كانت عبادتهم بلا علم وثقافة :
السؤال : كيف تفسّرون قتل الخوارج لزوجة عبد الله بن الخباب ؟ وبقر بطنها رغم حملها ، مع أنّ حركتهم كانت ذات طابع دينيّ ؟
الجواب : لاشكّ ولا ريب أنّ عبادة العالم تعادل عبادة الجاهل بأضعاف مضاعفة ، وذلك لأنّ العابد غير العالم لا يؤمن من وقوعه في الأخطاء الفاحشة ، والخوارج من أمثال هؤلاء ، عبادتهم بلا علم وثقافة دينية ، فوقعوا بما وقعوا فيه .
( كميل . عمان . 22 سنة . طالب جامعة )
السؤال : أسألكم عن كيفية التوفيق بين دخول الخوارج النار ، وبين أنّهم أرادوا الحقّ فأخطاؤوه ، وذلك لأنّ الإنسان يحاسب بحسب عقله ، وهؤلاء أرادوا الحقّ، فكيف يستقيم أن يدخلوا النار ؟
الجواب : علينا أوّلاً إثبات صحّة الحديث القائل : أنّهم أرادوا الحقّ فأخطاؤوه ، وعلى فرض صحّة الحديث ، فإنّ المقصود من أخطاؤوه عدم إصابتهم للحقّ ،
____________
1- بحوث في الملل والنحل 5 / 264 .
|
الصفحة 474 |
|
وعدم الإصابة تكون غالباً عن تقصير في طلب الحقّ ، وتدخّل الأهواء النفسانية وحبّ الدنيا .
الكلّ يدّعي أنّه يريد الحقّ ، ولكن بعضهم يصل ، وبعضهم لا يصل ، والذي وصل تجرّد عن كلّ التعصّبات ، وكانت بغيته الوحيدة إصابة الحقّ ، وأمّا من لم يصل فعلى قسمين :
1ـ قاصر ، وهذا القسم لا يصدق على الخوارج ، الذين أدرك الكثير منهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمع حديثه ، أو سمع ممّن سمع حديث الرسول ، الأحاديث التي صرّح فيها بوجوب لزوم علي (عليه السلام) ، وأنّه مع الحقّ والحقّ معه ، فالخوارج لا يصدق عليهم القصور ، بل يشملهم الشقّ الثاني .
2ـ مقصّر ، وهذا يشمل اللذين تمكّنوا من تحصيل العلوم والوصول إلى الحقّ ، كالخوارج الذين سمعوا حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أو عاشروا من سمع حديثه .
( كميل . عمان . 22 سنة . طالب جامعة )
تعليق على الجواب السابق وجوابه :
السؤال : إذا كان الخوارج مقصّرين ؛ فلم قال الإمام علي (عليه السلام) في حقّهم : ليس من أراد الحقّ فأخطأه كمن أراد الباطل فأصابه ، وليس فقط الإمام علي ، وإنّما الإمام الحسن أيضاً ، حينما أرسل إليه معاوية لحرب الخوارج .
الجواب : يكون المعنى : ليس من أراد الحقّ ( فقصّر في طلبه ) فأخطأه ( أي : لم يصبه ) كمن أراد الباطل ( من البداية ) فأصابه .
فهنا الكلام في مقام المقايسة بين القسم الأوّل والقسم الثاني ، وقطعاً فإنّ من أراد الحقّ من البداية ولكن قصّر في طلبه ، وتدخّلت عوامل حبّ الدنيا ، واستولى الشيطان على قلبه فلم يصب الحقّ ، هذا القسم ليس كمن طلب الباطل من أوّل الأمر .
|
الصفحة 475 |
|
( كميل . عمان . 22 سنة . طالب جامعة )
لم يكن اندفاعهم للموت مشروعاً :
السؤال : أودّ سؤالكم عن الآية : { فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (1) ، ما فهمت من هذه الآية : أنّ من تمسّك بالمذهب الحقّ ، هم من بالفعل يتمنّون الشهادة ، ولكن في التاريخ نرى أُناساً يحرصون على الشهادة بالرغم من بغضهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، مثل الخوارج ؛ فكيف التوفيق ؟
الجواب : لابدّ من معرفة معنى الآية والمقصود منها ، لتتّضح لنا جوانب الشبهة وإمكانية حلّها .
إنّ الآية الكريمة في صدد الإخبار عن الذين تهوّدوا ، وقالوا نحن أحباء الله وأولياؤه ، فأراد القرآن ردّ هذه الدعوى وتكذيبها ، فقال على سبيل التعجيز : { فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، ثمّ أجاب في نفس السورة { وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } (2) ، لأنّ ما ارتكبوه من مخالفةٍ لأوامره تعالى ، وعدائهم لرسل الله تيقّنوا من أنفسهم بسوء مصيرهم ، وسوء منقلبهم كذلك ، ولذا فهم لا يتمنّون الموت ، ولا يتمنّون لقاءه تعالى .
أمّا الفرق المنحرفة المبغضة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإنّ اندفاعهم للموت لم يكن مشروعاً وحقّاً ، وذلك لأنّ اعتقادهم الباطل يدفعهم إلى الموت بدافع العناد ، وليس الإيمان الحقّ لقضيّتهم وهدفهم واعتقادهم ، وهناك فرق بين من يتمنّى الموت بدافع الحقّ ، وبين من يتمنّى الموت بدافع العناد والجهل .
ألا ترى من اندفاع بعض الكفّار الذين لا يعتنقون الإسلام ـ بل لعلّهم لا يؤمنون بالله تعالى ـ يندفعون إلى الموت لتحقيق غاياتهم وأهدافهم ، كالذي يقوم بعمليةٍ انتحارية لدافع دنيوي لانتسابه إلى منظّمة سياسية مثلاً ، أو كالذين
____________
1- البقرة : 94 .
