بسم الله الرحمن الرحيم
مقدَّمة
الحمد لله الذي يؤمن الخائفين ، وينجِّي الصالحين ، ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين ، والصلاة والسلام على سيِّد الأنبياء والمرسلين محمَّد وآله الطيبين الطاهرين .
مسؤولية الأنبياء
إنّ الله سبحانه وتعالى بعث الأنبياء ، وأرسل الرسل من أجل أن يبلِّغوا رسالاته ؛ فيتمُّوا الحجَّة على الناس [ قال تعالى : ] ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ِلئلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )(1) . ولا فرق بين كافة الأنبياء في أداء هذه المهمَّة بأحسن الوجوه ؛ سواءً كان النبي نوح (عليه السلام) ، أو سليمان (عليه السلام) ، أو النبيّ محمد (صلّى الله عليه وآله) فكلّ منهم قد أدّى رسالات [ رسالة ] ربِّه ، وأوصل ما عليه من المسؤولية إلى منزلها من غير أن يفرِّط فيما حمِّل على عاتقه ، ولم يطلب الأجر من الناس [ قال تعالى : ] ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ )(2) ، اللّهمّ إلاّ ما طلبه الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) الذي يعدُّ بشارة للناس لا عبأً عليهم [ قال تعالى : ] ( ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ )(3) ؛ لأنَّ منافع هذا الأجر ترجع إلى المؤمنين أنفسهم [ قال تعالى : ] ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )(4) .
وبغضّ النظر عن البعد الإلهي وأداء المسؤولية ، فإنّنا لو نظرنا إلى الجانب العملي لرسالة الأنبياء فالأمر يختلف بين نبي وآخر .
فمنهم مَنْ لم يؤمن به إلاّ القليل ، فلم يتمكن من تغيير واقع الأمّة بنحو شامل وكلي ، كنوح (عليه السلام) حيث وصل أمره إلى مستوى بحيث [ قال تعالى : ] ( أُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )(5) ؛ ولذلك دعا على المعاندين والكافرين منهم جميعاً [ قال تعالى : ] ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا )(6) .
ومنهم مَنْ تمكّن من تشكيل حكومة على أساس التوحيد ، كسليمان (عليه السلام) [ قال تعالى : ] ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي ِلأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ )(7) .
وقد استجاب الله دعوته حيث قال : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ )(8) .
الانقلاب على الأعقاب
لاشك في أنّ الخطّ العملي الذي رسمه خاتم النبيين ، الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وضحَّى في سبيله بكلّ غالٍ وثمين لم يستمرّ بعد ارتحاله بالشكل الكامل ؛ وذلك لا لتقصيره في تبليغ الشريعة ، كيف وهو الذي خاطبه الله سبحانه [ بقوله : ] ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا )(9) . ولكن لانتكاس الأمّة ، وسوء تصرُّف الولاة ، وقد أخبر القرآن الكريم بذلك حيث قال : ( ... أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ )(10) ، فانحرفت المسيرة عن صراطها المستقيم ، فاستُبدل الإسلام المحمّدي الأصيل ، الذي كان بصدد إيصال الناس إلى السعادة الأبدية ، بإسلام مُزيَّف أرجع الأمّة القهقرى ، وورّطها في متاهات لا خلاص منها ، فوصلت إلى ما هي عليه الآن ، لا خيار لها إلاّ الرضوخ للظالمين المستكبرين ، والائتمار بأوامرهم الشيطانيّة .
اللّهمّ إلاّ القليل الذين وفوا بعهد الله ، وتمسكُّوا بحبله ، رغم الصعوبات القاصمة للظهر ، والشدائد النافدة للصبر ، فالتزموا طريق الحقّ والصبر وتواصوا بهما ، فهم المؤمنون حقّاً غير الخاسرين صدقاً ، اقتدوا بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً .
ولكن ، هل ستبقى الأرض هكذا إلى الأبد ؟
كيف وقد وعد الله عباده المستضعفين ، حيث قال : ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ )(11) ، [ وقال تعالى : ] ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )(12) .
فهناك مَنْ يخلِّص الناس من الاستضعاف ، وبه يملأ الله الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ، ولكلٍّ من الأئمة (عليهم السلام) دور خاصّ في التمهيد لذلك المصلح العالمي .
