* د. رضا نجاد
إن الفتاة التي تسلّم قيادها للشاب، والشاب الذي ينفصل عن الجميع وينقاد للفتاة كلاهما متعطش للحب والحنان. فإذا انعدم الحب والحنان في الأسرة، تبحث الفتاة عن عطف أبيها في زوجها، ويبحث الفتى عن حنان أمه في شخص زوجته. في مثل هذه الأسرة تضيع جميع المعايير والقواعد الأسرية.
الرجل الذي يبحث عن ملاذ يأوي إليه للاستراحة من متاعب الكفاح في ميدان الحياة، ويجد ذلك الملاذ خالياً من الحبّ والحنان ومليئاً بالضجيج والتذمر، يحاول البحث عن ملاذ آخر ولا يكون هذا الملاذ الجديد سوى مجالس اللهو والشراب والقمار سواء بالنسبة للأشخاص المتدينين أم غير المتدينين. وإذا توجه الرجل إلى مثل هذه المجالس يكون قد تلقى حينذاك ضربة قاضية من زوجته.
أدرك العالم كلّه اليوم أن السبب في زيادة معدل أعمار الرجال والنساء في اليابان وتفوقها على نظائرها من أعمار الرجال والنساء في سائر أنحاء العالم وحتى في الدول الاسكندنافية، يعود إلى الدرس الذي يعطيه اليابانيون للفتيات في المدارس تحت عنوان آداب معاشرة الزوج. ولهذا السبب يُنظر اليوم إلى الفتاة اليابانية كأفضل فتاة للزواج فضلاً عما تتصف به من طول العمر. بيد أن الإسلام قد جاء في ذلك الوقت بكل ما توصَّل إليه البشر بعد أربعة عشر قرناً. والشخص المتخصص في مثل هذه الأمور يمكنه أن يعكس الإسلام على نحو أفضل.
بمجرد أن تلاحظ المرأة بأن زوجها قد تأخر في العودة إلى البيت عن الوقت المعتاد، عليها أن تسارع للاستخبار عنه بواسطة الهاتف أو أية وسيلة أخرى. ويعتبر هذا السلوك أسلوباً مهماً ومدعاة لإيجاد المحبة.
ورد عن الصادق (ع) أنه قال: ((إذا اغتبت شخصاً وأسأت فيه القول خفية، إذا تلاقت الأعين تشعر بكراهية لبعضها البعض)).
على المرأة أن تثني على زوجها في غيابه، وإذا اغتابه أحد أو انتقص منه، عليها أن تدافع عنه دفاعاً مستميتاً، إذ كلّما كان الزوج أرفع مكانة وأعلى منزلة، فإن خيره ينعكس على الزوجة نفسها. ولتعلم المرأة أن الوجه الجميل لا يأسر الرجل بقدر ما يأسره القلب الودود الذي يحبه. وقد وصف الإمام الرضا (ع) مثل هذه المرأة بقوله: ((النساء شقُّ، فمنهنّ الغنيمة والغرامة وهي المتحببة لزوجها والعاشقة له)).
ويجب أن لا تكون محبة المرأة لزوجها أثناء غيابه فقط وإنما يجب أن تخبره بحبها إياه، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ((إذا أحب أحدكم صاحبه أو أخاه فليعلمه)) فإن إظهار المحبة في غياب الشخص دليل على نوع من الألفة القوية التي لا تستطيع أية قوة أن تنال منها. أما إعلام الشخص حضورياً بمحبته فينطوي على نوع من الاحترام لشخصيته على اعتبار أن كل إنسان يميل إلى سماع التكريم والثناء والمحبة من الآخرين وقِس على ذلك لو أنه علم بأن زوجته لا تحبه.
أي رجل هذا الذي لا يواجه أثناء عمله اليومي إهانة من الآخرين. إذاً فالشخص الذي يَلقى الإهانة خارج الدار، يأمل أن يلقى الاحترام في داره على الأقل. فما بالك لو أنه لم يحترم في داره، وبأية شخصية وطاقة يمكنه أن يواصل عمله؟ فيا أيتها المرأة إذا دخل زوجك إلى الدار استقبليه وافتحي له الباب وسلِّمي عليه، وافسحي له المجال ليقول ما يريد، واسأليه عن أحواله، ولا تصيحي في وجهه، وأكرميه واحترميه أمام الآخرين. والأهم من كل ذلك هو الوقوف إلى جانبه ضد الأولاد. وهذا الجانب إذا لم يُراعَ حقّ رعايته، تكون له آثار هدّامة.
إن استقبالكِ لزوجكِ وفتح الباب له، يبعث على الحب ويطيل العمر، ويدفع الأمراض الكامنة للأسرة بالمرصاد. وسعادة الدنيا والآخرة رهينة بهذه الخطوات القلائل التي تخطوها المرأة نحو الباب وتفتحه لزوجها، لأن فيها إطاعة لله ورسوله، وامتثالاً لأمرهما بفتح الباب للزوج واستقباله ((وأن تستقبله عند باب بيتها)).
الأمر الآخر المهم هو حفظ سرّ الزوج، وإذا لم يُحفظ سرّ الرجل، فلن يتورط بالإباحة بسرّه في داخل البيت مرة أخرى، ويضطر إلى التكتّم عمن ينبغي البوح له بسره. ويجب على المرأة خاصة أن لا تعيّر زوجها يوماً بما تعرفه عنه، لأنه سيضطر في مثل هذه الحالة إلى التخفي عن زوجته حيثما ذهب.
إن التذرع على الزوج ومؤاخذته على الدوام يُثير في نفسه الاشمئزاز والملل. وينبغي عدم إعلام الزوج بكل المعاناة الطفيفة والآلام البسيطة التي تمرّ بها الزوجة وأطفالها. وخلاصة القول هي: يجب عدم إيذاء الزوج باللسان، وذلك لأن رسول الله (ص) قال:
((مَن كانت له امرأة تؤذيه، لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه، وإن صامت الدهر، وقامت وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أول مَن يرد النار)).
كل امرأة ينبض في جسدها شريان من العاطفة، وتعلم أن معدل أعمار الرجال في العالم كله أدنى من معدل أعمار النساء، وتدرك أن ذلك يُعزى سببه إلى كيفية تعامل الرجل مع رؤسائه ومرؤوسيه ومع الدوائر والمؤسسات والزبائن وما إلى ذلك، فإنها تجتنب الإساءة إليه قطعاً. وهذا الإدراك على درجة عالية من الأهمية بحيث أنه يحتلّ مرتبة بعد مرتبة الإيمان، فقد قال رسول الله (ص):
((ما استفاد رجل بعد الإيمان بالله أفضل من زوجة موافقة)).
الزوجة إذا كانت على مستوى عالٍ من الفهم لا تضحك من غير سبب، ولا تضحك ضحكة تثير استياء زوجها. وأحمق النساء هي المرأة التي تضحك استهزاءً بزوجها، أو تلك التي تبكي بكاءً في غير موضعه ويثير غضب الزوج. وعيها أن تراعي حال زوجها فإذا كان غاضباً يجب أن لا تردَّ عليه في تلك الساعة كلّ ما يقول، وستفهم عندما يسكن غضبه أنها أمام رجل إن كان عاقلاً يعتذر إليها، وإذا لم يعتذر فبإمكانها أن تطلب منه الصفح عن زلاّتها. وقد قال رسول الله (ص):
((شرّ نساؤكم التي لا تقبل من زوجها عذراً، ولا تغفر له ذنباً)).