عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

الحياة مع زوج شكاك.. جحيم لا يطاق!

سهام عليان
الشك والحب لا يجمعهما بيت واحد؛ فعندما يدخل الشك في قلب الحياة الزوجية سريعا ما يهرب الحب خارجها؛ فالحياة مع الشك لا تطاق، وخاصة إذا كان الزوج هو الطرف الشكاك؛ فالمشادات الكلامية والمعارك اليومية التي لا تنتهي هي ما تجنيه الأسرة التي نشأت فيها بذور الشك.
عن الشك وأسبابه وكيفية التغلب عليه نحاول البحث عن إجابات يمكن أن تساعد الزوجين على التخلص من أسباب ما يعكر صفوهما.
وعن هذا الموضوع الشائك تحدثنا الأستاذة الدكتورة "إنشراح الشال" -أستاذة الإعلام الاجتماعي بكلية الإعلام جامعة القاهرة- فتقول: إن شخصية المرأة وتصرفاتها تدفع زوجها إلى الشك فيها، ومن أمثلة هذه التصرفات أن تخرج من البيت في غير أوقات العمل بدون أن تخبره، أو أن تبالغ في التبرج ولبس ملابس غير مناسبة قد تثير الغيرة والشك في صدر زوجها. ومن العوامل أيضا التي توفر أرضا خصبة للغيرة والشك طبيعة عمل المرأة نفسه وعدد ساعات تواجدها خارج المنزل.
وتفرق أيضا الدكتورة "إنشراح الشال" بين الشك والغيرة؛ فالغيرة وجه من وجوه الحب وعلامة من علاماته وهي مطلوبة؛ لأنها تضفي على الحياة الزوجية طابعا محببا، وتُشعر المرأة بأن زوجها يحرص عليها ولا يحتمل أن يقاسمه أحد فيها حتى إن كان ذلك بمجرد النظر.
وتختلف درجة الغيرة من شخص لآخر حسب تربية وتركيبة الشخص النفسية والاجتماعية، ولكن عندما تتجاوز الغيرة حدودها الطبيعية تتحول إلى شك؛ وهو ما يولد التنافر والتباعد بين الطرفين، ويعصف بحياتهما إلى الأبد؛ فالشك من أخطر الأسباب التي تعجل بانهيار الحياة الزوجية.
مرض نفسي
وتضيف الدكتورة إنشراح الشال: إن الشك مرض نفسي خطير، والحياة مع زوج شكاك مغامرة لا تحمد عقباها؛ لأن بعض الرجال لا يستطيعون التحكم في شكوكهم التي تدفعهم أحيانا إلى ارتكاب الحماقات.. بل قد تؤدي إلى الطلاق.
وتؤكد أن طبيعة الزوجة ودرجة تحملها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية لا سيما إذا كان هناك أطفال من العوامل المهمة التي تؤثر في قرارها بشأن البقاء مع زوج شكاك أو الانفصال عنه، وشرحت ذلك قائلة: في كثير من الأحيان تضحي المرأة براحتها النفسية، وتمد حبال صبرها للرجل الشكاك من أجل أبنائها؛ فتراها تتحمل كل أنواع الضغوط النفسية والاجتماعية التي تتعرض لها على إثر ذلك بسبب هذا الهدف النبيل.
الوضوح والصراحة
وتنصح الدكتورة إنشراح الشال بالوضوح والصراحة والالتزام واستئذان الزوج قبل خروج الزوجة من المنزل؛ فهذا يعد من الحلول المثلى للتعامل مع هذه النوعية من الأزواج، وأيضا حسن المعاشرة والابتعاد عن كل ما يمكن أن يشعل نار الغيرة والشك لدى الزوج.
كما يجب على الزوجة ألا تعاند أو تعترض حين يطلب منها زوجها أن توضح له أي لَبس أو شبهة تحيط بمسألة ما؛ وذلك حتى يطمئن قلبه، ويطرد الشكوك التي تعمل بفكره.
اختناق العاطفة
ويؤكد الدكتور زكي عثمان -أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- على أن الشك بطبيعته يؤدي إلى قتل المودة واختناق العاطفة وتدمير الرحمة، والشك بطبيعته أيضا يكون بينه وبين الاستقرار عداوة، وبينه وبين الأمن الأسري حرب شرسة لا تنتهي، ويكون بينه وبين الطلاق علاقة وثيقة وصداقه قائمة ودائمة؛ فاحذر الشك، وبخاصة الشك المبني على أوهام وظنون وتكهنات واتهامات وتزييف للحقائق.