هذا وحيث إنَّ قيام دولة المهدي (روحي لتراب مقدمه الفداء) يتطلَّب أموراً كثيرةً من ناحية إعلامية ، ومن ناحية عملية ؛ فلذلك نشاهد إنَّ أدوار أئمتنا كانت مختلفة ، فكلٌ كان يهيئ الأرضية من جانبٍ خاصّ .
وهذا لا يعني أنَّ الزمان والمكان والظرف لم يكن لها أيّ دور في تلك المواقف ، بل كان لها دورٌ ، ولكنَّه هامشي ، لا يغيِّر في الاستراتيجية ، بل له تأثير في الخطَّة والتكتيك .
فالإمام الرضا (عليه السلام) بهجرته التأريـخية المؤلمة ، وتحمُّله الصعوبات ، والضغوط الروحية والجسمية تمكَّن من إيجاد المدرسة الخراسانيَّة ، التِّي لها الأثر الكبير في تعزيز جيش الإمام المهدي (عليه السلام) ، وكان بصدد خلق أرضيَّة عملية لتلك الدولة المباركة التِّي تحدَّث عنها وهو في نيسابور ، عندما التقى به دعبل الخزاعي ، وأنشد قصيدته التائية ، إلى أن قال :
خـروجُ إمامٍ لا محالة خارج يـقومُ على اسم اللهِ
يـميّزُ فـينا كلّ حقّ وباطل ويجزى على النعماء والنقمات والبركات
فبكى الإمام (عليه السلام) بكاءً شديداً ، ثمّ رفع رأسه ، وقال : (( يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدرى مَنْ هذا الإمام ومتى يقوم ؟)) . فقلت : لا يا مولاي ، إلاّ إنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ، ويملأها عدلاً .
وهكذا سائر أئمتنا (عليهم السلام) ، لكلٍّ منهم موقف ينصبُّ في الغاية القصوى ، التِّي من أجلها بُعِث الرُسل وشرِّع الدين . الغاية التي لا تكتمل إلاّ بظهور الإمام الثاني عشر . المهدي المنتظر (عجَّل الله تعالى فرجه) .
وأمّا الإمام الحسين (عليه السلام) فتميَّز في أنّه كان بصدد إيجاد روحيّة الجهاد ، وتطهير الأرض من كلّ عوامل الضلال والانحراف ، والظلم والفساد ، التي تتلخّص في مفهوم أخلاقي مقدَّس ، وهو ( أخذ ثأر الله تعالى ) الذي هو الشعار الحقيقي لمهدي الأمّة (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) .
وهذا الجانب الروحي له دور رئيس في قيامه ، وفي انتصاره العظيم على جيش السفياني ، الذي يمثِّل خطّ الضلال والباطل طوال التأريخ الإسلامي .
ولكن أبى الله أن يجري الأمور إلاّ بأسبابها ، فكان للأمّة دور فعّال في تثبيت ، ونشر ثورة سيّد الشهداء (عليه آلاف التحيَّة والثناء) ، وذلك من خلال إحياء ذكرى عاشوراء ، والبكاء واللطم ، والمشاركة في أكبر التظاهرات والمواكب الحسينيَّة .
غير أنّ للثورة الإسلامية التي قام بها الإمام روح الله الموسوي الخميني (قدَّس الله نفسه الزكية) دوراً أكبر ، وتأثيراً أعظم في تعزيز فكر عاشوراء ، وبلورة خطّ سيّد الشهداء ، ونقله من مستوى النظرية إلى مستوى الواقع ، من خلال مقارعة الظالمين بالسيف ، والتضحية بالدم ، حيث سقط على الأرض آلاف الشهداء ، كلُّهم ينادون : السلام عليك يا أبا عبدالله .
هذا الكتاب ألّف من أجل تبيين الغاية من الثورة الحسينية المباركة ، وعلاقة هذه الثورة بنهضة الإمام المهدي من ولد الحسين (عليه السلام) ، وأيضاً دور الإمام الراحل في تعزيز وتوطيد الخطّ الحسيني ، وربطه بالخطّ المهدوي .
أدعوا الله سبحانه أن يتقبَّله منّي ، فلا أريد إلاّ رضاه ، ورضى مَنْ رضاهم رضاه ، أهل بيت العصمة والطهارة ، محمَّد وآله الطيبين الطاهرين (روحي وأرواح مَنْ سواهم فداهم) .
والحمد لله ربِّ العالمين .
