمة، ثمّ عقّب على ذلك بقوله الظاهر أن منهم (من الخلفاء الاثني عشر) المهديّ المُبشَّر به في الأحاديث الواردة بذِكره)(23).

ومن الجليّ أنّ المصداق الوحيد للأئمّة ـ الخلفاء ـ الاثني عشر المبشَّر بهم هم أئمّة أهل البيت عليهم السلام، والمهديّ المنتظر عليه السلام منهم. كما أنّ من البديهيّ بمكان أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إنّما أراد الاستخلاف والإمرة باستحقاق(24)، وحاشاه أن يقصد بذلك مَن تلاعَبَ بالدِّين واستخفّ بمقدّرات الأمّة(25) يُضاف إلى ذلك أنّ هذه الأحاديث  تفترض عدم خلوّ الزمان من الاثني عشر إماماً، وأنّه لابدّ من وجود أحدهم ما بقي الدين إلى أن تقوم الساعة.

ولا يخفى أن حديث (الخلفاء اثنا عشر) قد سبق التسلسلَ التاريخيَّ للأئمّة عليهم السلام، فكان تعبيراً عن حقيقة ربّانية نطق بها مَن لا ينطق عن الهوى. وقد وردت أحاديث أخرى نقلها علماء المسلمين في النصّ على هؤلاء الخلفاء ـ الأئمّة ـ بأسمائهم، ابتداءً بأمير المؤمنين عليّ بن  أبي طالب عليه السلام وانتهاء بالمهديّ: محمّد بن الحسن العسكريّ عليهما السلام(26)، كما رووا عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، المهديّ منّا أئمّة الهُدى أم مِن غيرِنا ؟

قال: بل منّا، بنا يُختَم الدين كما بنا فُتِح.(27)

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ولادة الإمام المهدي (عج)
سيرة الإمام المهدي المنتظر(عجل الله فرجه)
نصوص في التوراة والإنجيل تبشر بظهور قائم آل محمد ...
الماسونیة فی آخر الزّمان
عالمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام
مناظرة الشيخ المفيد مع رجل من المعتزلة في علة ...
نصوص في التوراة والإنجيل تبشر بظهور قائم آل محمد ...
الامام المهدي عليه السلام المحطة الأخيرة في خط ...
المهدویة في الفكر الإسلامي(بصورة موجزة)

 
user comment