2- البقرة : 95 .
|
الصفحة 476 |
|
قرّروا الانتحار الجماعي في نهاية القرن الميلادي العشرين ، بدعوى انتهاء العالم ، فهل تحسب هؤلاء اندفعوا للموت لقناعتهم في لقاء الله تعالى ؟
وهكذا حال الخوارج ومن ماثلهم من الفرق ، فإنّ اندفاعهم للموت لا يكون إلاّ عن عنادٍ وجهل ، وليس بدافع الحبّ الإلهيّ المحض ، ولا عليكم في دعاويهم ، بل عليك بواقع الحال ، وما يقتضيه الإيمان بالله تعالى ، وما تتطلّبه شروط الشهادة من أجله تعالى .
|
الصفحة 477 |
|
( أبو سلطان . عمان . ... )
السؤال : لدي سؤال يرجى التكرّم بالردّ عليه مشكورين .
ورد في دعاء الصلوات ـ الذي أورده الشيخ القمّيّ في مفاتيح الجنان ، نقلاً عن المصباح ، والذي درج الشيعة على قرائته ، ظهر يوم الجمعة بعد الصلاة ـ في الفقرة الأخيرة من الصلوات : ( اللهم صلّ على محمّد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن الرضا ، والحسين المصفّى ، وجميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين ، والصراط المستقيم ، وصلّ على وليّك وولاة عهدك ، والأئمّة من ولده ، ومدّ في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة ، إنّك على كلّ شيء قدير ) .
الأمر الذي يؤدّي إلى إثارة عدد من التساؤلات، نوجزه على النحو التالي :
1ـ ما هو رأي سماحتكم ؟ ورأي الأعلام في سند هذا الدعاء ؟
2ـ هل يتطابق هذا المتن وهذا المضمون مع عقائد الإمامية ، التي تقضي بحصر الإمامة في الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) ؟
3ـ في حالة صحّة السند ، ما هو توجيه هذا المضمون ؟
4ـ وفي هذا الصدد ، ما هو رأيكم ورأي الأعلام فيما أورده الشيخ الصدوق عن وجود اثني عشر مهديّاً بعد الإمام المهديّ (عليه السلام) ؟ يرجى التكرّم بالإجابة على هذه الاستفسارات .
الجواب : يمكن حمل عبارة ( وصلّ على وليّك ) على أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، بقرينة ( والأئمّة من ولده ) ، حيث لا يوجد أئمّة من غير أبناء علي (عليه السلام) ،
|
الصفحة 478 |
|
أوّلهم الإمام الحسن ، وآخرهم الإمام المهديّ .
وأمّا قوله : ( ومدّ في أعمارهم ) يمكن أن يكون المقصود خصوص الإمام الحجّة (عليه السلام) ، وإن كان الاستعمال لضمير الجمع ، وهذا لا مانع منه في اللغة ، حيث نراه مستعملاً في القرآن ، كقوله تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } (1) ، حيث كان القائل واحداً ، وكذا قوله تعالى في آية المباهلة : { قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ... } (2) ، حيث عبّر بضمير الجمع في { وَنِسَاءنَا } ، مع أنّه لم يكن غير فاطمة الزهراء(عليها السلام) بين الحضور .
كما يمكن حملها على روايات الرجعة ، وهي متواترة إجمالاً ، لا على نحو التفصيل ، لذا لا يجب الاعتقاد بجميع تفاصيل روايات الرجعة ، لأنّها أخبار آحاد ، وهذا ما تشير إليه رواية الشيخ الصدوق (قدس سره) وأمثالها .
أمّا بالنسبة للبحث السندي ، فالقاعدة العامّة تقتضي البحث أوّلاً في الدلالة والمضمون ، فإن كانت موافقة للقرآن ، وليس فيها ما يتعارض مع المباني القرآنيّة ، أو ما هو متواتر في السنّة ، أو يخالف العقل الصريح ، فلا مانع من التمسّك بها ، وإن كان سندها ضعيفاً ، حيث ليس المطلوب في مثل هذه الأُمور ـ كالأدعية والقضايا الأخلاقية ـ البحث في السند .
( حسن محمّد يوسف . البحرين . ... )
السؤال : أرجو أن تذكر بعض الروايات عن الدليل الشرعيّ عن قولنا لشخص ما : ( رحمك الله ) عندما يعطس من طريقنا ، ومن طريق القوم ، ولك
____________
1- آل عمران : 173 .
2- آل عمران : 61 .
|
الصفحة 479 |
|
جزيل الشكر والامتنان .
الجواب : أمّا من مصادرنا فرويت روايات كثيرة في ذلك ، منها : كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا عطس، فقيل له : يرحمك الله ، قال : ( يغفر الله لكم ويرحمكم ) ، وإذا عطس عنده إنسان ، قال : ( يرحمك الله ) (1) .
وعن الإمام علي (عليه السلام) قال : ( إذا عطس أحدكم فسمّتوه ، قولوا : يرحمكم الله ، وهو يقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ) (2) .
وعطس رجل عند أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : الحمد لله ، فلم يسمّته أبو جعفر ، وقال : ( نقصنا حقّنا ) ، وقال : ( إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وأهل بيته ) ، قال : فقال الرجل ، فسمّته أبو جعفر (عليه السلام) (3) .
وأمّا ما روي من طريق القوم : فروى البخاريّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : ( إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم ) (4) .
وروى البخاريّ أيضاً عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : ( فإذا عطس أحدكم وحمد الله ، كان حقّاً على كلّ مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله ) (5) .
( عبد الله ناصر . الكويت . ... )