عربي
Friday 22nd of November 2024
0
نفر 0

معنى الانتظار-2

وقسم آخر هو الإسلام المتحجر، الذي يعتبر أفضل مثال له «الوهابية»، وهؤلاء هم المتحجّرون في فهم الإسلام، ترون أنه لا يمكن لمثل هذا الإسلام أن يعرّف إلى العالم أو أن ينقذ العالم، ولذلك تجد الوهابيين بالرغم من الإمكانات الواسعة الكبيرة التي تملكها المملكة العربية السعودية، وبالرغم من الانسجام الموجود في سياساتها مع أمريكا والغرب، وأعني بالانسجام هنا أنّه لا يوجد هناك صراع، وبالتالي أمريكا والغرب يفتحون أبوابهم لهذه الحركة الدينية(12)، وبالرغم من وجود عدد كبير جداً من المبلّغين منتشرين في مختلف أنحاء أوربا، ووجود إمكانات سياسية ودعم مستمر بشعارات يطرحونها لكن الآن بدأ هذا الإسلام يتراجع في أوربا وفي أمريكا الشمالية وفي أمريكا الجنوبية، وتتحول بالتدريج كثير من المساجد التي بناها الوهابيون من أجل أن تصبح مراكز لهم تتحول إلى إسلام أهل البيت سلام الله عليهم وتدافع عن هذا الإسلام وعن هذا المنظور.

شواهد كثيرة، أنا لا أريد أن أطيل الحديث الآن في الشواهد، فعندما أقول: استنتاج، ليس استنتاجاً يعبّر عن رغبة وميل، كلنا نرغب في أن الإمام المهدي عجل الله فرجه يكون هو المنقذ الفعلي لكن في هذه القضية توجد أرقام، «التفسير الطبيعي» لهذه الأرقام هو أن هذه الحركة _ حركة العدل _ هي حركة تكاملية منسجمة مع حركة الكون، ومع الحركة التكاملية للمجتمع الإنساني، ولا بد أن تصل إلى نهاياتها وتصل إلى تحقيق هذا الهدف الكبير.

وشيعة أهل البيت سلام الله عليهم إنما نموا وتمكنوا من هذه الأرض وسوف يتمكنون أكثر بعون الله وبإذن الله أيضاً بهذا السبب.

وعندنا شاهد واضح على هذه الحقيقة في العراق، ونجد أكثر الاخوة الآن من الحاضرين عراقيين وإن كان فيهم من اخواننا الأعزاء من الأنصار والمحبين والموالين والمعتقدين بالعراق كنجف، وكمركز، وكإمام علي (ع) باعتباره يمثل هدفاً كبيراً، لكن أكثر الاخوة يعرفون ماذا جرى في العراق من عمليات القمع، وعمليات المطاردة، حتى صار الأمر من الوقاحة عند النظام أن يرفع شعاراً «لا شيعة بعد اليوم»(13) ويبدأ بتنفيذ هذا الشعار، فيهدم المساجد والمؤسسات والمدارس والمكتبات، ويقوم بحملة واسعة لقتل العلماء، ويطارد المبلّغين والخطباء، وقبل قليل كنت أتحدث مع أحد الاخوة الأعزاء الحاضرين في هذا المجلس من الخطباء يقول: أنا لحد الآن أحصيت 130 خطيباً في العراق قتلوا واستشهدوا على يد هذا النظام في هذه الفترة الأخيرة.

ليس قليلاً هذا الرقم 130 خطيباً، نظام قمعي قام بعمليات واسعة من أجل أن يقمع هؤلاء الناس، وبالرغم من هذا القمع الآن تجد هذا التبدل العظيم الذي يحصل في العراق باتجاه الإسلام، حتى وصل الرقم في زيارة الإمام الحسين سلام الله عليه بين ستة إلى ثمانية ملايين زائر كانوا موجودين في كربلاء في زيارة الأربعين.(14)

طبعاً النظام حاول أن يمنع الناس من هذه الزيارة أيضاً، ولكن كربلاء غصّت بهؤلاء الزوار فهي لا تستوعب ثمانية ملايين، بعض الأشخاص من الزائرين كان يقول: سابقاً كان الازدحام الذي لا يطاق في داخل الحرم، أمّا عندما ذهبت في زيارة الأربعين فإنّ كربلاء كلها كانت حرماً في ذلك الوقت بسبب الزحام والإقبال على زيارة الإمام الحسين (ع).

وهذا الشيء في الواقع يعبّر عن هذه الحقيقة.

ونحن أيها الاخوة لا بدّ لنا من الالتفات إلى أمور:

الأوّل: أن يكون إيماننا بالإمام المهدي عجل الله فرجه إيماناً عميقاً.

والثاني: أن نعرف أن عنوان الإمام المهدي عجل الله فرجه هو قضية العدل، وهذا العدل قضية أوصي نفسي بها وأوصي بها كل إخواني الأعزاء، فالعدل يدخل في كل التفاصيل، فالإمام (ع) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

يجب أن ننتبه إلى سلوكنا، إلى حركاتنا، إلى كلماتنا، إلى عواطفنا ومشاعرنا ومواقفنا، ويجب أن نعرضها على الله سبحانه وتعالى وعلى الحكم الشرعي، من أجل أن نعرف العدل فيها، وإلاّ قد تكون كلمة أو سلوك أو عمل، يكون متسماً بالظلم، والإنسان في غفلة عنه.

طبعاً الله سبحانه وتعالى هو أرحم الراحمين، وهو غفور رحيم، وهذه الليلة المباركة ليلة دعاء _ كما ذكرت _ وإنابة وتوبة إلى الله سبحانه وتعالى ليغفر الذنوب )رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ( نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا.

