الشيعة وآية التطهير :
استدلت الشيعة عن بكرة أبيها بآية التطهير على عصمة العترة الطاهرة، وأفاض المفسرون منهم القول حول الآية وأتوا ببيانات شافية في وجه دلالتها على عصمتهم.
وهناك جماعة من العلماء قاموا بتأليف رسائل مفردة حول دلالتها وشأن نزولها، نشير إلى ما وقفنا عليه في ما يلي:
1. «السحاب المطير في تفسير آية التطهير » ، للسيد السعيد القاضي نور اللّه المرعشي الشهيد عام 1019 هـ .
1 . الاِتحاف بحب الاَشرف: 106 ـ 109.
2 . الاَنعام: 90.
[ 74 ]
2. «تطهير التطهير » ، تأليف الفاضل الهندي ( المتوفّـى عام 1035هـ ) .
3. «شرح تطهير التطهير » ، تأليف السيد عبد الباقي الحسيني كتبه شرحاً لكتاب الفاضل الهندي.
4. «إذهاب الرجس عن حظيرة القدس»، للعلاّمة الشيخ عبد الكريم بن محمد طاهر القمي.
5. «الصور المنطبعة»، له أيضاً في هذا المجال.
6. «أقطاب الدوائر »، للعلاّمة عبد الحسين بن مصطفى أحد علمائنا في القرن الثاني عشر فرغ منه عام 1138 هـ ، وطبع عام 1403 هـ .
7. «تفسير آية التطهير»، تأليف الشيخ إسماعيل بن زين العابدين التبريزي الملقّب بمصباح ( المتوفّـى عام 1300 هـ) .
8. التنوير في ترجمة رسالة «آية التطهير» باللغة الاَوردية، تأليف السيد عباس الموسوي، طبع في الهند عام 1341 هـ ، وهو ترجمة لرسالة السيد القاضي نور اللّه .
9. «جلاء الضمير في حل مشكلات آية التطهير » ، للشيخ محمد البحراني، طبع في بُمباي عام 1325 هـ .
10. رسالة قيمة في تفسير آية التطهير، للعلاّمة المحقق الشيخ لطف اللّه الصافي، طبعت عام 1403 هـ من منشورات دار القرآن الكريم في قم المقدسة، وله رسالة أُخرى في العصمة طبعت معها، حيّاه اللّه وبيّاه.
11. «آية التطهير » في جزءين، للسيد الجليل علي الاَبطحي، وقد استقصى الكلام فيها حول المأثورات الواردة فيها في الجزء الاَوّل، ودلالتها على العصمة في الجزء الثاني.
[ 75 ]
12. «آية التطهير » ، للشيخ محمد مهدي الآصفي وهي دراسة حول مداليل الآية الكريمة (إنّما يريد اللّه ... ) واختصاصها بأهل البيت (عليهم السلام) نشرتها موَسسة دار القرآن الكريم في قم المقدسة سنة 1411 هـ .
13. «آية التطهير ، روَية مبتكرة»، لآية اللّه الشيخ محمد الفاضل اللنكراني، طبع في إيران 1970 م بالفارسية. و 1987م بالعربيَّة.
14. «آية التطهير في الخمسة أهل الكساء»، للسيد محيي الدين الموسوي الغريفي، طبع في النجف الاَشرف ـ 1377 هـ | 1958 م.
15. أخيرها ـ لا آخرها ـ ما قدمناه لكم في هذه الصحائف لكاتب هذه السطور ، عفا اللّه عنه، ورزقه شفاعة محمد وأهل بيته يوم لا ينفع مال ولا بنون.
[ 76 ]
[ 77 ]
الفصل الثاني : سمات أهل البيت (عليهم السلام)
قد تعرَّفت على من هم أهل البيت من خلال التعريف بالحدِّ التامّ الذي عرَّف به رسول اللّه ص أهل بيته، أهل بيت النبوّة و الرّسالة، وكأنَّ التعريف السابق كان بمنزلة التعريف بالحدّ أي التعريف بالذات.
و يمكن أن نتعرف عليهم من خلال التعريف على سماتهم وخصوصيّاتهم الّتي تشبه التعريف بالرّسم والتعريف بالعرضي.
و سماتهم و خصوصيّاتهم كثيرة مبثوثة في ثنايا الآيات و الاَحاديث النبويَّة، و لكن نقتصر في المقام على ما ورد من السمات في الذكرالحكيم.
[ 78 ]
[ 79 ]
من سمات أهل البيت (عليهم السلام) : 1 - العصمة
لقد تعرفت على ما هو المراد من أهل البيت في الآية المباركة على وجه لم يدع لقائل كلمة، ولا لمجادل شبهة، في أنّ المقصود منه هو العترة الطاهرة قرناء الكتاب في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
فحان البحث للتطرق إلى سماتهم وخصوصياتهم، وهي على قسمين:
1. ما يستفاد من الآية الشريفة.
