عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

السؤال : تروي بعض كتب التاريخ : إنّه حينما أراد الإمام الحسين (عليه السلام) دفن الإمام الحسن (عليه السلام) بجنب رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عائشة ، فوافقت على ذلك ، ولكن مروان بن الحكم وجماعته هم الذين منعوه بالقوّة .

موقف عائشة ومروان عند دفنه :

السؤال : تروي بعض كتب التاريخ : إنّه حينما أراد الإمام الحسين (عليه السلام) دفن الإمام الحسن (عليه السلام) بجنب رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عائشة ، فوافقت على ذلك ، ولكن مروان بن الحكم وجماعته هم الذين منعوه بالقوّة .

في حين قرأت لأحدهم على الإنترنت : إنّ عائشة أتت للقبر ، وقالت : لا يدفن مع زوجي من لا أُحبّ ، فما مدى صحّة ذلك ، وما هي المراجع ؟

الجواب : قد روى الشيخ الكليني (قدس سره) بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : " لما أحتضر الحسن بن علي (عليهما السلام) ، قال للحسين (عليه السلام) : يا أخي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمة (عليها السلام) ، ثمّ ردّني فادفنّي في البقيع، واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها ، وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت .

فلمّا قبض الحسن (عليه السلام) ، وضع على سريره ، وانطلقوا به إلى مصلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّي على الحسن (عليه السلام) ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فأدخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر .

وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي (عليهما السلام) ليدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ، فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ، فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على


الصفحة 163


رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجابه .

فقال لها الحسين بن علي (عليهما السلام) : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهداً ، واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاََ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ الإَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } (1) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير إذنه .

وقد قال الله عزّ وجلّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } (2) ، ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند إذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول .

وقال الله عزّ وجلّ : { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى } (3) ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن (عليه السلام) عند أبيه (صلوات الله عليه) جائزاً فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنّه سيدفن وإن رغم معطسك " .

قال : " ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة : يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ، فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم " .

____________

1- الأحزاب : 53 .

2- الحجرات : 2 .

3- الحجرات : 3 .


الصفحة 164


قال : " فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية ، هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك ؟

فقال لها الحسين (عليه السلام) : وأنّى تبعدين محمّداً من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص ابن عامر " .

قال : " فقالت عائشة للحسين (عليه السلام) : نحوا ابنكم واذهبوا به ، فإنّكم قوم خصمون " .

قال : " فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أُمّه ، ثمّ أخرجه فدفنه بالبقيع " (1) .

وروي أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال : " لمّا أن حضرت الحسن بن علي (عليهما السلام) الوفاة بكى بكاء شديداً وقال : إنّي أقدم على أمر عظيم ، وهول لم أقدم على مثله قط ، ثمّ أوصى أن يدفنوه بالبقيع .

فقال : يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهدي ، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فادفني ، فستعلم يا بن أُم أنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله ، فيجلبون في منعكم ، وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم .

فلمّا غسلّه وكفّنه الحسين (عليه السلام) ، وحمله على سريره ، وتوجّه إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً ، أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني أُمية ، فقال : أيدفن عثمان في أقصى المدينة ، ويدفن الحسن مع النبيّ ؟ لا يكون ذلك أبداً ، ولحقت عائشة على بغل ، وهي تقول : ما لي ولكم ؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحبّ .

فقال ابن عباس لمروان : انصرفوا ، لا نريد دفن صاحبنا عند رسول الله ،

____________

1- الكافي 1 / 300 .


الصفحة 165


فإنّه كان أعلم بحرمة قبر رسول الله من أن يطرق عليه هدما ، كما يطرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه ، انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّى .

ثمّ قال لعائشة : واسوأتاه يوماً على بغل ، ويوماً على جمل " ، وفي رواية : " يوماً تجمّلت ويوماً تبغّلت ، وإن عشت تفيّلت " .

