والصلاة عليهم :
السؤال : لا يجوز أن نصلّي على آل الرسول ، وإنّما نقول : رضي الله عنهم .
الجواب : لا مانع من ذكر الصلاة والسلام على آل الرسول (صلى الله عليه وآله) ، حتّى إنّه جاء في بعض تفاسير السنّة في آية { سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ } (3) ، إنّها قرأت بصورة " آل " ـ قراءة نافع وابن عامر ويعقوب ـ والمقصود منه آل محمّد (صلى الله عليه وآله) (4) .
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنّه قال ـ في { سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ } : " نحن آل محمّد آل ياسين ، وهو ظاهر في جعل " ياسين " اسماً للنبيّ (صلى الله عليه وآله) " (5) .
هذا ، وقد دلّت روايات كثيرة عند الفريقين بوجوب إدخال آل الرسول (صلى الله عليه وآله) في الصلاة عليه ، والنهي عن الصلاة البتراء ، أي الخالية من ذكرهم (عليهم السلام)(6).
فذكر الصلاة والسلام على آل الرسول (صلى الله عليه وآله) منصوص ومشروع ومؤيّد عقلاً ونقلاً .
____________
1- آل عمران : 61 .
2- الاحتجاج 2 / 163 ، عيون أخبار الرضا 2 / 80 ، تحف العقول : 405 .
3- الصافات : 130 .
4- التفسير الكبير 9 / 354 .
5- روح المعاني 12 / 135 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 22 .
6- مسند أحمد 3 / 47 و 4 / 241 ، سنن ابن ماجة 1 / 293 ، الجامع الكبير 1 / 301 ، سنن النسائيّ 3 / 47 ، المصنّف للصنعانيّ 2 / 212 ، مسند ابن الجعد : 40 ، المصنّف ابن أبي شيبة 2 / 390 ، السنن الكبرى للنسائيّ 1 / 382 ، و 6 / 18 ، صحيح ابن حبّان 5 / 287 و 295 ، المعجم الصغير 1 / 85 ، المعجم الأوسط 3 / 91 و 4 / 378 و 7 / 57 ، المعجم الكبير 17 / 250 و 19 / 124 و 155 ، كنز العمّال 2 / 275 ، جامع البيان 22 / 53 ، زاد المسير 6 / 214 ، الدرّ المنثور 5 / 215 ، فتح القدير 4 / 303 ، تاريخ بغداد 8 / 137 ، البداية والنهاية 1 / 198 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 10 ، و 12 / 434 ، ينابيع المودّة 1 / 141 .
|
الصفحة 401 |
|
( يوسف . الكويت . ... )
السؤال : هل تفسير الآية الشريفة { وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } (1) ، يقصد بها خلق الإمام علي (عليه السلام) ، أو أهل البيت (عليهم السلام) السماء ؟ لأنّ الله تعالى ليس له يد .
الجواب : إنّ اليد في الآية بمعنى القوّة والتمكّن والسيطرة ، وليست بمعنى اليد الجارحة ، ويتضّح المعنى جليّاً عندما نرى قوله : { وَإِنَّا } ، فينسب البناء والتوسيع بالصراحة لنفسه عزّ وجلّ .
ومن جانب آخر : فإنّ الأدلّة العقليّة والنقليّة تفرض ـ ¬بما لا محيص عنها ـ بأن نعتقد بعدم الجسمانية ـ¬ أي شؤون المادّية ـ¬ في ذاته تبارك وتعالى ، فبالنتيجة يظهر لنا معنى اليد ، بأنّها قدرة الإيجاد والتكوين لا غير ، وأمّا التعبير بهذا اللفظ فهو من باب التشبيه والاستعارة والتنزيل .
وأمّا في مورد تفسير هذه الآية ، فلم يرد حديث ، ولا دليل عقليّ في تفاسير الفريقين بما سألتموه ، فالمتّبع ¬الظهور اللغوي بمعونة الأدلّة العقليّة والنقليّة .
( إبراهيم . السعودية . 17 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : لماذا حرّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) الصدقة على آل البيت ؟ وجزاكم الله خيراً .
الجواب : إنّ الصدقة شرّعت لأجل تطهير الأموال وتزكيتها ، قال تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم ... } (2) ، والتطهير يتضمّن الدنس والوسخ ، فكأنّ هذا المال عند بلوغه حدّاً معيّناً ، فإنّه كما يتكاثر من حيث المالية يتكاثر معه الدنس والوسخ ، ويصبح ملوّثاً ولا يطهر ، ولا يرتفع عنه التلوّث إلاّ بإخراج الصدقة منه ، فهذه الصدقة هي اللوث الذي عرض على مال الغني عند بلوغه حدّاً معيّناً ؛ ولأجل ذلك كرّم الله تعالى بني هاشم من أن
____________
1- الذاريات : 47 .
2- التوبة : 103 .
|
الصفحة 402 |
|
يأخذوا هذا المال ، والعيش بهذه الأوساخ .
