عربي
Thursday 25th of July 2024
0
نفر 0

هكذا عرفت كربلاء

مقدمة  

مَنْ عرف كربلاء عرف الحقّ والعدل والإباء ودافع عنه .
الصراع بين الحقّ والباطل جارٍ على طول التاريخ ، والمعركة بين جنود الرحمان وجنود الشيطان مستمرة على وجه الأرض ما دام على وجهها بني الإنسان ، وسترى هنا مدينة خلّدها التأريخ فأصبحت رمزاً للمجد وللتضحية والفداء ، ولطلب العدل والصلاح ، والإباء على كلّ ضيم ، بسبب يومها المشهود الذي استشهد فيها سيّد الشهداء ، وسيّد شباب أهل الجنّة وصحبه الكرام ، ومن أجل تعريف الحقّ والهدى ، وللمطالبة بالعمل الصالح ورفض الظلم والعدوان ؛ ولهذا خاف مثواه وذكره الظلمة والطغاة على مرّ الزمان .
نعم ، كربلاء مدينة الإمام الحقّ ، معلم الإباء ، وسيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ، فإنّ الظلمة كانوا يخافون أن يتوجّه المحبّون لمنهجه الكريم عند زيارته ، وتجديد العهد معه ؛ للسير على هداه الكريم .

وقد كتبت مقالاً في أربعين الإمام الحسين ، هذا أبى الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون ، راجعه وتذكّر كيف زاره في هذه السنّة سنة 1424 المحبّون ؛ ليكتسبوا منه منهل الوفاء للإيمان والهدى ، ومنهج للعقيدة حتى تطبيقها ، فعدّوا زوار أبي عبد الله الحسين في كربلاء بالملايين بدل الألوف ؛ فترى فيه شيء من التعبير الذي عانا منه أولياءه على مرّ السنين ؛ لمنع الكفّار والظلمة من زيارته ومحاربة مَنْ يتوجّه لمرقده ؛ فإنّ الحكّام الطغاة كانوا يخافون من مرقده الطاهر ، ويخافون من قبره الشريف ، فكان يغضبهم زيارته من الأحرار ، ويزعجهم تقرّب المؤمنين منه والطيّبين الأخيار .
فترى أهل الظلم وأتباعه والانحراف عن الدين وأصحابه ، لا يرضون بالقرب من الصراط المستقيم وزيارته ، وتراهم يعتدون على المرقد الطاهر ويمنعون الناس من القرب منه ، وكتبنا فصل في سرد شيء من تأريخ الاعتداء على مرقده من قبل الطغاة على مرّ السنين سنضعه إن شاء الله في صحيفة الحسين (عليه السلام) وسترى مختصر منه هنا .
ولم يعلم هؤلاء المعاندون له إنّ الحسين ومبادئه وعقائده وتعاليمه زرعت في قلوب المؤمنين حبّ ومودّة ودين واعتقاد ، ونمت في أفكارهم أهداف وغاية يسعى للوصول إليها الأحرار والمؤمنون ببذل النفوس وتحمّل الصعاب في كلّ واد ، فيقيمون مجالس ذكره الشريف من أجل الالتحاق به وبمنهجه ودينه ، ومبرزين له كلّ الحبّ والوفاء وبأشدّ إخلاص ، ومعلنين لكلّ العالم هداه ، وهم في أماكنهم وفي جميع بقاع الأرض ؛ فإنّه (عليه السلام) أثمر لهم المجد والكرامة


الصفحة (2)

