عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

رحلة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) من دمشق إلى المدينة

رحلة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) من دمشق إلى المدينة

الإمام ( عليه السلام ) في دمشق :

بعد وصول الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) إلى الشام مع أخته زينب ( عليها السلام ) وباقي سبايا آل البيت ( عليهم السلام ) ، ألقى وبحضور يزيد بياناً خالداً عَرَّى فيه سياسة الأمَويِّين الظالمة ، وقد جاء فيه : ( أيُّها الناس ، أُعطينا ستاً وفُضِّلنا بسبع ، أُعطِينا العِلم ، والحِلم ، والسَّمَاحة ، والفَصَاحة ، والشَّجاعة ، والمَحَبَّة في قلوب المؤمنين .

وفُضِّلنا بأنَّ مِنَّا النبي المختار ، والصدِّيق ، والطيَّار ، وأسد الله ، وأسد رسوله ، ومنِّا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، وسبطا هذه الأمة .

أيُّها الناس ، من عَرَفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بِحَسَبي ونَسَبي ، أنا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء ، وابن خديجة الكبرى ، انا ابن المُرَمَّل بالدماء ، انا ابن ذبيح كربلاء ) .

فضجَّ الحاضرون بالبكاء بعد أن فوجئوا بالحقيقة ، مِمَّا اضطرَّ يزيد أن يأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة ليقطع الخطبة على الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، غير أن الامام سكت حتى قال المؤذن ( أشهد أن محمداً رسول الله ) .

فالتفت ( عليه السلام ) إلى يزيد قائلاً : ( هذا الرسول العزيز الكريم جدُّك أم جدِّي ؟ فإن قلت جدَّك ، علم الحاضرون والناس كلهم أنك كاذب ، وإن قلت جَدِّي ، فلِمَ قتلت أبي ظلماً وعدواناً ، وانتهبت ماله ، وسَبَيْت نساءه ؟ فويل لك يوم القيامة إذا كان جَدِّي خصمك ) .

ووجم يزيد ولم يجر جواباً ، فإنَّ الرسول العظيم ( صلى الله عليه وآله ) هو جدُّ سيِّد العابدين ( عليه السلام ) .

وأما جَدُّ يزيد فهو أبو سفيان ، العدو الأول للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وتبيَّن لأهل الشام أنَّهم غارقون في الإثم ، وأنَّ الحكم الأموي قد جهد في إغوائهم وإضلالهم .

وتَبيَّن بوضوح أنَّ الحقد الشخصي ، وغياب النضج السياسي ، هما السببان لعدم إدراك يزيد عمق ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، مِمَّا أدَّى إلى توهُّمِه بأنها لن تؤديَ إلى نتائج خطيرة على حكمه .

ولعلَّ أكبر شاهد على هذا التوهم هو رسالة يزيد في بدايات تسلّمه الحكم لواليه على المدينة ، والتي أمره فيها بأخذ البيعة من الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، أو قتله وبعث رأسه إلى دمشق إن رفض البيعة .

الإمام ( عليه السلام ) في المدينة المنورة :

بعد أن غادر الإمام السجاد ( عليه السلام ) الشام إلى العراق ، ومن ثم الى المدينة ، وقبل دخوله المدينة أقام خارجها ، ودعا الناس إليه بواسطة أحد الشعراء .

وخطب بهم خطبة وضَّح فيها مأساة أهل البيت ( عليهم السلام ) ومظلوميتهم ، وما لاقوه من الظلم والاضطهاد على أيدي الأمويين ، جاء فيها : ( الحمد لله ربِّ العالمين ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بَعُد فارتفع في السماوات العُلَى ، وقَرُب فَشهد النَّجْوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، ومَضَاضة اللَّوَاذع ، وجَليل الرُّزْء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة ، الكاظَّة ، الفادحة ، الجائحة .

أيُّها القوم ، إن الله - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلْمَة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله الحسين ( عليه السلام ) ، وسُبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزيَّة التي لا مثلها رزيَّة .

أيُّها الناس ، فأيُّ رجالات منكم يُسَرُّون بعد قتله ؟! ، أم أي فؤاد لا يحزن مِن أجله ؟! أم أيَّة عين منكم تحبس دمعها ، وتضنُّ عن انْهمالِها ؟! فلقد بكت السبع الشِّدَاد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسَّمَاوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ، ولُجَج البحار ، والملائكة المقرَّبون ، وأهل السماوات أجمعون .

أيُّها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله ؟! أم أي فؤاد لا يَحنُّ إليه ؟! أم أي سَمْع يسمع هذه الثلمة التي ثُلِمت في الإسلام ولا يُصَمُّ ؟! .

أيُّها الناس ، أصبحنا مطرودين مُشَرَّدين ، مذودين وشاسعين عن الأمصار ، كأنَّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوَّلين ، إنْ هذا إلاَّ اختلاق ، والله ، لو أنَّ النبيَّ تقدَّم اليهم في قتالنا ، كما تقدم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا .

فإنا لله وإنا إليه راجعون ، مِن مصيبة ما أعظمها وأوجعها ، وأفجعها وأكظُّها ، وأفظعها وأمرُّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا ، وأبلغ بنا ، فإنَّه عزيز ذو انتقام ) .

ثم سار ( عليه السلام ) بأهله ودخل المدينة المنورة ، وأخذ يمارس دوراً جديداً مستمسكاً بالنهج الإصلاحي ، والتوعية الفكرية العامة .

لأنه ( عليه السلام ) كان يعلم أن هذا الطريق هو الطريق الشرعي لحماية الرسالة ، والحفاظ على البقية الباقية من أهل البيت ( عليهم السلام ) .

