فلقة القمر
هو القاسم بن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أمه يقال لها رملة. وقال الرواة أنه غلام لم يبلغ الحلم وذكروا أن الإمام الحسين (ع) نظر إليه عندما خرج للمبارزة، اعتنقه وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما، ثم استأذن عمه في المبارزة فأبى أن يأذن له فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه حتى أذن له. فخرج ودموعه تسيل على خديه وهو يرتجز ويقول:
إن تنكروني فأنا نجل الحسن سبط النبي المصطفى والمؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن بين أناس لاصقوا صوب ألمزن
فمشى يضرب بسيفه فانقطع شسع أحدى نعليه، فوقف ليشدها فقال عمرو بن سعد بن نفيل الازدي والله لأشدّن عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف ففلقه فوقع الغلام على الأرض ونادى: يا عماه! فانقض عليه الحسين (ع) كالصقر وتخلل الصفوف وشد شدة ليث أغضب فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر ثم تنحى عنه الحسين (ع) فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه فاستقبلته بصدورها ووطئته بحوافرها، فمات.
وانجلت الغبرة فإذا بالحسين (ع) قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين (ع) يقول: بعداً لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك، جدك وأبوك. ثم قال (ع) عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك صوت والله كثر واتره وقلّ ناصره.
ثم حمله ووضع صدره على صدره ويقول الراوي: وكأني أنــظر إلى رجلي الغلام تخطان الأرض. فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي والقتلى من أهل بيته. ثم رفع طرفه إلى السماء وقال (ع): اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً وصاح الحسين (ع) في تلك الحال: صبراً يا بني عمومتي. صبراً يا أهل بيتي، فوالله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.
يشار إلى أن موقف القاسم بن الحسن (ع) هذا كان استجابة لنداء الاستغاثة الذي وجهه عمه الإمام الحسين (ع) بعد قلة ناصريه وحفظاً لوصية أبيه الإمام الحسن بن علي (ع) في نصرة عمه الإمام الحسين (ع).