مدّة إمامته :
السؤال : إمامة أيّ من الأئمّة (عليهم السلام) كانت أقصر من الآخرين ؟ رجاءً مع ذكر
____________
1- الفصول المهمّة : 290 .
2- بحار الأنوار 50 / 335 .
|
الصفحة 267 |
|
سنين إمامته .
الجواب : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكريّ (عليهما السلام) ، فقد ولد (عليه السلام) في سنة 232 هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة 254 هـ ، واستشهد في سنة 260 هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومين (عليهم السلام) .
منع من الحج :
السؤال : نسمع أحياناً أنّ الإمام العسكريّ (عليه السلام) لم يحجّ ، فهل هذا صحيح ؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه ؟
الجواب : نعم ، بحسب النصوص الروائية والتاريخية فإنّ الإمام العسكريّ (عليه السلام) لم تتح له فرصة الذهاب إلى الحجّ ، وبهذا هو الإمام الوحيد الذي منع من أداء مناسك الحجّ والعمرة ، ولتوضيح المسألة يلاحظ :
أوّلاً : إنّ الإمام العسكريّ (عليه السلام) خرج من المدينة نحو العراق في سنة 236 هـ ، مع والده الإمام الهادي (عليه السلام) ؛ وبما أنّ ولادته (عليه السلام) كانت في سنة 232 هـ ، فهذا يعني أنّه (عليه السلام) كان له من العمر أربع سنوات حينما اصطحبه والده في سفره إلى سامراء .
ثانياً : كما نعرف أنّ المجيء إلى سامراء كان بصورة جبرية من قبل الخليفة العباسيّ ـ المتوكّل ـ ، فمن الطبيعي أن تكون الإقامة أيضاً جبرية ، وهذا يعني عدم الخيار في الخروج منها حتّى لسفر الحجّ .
فبقي هو مع أبيه (عليهما السلام) تحت الرقابة الشديدة إلى زمان استشهادهما (عليهما السلام) .
ثالثاً : كلّ ما ذكرناه هنا فهو على ضوء الأدلّة الظاهرية ، وعليه فلا ننفي إمكانية خروج الإمام (عليه السلام) عن البلد ، ومحلّ الإقامة الجبرية بصور الإعجاز وخرق العادة ، إذ هذا أمر طبيعيّ بالنسبة لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .
ولكن على مستوى الوضع الظاهريّ كان (عليه السلام) قد فرض عليه الإقامة الجبرية في سامراء من أيّام الطفولة حتّى يوم استشهاده ، فلم يمكن التخلّص من
|
الصفحة 268 |
|
الوضع الراهن والذهاب إلى الحجّ .
( ... . ... . ... )
السؤال : ما هي الحكمة من وراء إمامة الإمام العسكريّ (عليه السلام) ؟ وعدم حصولها لبقية أخوته مثل سيّد محمّد ، أو جعفر أو غيرهما ، مع أنّهما كانا أكبر من الإمام العسكريّ (عليه السلام) من ناحية العمر ؟
الجواب : نلفت انتباهكم في الجواب إلى نقطتين :
الأُولى : إنّ الإمامة بحسب اعتقادنا ـ نحن الشيعة ـ أمر إلهي ، ولا تخضع لقوانين الوراثة ، أو أيّ موضوع آخر ، فيجب فيها اتّباع النصّ ، وعدم الاعتماد على الظنون والتخرّصات ، وقد وردت عدّة نصوص عامّة وخاصّة دالّة على إمامة الإمام العسكريّ (عليه السلام) .
الثانية : وعلى فرض التنزّل والتسليم يمكننا البحث في الموردين المذكورين في السؤال .
ومجمل القول هو : إنّ السيّد محمّد قد توفّي في حياة والده الإمام الهادي (عليه السلام)، وبهذا قد انتفى افتراضه كإمام ، أي إنّ إمامته انتفت بانتفاء موضوعه .