2. ما يستفاد من سائر الآيات.
أمّا الاَوّل، فالآية ـ بعد الاِمعان فيها ـ تدلّ على عصمتهم وطهارتهم من الذنوب، ويعلم ذلك من خلال دراسة أمرين:
1. ما هو المراد من الرجس؟
2. هل الارادة في الآية المباركة إرادة تكوينية أو تشريعية؟
1. ما هو المراد من الرجس؟ :
المراد من الرجس: هو القذارة الاَعم من المادية والمعنوية، وقد اتفق على ذلك أئمّة اللغة.
قال ابن فارس: الرجس: أصل يدل على اختلاط، ومن هذا الباب:
[ 80 ]
الرجس: القذر لاَنّه لطخ وخلط . (1)
وقال ابن منظور : الرجس: القذر، وكل قذر رجس، وفي الحديث: أعوذ بك من الرجس النجس. وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعن والكفر . قال الزجّاج: الرجس في اللغة كل ما استقذر من عمل ... فبالغ اللّه في ذم أشياء وسمّـاها رجساً، وقال ابن الكلبي: رجس من عمل الشيطان أي مأثم.(2)
وقد استعملت هذه اللفظة في الذكر الحكيم ثمانية مرات: ووصف به الخمر والميسر والاَنصاب والاَزلام والكافر غير الموَمن باللّه والميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير والاَوثان وقول الزور ... إلى غير ذلك من الموارد التي وصفت به في الذكر الحكيم.
ونكتفي بنقل بعض الآيات قال سبحانه : (إِنَّمَا الخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَنْصَابُ وَالاَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ). (3)
وقال سبحانه : (إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ). (4)
وقال سبحانه : (كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُوَْمِنُونَ ) (5) ، إلى غير ذلك من الآيات.
والمتفحص في كلمات أئمّة أهل اللغة، والآيات الواردة فيها تلك اللفظة،
1 . معجم مقاييس اللغة: 2|490.
2 . لسان العرب: 6|94 ـ 95، مادة «رجس».
3 . المائدة: 90.
4 . الاَنعام: 145.
5 . الاَنعام: 125.
[ 81 ]
يصل إلى أنّها موضوعة بمعنى القذارة التي تستنفر منها النفوس، سواءً أكانت مادية، كما وردت في الآيات، أم معنوية كما هو الحال في الكافر وعابد الوثن ووثنه.
فلو وصف به العمل القبيح عرفاً أو شرعاً، فلاَجل انّ العمل القبيح يوصف بالقذارة التي تستنفرها الطباع السليمة، وعلى هذا فالمراد من الرجس في الآية هي الاَعمال القبيحة عرفاً أو شرعاً، ويدل عليه قوله سبحانه بعد تلك اللفظة: (ويطَّهركُم تَطْهيراً ) ، فليس المراد من هذا التطهير إلاّ تطهيرهم من الرجس المعنوي الذي لا تقبله النفوس السليمة.
وقد ورد نظير قوله: (ويطهركم تطهيراً ) في حق السيدة مريم «عليها السلام» ، قال سبحانه : (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِين ) . (1)
نعم: انّ لتطهير النفوس وطهارتها مراتب ودرجات، ولا تكون جميعها مستلزمة للعصمة، وانّما الملازم لها هو الدرجة العليا، قال سبحانه : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِِّرِينَ ). (2)
قال العلاّمة الطباطبائي: الرجس ـ بالكسر والسكون ـ صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في النفس توجب التجنّب والتنفّر منها، وهي تكون تارة بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير ، قال تعالى : (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) وبحسب باطنه، أُخرى، وهي الرجاسة والقذارة المعنوية كالشرك والكفر وأثر العمل السيّء، قال تعالى: (وأمّا الّذِينَ فِي ُقُلوِبِهمَ َمٌرضَ َفزَاْدُتْهمِ رجساً إلى رِجْسِهِمْ ومَاتُوا وَهُمْ كافِرون ) (3)، وقال: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً
1 . آل عمران: 42.
2 . التوبة: 108.
3 . التوبة: 125.
[ 82 ]
حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُوَْمِنُونَ ) .(1)
وأيّاً ما كان فهو إدراك نفساني وأثر شعوري يحدث من تعلّق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيّء وإذهاب الرجس عبارة عن إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تضاد حق الاعتقاد والعمل، وعند ذلك يكون إذهاب الرجس معادلاً للعصمة الاِلهية التي هي صورة علمية نفسانية، تحفظ الاِنسان من رجس باطني الاعتقاد وسيّء العمل. (2)