عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

حول موالاة الكافرين تقيةً

الآية الثانية : حول موالاة الكافرين تقيةً :
ويدل عليه قوله تعالى : ( لا يَتَّخِذِ المُؤمِنُونَ الكافِرينَ أوليَاءَ مِنْ دُونِ المُؤمِنينَ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شيءٍ إلاَّ أنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وإلى اللهِ المَصيرُ ) (1).
____________

=

496 ، ط4 ، المكتب الاِسلامي ، بيروت | 1407 هـ . والتفسير الكبير | الفخر الرازي 20 : 121 ، ط3 . والمغني | ابن قدامة 8 : 262 و10 : 97 مسألة 7116 ، ط1 ، دار الفكر، بيروت| 1404 هـ . والجامع لاَحكام القرآن | القرطبي 10 : 181 ، دار إحياء التراث العربي . وأنوار التنزيل وأسرار التأويل | البيضاوي 1 : 571 ، ط2 ، مصر | 1388 هـ . وتفسير الخازن | علي بن محمد الخازن الشافعي 1 : 277 . وتفسير ابن جزي الكلبي : 366 ، دار الكتاب العربي ، بيروت | 1403 هـ . وتفسير البحر المحيط | أبو حيان الاَندلسي 5 : 538 ، ط2 ، دار الفكر ، بيروت | 1403 هـ . وتفسير القرآن العظيم| ابن كثير 2 : 609 ، ط1، دار الخير، دمشق | 1990 م . وغرائب القرآن | النيسابوري 14 : 122 مطبوع بهامش تفسير الطبري ، ط2 ، دار المعرفة ، بيروت | 1392 هـ . وفتح الباري شرح صحيح البخاري | ابن حجر العسقلاني 12 : 262 ـ 263 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت | 1406 هـ . ومنهاج الطالبين | النووي الشافعي 4 : 137 ، 174 دار الفكر ، بيروت . وانظر تعليق الشربيني عليه في مغني المحتاج في شرح المنهاج 4 : 137 مطبوع بهامش منهاج الطالبين. وروح البيان | البرسوي الحنفي 5 : 84 ، ط7 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت | 1405 هـ . وفتح القدير | الشوكاني 3 : 197 ، دار المعرفة ، بيروت . وتفسير النووي (مراح لبيد) 1 : 466 . ومحاسن التأويل | القاسمي 10 : 165 ، ط2 ، دار الفكر ، بيروت | 1398 هـ . وتيسير التفسير | محمد بن يوسف أطفيش الاَباضي 7 : 97 ، طبعة وزارة التراث القومي والثقافي في سلطنة عمان . وتفسير المراغي 14 : 146 ، ط2 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت| 1985 م . وصفوة التفاسير | محمد علي الصابوني الوهابي ،ط1 ، عالم الكتب ، بيروت | 1406 هـ .
أقول : إنما ذكرنا هذه القائمة الطويلة من مصادرتفسر الآية ـ وكلها مصادر غير شيعية ـ لكي يعلم من مراجعتها اتفاقهم جميعاً على مشروعية التقية في حالة الاكراه عليها ، ولكن بعض المتطفلين على من الكلام الذي ليس له في ميزان العلم أي وزن ولا اعتبار .
1) سورة آل عمران : 3 | 28 .


( 42 )