والعز والإباء ، والإخلاص في العبودية لربّ العالمين ، ونشرت تعاليمه لكلّ المسلمين ، بل لجميع العالمين .
تدبّر التأريخ ترى إنّ كلّ الظلمة يموتون ويدثر ذكرهم وتمحى رسومهم ، وتبقى اللعنة تصبّ عليهم من الله وملائكة والناس أجمعين ، وآثارهم خربة وفرجة للمتفرّجين وعبرة للمعتبرين ؛ لأنّهم كانوا طغاة ، وبقي الحسين وآله وصحبه (عليهم السلام) مبدأ وعقيدة وهدفاً وغاية ، وبتعاليمه ومعارفه الإلهية يصل المؤمنون لدين الله الحقّ ورضاه الواقعي ؛ ولذا يتقرّب المؤمنون منه ويسعَ المحبّون للتشرّف بزيارته ، ويتمنّى قربه في الدنيا والآخرة كلّ الطيّبون ، فسكن وجوده وقوله وعلمه وعمله وفكره وتعاليمه العقول قبل الأرواح ، ونمى في الفكر قبل القلوب ، واتّسع وجوده فشمل الزمان ، فكان يومه كلّ التأريخ عاشوراء ، ومحلّ شهادته توسّع فصار في كلّ أرض صالحة يوجد فيها مَنْ يطالب بالعدل والهدى الإلهي والإنصاف والحقّ ، ملتهم منها الإيثار والفداء ، فصارت تلك البقاع كربلاء .
نعم ، قد قال الأحرار بكلّ وجودهم : كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء ؛ وذلك حين يتوسّمون الهدى الذي علّمه الحسين في كلّ شيء ، وبالخصوص حين يقاومون الظلم في أيّ بقعة من بقاع العالم ، مقتدين بمنهج الحسين (عليه السلام) إيماناً وعلماً وعملاً ، ومعبّرين عن اعتقادهم وصدق نيّتهم في قبول الإمام الحسين (عليه السلام) وسيرته ، وتصرّفه من أجل طلب الإصلاح في أمّة جدّه وشيعة أبيه ما استطاع ، فاقتدى به الطيّبون والأحرار ولو بتضحية النفس وكلّ الأهل من أجل مقارعة الظلم والعدوان ، فلم يستسلموا لظلم في إيمانهم ، ولم يخنعوا لذلّ الجور والاعتداء في داخل وجودهم ، وإن سجنوا أو عذّبوا ، أو حكمهم ظالم وطاغية لأيام أو سنين ظاهراً ، بل كان الشرفاء يقولون ويقدّم منهم الطيبون ، كما قال الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأقدم حين حان الوقت المناسب للفداء : (( ألا إنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة ـ مقارعة السيوف ـ ، والذلّة ـ الخنوع للظالم بكلّ الوجود ، والتسليم له ظاهراً وباطناً ـ وهيهات منّا الذلّة .
أبى الله ذلك ورسوله .
وجدود طابت ، وحجور طهرت .
وأنوف حمية ، ونفوس أبيه .
من أن نؤثر طاعة اللئام ، على مصارع الكرام .
ألا قد أعذرت وأنذرت .
ألا إنّي زاحف بهذه الأسرة ، على قلّة العدد ، وخذلة الناصر ))
.


الصفحة (3)

فأقدمَ (روحي لمنهجه الفداء) يُقارع الظلم بكلّ ما أوتي من قوّة ، وبكلّ الأهل والمال والعيال والنفس ، مع خذلان الناصر وقلة المنتصر له في ذلك الزمان حتى الشهادة .

فلمّا علم الله والمؤمنون ، وكلّ الأحرار والطيّبون صدقه ، قبلوه إماماً ، ورضوا بمنهجه عقيدة وديناً ؛ ولذا وجب اتّباعه والاقتداء به من أجل رفض كلّ جور وظلم وطغيان ، فقام كلّ شريف يحبّ الخير ويتوق للعدل على منهجه ، فيحبّ المطالبة بالإصلاح والهدى الحقّ ، بل يؤمن به وعمل بكلّ وجوده من أجله ، ويسعى بكلّ جهده ؛ لأن يقيم العدالة والإحسان في السيرة والسلوك لكلّ بني الإنسان الطيّبين ، فضلاً عن صميم نفسه وأسرته وأهله .
فلهذا صار محلّ مثوى الحسين ( كربلاء ) رمز الحرية وشعار الصالحين ، يجدّدون العهد معه فيها ، ويسيرون في خطاه ، مقتدين به بكلّ وجودهم خطوة خطوة ، مقتدين آثاره في كلّ هدى ودين ؛ ولذا صار مرقده الطاهر وقبّته تناطح السماء علوّاً ورفعة وشموخاً وعزّاً وإباء ؛ فإنّ كلّ المؤمنون الأتقياء يحبّون الوصول إليها  ، وتهفوا لمدينة كربلاء كلّ الشرفاء ، فيزورها المؤمنون الأحرار ، ويتمنّى قربها الأخيار ، وخزي ولعن كلّ مَنْ تعرّض لها بسوء من الأشرار .

وهذا فصل من صحيفة الإمام القدوة الحسين (عليه السلام) بين يديك يا طيّب ، يحكي شيء من الجغرافية والتاريخ عن كربلاء التضحية والفداء ، والذي أُسكن فيها سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) .

وهنا كلام عن شموخ مثواه ومرقده الطاهر وموقعه الشريف ، وسنذكر في موضوع آخر من صحيفة الإمام الحسين (عليه السلام) إن شاء الله جور الخلفاء الأمويين والعباسيين عليه وولاتهم في قصص ذكرها مَنْ عاش تلك الأحداث .
ونذكر هذا للطيّبين والأحرار المخلصين للعبرة والعظة .

وكما عرفنا يعرف المؤمنون ولكلّ الناس بأنّ الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه ، وينمو في الفكر والعقيدة والوجود والتاريخ والجغرافية حتى يكون كربلاء ، وأنّ الباطل والطغاة والظلمة منحسرين خاسئين تلعنهم الأرض والسماء والله والملائكة والناس أجمعون ، حتى ليكون مثواهم مزبلة ومحلّ كسافة للنزلاء ، يهجره حتى مَنْ يتولاّه ولا يؤمن بزيارته ، بل يحرم قربه والبناء عليه كما عليه الوهابية العملاء ، فهذا هو مرقد سيّدهم يزيد ومعاوية وأمثالهم .
وتبقى كربلاء كالحسين (عليه السلام) مبدأ وعقيدة وغاية وهدفاً ينمو ويتّسع في عالم المعنى والروح جغرافية وتأريخاً ، وهذا مرقده الطاهر يهفو له المؤمنون ويزوره الناس من جميع بقاع الأرض ، وهم بذكره يأنسون مرتاحون في أشدّ الأحول وأصعبها ، فضلاً عن أيام اليسر والراحة ، وأصبحت مدينته كربلاء من أهم المدن