بسم الله الرحمن الرحيم
العلاقة الوثيقة بين الثورة الحسينية والثورة المهدوية ، ودور الإمام الخميني (قدس سرُّه) في توطيد هذه العلاقة
أداء التكليـف
عندما نتأمّل في النهضة الإسلامية المباركة ، التّي حققها سيّد الشهداء ، وأبو الأحرار ، الإمام الحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) ، نستنتج أنّه (عليه السلام) لم يكن يلحظ من وراء ثورة عاشوراء إلاّ العمل بالتكليف الإلهي ، الذي ينحصر في شئ واحد وهو رضى الله تعالى ، وهو من أرقى الكمالات الإنسانية التي لا يصل إلى قمّتها إلاّ المطهّرون عن الرجس بنحو مطلق ، والمهاجرون إلى الله تعالى ، الذين يخطون خطاهم ، ويستضيئون بنورهم .
وبما إنّ الله سبحانه هو غاية الجمال ، فالسالك إليه يرى كلّ شيء فيه رضاه تعالى جميلاً ؛ ولذلك عندما واجه الطاغية عبيد الله بن زياد عقيلةَ بني هاشم في مجلسه وقال لها : كيف رأيتِ صنع الله بأخيك وأهل بيتك ؟
قالت : ما رأيت إلاّ جميلاً .
ولذا اكتسبت حادثة عاشوراء قدسيّةً منقطعةَ النظير ، وهذا شأن كلّ عملٍ إلهي يكون خالصاً لوجهه تعالى .
قال الإمام الخميني (قدِّس سرُّه) : ( نحن كلُّنا مأمورون بأداء التكليف والوظيفة ، ولسنا مأمورين بالنتيجة ) .
وفي بيان السرّ في أنَّ ضربة عليٍّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ، قال (قدِّس سرُّه) : ( إنَّ قيمة الأعمال ترجع إلى العشق والحبّ للحقّ تعالى ، وترجع إلى هذا الفناء والتوحيد المتواجد في الإنسان ، وهذا الأمر هو الذي أعطى الأهميَّة لهذه الضربة ، حيث صارت أفضل من عبادة الثقلين .
ولو فُرض أنَّ شخصاً آخر كان قد ضرب هذه الضربة دفاعاً عن الإسلام ، ولكن ليس من منطلق العشق ، وبالفعل أدَّت تلك الضربة إلى حفظ الإسلام وانتشاره ، ولكن مبدأها لم يكن عِشقيّاً ، بالتأكيد لم تكن تلك الضربة أفضل من عبادة الثقلين ، فليست القيمة المعنوية لرفع اليد وقتل الكافر ، بل القيمة المعنوية للنيَّة والعشق بالله سبحانه ) .
ومن هذا المنطلق العقائدي ، وأيضاً عند التمعُّن في كلمات سيّد الشهداء (عليه السلام) ، وكلمات كلّ مَنْ أخبر عن حادثة كربلاء من الأنبياء (عليهم السلام) ، والنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، نصل إلى النتيجة التالية ، وهي :
إنَّ هناك تكليفاً إلهياً على عاتق الإمام الحسين (عليه السلام) بالخصوص ، لا يمكن لغيره من الأولياء والأنبياء أداء هذا التكليف ؛ لخصوصيَّة في شخصيته (عليه السلام) ، وكذلك في العصر الذي كان يعيش فيه .
الرؤيا الصادقة
هناك حديث طويل ينقله ابن الحنفيَّة حول الرؤيا التى رآها الإمام الحسين (عليه السلام) ، حيث رأى فيها جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المنام وهو يخاطبه قائلاً : (( يا حسين ، اخرج فإنّ الله قد شاء أن يراك قتيلاً )) .
فقال محمد بن الحنفية: إنّا لله وإنا إليه راجعون! فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟
قال : فقال لي (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله قد شاء أن يراهنَّ سبايا ))(13) .
وفي رواية المفيد (عليه الرحمة) قال (عليه السلام) : (( إنّي رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المنام وأمرني بما أنا ماض له )) ، فقالوا له : ما تلك الرؤيا؟ فقال: (( ما حدّثت أحداً بها ، ولا أنا محدّث بها أحداً حتى ألقى ربّي (عزّ وجلّ) ))(14) .