والشك لا يقيم للحياة الأسرية بيتا ولا مأوى؛ فعواصف الشك عواصف عاتية وشديدة، فيها عذاب أليم، ونار تحرق كل ما حولها من عواطف وقيم؛ فالزوج الشكاك مريض نفسيا وقلبيا.
والحل لهذه المشكلة الشائكة يتمثل في الآية الكريمة التي تقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات: 12).
الشخصية الارتيابية
ويقول الدكتور زكريا عبد الحكيم -استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر-: إن الشك قد يكون سمة من سمات الشخصية؛ فهناك نمط من الشخصيات يسمى بالشخصية الارتيابية، وهي شخصية تتميز بالشك وعدم الثقة بالآخر أو بالعالم ككل، وتزداد حدة الشك لدى هذه الشخصية عندما تتوافر الظروف لذلك؛ كأن يتزوج الرجل بامرأة جميلة أكثر انفتاحا منه، ذات شخصية انبساطية؛ فتتولد عنده الظنون، وقد لا يستطيع إخفاءها؛ وهو ما يؤدي إلى الكثير من المتاعب والمشكلات الزوجية، كما أنها تنعكس على علاقاته بالآخرين سلبا.
ويتابع الدكتور زكريا قائلا: وقد تتفاقم هذه الحالة بحيث تصبح مرضا يسمى الشك أو الغيرة المرضية، وقد تصل أعراض هذا المرض إلى حد غير مقبول؛ فلقد رأيت أزواجا مصابين بهذا الداء يعودون إلى البيت كل يوم من العمل لتبدأ عملية استجواب الزوجة، وأحيانا تصل الأمور إلى حد الاعتداء الجسدي، بدون أن يكون لدى الزوج أي دليل على خيانة زوجته إلا افتراءات هي محض خيال؛ فتراه يفتش في ملابسها أو في حقيبتها، وإذا وجد أي رقم تليفون أو عنوانا أو أي شيء غريب تثور ثائرته وقد يعمد إلى ضربها.
سلامة الزوجة
ويضيف الدكتور زكريا قائلا: الغريب أن هؤلاء الرجال الشكاكين لا يطلقون زوجاتهم، ولا يفكرون في ذلك؛ كأنما يستمتعون بهذا الشعور المرضى، وأحيانا يتم التطليق عن طريق المحكمة بعد تقرير من الطبيب النفسي حرصا على سلامة الزوجة خاصة في حالات الشك المرضية الشديدة.
وهنا تلعب شخصية الزوجة نفسها دورا مهما في إشعال غيرة الزوج الشديدة التي تتعدى حدود الغيرة وتصل إلى حدود الشك؛ فالمرأة ذات الشخصية الهستيرية التي تبالغ في إظهار محاسنها، وتستمتع إلى حد ما بنظرات الإعجاب التي تتلقاها من هنا وهناك، سواء أكانت سعت إلى ذلك بوعي أم بدون وعى.. تؤجج نار الغيرة والشك عند الزوج، خاصة إذا كان لديه استعداد نفسي لذلك، وسلوكيات الزوج الشكاك تتكون لديه تبعا لظروف تربيته والأحداث التي تمر به طوال حياته؛ فهي نابعة من التنشئة والبيئة المحيطة في المقام الأول.
وأيضا ترجع غيرة الزوج الشديدة إلى عدم ثقة الزوج بنفسه وإحساسه بالدونية تجاه المرأة التي ارتبط بها؛ حيث يسارع إلى الشك في أفعالها لشعوره بأنها يمكن أن تنجذب إلى من هو أكثر منه رجولة وجاذبية.
وينصح الدكتور زكريا الأزواج الذين يواجهون مثل هذه المشكلة بطلب المساعدة من الطبيب النفسي؛ لأن الشك يحطم الحياة الزوجية، ويمكن للزوجة أيضا أن تعيد ثقة الرجل بنفسه وإحساسه برجولته من خلال التعامل الطيب، وحرصها على أداء واجبها كاملا نحو الزوج، والابتعاد التام عن التصرفات التي قد تثير الشكوك والظنون في نفس الزوج.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

القرآن وتنظيم الأسرة
المسرح المدرسي
العقيدة و المرجعية
ماذا تفعل الزوجة فى مواجهة الزوج اللعوب؟
انعقاد مؤتمر تحت شعار"من سيرة الإمام علي (ع) ...
لاتلاحقي زوجك وتعاملي معه بنفسية الرجل
الأحكام الثابتة والمتغيّرة
حقوق الأبوين في القرآن الكريم والسنة النبوية
و الصحه الصوم
الفاكهـــة و فـــوائدهــــا

 
user comment