الصفحة (4)

في الأرض سمعة وصيتاً ؛ لما حلّ فيها من التضحية والإيثار والفداء ، وصارت مقدّسة يهفو لحبّ ذكرها النبلاء ، بعد أن كانت أرض قاحلة في صحراء .
ويا أخي الكريم ، يا مَنْ يحبّ الكرام وأهل الإباء ، قد جعلنا ما يُعرّفك من جغرافية وتأريخ المرقد الطاهر ومدينته كربلاء ، وما جرى عليها من الجور وإباءها عليه في بحوث ، فتدبّر فيها لعل الله ينفعنا وإياك في جعل الحسين قدوة وأسوة لنا حتى نحبّه ، بل نحبّ أرضه كربلاء ، ويرزقنا الله سبحانه زيارته وشفاعته في الدنيا والآخرة إنّه أرحم الراحمين ، ورحم الله مَنْ قال آمين .
وهنا بحوث في تعريف كربلاء من الناحية الجغرافية والتاريخية ؛ معنى ولفظاً ،  وباطناً وظاهراً .


البحث الأول : تعريف كربلاء المعنوي واسمها الظاهري

أولاً : التعريف الحقيقي والمعنوي لكربلاء
كربلاء : مدينة ذكرها الله لأبي البشر آدم حين علّمه الأسماء ، ولجميع المصطفين الأصفياء ، فزار تربتها الأنبياء ، بل عرفتها ملائكة السماء ، وهي البقعة التي أعدّها الله تعالى لتواري الجسد الطاهر للحسين وصحبه (عليهم السلام) ، وكفاها فخراً وشرفاً ومنقبةً وفضلاً في ذلك ـ وقد ذكرنا أحاديث في هذا المعنى في فصول من صحيفة الإمام الحسين (عليه السلام) من موسوعة صحف الطيّبين ـ .
وصارت كربلاء بسيّد الشهداء ، مهبطاً للملائكة والأنبياء من ملكوتهم ، والمؤمنين والطيّبين وكلّ الشرفاء في دنياهم ، فذكرت كربلاء مع كلّ ذكر للحسين (عليه السلام) في أغلب مجالس ذكره ، حتى قالوا : كلّ أرض كربلاء ، وليوم إباءها وشموخها على الذلّ وتعزّزها على الطغيان بالحسين في العاشر من المحرّم قالوا : كلّ يوم عاشوراء .
كربلاء : قد جاء ذكرها مع الحسين فكثر معناها في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ، بل بالعاطفة وبالعقل لمحافظة الله على دينه ، وبالدليل للدين إنّه مصون بأئمّة حقّ وقادة مختارون من الله ، يكرمهم ويشرفهم بكلّ ما يجعل الناس يقتدون بهم ، ويتأسون بكلّ شيء من ذكرهم وسيرتهم ، بل حتى آثارهم .

وسترى في مقال يأتي ، إنّه في تربتها الشفاء ، وإن التسبيح بسبحة من ترابها يخرق الحجب ويصل أرقى محلّ في السماء ، والسجود على تربتها يرضي الربّ فيصعد الدعاء ، وأصبحت محطّ لأنظار الملائكة والمؤمنين والأولياء ، ورغب بزيارتها كلّ المخلصين والذين هم لمنهج دينهم الحقّ أوفياء ،


الصفحة (5)

فأضحت تفاخر الكعبة المكرّمة ، والمدينة المنوّرة ، والقدس الشريفة مع ما لهنّ من الفضل والكرامة عند الله والملائكة والأصفياء .
ثانياً : أسماء مدينة كربلاء في التأريخ
كربلاء : سمّيت مدينة كربلاء من قديم التأريخ ، فكانت أوّل أمرها مقبرة للنصارى ، وأسماؤها بالبابلية كربلاء : قرب الإله ، وبالآشورية : كرب إيل : حرم الله ، وهي من كور بابل القديمة ، وبالفارسية قبل الإسلام : كار بالا : العمل الأعلى .
وسمّيت بأسماء مدن تقربها قبل تشريفها بالحسين (عليه السلام) .
وعقر بابل ، وكور بابل ، مجموعة من القرى ، منها :
قرية نينوى : وهي الآن أطلال شمال شرق كربلاء الحالية .
والنواوويس : هي مقبرة للنصارى قبل مجيء الإسلام قرب نينوى .
وكربلاء : قرية تقع شمال غرب كربلاء الحالية قليلاً ، وهي التي غلب اسمها لقربها من حلّ الشهادة ، بل اليوم ضمنها ، وهي التي أشار إليها الإمام الشهيد الحسين بن علي بقوله : (( كأنّ بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواوويس وكربلا )) .
والطفّ : لوقوعها على جانب نهر العلقمي .
وكذا سمّيت بالغاضرية : لقربها من القرية التي يسكنها بني أسد ، والمسمّاة الآن بالحسينية ، وقرية كربله تقع شمال كربلاء الآن وشمال شرق الغاضرية .
وتسمّى بالحير : لأنّه حار الماء حول مرقده الطاهر عندما حرثوا وسقوا تراب كربلاء بالماء بأمر المتوكّل ، فلم يصل الماء للقبر فدار حوله وحار محيط به ، واليوم يعرف المحيط الذي يحيط بصحن الإمام الحسين بالحائر ، وينتسب له ناس كثيرون بالحائري ، يتشرّفون بلقبهم هذا ؛ لأنّهم في زمان سكنوا قرب هذا المحيط المقدّس فيلقّبون به ، ولهم به كلّ فخر فيتشرّفون بذكر مجاورتهم له ، واستقرّ اسمها القديم كربلاء لها وتعرف به اليوم دون غيره .
 