هذه الآية المباركة ما أصرحها بالتقية ، وقد مرّ في تعريف التقية لغةً بأنه لا فرق بين علماء اللغة بين (التقاة) و (التقية) فكلاهما بمعنى واحد ، ومن هنا قرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو رجاء ، وقتادة ، والضحاك ، وأبو حيوة ، وسهل ، وحميد بن قيس ، والمفضل عن عاصم ، ويعقوب ، والحسن البصري ، وجابر بن يزيد : (تَقِيَّةَ) (1).
وقد أخرج الطبري في تفسير هذه الآية ، من عدة طرق ، عن ابن عباس، والحسن البصري ، والسدي ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومجاهد ابن جبر ، والضحاك بن مزاحم جواز التقية في ارتكاب المعصية عند الاكراه عليها كاتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين في حالة كون المتقي في سلطان الكافرين ويخافهم على نفسه ، وكذلك جواز التلفظ بما هو لله معصية بشرط أن يكون القلب مطمئناً بالايمان ، فهنا لا أثم عليه (2).
هذا مع اعتراف سائر المسلمين بأن الآية لم تنسخ فهي على حكمها منذ نزولها وإلى يوم القيامة ، ولهذا كان الحسن البصري يقول : (إنَّ التقية جائزة إلى يوم القيامة) . حكاه الفقيه السرخسي الحنفي ، وقال معقباً : (وبه نأخذ ، والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه) (3).
واحتج إمام المذهب المالكي (مالك بن أنس) بهذه الآية ، على أن
____________
1) اُنظر : حجة القراءات | أبو زرعة : 160 . ومعاني القرآن | الزجاج 1 : 205 . وتفسير الرازي 8 : 12 . والنشر في القراءات العشر 3 : 5 . والجامع لاَحكام القرآن 4 : 57 . والبحر المحيط 2 : 424 . وفتح القدير 1 : 303 .
2) تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) 6: 313 ـ 317 ، ط2 ، دار المعرفة ، بيروت | 1392 هـ .
3) المبسوط | السرخسي 24 : 45 من كتاب الاكراه .


( 43 )

طلاق المكره تقية لا يقع ، ونسب هذه الفتيا إلى ابن وهب ورجال من أهل العلم ـ على حد تعبيره ـ ثم ذكر اسماء الصحابة الذين قالوا بذلك أيضاً ، ونقل عن ابن مسعود قوله : (ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان إلاّ كنت متكلماً به) (1).
وقال الزمخشري في تفسير : ( إلاَّ أنْ تَتَّقُوا مَنْهُم تُقَاةً ) : (إلاّ أن تخافوا أمراً يجب اتقاؤه تقية.. رخص لهم في موالاتهم إذا خافوهم ، والمراد بتلك الموالاة : مخالفة ومعاشرة ظاهرة ، والقلب بالعداوة والبغضاء وانتظار زوال المانع) (2).
وأما الفخر الرازي فقد بين في تفسير الآية أحكام التقية ، قائلاً : (إعلم أن للتقية أحكاماً كثيرة ، إلى أن قال :
الحكم الرابع : ظاهر الآية يدل على أن التقية إنّما تحلّ مع الكفار الغالبين ، إلاّ أن مذهب الشافعي : إنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلّت التقية محاماة على النفس .
الحكم الخامس : التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال ؟
يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « حرمة مال المسلم كحرمة دمه » ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قتل دون ماله فهو شهيد » ، ولاَن الحاجة إلى المال شديدة ، والماء إذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء ، وجاز الاقتصار على التيمم رفعاً لذلك القدر من نقصان المال ! فكيف لا يجوز هاهنا ؟) .
____________
1) المدونة الكبرى | مالك بن أنس 3 : 29 ، مطبعة السعادة ، مصر .
2) الكشاف | الزمخشري 1 : 422 .


( 44 )