مستفيداً من ذلك في إنجاح خططه تلك ، إنشغال الحكم الأموي وعملائه بإخماد الانتفاضات الإسلامية ، الرافضة لظلم الأمويين ، وبالخصوص خلال السنوات العشر التي أعقبت استشهاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) .

 

رسالة الإمام السجاد ( عليه السلام ) في الحقوق

إن للإمام ( عليه السلام ) رسالة معروفة باسم رسالة الحقوق ، أوردها الشيخ الصدوق في خصاله بسند معتبر ، ورواها الحسن بن شعبة في تحف العقول مرسلة ، وبين النقلين اختلاف يسير . وهي من جلائل الرسائل في أنواع الحقوق ، قال الإمام ( عليه السلام ) فيها :

( حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا ، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .

وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل .

وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها ، والبر بالناس ، وحسن القول فيهم .

وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه .

وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك ، وتعتبر بالنظر به .

وحق يديك أن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك .

وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، فبهما تقف على الصراط ، فانظر أن لا تزل بك فتردى في النار .

وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع .

وحق فرجك عليك أن تحصنه من الزنا ، وتحفظه من أن ينظر إليه .

وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وأنت فيها قائم بين يدي الله فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها .

وحق الحج أن تعلم انه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك ، وفيه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك .

وحق الصوم أن تعلم انه حجاب ضربه الله عز وجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار ، فان تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .

وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها ، وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية ، وتعلم أنها تدفع عنك البلايا والأسقام ، في الدنيا وتدفع عنك النار في الآخرة .

وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل ، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه .

وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه ، فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء .

وحق سائلك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والإقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .

وأما حق سائلك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه ، إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عز وجل على ما أتاك من القوة عليهم .

وأما حق رعيتك بالعلم فان تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما عليهم فيما أتاك من العلم ، وفتح لك من خزانته ، فان أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك ، كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهائه ، ويسقط من القلوب محلك .

وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا ، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عز وجل عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها ، لأنها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها .

وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك ، وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك لم تملكه لأنك صنعته دون الله ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا أخرجت له رزقا ، ولكن الله عز وجل كفاك ذلك ، ثم سخره لك وأتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عز وجل ولا قوة إلا بالله .

وأما حق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه .

وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك اصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله .

وأما حق ولدك فأن تعلم انه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وإنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب ، والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم انه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .

وأما حق أخيك فان تعلم انه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له ، فان أطاع الله وإلا فليكن الله اكرم عليك منه ، ولا قوة إلا بالله .

وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم انه انفق فيك ماله ، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها فأطلقك من اسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك ، وتعلم انه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ، وما احتاج إليه منك ، ولا قوة إلا بالله .

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار ، وان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقت من مالك ، وفي الآجل الجنة .

وأما حق ذي المعروف عليك فان تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ، ثم أن قدرت على مكافاته يوما كافيته .

وأما حق المؤذن أن تعلم انه مذكر لك ربك عز وجل ، وداع لك إلى حظك وعونك على قضاء فرض الله عز وجل عليك ، فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك .

وأما حق إمامك في صلاتك فان تعلم انه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عز وجل ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي الله عز وجل ، فان كان نقص كان به دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه ، وصلاتك بصلاته ، فتشكر له على قدر ذلك .

وأما حق جليسك فان تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلاته وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلا خيرا .

وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ، ونصرته إذا كان مظلوما ، ولا تتبع له عورة ، فان علمت عليه سوء سترته عليه ، وان علمت انه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوة إلا بالله .

وأما حق الصاحب فان تصحبه بالتفضل والإنصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فان سبق كافيته ، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله ، وكن عليه رحمة ، ولا تكن عليه عذابا ، ولا قوة إلا بالله .

وأما حق الشريك فان غاب كافيته ، وان حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ، ماله ولا تخنه فيما عز أو هان من أمره ، فان يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوة إلا بالله .

وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله .

وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت مؤسرا أعطيته ، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، ورددته عن نفسك ردا لطيفا .

وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه ، وتتقي الله في أمره .

وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعيه عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه ووفيته حقه ، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به ، ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم يسخط ربك في أمره ، ولا قوة إلا بالله .

وحق خصمك الذي تدعي عليه إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه ، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عز وجل وتبت إليه ، وتركت الدعوى .

وحق المستشير إن علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه ، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم .

وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت الله عز وجل .

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق .

وحق الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك ، فان أتى بالصواب حمدت الله عز وجل ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ، ولا قوة إلا بالله .

وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته .

وحق الصغير رحمته ( من نوى ) تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له .

وحق السائل عطاؤه على قدر حاجته .

وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله ، وان منع فاقبل عذره .

وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله عز وجل أولاً ثم تشكره .

وحق من أساء إليك أن تعفو عنه ، وان علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال الله تعالى : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) .

وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم وتألفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الأذى عن مسيئهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة اخوتك ، وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار منهم بمنزلة أولادك .

وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ، ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده ) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الامويون والحسين عليه السلام
حاجة نظام الخلق إلى خليفة الله‏
لا يضحي الإمام بالعدالة للمصلحة
ملامح عقيلة الهاشميّين السيّدة زينب الكبرى *
يوم الخروج وكيفيته
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
الدفاعٌ عن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم
أهل البيت النور المطلق
حديث الغدير ودلالته على ولاية أمير المؤمنين (ع)
عوامل نشوء اليقين بولادة الامام المهدي (عليه ...

 
user comment