الصفحة (6)

البحث الثاني : موقع كربلاء في القلوب والأرض

أولاً : حقيقة موقع كربلاء في القلوب
تقع كربلاء في قلوب المؤمنين معلّمة للثورة والتضحية والفداء في سبيل إعلاء كلمة الله ودينه الحقّ ، وكربلاء في أرواح الطيّبين بقعة بيضاء لا تقبل الكفر والشرك والنفاق ، وفي لبّ أولياء الله فكرة الجهاد ورفض المتجبّرين والظلم والخنوع للطغاة والفسقة على طول التاريخ .
فكربلاء : هي العاصمة المعنوية للعراق ، والعاصمة الدينية لكلّ الأحرار والمؤمنين المحبّين لله ورسوله وآله الطيّبين الطاهرين وأسوتهم الحسين (عليه السلام) .

ثانياً : كربلاء في بقع الأرض
وتقع كربلاء : في بقع الأرض في آسيا ، وسط العراق مدينة مقدّسة ، على بعد 105 كم من بغداد عاصمة العراق ، وعلى جهتها اليمنى جدول الحسينية ، وهي في شرق الفرات وبساتينه الغنّاء ، وعلى حافتها الجنوبية والغربية بحيرة الرزازة وصحراء .
أو فقل تقريباً في شمالها بغداد عاصمة العراق الظاهرية ، وفي جنوبها النجف التي فيها مثوى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبي أبو عبد الله الحسين (عليهم السلام) ، وفي شرقها بابل وآثارها الحلّة ، وفي غربها الأنبار وبلاد الشام ، أي بادية الشام وأراضي الحجاز في شبه الجزيرة العربية .

كربلاء مدينة المعنى والظاهر في الأرض
فمَنْ يعرف كربلاء يدخل في حدودها فيكون فيها ، فيحدّه ويكون في حدود ما يحدّها في عالم المعنى :
من الشرق نور الإيمان ورضى الله والجنّة ، إن قبلها مبدأ وغاية في الهدف كما كان سيّدها .
وهي لمَنْ غرب عنها في قلبه فلم يعرفها في سرّه ، والمجانب لها في الأسوة والقدوة والتارك لها ، فهو في نار الكفر متحقّق وفي جحيم النفاق واقع ، وفي الشرك متورّط في ظاهره وباطنه ، بل هو من أتباع الاستعمار والصهاينة والطغاة الفسقة على طول التأريخ ، وفي جميع بقاع الأرض أو مَنْ مثلهم .
فمَنْ شم ثراها بالمعرفة الحقّة تشفّى عقلاً وإيماناً وهدى ، وغدا رجل الحقيقة والنضال ، والإيثار والصلاح ، والعدل والإحسان .
ومَنْ تجنّبها تجنّب عن الحسين وأبيه علي وأمّه فاطمة وأخيه الحسن وجدّه محمد (صلّى الله عليهم وسلم) ، والوحي وكلام الله القرآن بما فيه الأحكام والسنن ، فضلاً عن آيات الإمامة والمودّة والولاية ، وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر وكلّ ثواب وأجر .


الصفحة (7)