ثم رجّح بعد هذا قول الحسن البصري (التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة) على قول من قال بأنّها كانت في أول الاِسلام ، وقال : (هذا القول أولى ؛ لاَن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الامكان) (1).
هذا وقد نقل أبو حيان الاَندلسي المالكي في البحر المحيط ، في تفسير الآية المذكورة قول ابن مسعود : (خالطوا الناس وزايلوهم وعاملوهم بما يشتهون ، ودينكم فلا تثلموه) .
وقول صعصعة بن صوحان لاُسامة بن زيد : (خالص المؤمن وخالق الكافر ، إنّ الكافر يرضى منك بالخُلق الحسن) .
وقول الاِمام الصادق عليه السلام : « إن التقية واجبة ، إني لاَسمع الرجل في المسجد يشتمني فأستتر منه بالسارية لئلا يراني » . ثم قال بعد ذلك ما هذا نصّه :
(وقد تكلم المفسرون هنا في التقية إذ لها تعلق بالآية ، فقالوا : أمّا الموالاة بالقلب فلا خلاف بين المسلمين في تحريمها ، وكذلك الموالاة بالقول والفعل من غير تقية ، ونصوص القرآن والسُنّة تدل على ذلك .
والنظر في التقية يكون : فيمن يتقى منه ، وفيما يبيحها ، وبأي شيء تكون من الاَقوال والاَفعال ؟
فأما من يتقى منه : فكل قادر غالب يكره يجوز منه ، فيدخل في ذلك الكفار ، وجورة الرؤساء ، والسلابة ، وأهل الجاه في الحواضر .
وأمّا ما يبيحها : فالقتل ، والخوف على الجوارح ، والضرب بالسوط ،
____________
1) التفسير الكبير | الفخر الرازي 8 : 13 .


( 45 )

والوعيد ، وعداوة أهل الجاه الجورة .
وأمّا بأي شيءٍ تكون ؟ من الاَقوال : فبالكفر فما دونه ، من بيع ، أو هبة وغير ذلك . وأمّا من الاَفعال : فكل محرم.. وقال مسروق : إن لم يفعل حتى مات دخل النار ، وهذا شاذ) (1).
ما يدل على جواز التقية بين المسلمين أنفسهم :
وجدير بالاشارة هنا ، هو ما صرّح به فقهاء الفريقين ومفسروهم من جواز التقية بين المسلمين أنفسهم استناداً إلى طائفة اُخرى من الآيات الكريمة من قبيل قوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) (2). فهو : (يدل على حرمة الاقدام على ما يخاف الاِنسان على نفسه أو عرضه أو ماله) (3).
وقد استدل الفخر الرازي بهذه الآية على وجوب التقية في بعض الحالات ، لقوله بوجوب إرتكاب المحرم بالنسبة لمن اُكره عليه بالسيف ، وعدّ امتناع المكره حراماً ؛ لاَنّه من القاء النفس إلى التهلكة ، مع أن صون النفس عن التلف واجب استناداً إلى هذه الآية (4)، ولا معنى لوجوب ارتكاب المكره للمحرم غير التقية .
ومن ذلك ، قوله تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) (5)، والحرج هو الضيق لغة ، والتقية عادة ما يكون صاحبها في حرج شديد ،
____________
1) تفسير البحر المحيط | أبو حيان 2 : 424 .
2) سورة البقرة : 2 | 195 .
3) مواهب الرحمن | السيد السبزواري في تفسير الآية المذكورة .
4) التفسير الكبير | الفخر الرازي 20 : 21 في تفسير الآية 106 من سورة النحل .
5) سورة الحج : 23 | 78 .


( 46 )

ولا يسعه الخروج من ذلك الحرج بدونها .
ومنه أيضاً ، قوله تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) (1).
فقد جاء تفسيرها عن الاِمام الصادق عليه السلام بالتقية ، فقال عليه السلام : « التي هي أحسن : التقية» (2).
إلى غير ذلك من الآيات الاُخرى المستدل بها على جواز التقية بين المسلمين أنفسهم فضلاً عن جوازها للمسلمين مع غيرهم (3)، زيادة على ما سيأتي في أدلتها الاُخرى كالسنة المطهّرة ، والاجماع ، والدليل العقلي القاضي بعدم الفرق في تجنب الضرر سواء كان الضرر من مسلم أو كافر .


0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وقفوهم إنهم مسئولون
مكانة السيدة المعصومة (عليها السلام):
يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا
ملامح شخصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام
أحاديث في الخشية من الله (عزّ وجلّ)
أقوال علماء أهل السنة في اختصاص آية التطهير ...
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة
معرفة فاطمة عليها السلام
علي مع الحق - علي مع القرآن - شبهة وجوابها - خلاصة ...
صدق الحدیث

 
user comment