عربي
Thursday 2nd of May 2024
0
نفر 0

رؤية الوحي

رؤية الوحي :
وشأن المرأة هكذا أيضاً ، فتأكيد القرآن الكريم بشأن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم دليل على رؤية مسبقة للوحي لحادثة تاريخية مرة . ان القرآن يقول باصرار لنساء النبي :
( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (1) .
وأمثال ذلك دليل على ان الله تعالى كان لديه رؤية مسبقة لحادثة ، الله تعالى عالم الغيب والشهادة مطلع على المستقبل ، وكان يحذرهن من النتائج المرة لذلك الخروج الذي في غير محله .
لذا قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) ، وبعد ذلك وقعت قضية الجمل وحاربوا ولي الله الإمام علي بن أبي
____________
(1) سورة الأحزاب ، الآية : 33 .


 


طالب عليه السلام . افرزت تلك المرحلة مجموعة من الكلام في الذم ورافقها مجموعة من الكلام في المدح ، فقد مدحت منطقة مرحوم لأنهم عملوا جيداً في تلك الحادثة ، ووبخت مجموعة ومنطقة لأنهم عملوا سيئاً في هذه الحادثة . هذا الذم والمدح يجب أن لا يحسب على جوهر الشيء ، ولهذا السبب ظهر في البصرة رجال ونساء خيرون وصالحون ، ومدحت الكوفة كثيراً وستكون في زمان ظهور الإمام عليه السلام مركز بركة ، فكما أن ذم البصرة والكوفة لا يعود إلى جوهر هاتين المنطقتين ، فإذا ذمت المرأة بعد قضية الحرب فهو لأ، تلك المرأة وقفت في مقابل علي بن أبي طالب ، كما أن هناك رجالاً كثيرين وقفوا في مقابل الإمام . فإذا ورد ذم لطلحة والزبير وغيرهم من الذين أداروا تلك الحرب في مقابل ولي الله فطبيعي ان تتعرض عائشة التي وقفت في مقابل الإمام وغيرها من الأشخاص الذين ساهموا في هذه الحادثة الصعبة ، إلى الذم . بناء على هذا يجب ألا نرجع هذا النوع من الذم أو المدح إلى جوهر الذات بل يبقى تأثيرها المرحلي محفوظاً .

حرب الجمل والذم :
الرواية التي وردت في نهج البلاغة لم تطرح بوصفها قضية حقيقية ، فهي تقريباً تشبه قضية شخصية أو قضية خارجية ، أساس القضية هي أن عائشة شنت هذه الحرب ، كما أن أهل السنة يعتقدون أنها قامت بحرب الجمل ولكنهم يقولون : ( تابت وماتت تائبة ) والآخرون يقولون : ( لم تمت تائبة ) ، ولكن الجميع يؤيد انها كانت السبب والمحرك . حيث ان ابن أبي الحديد أيّد أن عائشة عملت هنا عملاً سيئاص مع أنه من كبار أهل السنة فانه قال : ( قد أخطأب ) ولكن توهم وأمثاله أنها ( تابت وماتت تاثبة ) على أي حال بعد أن ركبت عائشة جملاً في قضية معركة الجمل وحركت طلحة والزبير أيضاً وسقطت دماء كثيرة وأخيراً انكسروا ، كتب أمير المؤمنين عليه السلام رسالة


 


إلى معاوية في الشام ، نذكر الآن بعض من جمل الرسالة الموجودة في نهج البلاغة حتى بتضح أن هذه المسألة تتعلق بقضية حرب الجمل ، في خطبة نهج البلاغة قال في ذم أهل البصرة بعد رقعة الجمل :
( كنتم جند المرأة واتباع البهيمة ) (1) .
ثم يذكر انهم قاموا يعمل غير مدروس ، وفي الخطبة 14 ذم أيضاً هذه الفئة وذم البصرة .
ان مسألة اتباع البهيمة أي أتباع الجمل ، وذم اتباع الجمل ليس لأن الجمل سيىء ، بل لأن راكبه عمل عملاً سيئاً في هذه الحادثة ، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ركب ناقة وفي قضية الهجرة ، جاء من مكة إلى المدينة ولما دخل المدينة قال :
( خلّوا سبيلها فانها مأمورة ) (2) .
كل شخص اقترح على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان ينزل في داره ، النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حسب هذه الرواية ان يخلوا سبيلها فان لديها مأمورية إلهية ، وانه سينزل في المكان الذي تقف وتبرك وتنام فيه تلك الناقة ، ووقفت الناقة في منزل أبي أيوب الأنصاري الذي كان من أفقر أهل المدينة .
هنا توجد نكتتان : أحداهما ان الناقة كانت تحمل النبي وكانت مأمورة والنبي قال : خلوا سبيلها وانه سينزل في المكان الذي تنام فيه تلك الناقة . والنكتة الأخرى هي ان تلك الناقة نزلت عند باب أفقر أهل المدينة وبركت هناك ونزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فالذهاب وراء الجمل أو ركوب الجمل أو العمل على أساس حركة
____________
(1) نهج البلاغة ، الخطبة 13 ، 14 .
(2) بحار الأنوار ، ج 19 ، ص 108 .