البحث الثالث : موقع كربلاء وبالخطوط والطرق المعنوية والأرضية

أولاً : موقع كربلاء على خطّ الطول والعرض المعنوي
تقع كربلاء على خطّ الطول في عالم المعنى ، على خطّ الصراط المستقيم الذي يوصل لرضى الله تعالى وكلّ نعيم ، وتطول بساكنها في المعنى والحقيقة والإيمان محلّ الكرامة في الجنّة ، حتى يحفّ المتمسك بكلّ وجوده بمنهج الحسين بالمقام المحمود معه عند جدّه نبي الرحمة في ملكوت السماء ، وعلى ضفاف الكوثر يسكن في الفردوس الأعلى في درجات العلى في مقام لدينا مزيد ، ولا عين رأت ولا أذن سمعت بكرامة الله لأوليائه وأحبائه المخلصين .
وتقع كربلاء على خطّ عرض الدين وحماته وشرفه وهيبته وعزّه ، فسرت في الزمان من أوّل التاريخ لآخره ، هيبة وكرامة وشرفاً لمَنْ قبلها وتمسك بمنهجها ، وفي المكان وسعت جميع بقاع الأرض ، فسكّانها كلّ الأحرار الطيّبين المؤمنين ، والموالين والمحبّين لله ولأوليائه من الرسل والأنبياء ، وبالخصوص نبيّنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين ومحبّيهم ، وإن كانوا هم في أماكنهم ومساكنهم في جميع بقاع الأرض .
فمَنْ تاه في بقاع المعنى وضلّ عن المعرفة الوسطى فمناره وعلامة هداه كربلاء ، تكون له كسيّدها مصباح هدى في أعلى منار الإيمان ، وسفينة نجاة تنجي من كلّ ضلال ، فيأتيه في كلّ زمان مجالس ذكرها مع ذكر الحسين المتجدّد عند المخلصين المؤمنين ، فيعرّفه الحقّ وأهله ، وإيثارهم وثورتهم من أجل الإصلاح ، وطلب العدل والإيمان من الطغاة فضلاً عن نفسه وأهله .
فكربلاء لمَنْ تعرّف عليها بحقّ تقع على حدّ العقل دليلاً للهدى ، ومناراً للتقى ، وبرهاناً يجلي العمى ، وفي وسط الفؤاد والقلب حقيقة معنى الإصلاح والعدل والإيمان والمحبّة ، فهي السالكة بالمؤمنين والصاحين لواقع الأمّة الوسطى ، فتدلّ ، بل تأخذ لمَنْ يسلك سبيلها لأعلى مراتب الإيمان واليقين بالله وتعاليمه الحقيقة الواقعية الصادقة ، فيصل بمعرفة حقيقة وجودها وغرض تقديسها ، لأعلى هدفه في طلب مراتب العدل والإحسان فيتنعّم برضى الرحمان في أعلى الجنان .

ثانيا : خطّ الطول والعرض الجغرافي
تقع مدينة كربلاء : على خط طول 44 درجة و40 دقيقة ، وعلى خط عرض 33 درجة و31 دقيقة .


الصفحة (8)

البحث الرابع  : التوسعة والإعمار لمدينة كربلاء

أولاً : التوسّع والعمارة المعنوية
توسّعت كربلاء فشملت قلوب جميع المؤمنين المخلصين والأحرار والثوار ، فسكنت قلوبهم تضحية وإيثار ، وتوسّعت في فؤادهم محبّة ، وفي أفكارهم مبدأ وعقيدة ، وفي كلّ آن تتجدّد مستمدة بركاتها من ساكنها الحقيقي ، سيّد الشهداء وأهل الجنّة ، والذي أعطها كلّ فخر وعزّة وشرف بعدما كانت صحراء على ضفاف نهر لا تروى ؛ لارتفاع أرضها نسبياً ، فارتفعت بسيّد الشهداء أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) ، فبلغت السماء علوّاً ورفعة ، ومجداً وشموخاً ، وأصبحت محطّ أنظار الشرفاء .
ولهذا اتّسعت لمَنْ سكنها وزارها من المؤمنين ، فحبّ البقاء فيها منتهل منها نور الإيمان والإخلاص للدين ، وللتحقّق بالطاعة لمعارف ربّ العالمين ، فأصبحت أحد مدن العراق المهمّة ، ومحافظاته الواسعة في العمران والسكن .
وتعرف تطوّرها التأريخي الحقيقي بالتدبّر في الفصول من صحيفة الحسين عند الحديث لذكرها عند الأنبياء ونبيّنا الأكرم والصالحين .
فأوّل مَنْ سكنها أبو عبد الله الحسين واثنان وسبعون من أصحابه وأهل بيته ، وأربعة آلاف من الملائكة ، وخمسين ألف ، ومئات الآلاف منهم يزوروه كلّ يوم ، فهي عامرة في عالم الروح والمعنى ، ومن أوسع مدن معارف الله سبحانه وتعالى ، تُعلّم التضحية والفداء والإيثار ، والعدل وطلب الإصلاح وكلّ خير وفضيلة علماً وعملاً لكلّ مَنْ يعرف حقيقة وجودها وسبب تقديسها .
وأمّا المتعلّمون فيها وعلماؤها ، فهم كلّ محبين آل محمد (عليهم السلام) ، وكلّ حرّ في دنياه وإن لم يخاف المعاد .
وأمّا سعتها ومحلاتها ، وسعت جميع قلوب المؤمنين ، فسكنت في قلوبهم ، بل سكنوا فيها بالفكر والعقيدة وهم في بلادهم ، فكان محلّها فكر المؤمن المحبّ لله ورسوله وآله الأطهار قبل قلبه .
وأمّا شوارعها وطرقها ، فهو الصراط المستقيم ، الموصل لرضى الله والجنّة وكلّ نعيم ، وفيها مسالك الكوثر والهدى ، والحديث عن النعيم لسيّد المرسلين في آله وفنائهم في هدى الله حتى الشهادة .
وأمّا أسواقها ، فهي تبيع السلوان للمبتلين والمصابين ، والصبر للمضطهدين والمستضعفين والمنكوبين ، والثورة والفداء والتضحية للثوار والأحرار ، فتمنحهم العزّ والكرامة وطلب الإصلاح والعدل والإحسان ، فيشترى بالإيمان بها منهجها ومبادئها حتى اليقين