فأخذه ابن الحجاج الشاعر البغدادي فقال :

 

يا بنت أبي بكر لا كان ولا كنت

لك التسع من الثمن وبالكلّ تملّكت

تجمّلت تبغّلت وإن عشت تفيّلت (1)

 

 

وروي عن زياد المخارقي قال : " لمّا حضرت الحسن (عليه السلام) الوفاة ، استدعى الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال : " يا أخي إنّي مفارقك ، ولاحق بربّي عزّ وجلّ ، وقد سقيت السمّ ، ورميت بكبدي في الطست ، وإنّي لعارف بمن سقاني السمّ ، ومن أين دهيت ، وأنا أخاصمه إلى الله تعالى ، فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء ، وانتظر ما يحدث الله عزّ ذكره فيّ ، فإذا قضيت نحبي فغمّضني ، وغسّلني وكفّني ، واحملني على سريري إلى قبر جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدّد به عهداً ، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد ((رضي الله عنها)) فادفني هناك .

وستعلم يا بن أُم ، أنّ القوم يظنّون أنّكم تريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلبون في منعكم عن ذلك ، وبالله أقسم عليك أن تهريق في أمري محجمة دم " .

ثمّ وصّى (عليه السلام) إليه بأهله وولده وتركاته ، وما كان وصّى به إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) حين استخلفه وأهله لمقامه ، ودلّ شيعته على استخلافه ، ونصّبه لهم علماً من بعده .

____________

1- الخرائج والجرائح 1 / 243 .


الصفحة 166


فلمّا مضى (عليه السلام) لسبيله ، غسّله الحسين (عليه السلام) وكفّنه ، وحمله على سريره ، ولم يشكّ مروان ومن معه من بني أُمية أنّهم سيدفنونه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فتجمّعوا له ولبسوا السلاح ، فلمّا توجّه به الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى قبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجدّد به عهداً أقبلوا إليهم في جمعهم ، ولحقتهم عائشة على بغل ، وهي تقول : ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحبّ ؟

وجعل مروان يقول : يا ربّ هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ ؟ لا يكون ذلك أبداً ، وأنا أحمل السيف .

وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أُمية ، فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت ، فإنّا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لكنّا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ، ثمّ نردّه إلى جدّته فاطمة (عليها السلام) ، فندفنه عندها بوصيته بذلك ، ولو كان أوصى بدفنه مع النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنّه (عليه السلام) كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره ، من أن يطرق عليه هدماً كما طرق ذلك غيره ، ودخل بيته بغير إذنه .

ثمّ أقبل على عائشة وقال لها : واسوأتاه ، يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ؟ تريدين أن تطفئي نور الله ؟ وتقاتلين أولياء الله ؟ ارجعي فقد كفيت الذي تخافين ، وبلغت ما تحبّين ، والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين .

وقال الحسين (عليه السلام) : " والله لولا عهد الحسن إليّ بحقن الدماء ، وأن لا أهريق في أمره محجمة دم ، لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها ، وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم ، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا " .

ومضوا بالحسن (عليه السلام) فدفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها وأسكنها جنّات النعيم " (1) .

____________

1- الإرشاد 2 / 17 .


الصفحة 167


ومثله في مناقب آل أبي طالب مع اختصار ، وزاد فيه : " ورموا بالنبال جنازته حتّى سل منها سبعون نبلاً " (1) .

( أبو محمّد . لبنان . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال: هل صحيح أنّ جميع الصحابة الذين مدحهم ...
السؤال : ما هو أوّل شيء خلقه الله تعالى ؟ هل هو ...
السؤال: ما الفرق بين الإمامية والإسماعيلية ؟ وهل ...
ماالمراد بالقواعد من النساء ؟
السؤال : ما معنى : " علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ...
السؤال : لماذا تمّ اختيار الإمام علي ابن أبي طالب ...
السؤال: كيف كلّم الله النبيّ (صلى الله عليه وآله) ...
ماذا كان الهدف من تأسيس حلف الفضول الذي انضم إليه ...
السؤال: إنّ أبا بكر لم يؤذن لحضور جنازة فاطمة ...
السؤال : ما هو عالم الذرّ ؟ وكيف يؤثّر هذا العالم ...

 
user comment