ولا يخفى أنّ لهذا السيّد شأناً كبيراً ، ومقاماً عالياً عند أهل البيت (عليهم السلام) ، وعند الشيعة ، ولكنّ الله تعالى شاء وقدّر ما كان وما يكون .
وأمّا جعفر ، وهو الملقّب بالكذّاب عند الشيعة ، فقد اشتهر عند الناس بالفسق والفجور ، فلم يكن فيه احتمال تصدّي مقام الإمامة حتّى على مستوى الفرض ؛ وهو أيضاً لم يدّع هذا المنصب في حياة أخيه الإمام العسكريّ (عليه السلام) ، بل مال إليه بعد استشهاده (عليه السلام)، ولكن لم يقبل منه القريب والبعيد هذا الادّعاء؛ وأمره إلى الله تعالى .
|
الصفحة 269 |
|
( أحمد . الكويت . 20 سنة . طالب )
قول أبيه له أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً :
السؤال : بعد السؤال عن صحّتكم ، في الحقيقة لقد أرسلت رسالة بموضوع قدرة الله تعالى ، ونرجو منكم الردّ ، وهذا عهدنا بكم ، عندي موضوع آخر يتعلّق حول الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) ، وبالأخص قضية أنّ أخيه محمّد ، وأنّه هو الوصيّ بعد أبيه الهادي (عليه السلام) .
وقد قرأت حول هذا الموضوع بعض الردود ، مثل ردّ السيّد سامي البدريّ في كتاب شبهات وردود وغيرها ، وفي قسم الإجابات والأسئلة في هذا المركز ، في موضوع البداء ، إلاّ أنّه يتبادر عدّة نقاط يجب طرحها وملاحظاتها :
1ـ ما المقصود من قول الإمام الهادي لولده الإمام العسكريّ (عليهما السلام) : " يا بني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً " ؟
وما المقصود من عبارة : وعلمنا أنّه أشار بالإمامة ، وأقامه مقامه ؟ كما ورد في هذه الرواية : " عن جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسن الأفطس، أنّهم حضروا ـ يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد ـ باب أبي الحسن يعزّونه ، وقد بسط له في صحن داره ، والنساء جلوس حوله ، فقالوا : قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً ، سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب ، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسن (عليه السلام) بعد ساعة ، فقال : " يا بني أحدث لله عزّ وجلّ شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً " ، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع ، وقال : " الحمد لله ربّ العالمين ، وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون " .
فسألنا عنه ، فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة ، وأقامه مقامه " (1) .
2ـ ما معنى قول الإمام الهادي لابنه العسكريّ (عليهما السلام) : " إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله ... " ؟
____________
1- الكافي 1 / 326 .
|
الصفحة 270 |
|
كما ورد في هذه الرواية : عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه ، وأبو محمّد (عليه السلام) جالس ، فبكى أبو محمّد (عليه السلام) ، فأقبل عليه أبو الحسن (عليه السلام) فقال له : " إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله " (1) .
3ـ هل يوجد نصّ من الإمام الهادي (عليه السلام) على ولده محمّد على أنّه هو الإمام ؟ وهل حصل تواتر في الروايات على ذلك ؟ ولماذا لم يتداول نصّ الإمام الجواد على العسكريّ (عليهما السلام) بين الشيعة ؟
الجواب : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : المعنى أنّ الله تعالى حين قبض محمّداً إليه ، وقد كان بعض الشيعة يظنّون أنّه الإمام بعد أبيه ، فلمّا أماته الله أظهر للناس إمامة العسكريّ ، ورفع الوهم عند ذوي الفهم منهم ، وهذه نعمة بالغة تستوجب مزيد الشكر على هدايتهم إلى الحقّ .
والمقصود بالعبارة : إنّ الإمام الهادي (عليه السلام) أشار إلى ابنه الحسن العسكريّ (عليه السلام) بالإمامة ، وأقامه مقامه ، أي مقام نفسه من بعده ، فالضمير عائد إلى الإمام الهادي في مقامه ، لا إلى ابنه محمّد .
وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : معنى قول الإمام الهادي (عليه السلام) لابنه العسكريّ ـ إن صحّت الرواية ، ولا تصحّ لجهالة محمّد بن يحيى بن درياب الراوي ـ فإن المعنى هو المعنى في الجواب الأوّل .
وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : لم يوجد أيّ نصّ من الإمام الهادي (عليه السلام) على ولده محمّد .
ولم يصحّ خبر واحد ـ فضلاً عن التواتر ـ في ذلك . وتوجد نصوص على إمامة العسكريّ ولو لم يكن تداول بين أهل المعرفة لما وصل إلينا الخبر بذلك .
وفّقنا الله وإيّاكم إلى بلوغ الحقّ ، والصراط المستقيم .
____________
1- المصدر السابق 1 / 327 .
|
الصفحة 271 |
|
( تسنيم الحبيب . الكويت . 19 سنة . طالبة جامعة )
السؤال : لدي سؤال يتعلّق بالسيّدة المبجّلة والدة الإمام الحجّة (عليه السلام) ـ جعلنا وإيّاكم من أنصاره ـ : قرأت في بحار الأنوار عن غيبة الشيخ الطوسيّ : " أنّها (عليها السلام) كانت تحلم بالإمام العسكريّ (عليه السلام) ، ويأتي بالحلم لها ليحدّثها ويجالسها " (1) .
فهل هذا ممكن وجائز ؟ وهل كانت هي حليلة له ؟ أم أنّ هناك مسوّغاً شرعياً آخر ؟ وجزاكم الله خير الجزاء ، ودمتم موفّقين .
الجواب : رؤية نرجس (عليها السلام) ، أو أي امرأة أُخرى إلى رجل غريب في الحلم لا يحتاج إلى مسوّغ شرعي ، وهكذا رؤية الإمام العسكريّ (عليه السلام) ، أو أي رجل آخر إلى امرأة غريبة في الحلم .
ثمّ بعد التسليم بصحّة سند الرواية ، ففي بدايتها تصريح بحصول عقد النكاح من خلال النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وشمعون وصيّ عيسى (عليهما السلام) .
1- بحار الأنوار 51 / 6 .
|
الصفحة 272 |
|
الإمام المهديّ (عليه السلام) :
( مجيد علي . البحرين . ... )
السؤال : كيف نثبت وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) بالفطرة ؟
الجواب : إنّ العقل والفطرة يحكمان بعدل الله تعالى ، ومن عدله تعالى بعثة الأنبياء والرسل ، وألا يترك الأُمّة سدى ، وهكذا كان ، ففي كلّ وقت وزمان ـ من زمن آدم (عليه السلام) ـ كان نبيّ أو وصيّ نبيّ .
وعند البحث والتحقيق نشاهد أنّ لجميع الأنبياء وصيّ أو أوصياء ، ولمّا كانت نبوّة نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) خاتمة النبوّات ، فوجود الوصي يكون ضرورياً .
وذهبت الشيعة إلى أن له (صلى الله عليه وآله) وصيّ ، وهو أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ومن بعده أحد عشر إماماً (عليهم السلام) أوصياء له (صلى الله عليه وآله) .
ونفس الدليل الذي أوجب عدل الله تعالى ، ومن ثمّ استلزام العدل أن لا يترك الأُمّة سدى بلا نبيّ أو وصيّ ، يأتي هذا الدليل في زماننا هذا ، فهل ترك الله تعالى بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) الأُمّة بلا وصيّ ؟!
الدليل العقليّ والفطري يحكمان بوجوب تعيين وصيّ وإمام من قبله تعالى لهذه الأُمّة ، وهو وإن كان غائباً ، إلاّ أنّ البشرية تستفيد منه ، كما يستفيد الناس من الشمس إذ غيّبها السحاب .
|
الصفحة 273 |
|
( غانم النصار . الكويت . ... )