الصفحة (9)

برضى الله وقبول الأعمال الصالحة نية وعملاً ، فيكون ربحها الجنّة وكلّ خير وكرامة ونعيم وشرف وعزّ وإباء ، ففيها شراء الأنفس وبيعها رضى الربّ ونعيم الدنيا والآخرة وكلّ هدى وصلاح ، وهباتها المجد التليد والعزّ الذي لا يبيد وكلّ كرامة لمَنْ من فيضها يقتبس وبحقّ يُريد .
ويخسر أكبر صفقة هدى مَنْ لم يدخل في سوقها ، ومَنْ ينكر فضلها فلم يشتري منها بقلبه وفكرة دين ومنهج للعقيدة ، ومَنْ يهجرها فلم يبيع فيها ولم يشترى منها ، يخسر الاطمئنان فيقع بالخوف والبوار والذلّ وكلّ عار ؛ لأنّه إمّا أن يكون من الطغاة والظالمين والمستكبرين ، أو من أتباعهم ومتورّط في حبالهم ، من حيث يدري أو لا يدري ، فهو أجير لهم اشتروه بثمن بخس الهوى والشهوات والأفكار الرديئة ، وليس بعد الحقّ إلاّ الضلال ، بل يلاحقه أنصار الحسين وطلاب العدل والإصلاح وكلّ فضيلة وفلاح للإثابة لرشده وطاعة هدى ربّه .
وكلّ هذا الفخار والمجد والعزّة جاء لكربلاء من أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) الإمام وخليفة رسول الله الثالث ، وخامس أصحاب الكساء المعصومين الذين طهرهم الله بآية التطهير ، وأورثهم الله تعالى الكتاب بآية الوراثة للذين اصطفى ، وأمر بمودّتهم واتّباعهم بآية المودّة واقتراف الحسنة ، وبرّهم بسورة الأبرار المسمّاة بسورة الإنسان والدهر ، وكثّرهم بسورة الكوثر ، فباهلوا كلّ سكّان الدنيا بآية المباهلة ، فنالوا بنيّنا محمد وآله الأطهار رضى الله ، وسكنوا نعيمه وصاروا صراطه المستقيم في سورة الحمد الفاتحة ، وتبعهم محبّوهم وأتباعهم والأرض التي سكنوها والهواء الذي استنشقوه لما سيعطي الله نبيّه فيرضى ، فيُرضي محبّيه ومحبّي سبطه الحسين وآله الأطهار بآية سيعطيك ربّك فترضى .
فهلمّ يا أخي المؤمن لحرم الحسين ، واسكن حريمه عقيدة وديناً ولو كنت في أقصى بقاع الأرض ؛ فإنّه من أجل العدالة وطلب الإصلاح والهدى ، يجب أن يكون عندك كلّ أرض كربلاء ، بل كلّ يوم عاشوراء ، معلن رفضك للظلم والطغيان ولو في قلبك بأضعف الإيمان ، فضلاً عن القلم واللسان وكلّ ما يوصل لتطبيق الخير والفضيلة والبرّ والإحسان ، بل والإيمان بكلّ هدى الرحمان الذي علّمه الحسين وآله الكرام (صلّى الله عليهم وسلم) وتطبيقه .

ثانياً : التوسعة والإعمار الظاهري
وأمّا التوسعة والإعمار الظاهر لمعرفة تاريخ كربلاء ، وبناء الضريح المقدّس وقبته الشامخة وتوسعتها وسكانها ، يتلخّص :
بُنيت كربلاء منذ مثوى الحسين (عليه السلام) وصحبه الكرام فيها ، فلم تخلوا من الزوّار وتوسّعت بين المدّ والجزر ، حتى اتّخذت البيوت قربها في زمن الأمويّين والعباسيّين ، واستقر بناؤها وتوسّعها


الصفحة (10)