وهذا ملحوظ أيضاً في السياق القرآني لآية الزكاة وآية الخمس ، فنجد أنّ التعبير بلفظ التطهير ورد في آية الصدقة دون آية الخمس ، بل نجدها تشرّع الخمس والأنفال مع حفظ مقام النبوّة والإمامة بمستوى من الإجلال والتقدير .
روى الشيخ الكليني (قدس سره) عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : " نحن والله الذين عنى الله بذي القربى ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيّه (صلى الله عليه وآله) فقال : { مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ... } (1) منّا خاصّة ، ولم يجعل لنا سهماً من الصدقة ، أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس " (2) .
وثانياً : يمكن أن يكون تحريم الصدقة على بني هاشم باعتبار شرف مقام النبيّ ، إذ إنّ النفس النبوية لها مرتبتها الخاصّة ، وقداستها المميّزة عن بقية النفوس ، كما هو الملحوظ في الروايات والزيارات ، والمعطي يكون أكمل من المعطى ، بعد ملاحظة كون الزكاة هي أوساخ ما في أيدي الناس ، وأهل البيت مطهّرون من الدنس والوسخ ، فلا يكونوا محلاً لأوساخ الناس .
وهذه المسألة من مختصّات النبيّ (صلى الله عليه وآله) في ذرّيته تكريماً له ، وذلك كجعل نسائه أُمّهات المؤمنين من باب تحريم نكاحهن من بعده ، وذلك تكريماً للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لأنّهن قد نسبن إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فيقال زوجات النبيّ ، وكذلك هو الأمر في ذرّيته ، حيث يقال : ذرّية الرسول (صلى الله عليه وآله) .
( حسن . البحرين . 26 سنة . طالب ثانوية )
السؤال : هناك بعض الأشخاص يتّهموننا بالكفر ، ويحتجّون علينا بهذا الحديث : " لولاك يا محمّد لما خلقت الأكوان ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما " (3)، أرجو منكم أن تفسّروا لنا هذا الحديث .
الجواب : إنّ هذا الحديث ليس به بأس من حيث المعنى ، وإنّ الجهلة عندما لا
____________
1- الحشر : 7 .
2- الكافي 1 / 539 .
3- مجمع النورين : 187 .
|
الصفحة 403 |
|
يرون مستمسكاً حقّاً يعتمدون عليه ، يتشبّثون بتفاسير لأحاديثنا لا نصيب لها من الواقع ، فمثلاً بدلاً من أن يتحققّون في معنى هذا الحديث يرموننا بما لا يليق .
وعلى أيّ حال ، فمعنى هذه الرواية هو : أنّ غاية الله تعالى من الخلق هي هدايتهم وكمالهم ، وفي هذا الطريق المستقيم لابدّ وأن ينصب للخلق علماً نبيّاً ، يكون على اتّصال مباشرة بمبدأ الخلق والوحي ؛ ولو لم يُخلَق في عالم الوجود رسولاً من جانب الباري تعالى انتفت حكمة الخلق بأسرها ، إذ لم يمكن حينئذٍ اهتداء المجموعة البشرية .
فالفقرة الأُولى من الرواية صريحة بهذا المعنى " لولاك لما خلقت الأفلاك " ، أي إن لم أخلقك لم أخلق الكون لعدم الفائدة فيه حينئذٍ .
ثمّ بما أنّ الإمامة والوصاية هي امتداد لخطّ الرسالة وتطبيقها وصيانتها ، فوجود الإمام ـ الذي باعتقادنا هو الإمام علي (عليه السلام) ـ قيد لوجود الرسول (صلى الله عليه وآله) ، أي إنّ الرسالة في استمراريّتها تحتاج إلى وصيّ وإمام ، فلولا وجود الإمام لم تنفع الرسالة النبوية لهداية الخلق ، إذ تبقى ناقصة لم يطبّقها أحد ، أو يطرأ عليها الانحراف والضياع ، فتجنّباً من هذه المحاذير ، وصيانةً للوحي الهادف ، يجب عقلاً وجود الإمام ، فلولاه لا تتمّ الحجّة على البشر ، وهذا خلاف حكمة الخالق ، وعليه فلولا وجود علي (عليه السلام) كإمامٍ ، لم يخلق محمّد (صلى الله عليه وآله) كنبيّ للبشر لعدم تكميل الهداية حينئذٍ .
وأمّا فاطمة (عليها السلام) فبما أنّها الواسطة في امتداد الإمامة من الإمام علي (عليه السلام) حتّى الإمام المهديّ (عليه السلام) ، وعلاقتها بوجود النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فالإمامة المستمرّة إلى زماننا ، مستمدّة من وجودها في عالم الخلق ، وبما أنّ الإمامة امتداد للرسالة ، فينتج : أنّ الرسالة والإمامة بمفرداتهما الوجودية رهينة بوجود الزهراء (عليها السلام) ، فلو لم تخلق هي كبنت للرسول (صلى الله عليه وآله) ، وزوجةٍ لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وأُمٍّ للأئمّة (عليهم السلام) لما استمرّت خطّة الباري تعالى في هداية الخلق ، وتكميل مسيرتهم .
|
الصفحة 404 |
|
( موالي . الكويت . 19 سنة . طالب )