إسلام هَمْدان
بعد غزوة تبوك في عام الوفود قَدِم المدينةَ طائفةٌ من رؤساء قبيلة همدان، وهم مالك بن نمط، وأبو ثور، ومالك بن أيفع، وضِمام بن مالك، وعُميرة بن مالك، عليهم مقطّعات الحِبرات والعمائم العدنيّة، فجاءوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فخطب مالك بن النمط فقال: يا رسول الله؛ نَصيّة(16) من همدان من كلّ حاضرٍ وبادٍ، أتَوك على قُلُص نواجٍ، متّصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومةُ لائم...
فكتب لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله كتاباً على أنّ لهم أرضهم ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، لهم بذلك عهدُ الله وذِمام رسوله، وشاهدُهم المهاجرون والأنصار. فقال في ذلك مالك بن نمط أبياتاً جاء فيها:
حلفـتُ بـربِّ الـراقصـاتِ إلـى مِنـى |
صَوادرَ بالرُّكبـان من هَضْب قَـرْدَدِ(17) |
|
بـأنّ رســول الله فـيـنـا مُـصَـدَّقٌ |
رسولٌ أتى من عِند ذي العرش مُهتدي(18) |
وذكر الطبريّ في تأريخه أنّ الإسلام قد انتشر في اليمن على يد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقد كتب يقول: عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فكنتُ فيمن سار معه، فأقام عليه ستّة أشهر لا يُجيبونه إلى شيء، فبعث النبيّ صلّى الله عليه وآله عليّ بن أبي طالب وأمره أن يُقفِل ( أي يُرجع ) خالداً ومن معه، فإن أراد أحدٌ ممّن كان مع خالد بن الوليد أن يعقب معه تركه.
قال البراء: فكنتُ فيمن عقب معه.. فلمّا انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر، فجمعوا له، فصلّى بنا عليٌّ الفجرَ، فلمّا فرغ صفَّنا صفّاً واحداً، ثمّ تقدّم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قرأ عليهم كتاب رسول الله صلّى الله عليه وآله، فأسلمت هَمْدان كلُّها في يومٍ واحد، وكتب بذلك إلى رسول الله صلٍّى الله عليه وآله، فلمّا قرأ كتابه خرّ ساجداً، ثمّ جلس فقال: السلام على هَمْدان، السلام على همدان. ثمّ تتابع أهلُ اليمن على الإسلام(19).
قبيلة خَوْلان
تنتمي قبيلة خَولان إلى سبأ، وذكر علماء الأنساب نسبها كالتالي: خَولان بن عمرو بن مالك بن حارث بن مُرّة بن أُدَد بن زيد بن عمرو ( يَشْجُب ) بن عريب بن كهلان بن سبأ.
وخولان احدى قبائل اليمن الكبيرة، عُرف رجالها بالبأس والقوّة، وعُرفوا بالتمرّد على الحكومات المتعاقبة السبئيّة والمَعينيّة والفارسيّة. وتقطن قبيلة خَولان إلى جوار مأرب والصرواح، وقد هاجر بعض رجالها إلى شرق صنعاء فسكنوا المناطق المسمّاة بـ « حَولان العالية »، ومن مدنهم مدينة « صَعْدة » التي تبعد عن صنعاء ستّين فرسخاً، وشرف البياض والقيوان.
إسلام خَولان
في شهر شعبان من السنة العاشرة للهجرة قدم وفد خَولان إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وأعلنوا إسلامهم وإيمانهم بالله وبرسوله، فسألهم رسول الله صلّى الله عليه وآله عن صنمهم « عُميانس » فأخبروه أنّهم يتحاشونه كما يتحاشون الجَرْبى، وأنّ الله أبدلهم به الأحكام التي جاء بها رسول الله صلّى الله عليه وآله، ووعدوا النبيّ صلّى الله عليه وآله بأنّهم سيكسرون صنمهم فور عودتهم. ثمّ إنهم سألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله عن أحكام دينهم فأجابهم صلّى الله عليه وآله، وأمر الصحابة بتعليمهم القرآن والأحكام، وأمر لكلّ واحد منهم باثنتي عشرة أوقيّة ونصف الأوقية. فلمّا عادوا إلى ديارهم، بادروا إلى صنمهم فكسروه قبل أن يحطّوا رحالهم عن الرواحل، ثمّ إنّهم أحلّوا ما أحلّ لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وحرّموا ما حرّم.(20)