بدون جزر من زمن المنتصر ، الملك العباسي المؤمن ابن الملك الناصبي المتوكّل العباسي في سنة 247 للهجرة ، وشُيّدت قبّة كبيرة على المرقد الطاهر سنة 280 هجري بأمر الداعي العلوي ، وسنة 371 للهجرة توسّعت وعمرت في زمن عضد الدولة البويهي ، واستمرت في العمران والسعة على طول التاريخ ، وسلمت من فتن النواصب وعدائهم لأهل البيت في أغلب تأريخها ، إلاّ ما ندر في فترات قصيرة من تأريخها ، وبالخصوص ممّا جاء في زمن أذناب الاستعمار الوهابية ، الذين اعتدوا على المرقد وسرقوا ما فيه في زمان توسّعهم وبدعمه وتأييده ، وهم الآن يده الضاربة يدرون أو لا يدرون .
والآن بحمد الله ، المرقد الطاهر فيه حضرة وصحن ومنارة يندر وجود مثلها في جميع الدنيا ، إلاّ ما كان في المراقد المقدّسة الأخرى التي يرعاها المؤمنون ، ومدينة كربلاء مدينة واسعة ، وهي الآن من أكبر محافظات العراق وأجملها ، وللتوسعة في معرفة تاريخ كربلاء اقرأ الكتب التالية :
كربلاء في الذاكرة ـ تأليف سلمان هادي طعمة ـ ط1سنة1988م بغداد .
تراث كربلاء ـ سلمان هادي طعمة ـ ط1سنة 1983 م .
موسوعة العتبات المقدسة ج8 ط2 سنة 1987 م .
العراق قديماً وحديثاً ـ السيد عبد الرزاق الحسني .
المدن الإسلامية ـ مؤسسة الموسوعة الكومبيوترية .
وأمّا المصدر المعنوي لما قرأت ، فهو حتى اليقين الاقتداء بسيّد الشهداء وحبّه وجعله أسوة ، والمجاورة المعنوية لأبي الأحرار على طول العمر في الدنيا والآخرة إن شاء الله ، والسكن قربه في الروح والقلب والفكر والعقل بإذن الله ، والسكن في الحائر قربه في باب السلطانية في البدن عند ريعان الشباب ، وفي الكهولة إن شاء الله بعد الهجرة القهرية التي أبقيت الروح عنده .
وأمّا المصدر الكتبي ، صفحة كربلاء من كتاب المدن الإسلامية ، المنشور على شبكة رافد للتنمية الثقافية ، وكتاب الملهوف ص26 ، تراث كربلاء 19 .


الصفحة (11)

البحث الخامس : تأريخ كربلاء في سطور

وذكر في كتاب المدن الإسلامية في فصل كربلاء المقدّسة من ذاكرة التاريخ ، نزل فيها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أثناء مروره إلى حرب صفين ، وشوهد فيها متأمّلاً لما فيها من أطلال وآثار ، فسُئل عن ذلك .
فقال (عليه السلام) : (( إنّ لهذه الأرض شأناً عظيماً ، فهاهنا محط ركابهم ، وهاهنا مهراق دمائهم )) . فسُئل عن ذلك .
فقال (عليه السلام) : (( ثقل لآل محمد (صلّى الله عليه وآله) ينزلون هاهنا )) .
أقول : ذكرنا في فصول صحيفة الإمام الحسين بحوث في معرفتها للأنبياء ، وبالخصوص نبيّنا محمد (صلّى الله عليه وآله) بإخبار جبرائيل (عليه السلام) لكلّ وقائع كربلاء وآثارها .
ـ سنة 61 هـ لمّا انتهى الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء ، وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد .
قال : (( ما اسم تلك القرية ؟ )) وأشار إلى العقر .
فقيل له : اسمها العقر ، فقال (عليه السلام) : (( نعوذ بالله من العقر . فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها ؟ ))
فقالوا : كربلاء ، قال : (( أرض كرب وبلاء )) .
ـ في العاشر من المحرّم سنة 61 هـ استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الميامين فيها ودفن في الحائر المقدّس .
ـ في عهد يزيد بن معاوية حدثت ثورة يزيد بن المهلّب في ميدان العقر بالقرب من كربلاء ، على ضفة الفرات ودارت هنالك معركة رهيبة أسفرت عن هزيمة الثوار أمام جيش مسلمة بن عبد الملك قائد جيش يزيد .
ـ سنة 369 هـ حدثت غارة ضبّة بن محمد الأسدي على كربلاء عندما كان أميراً لعين التمر .
ـ سنة 479 هـ غارت خفاجة على كربلاء في زمن إمارة سيف الدولة .
ـ سنة 795 هـ وقعت هجمات تيمور لنك على كربلاء .
ـ سنة 858 هـ استولى مولى ( علي المشعشعي ) على كربلاء ونهب المشهد الحسيني ، وقتل أهلها ، وأسر مَنْ بقي منهم إلى دار ملكه في البصرة .
ـ سنة 1013 هـ غزت قبيلة آل مهنا كربلاء بزعامة أميرها المدعو ( ناصر بن مهنا ) وبسطت زعامتها على المدينة 40 عاماً إلى سنة 1053 هـ .
ـ سنة 1216 هـ أغار الوهابيّون على مدينة كربلاء بقيادة سعود بن عبد العزيز وقتلوا كثيراً من أهلها في الأسواق والبيوت ، وهدموا قبّة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ، ونهبوا جميع ما في المدينة والمرقد الشريف من أموال وسلاح ولباس وفضة وذهب ، وكانت تسمّى بحادثة ( الطفّ الثانية ) .