 


الجمل ، ليس فيه مذمة ، فلو أن أمير المؤمنين عليه السلام ركب جملاً أو فرساً أو بغلة وتحرك عدد من الأشخاص على أثره ، فهل يمكن القول إن اتباع الجمل مذمومون أو أن اتباع الفرس والبغلة مذمومون ؟ .

امتلاك المال ليس كمالاً :
المسألة الثانية هي ان قول الإمام عليه السلام في هذا الصدد في نهج البلاغة :
( معاشر الناس ، ان النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ) (1) .
الأدلة التي يذكرها الإمام هي ان حظ النساء قليل لأن القرآن الكريم جعل إرث الرجل صعف المرأة ، فالمرأة تتمتع بمال أقل ولذلك ليست محترمة ، في حين اننا لاحظنا في قضية الهجرة إلى المدينة ان الناقة وقفت عند باب دار شخص كان من أفقر أهل المدينة . فعدم امتلاك المال ليس نقصاً كما ان امتلاكه ليس كمالاً .
في إحدى الخطب في نهج البلاغة بين الإمام علي عليه السلام أن الدليل على أن عدم امتلاك الماس ليس كمالاً ، هو ان جميع الأنبياء ، لم تكن لديهم استفادة من مال الدنيا ـ أما أن نقول ان امتلاك المال ليس كمالاً أو نقول ان الله لم يعط هذا الكمال للأنبياء معاذ الله . ثم يذكر قضية موسى وعيسى وداود ومحمد عليه الصلاة والسلام ويذكر أن وضع حياتهم كا بسيطاً فبهذه الشواهد الكثيرة يتضح ان الكمال ، ليس في المال الكثير .

كسب المال وانفاقه :
بالإضافة إلى أن المرأة والرجل بالتساوي في بعض الحالات من
____________
(1) نهج البلاغة ، الخطبة 80 .


 


قبيل ان والديّ الميت كل منهما يرث 1/6 الشركة وفي حالات أخرى لا يتساوى الأخ والأخت ، فقول الإمام بانه ليس لديهن رشداً لأن حظهن قليل لا يريد القول بانه ليس لديهن رشد ، لأن مالهن قليل بسبب أنهن يكسبن عن طريق المهر . وجميع نفقات المرأة هي بعهدة الرجل ، فإذا لم تكن استفادة المرأة من المال أكثر من الرجل فهي ليست أقل .
المرأة تستمتع باللذائذ والملابس وأدوات الزينة وانتاجها هي وظيفة الرجل أي ان الربح المهم هو للمرأة ، والانتاج المهم يتعلق بالرجل ، ان قوله بان لا تذهبوا وراء قيادة المرأة هو ليس لأنها فقيرة ، بل لأن الدين اعطى المسائل التنفيذية في قسم الاقتصاد بيد الرجل وقال : ان المرأة تستفيد ولكن من انتاج الرجل . والإمام علي عليه السلام يريد الاستدلال على انه لو كانت القيادة بعهدة المرأة لكان الله تعالى قد ساوى إرث المرأة والرجل .
هنا توجد مسألتان دقيقتان ومنفصلتان عن بعضهما بشكل كامل ، الإمام علي عليه السلام لم يرد القول ان المرأة قليلة القيمة لأن سهم ارثها قليل ، بل أراد القول ان الدين يعطي للمرأة هذا المال ولكن بمسؤولية الرجل ، يعطيها بصفة مهر ، بصفة نفقة ، لا يعطيها مالها مباشرة ، حتى لا تكون متولية الدخل والصرف ومشقة الانتاج ، وهذه تعود إلى الأمور التنفيذية ، ولا تعود إلى المسائل المعنوية ، وإلى طريق القلب وقبول الموعظة وأمثالها .

