هم أفضل أم القرآن ؟
السؤال : ندعو لكم بالتسديد الموفّق ، ونرجو الإجابة عن السؤال التالي :
أيّهما أفضل : العترة المطهّرة (عليهم السلام) أم القرآن الكريم ؟ هل يمكن إثبات ذلك بالأدلّة العقليّة والنقليّة ؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد .
الجواب : لقد سؤل سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد التبريزي R قريباً من هذا السؤال كما في صراط النجاة ج2 ص 566 السؤال 1753. وإليك السؤال وجواب سماحة الشيخ :
السائل : هناك رأي يقول إن أهل البيت " سلام الله عليهم " أفضل عند الله من القرآن الكريم فما هو تعليقكم ؟
التبريزيّ : القرآن يطلق على أمرين : الأول : النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس ، الثاني: ما نزل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بواسطة جبرائيل (عليه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، وهو الذي ضحّى الأئمّة (عليهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به ، وهو الثقل الأكبر ، ويبقى ولو ببقاء بعض نسخه . وأهل البيت (عليهم السلام) الثقل الأصغر .
وأمّا القرآن بالمعنى الأول ـ الذي يطلق على كل نسخة ـ فلا يقاس منزلته بأهل البيت (عليهم السلام) بل الإمام قرآن ناطق ، وذاك قرآن صامت ، وعند دوران الأمر بين أن يُحفظ الإمام (عليه السلام) أو يُحتفّظ على بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة ، فلابدّ من إتباع الإمام (عليه السلام) كما وقع ذلك في قضية صفين ، والله العالم .
( عدي العباسيّ . الكويت . 22 سنة )
أدلّة على بطلان شمول آية التطهير لأزواج النبيّ :
السؤال : أخواني أنا بعثت لكم سؤال في مسألة آية التطهير ، ولم ألق جواباً ، والسؤال هذا : ذكر ميم الجمع بدل نون النسوة ، لأنّ النساء دخل معهن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وهو رأس أهل بيته (صلى الله عليه وآله) ، فما هي الإجابة على هذه الشبهة التي تريد
|
الصفحة 432 |
|
أن تخرج أهل بيت الخمسة من الآية ؟ وشكراً .
الجواب : للإجابة على ما ذكرته نقدّم نقاط :
1ـ ذُكرت عدّة آراء في المراد من أهل البيت في هذه الآية ، نذكر المهمّ منها، فبعضها شاذّة ، أو لم يقل به قائل محدّد :
أـ إنّها نزلت خاصّة بأهل البيت (عليهم السلام) الخمسة أصحاب الكساء .
ب ـ إنّها نزلت في الخمسة أهل الكساء ، وأزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
ج ـ إنّها نزلت في نساء النبيّ خاصّة .
2ـ إنّ القول الثالث قال به عكرمة ومقاتل وعروة بن الزبير ، ونقل عن ابن عباس ، وهو قول شاذّ لم يأخذ به إلاّ المتعصّب ضدّ أهل البيت (عليهم السلام) ، ومع أنّه مردود لأنّ عكرمة ومقاتل لا يأخذ بقولهما ، إذ كانا كذّابين مطعون بدينهما ، وعروة كان يناصب أمير المؤمنين (عليه السلام) أشدّ العداء ، وعدّه بعضهم ممّن يضعون الأخبار في علي (عليه السلام) ، وما عن ابن عباس فضعيف ، لأنّ فيه مجاهيل ، مع أنّ له معارضاً من قول ابن عباس نفسه .
وقد استدلّ الرادّون له وللقول الثاني ، بأدلّة كثيرة على بطلانهما :
منها : الروايات الصحيحة الكثيرة الواردة على أنّهم خصوص أصحاب الكساء ، حيث جلّلهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) به حصراً .
ومنها : إنّ الأهل والآل تدلّ على النسب دون السبب .
ومنها : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) جاء بأهل بيته للمباهلة ، وقد كانوا هؤلاء الخمسة حصراً .
ومنها : إنّ الآية تفيد الحصر لإرادة الله بإذهاب الرجس عن جماعة مخصوصين ، ولم يدّع أحد العصمة لغير هؤلاء .
ومنها : إنّ الأزواج لم يدعين دخولهن فيها ، بل صرّحن في روايات عديدة بعدم دخولهن .
ومنها : الردّ على وحدة السياق بعدّة وجوه كثيرة ، كدلالة تغيير الضمير ،
|
الصفحة 433 |
|
وأنّ ما قبل الآية فيه تهديد ووعيد ، ولا يناسب ذلك إذهاب الرجس ، وإنّ اختلاف المخاطب لا يقدح بورود السياق ، وقد ورد كثيراً في القرآن ، وإنّ الالتزام بوحدة السياق اجتهاد مقابل النصّ الوارد في الروايات الصحيحة ، وعدم الالتزام بالسياق إذا جاءت قرينة على خلافه ، وعدم التسليم بالسياق والترتيب الموجود ، وأنّه هو المنزل ، بل إنّ الروايات تدلّ على أنّ الآية نزلت منفردة ، وغيرها .
3ـ المهمّ إنّ الذين اختاروا اختصاصها بالنساء احتجّوا بالسياق ، وقد عرفت الردّ عليه ، ولكن عندما جوبهوا باختلاف الضمير من المؤنث إلى المذكّر ، حاولوا التملّص بما ذكرت من قولهم بدخول النبيّ (صلى الله عليه وآله) معهن ، ولكنّك عرفت أنّ أصل القول مردود ضعيف شاذّ ، وهو الاختصاص بالنساء ، فما تفرّع عليه واشتقّ منه يكون أضعف ، إذ مع سقوط الأصل فلا مجال للفرع .
