عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

استدلال الأئمة عليهم السلام :

استدلال الأئمة عليهم السلام :

 لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقاد بالرجعة ، فقد روي عن أبي بصير ، أنّه قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : « ينكر أهل العراق الرجعة ؟ » قلتُ : نعم ، قال : « أما يقرأون القرآن ( ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ »(70). وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بالاسناد عن حماد ، عن الصادق عليه السلام ، قال : « ما يقول الناس في هذه الآية ( ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ » . قلتُ : يقولون إنّها في القيامة

 قال عليه السلام : « ليس كما يقولون ، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله : ( وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً ) »(71).

 استدلال أعلام الشيعة :

 واستدل بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسريهم على صحة عودة الاَموات إلى الحياة قبل يوم القيامة ، قال الشيخ المفيد قدس سره : إنَّ الله تعالى يحيي قوماً من أُمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة ، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أخبر الله عزَّ وجل في ذكر الحشر الاَكبر يوم القيامة ( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً )(72) ، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة : ( ويومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن يُكذِّبُ بآياتِنَا ) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص(73).

وقال الشيخ الطبرسي قدس سره : استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الاِمامية ، بأن قال : أنّ دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض ، فدلّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم ، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه :

 ( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً ) . وقد تظاهرت الاَخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم عليه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته ، ولايشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه ، وقد فعل الله ذلك في الاُمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره ، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « سيكون في أُمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه ».

الأشكال العقلي في الرجعة

و بعضهم رام ابطال الرجعة بما زعمه من الدليل العقلي فقال ما حاصله إن الموت بحسب العناية الإلهية لا يطرأ على حىّ حتى يستكمل كمال الحياة و يخرج من القوة الى الفعل فى كل ماله من الكمال فرجوعه إلى الدنيا بعد موته رجوع الى القوة و هو بالفعل، هذا محال الا ان يخبر به مخبر صادق و هو الله سبحانه أو خليفة من خلفائه كما اخبر به فى قصص موسى و عيسى و إبراهيم(عليهم السلام) و غيرهم.
و لم يرو منه تعالى و لا منهم فى أمر الرجعة شىء و ما يتمسك به المثبتون غير تام، ثم أخذ في تضعيف الروايات فلم يدع منها صحيحة ولا سقيمة، هذا.
و لم يدر هذا المسكين أنّ دليله هذا لو تم دليلا عقلياً أبطل صدره ذيله، فما كان محالا ذاتياً لم يقبل استثنائاً و لم ينقلب باخبار المخبر الصادق ممكناً و أن المخبر بوقوع المحال لايكون صادقاً ولو فرض صدقه فى اخباره اوجب ذلك اضطراراً تأويل كلامه الى ما يكون ممكناً كما لو أخبر بأن الواحد ليس نصف الاثنين و ان كل صادق فهو بعينه كاذب.
و ما ذكره من امتناع عود ما خرج من القوه الى الفعل، الى القوه ثانياً، حق لكن الصغرى ممنوعة، فانه انما يلزم المحال المذكور فى احياء الموتى و رجوعهم الى الدنيا بعد الخروج عنها اذا كان ذلك بعد الموت الطبيعى الذى افترضوه و هو أن تفارق النفس البدن بعد خروجها من القوة الى الفعل خروجاً تاماً مفارقتها البدن بطباعها و اما الموت الاخترامي الذي يكون بقسر قاسر، كقتل او مرض فلا يستلزم الرجوع الى الدنيا بعده محذوراً فان من الجائز ان يستعد الانسان لكمال موجود فى زمان بعد زمان حياته الدنيوية الاولى، فيموت ثم يحيى لحيازة الكمال المعدّ له فى الزمان الثانى، او يستعد لكمال مشروط بتخلل حياة ما فى البرزخ فيعود الى الدنيا بعد استيفاء الشرط. فيجوز على احد الفرضين الرجعة الى الدنيا من غير محذور المحال...

الجواب عن مناقشة الروايات: و اما ما ناقشه فى كل واحد من الروايات ففيه: أن الروايات متواترةٌ معنى عن أئمة اهل البيت، حتى عدّ القول بالرجعة عند المخالفين من مختصات الشيعة و أئمتهم من لدن الصدر الاول. والتواتر لايبطل بقبول آحاد الروايات للخدشة والمناقشة، على أن عدة من الايات النازلة فيها، والروايات الوارده فيها تامة الدلالة قابلة للاعتماد.... و الروايات المثبة للرجعة و ان كانت مختلفة الاحاد الا أنها على كثرتها متحدة فى معنى واحد و هو أن سير النظام الدنيوي متوجه الى يوم تظهر فيه آيات الله كل الظهور، فلا يعصى فيه سبحانه و تعالى، بل يعبد عبادة خالصة لايشوبها هوى نفس و لا يعتريه اغواء الشيطان و يعود فيه بعض الاموات من اولياء الله تعالى و أعدائه الى الدنيا و يفصل الحق من الباطل.
و هذا يفيد أن يوم الرجعة من مراتب يوم القيامة و ان كان دونه فى الظهور لامكان الشر والفساد فيه فى الجملة دون يوم القيامة و لذلك ربما الحق به يوم ظهور المهدى(عليه السلام) ايضاً تمام الظهور و ان كان هو أيضاً دون الرجعة.
و قد ورد عن ائمة اهل البيت: أيام الله ثلاثة: يوم الظهور و يوم الكرة و يوم القيامة.
و فى بعضها: أيام الله ثلاثة يوم الموت و يوم الكرة و يوم القيامة و هذا المعنى أعنى الاتحاد بحسب الحقيقة و الاختلاف بحسب المراتب هو الموجب لما ورد من تفسيرهم(عليهم السلام). بعض الايات بالقيامة تارة و بالرجعة أخرى و بالظهور ثالثة و قد عرفت.... أن هذا اليوم ممكن فى نفسه بل واقع، ولا دليل مع المنكر يدل على نفيه»
(74).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في رحاب بقية الله: المهدوية عقيدة النجاة
المعالم الاقتصادية والعمرانية في حكومة الامام ...
تكاليف عصر الغيبة الكبری
المهدي والحسين عليه السلام الدور والتجلي
سيرة الإمام المهدي المنتظر(عجل الله فرجه)
أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
كيف يكون الإنتظار للإمام المهدي عليه السلام
المدخل إلى عقيدة الشيعه الإمامية في ولادة الإمام ...
لإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) في الإنجيل
انقطاع النیابة فی الغیبة الکبرى

 
user comment