الصفحة (12)

ـ سنة 1534 م احتل العثمانيون العراق ، وقام السلطان سليمان القانوني بحفر نهر من الفرات سمّي ( النهر السليماني ) وهو نهر الحسينية الحالي .
ـ سنة 1241 هـ / 1825 م وقعت حادثة المناخور في عهد الوالي داود باشا ، حيث حاصرت قوات داود باشا كربلاء بقيادة أمير خيالته ( سليمان ميراخور ) حيث حاصرها واستباح حماها لمدة 8 اشهر.
ـ سنة 1258 هـ / 1842 م وقعت حادثة محمد نجيب باشا إذ أجبر سكان مدينة كربلاء بقوّة السلاح للخضوع لحكم العثمانيين .
ـ سنة 1623 م احتل الإيرانيون العراق بزعامة الشاه عباس الصفوي .
ـ سنة 1638 م حاصر السلطان العثماني مراد الرابع مدينة كربلاء .
ـ سنة 1293 هـ / 1876 م حدثت حركة علي هدلة المناوئة للحكومة العثمانية .
ـ سنة 1923 م هاجم الوهابيّون مدينة كربلاء مرّة ثانية .
ـ سنة 1920 م اندلعت الثورة العراقية المسمّاة ( ثورة العشرين العظيمة ) ، وكان اندلاعها من مدينة كربلاء التي اتُّخذت معقلاً للثوار ، وعلى رأسهم المرحوم الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي ، وإصداره فتواه بتحريم انتخاب غير المسلم لحكم العراق .
ـ في 29حزيران 1920م أُلقي القبض على الشيخ محمد رضا نجل الإمام الشيرازي مع تسعة من الشيوخ والأعلام المجاهدين ، وتمّ تسفيرهم إلى هنكام .
ـ سنة 1980 م وفي مراسم إحياء أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) ، اصطدمت مواكب المشاة من جميع المحافظات العراقية من أنصار الحسين (عليه السلام) مع السلطات العراقية ، وذلك عندما حاولت القوات منعهم من زيارة الحسين (عليه السلام) ، وحدوث انتفاضة رجب الخالدة في زمن نظام البعث المجرم .
ـ سنة 1991 م في انتفاضة 15 شعبان تحرّرت من الطغاة فترة ، ولكنّها قصفت قوات النظام الحاكم في العراق قبّة المشهد الحسيني الشريف فدمّرت جزءاً منها ، وذلك خلال أحداث انتفاضة شعبان الخالدة ، وكان قائد النظام ـ زوج ابنت الطاغية صدام ـ هدام ـ حسين دكتاتور العراق ، وكان وزيراً له ـ المسمّى بحسين ناقص ( كامل ) ، فوكّل بالتصدّي لانتفاضة الثوار في كربلاء ، فرمى القبّة الشريفة بقذيفة دبابة أثّرت فيها ثقباً ، وقال في كلمته الخبيثة مخاطب الإمام الحسين أنت حسين وأنا حسين وسترى مَنْ ينتصر .
هذا وقد اُصلحت القبة الطاهرة ورجعت كما كانت بعد مدّة قصيرة ، وهذا اللعين المسمّى بحسين ناقص بعد أشهر خرج على طاغيته فقتله وقتل أبيه وإخوته شرّ قتله فأنتقم الله منه وأخزاه ،


الصفحة (13)

وهذا المعتدي على حرم الحسين (عليه السلام) الآن في نار جهنم يغدوا عليها ويمسي فيها ، وهو متيقّن إنّ سيّد الشهداء انتصر عليه وعلى أمثاله بمظلوميته على طول التأريخ .
فالسلام على كلّ الثوار والشهداء والأحرار ، وكلّ مَنْ يأخذ منهج الحسين (عليه السلام) مبدأ وعقيدة ، فيسلك سبيله بصراط مستقيم حتى يصل لغايته ، إمّا النصر بتطبيق هداه أو الشهادة ، فيكون بكلّ وجوده وفي كلّ آن طالب للعدل وللإصلاح وللإحسان وعن هدى وإيمان ، فيتعبّد لله تعالى بدين الحسين (عليه السلام) ، حتى يكون بكلّ وجوده في جوار رضى الرحمن ، فيسكن كربلاء المعنى والهدى أين ما كان من بقاع الدنيا .
يا إلهي ، لا إله إلاّ أنت ، أنت الذي أمرتنا بالاقتداء بالصالحين المتّقين ، وهذا سيّد شباب أهل الجنّة ، وسبط نبيّك محمد سيّد الأنبياء والمرسلين ، والذي كان الحسين منه وجوداً ، ونبيّنا منه استمرار للأسوة والقدوة ، والخير والفضيلة ، والصلاح والدين وكلّ هدى ، فاجعلنا منهم ومعهم منتسبين ومتسبّبين حتى اليقين بحقّ محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، ورحم الله مَنْ قال آمين .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عبادة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ومنزلته ...
في رحاب مولد الإمام الرضا (عليه السلام) مراجعة ...
قبس من أخلاق سيدنا الإمام زين العابدين
العشرة الأوائل من ذي الحجة الحرام
خطبة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في المدينة ...
أخلاق الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) مع ...
أقوال علماء أهل السنة في اختصاص آية التطهير ...
الامام السجاد عليه السلام
وصايا الإمام الصادق ( عليه السلام )
إضاءاتٌ هادية من كلمات الإمام الباقر عليه ...

 
user comment