مع أنّ أكثر من حاول صرفها عن أهل البيت (عليهم السلام) خاصة وجعل الآية واردة في نساء النبيّ ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ، وذلك لنفس السبب ، وهو تذكير الضمير ، فراجع أقوالهم ، كابن كثير ، وابن روزبهان ، بل وابن تيمية ، ولم يستفد أحد منهم أنّ تذكير الضمير كان بسبب دخول النبيّ (صلى الله عليه وآله) مع النساء فقط .
وبعبارة أُخرى : إنّ سبب قولهم بأنّ تذكير الضمير كان لدخول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقط ، هو التزامهم السابق بأنّ الآية نزلت في نساء النبيّ فقط بمقتضى السياق ، وكان قولهم تخلّص وتملّص من ورود الإشكال عليهم ، إذ ليس لهم مخرج من الإشكال ، سوى هذا الادعاء ، ولم يستندوا فيه إلى حديث ، أو قول لغويّ ، أو دليل عقليّ ، فإذا لم نلتزم بالقول بأنّ الآية نازلة في نساء النبيّ فقط ، ورددناه فما هو الملزم والملجئ لنا لتعليل تذكير الضمير بدخول النبيّ وحده فقط معهن ؟
ثمّ إنّهم لم يبيّنوا لنا لماذا أدخل الله النبيّ (صلى الله عليه وآله) هنا في هذه الآية بالخصوص ،
|
الصفحة 434 |
|
ولم يدخله في الآيات الأُخر ، التي جاء فيها الضمير مؤنّث ، فإنّ قالوا أدخله فقد كذبوا ، لما فيها من ظاهر الضمير ، وظاهر التهديد والوعيد ، المبرأ عنه الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وإذا قالوا لم يدخله في الآيات الأُخر وأدخله في هذه الآية فقط فلماذا ؟ بعد أن حصرتم النزول في النساء فقط .
4ـ فإذا قالوا : أدخله في هذه الآية فقط ، لما فيها من ميزة من نفي الرجس وإثبات التطهير والمدح .
قلنا : إذاً أقررتم بأنّ هذه الآية لا تختصّ بالنساء فقط ، وإنّما دخل معهن غيرهن ، بمقتضى تذكير الضمير ، وأنّ الاعتماد على وحدة السياق كان غير تامّ .
فإذا كنّا نحن والآية فقط ، نضيف : أنّ تذكير الضمير لوحده لا يدلّ على تشخيص الداخل من هو ؟ أو أنّه شخص واحد أو أكثر ، فما هو دليلكم على دخول النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقط ، فلعلّ معه غيره .
وليس لكم نفي دخول غيره إلاّ القول باختصاص الآية بالنساء ، وهذا عود من البدء ، وهو دور صريح .
فلا يبقى إلاّ الاعتماد على قرينة من داخل الآية ، وهو المعنى المراد من أهل البيت (عليهم السلام) ، وفي هذا عودة إلى الآراء المختلفة التي ذكرناها أوّلاً ، ومنها مدّعاكم ، وقد رددناه بما لا مزيد عليه ، بل إنّ القرينة في الآية تخرج النساء أصلاً ، لأنّ نفي الرجس واثبات التطهير ينافي ما خوطب به النساء من التهديد والوعيد ، واحتمال صدور المعصية منهن ، أو قرينة من خارج الآية من سنّة أو لغة ، وهي معنا كما عرفت سابقاً .
( محمّد علي معلى . سورية . 38 سنة . طالب متوسطة )
السؤال : ورد عن أحد الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) : أنّه بنا يلحق القالي وإلينا يرجع
|
الصفحة 435 |
|
الغالي ، وتوجد تتمّة للحديث ، أنّه لا يقبل الله رجوع الغالي ولا لحوق القالي ، أفيدونا رحمكم الله .
الجواب : إنّ جميع الروايات التي وردت تنصّ على أنّهم (عليهم السلام) إليهم يرجع الغالي ، وبهم يلحق التالي بالتاء ، وليس هناك في تلك الروايات أية إشارة إلى عدم قبولهم رجوع الغالي ، أو لحوق التالي ، ما عدا رواية واحدة وردت في أمالي الشيخ الطوسيّ (قدس سره) ، تشير إلى عدم قبول رجوع الغالي فقط .
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " إلينا يرجع الغالي فلا نقبله ، وبنا يلحق المقصّر فنقبله " ، وقد علّل الإمام (عليه السلام) ذلك بقوله : " لأنّ الغالي قد اعتاد ترك الصلاة والزكاة ، والصيام والحجّ ، فلا يقدر على ترك عادته ، وعلى الرجوع إلى طاعة الله عزّ وجلّ أبداً ، وأنّ المقصّر إذا عرف عمل وأطاع " (1) .
ومعنى كلام الإمام (عليه السلام) : إنّ الغالي إذا أراد أن يرجع ويتوب فإنّنا نقبل توبته، لكن عليه أن يرجع إلى أداء الصلاة ، ودفع الزكاة ، والإتيان بالحجّ ، وصيام شهر رمضان ، وإذا لم يقدر على ذلك ـ لأنّه اعتاد على خلافها ـ فإنّا لا نقبله ، لأنّه لم يحقّق شروط التوبة ، فعدم قبولهم (عليهم السلام) لرجوع الغالي ، لأنّه لا يقدر على تحقيق شروط التوبة ، وهذا بخلاف المقصّر ، فإنّ تركه لبعض الأعمال لعدم معرفته بها ، وإذا عرف فإنّه يعمل ويطيع .
( هاشم . الكويت . 20 سنة . طالب جامعة )