خروج الحسين (عليه السلام)
1ـ هل إنّ هذه الرؤيا هي السبب الرئيس في خروجه (عليه السلام) إلى كربلاء؟ وهل شأن رؤيا الإمام هو شأن رؤى الأنبياء والأوصياء دائماً ، فتكون الأوامر التِّي يأمرهم الله سبحانه بها وحياً إلهياً يجب اتِّباعها وإن كانت في الرؤيا ؟
2ـ أم إنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) ومن خلال معايشته لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإخبارات الرسول الغيبيَّة كان يَعلم إنَّه سوف يُقتل بأرض معيَّنة وفي زمن محدَّد ، وكان يَعرف جميع خصوصيّات الحادثة ، وما الرؤيا إلا تأكيد وتعزيز لتلك المعرفة المسبقة ؟
فإنَّ هناك أحاديث كثيرة نقلت عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) تتعلَّق بقتل الحسين (عليه السلام) بالتفصيل ، قد ذكر فيها سنة شهادته ، وكيفيَّة قتله ، والجماعة التي تخرج لقتله ، ومحلّ شهادته .
فبالنسبة إلى سنة شهادته : ورد عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) : (( يُقتل حسين بن علي على رأس ستين من مهاجرتي )) .
وبالنسبة إلى كيفيَّة قتله : قال (صلّى الله عليه وآله) : (( يُقتل ابني الحسين بالسيف )) .
وأمّا عن الذين يقتلونه : ورد عنه (صلّى الله عليه وآله) : (( يُقتل الحسين شرّ الأمة ، ويتبرأ من ولده مَنْ يكفر بي )) ، (( يزيد ! لا يبارك الله في يزيد )) ، ثم ذرفت عيناه (صلّى الله عليه وآله)(15) ، ثم قال : (( نُعي إليّ حسين ، وأتيت بتربته ، وأخبرت بقاتله )) .
وأمّا الأحاديث حول محلّ شهادته فكثيرة ، نذكر بعضها :
ـ (( يُقتل الحسين بأرض بابل )) .
ـ (( إنّ ابني هذا يُقتل بأرض العراق ، فمَنْ أدركه فلينصره )) .
ـ (( أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنّ هذا ـ أي الإمام الحسين (عليه السلام) ـ يُقتل بأرض العراق )) .
ـ (( إنّ الحسين يُقتل بشط الفرات )) .
ـ (( إنّما هي أرض كرب وبلاء )) .
ـ (( وإنّ سبطك هذا ـ وأومى بيده إلى الحسين ـ مقتول في عصابة من ذريّتك وأهل بيتك ، وأخيار من أمتك بضفة الفرات ، بأرض يُقال لها كربلاء )) .
ـ (( يابني ، إنّك ستساق إلى العراق ، وهي أرض قد التقى بها النبيّون وأوصياء النبيّين ، وهي أرض تُدعى (عمورا) ، وإنّك تستشهد بها ، ويستشهد معك جماعة من أصحابك )) .
ـ (( أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يُقال له كربلاء ، فرأيت فيه مصرع الحسين ابني ، وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل ألقط دماؤهم فها هي في يدي )) .
ـ (( طوبى لك من تربة ، وطوبى لمَنْ يُقتل فيك ))(16) .
وبالنسبة إلى كيفية قتَله ، ومَنْ الذي يقتله ، وجزاء قاتليه :
ـ (( يا عمّة ، تقتله الفئة الباغية من بني أمية )) .
ـ (( يا أمّ سلمة ، إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتل )) .
ـ (( يا بنتاه ، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم ، والغدر والبغي ، وهو يومئذ في عصبة كأنّهم نجوم السماء ، يتهادون إلى القتل ، وكأنّي أنظر إلى معسكرهم ، وإلى موضع رحالهم وتربتهم . قالت : يا أبه ، وأين هذا الموضع الذي تصف ؟ قال : موضع يُقال له كربلا ، وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأمّة ، يخرج عليهم شرار أمّتي )) .
ـ (( يا بني ، أُقبل موضعَ السيوفِ منك . قال : يا أبه ، وأُقتل؟ قال : إي والله )) .
ـ (( أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ أمّتي تقتل ولدي هذا ، وقد أتاني بتربة حمراء )) .
ـ (( وأيم الله ليُقتلن ابني ، لا أنالهم الله شفاعتي )) .
ـ (( كأنّي به وقد خضّبت شيبته من دمه ، يدعو فلا يُجاب ، ويستنصر فلا يُنصر )) .
ـ (( بل تُقتل يا بُني ظلماً )) .
ـ (( الويل لمَنْ يقتلك )) .
ـ (( أوحى الله إلى نبيّكم (صلّى الله عليه وآله) إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً ، وإنّي قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً ))(17) .