يجب أن نأخذ قضية العدل مأخذاً جدّياً في حركتنا.

والثالث: أن نكون من المنتظرين حقاً لتحقق هذه الدولة الشريفة، والمساهمين في تحققها ولو بخطوة أو خطوتين في هذه المسيرة، حتى نكتب في جنود الإمام المهدي عجل الله فرجه.

نحن الآن نتمنى رضاه..نتمنى أن نكون في موضع الرضى من الله سبحانه وتعالى، ثم في موضع الرضى منه، ولكن لا شك أنه عندما يسجّلنا في دفاتره بأننا جنود له فإنّ هذا أعظم شرف، وأعظم رضى منه صلوات الله وسلامه عليه.

أنا بعض الأحيان أذهب إلى مناطق المخيمات وتجمعات العراقيين فيأتون ويلحّون عليّ ويقدّمون العرائض، يطلبون التطوع في فيلق بدر، بعضهم يقول: ولو سجّل اسمنا، يعني أنّه عنده حب أن يسجّل في قوائم المجاهدين، في قوائم الشهداء، في قوائم المؤمنين، في قوائم الصالحين، فكيف إذا كان التسجيل في قائمة الإمام المهدي عجل الله فرجه..واقعاً نحن نعتقد بأنه إمام عصرنا إمامنا يرعى مسيرتنا، فكيف يمكن أن يسجّلنا من جنوده ما لم يكن لنا عمل أو فعل يصب في خدمة أهدافه، ويصب في خدمة هذه المسيرة؟!

نسأل الله تعالى أن نكون من هؤلاء الجنود.. أن نكون من هؤلاء المؤمنين المرتبطين بهذه المسيرة..أسأل الله لكم ذلك من صميم القلب.

اللهم صلّ على محمد وآل محمد واجعل اخواني المؤمنين نصيبهم من هذه الدنيا أن يكونوا جنوداً للإمام المهدي عجل الله فرجه.

اللهم صلّ على محمد وآل محمد واغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.

اللهم تغمّد شهداءنا الماضين برحمتك الواسعة.

اللهم تغمد علماءنا و مراجعنا برحمتك الواسعة.

اللهم تغمّد سلفنا الصالح برحمتك الواسعة.

اللهم نسألك أن تمنّ علينا بالإجابة في هذه الليلة الشريفة..توفقنا للعمل الصالح..توفقنا للدعاء، للإقبال عليك، للتوسل بك، ثم نسألك يا ربنا أن تستجيب دعانا وأن تبلغنا منانا.

اللهم انتقم من الطاغية صدام انتقاماً عاجلاً سريعاً، اللهم خذه أخذ عزيزٍ مقتدر.

اللهم اثأر لشهدائنا إنك أنت القوي، أنت العزيز، أنت القادر، أنت العالم بأمورنا، أنت الرحمن الرحيم الرؤوف.

اللهم إنّا نسألك بكل أسمائك الحسنى أن تنتقم من هذا الطاغية، وأن تفرّج عنّا وعن اخواننا المؤمنين.

اللهم فرّج عن اخواننا في العراق.

اللهم احفظ اخواني الحاضرين..اللهم بلّغهم مناهم.

اللهم تغمّد إمام الأمة برحمتك(15)، احفظ هذه الدولة الشريفة، احفظ ولي أمر المسلمين، احفظ علماءنا ومراجعنا واحرسهم بحراستك.

وإلى أرواح الشهداء وسلفنا الصالح خصوصاً الشهيد الصدر وإمام الأمة، رحم الله من قرأ الفاتحة قبلها الصلاة على محمد وآل محمد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهوامش:                                                                   


(1) النور (24): 55.

(2) تهذيب الأحكام: 3 /185 الحديث 419، وسائل الشيعة: 8/ 106 الحديث 1182.

(3) الأنبياء (21): 105.

(4) عيون أخبار الرضا (ع): 1/ 218، إكمال الدين وإتمام النعمة: 66.

(5) المائدة (5):3.

(6) نهج البلاغة: 2/ 54، الكافي: 1/ 61 الحديث 7.

(7) المقصود هو حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران.

(8) الاحتجاج:2/252، الخرائج والجرائح: 3 /91.

(9) النور (24): 55.

(10) النور (24): 55.

(11) الرحمن (55): 7 _ 9.

(12) كان ذلك حينما كان لأمريكا اليد الطولى في تأسيس حركة الطالبان في أفغانستان، وهي أول من اعترف بحركة الطالبان كدولة رسمية مع عدم اعتراف الأمم المتحدة بها.

(13) كان ذلك في انتفاضة 15 شعبان المباركة حينما أطاح الشعب العراقي بنظام البعث في 14 محافظة، ولكن وبعد اتفاقات بين أمريكا والنظام البعثي حيث أذنوا له في إجهاض الانتفاضة المباركة فقتل من الشعب أكثر من نصف مليون بحسب الإحصائيات الرسمية.

(14) وذلك عام (1998م).

(15) أي الإمام روح الله الموسوي الخميني قدس سرّه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

علماء أهل السنّة الذين ذكروا غيبة الإمام المهدي ...
المهدية بنظرة جديدة
مشاهدة الإمام الغائب عليه السلام عند شهادة والده ...
الشيعة بين الجَبر و الاختيار
نصوص في التوراة والإنجيل تبشّر بظهور قائم آل ...
مَن هو الإمام المهدی علیه السّلام ؟
المهدي من وُلد الحسين عليه السلام
تاجر فاز بلقاء إمام العصر (عليه السلام) بعدما ضل ...
القاب المهدي (عليه‌السلام)
الملامح الشخصية للامام المهدي عليه السلام

 
user comment