توهم تفكير المعتزلي :
هناك عدة نكات في الخطبة 80 : أحداها انه قال :
( معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ) .


 


فاستنبط ابن أبي الحديد من هذه الجملة تفكيراً أعتزالياً لأن المعتزلة يقولون : ان الإيمان ليس الاعتقاد فقط بل العمل أيضاً سهيم في متن الايمان ، لذا قال : إذا أقرّ الشخص بالله والنبي ، ولم يعمل فهو ليس مؤمناً ، لأن الإمام قال : إن المرأة محرومة من الايمان لأنها محرومة من الصلاة والصوم في حال ترك الصوم والصلاة في أيام العادة ، فيتضح ان العمل جزء من الايمان ، ولم ينتبه إلى أن هذا الدليل هو عكس تصور المعتزلة ، المعتزلي يقول : إن الشخص إذا لم يعمل فليس مؤمناً ، والإمام يقول بأنهن مؤمنات في الوقت الذي ليس لديهن عمل ، ولكن إيمانهن قليل ، وهذه القلة قابلة للجبران كما ذكرنا .

شهادة المرأة والنسيان :
تعليل الإمام عليه السلام في مسألة نقصان العقل هو ان شهادة امرأتين هي في حكم شهادة رجل واحد ، جاء في القرآن : ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ) (1) .
ولكن هذا لا يعود إلى مسألة التفكير والعقل ، فالقرآن يذكر نكتة ذلك ويقول :
( أن تضل أحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) (2) .
امرأتان من أجل ان يكون لكليهما حضور في الحادثة وهذا يعود إلى ضعف الذاكرة وليس إلى ضعف العقل ، لأن المرأة مشغولة بأعمال البيت وتربية الطفل ، ومشكلات الأمومة ، لذا من الممكن ان تنسى تلك الحادثة التي رأتها . بناء على هذا تحضر امرأتان في هذه القضية حتى تذكر أحداهما
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 282 .
(2) المصدر السابق .


 


الأخرى .
في بعض الحالات شهادة المرأة مسموعة ومقبولة كاملاً .
يتضح بملاحظة الاقسام الثلاثة انها إذا بينت فان أي منها ليس علامة نقص .

ذم حب المرأة وحب الدنيا :
إذا ورد في الكلمات القصار ان :
( المرأة عقرب حلوة اللسبة ) (1) .
ليس من أجل ان يذم المرأة ، بل هذا إنذار للرجل ان لا تخدعه المرأة كما ورد مثل هذه التعبير بشأن الدنيا أيضاً . ليس من أجل أن يقول ان المرأة عقرب ، بل يقول لا تعطوا أنفسكم إلى النار بواسطة النظر إلى غير المحرم . رؤية غير المحرم حلوة ، ولكن هذا الذنب باطنه عقرب لا أن المرأة عقرب وهذا التعبير ذكر بشأن الدنيا أيضاً ، في رسالة كتبها أمير المؤمنين عليه السلام إلى سلمان ، قال :
( فإنما مثل الدنيا مثل الحية ، لين مسّها قاتل سمّها ) (2) .
لماذا كانت المصافحة مع المرأة معصية ؟ لأنه لين مسها قاتل سمها ، هذا ليس ذماً للمرأة ، ذم للنظر إلى غير المحرم ، كما أن ذلك ليس دليلاً على ذم الدنيا ، بل ذم حب الدنيا والانجذاب إلى الدنيا ، وإلاّ فان الإسلام علياً عليه السلام قال : إن الدنيا محل جيد .
كل الأنبياء والأولياء والحكماء والعارفين والصالحين والصديقين
____________
(1) نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح ، الكلمات القصار 61 .
(2) نهج البلاغة ، الرسالة 68 .


 


والشهداء بلغو الكمال في هذه الدنيا ، فلو لم يولدوا في الدنيا لكانوا تراباً ، او لكانوا نطفاً يدفنون مع آبائهم . ولدوا في هذه الدنيا ، جاؤوا إلى سوق الدنيا وتاجروا وربحوا الدنيا متجر الأولياء . لذا قال : إن الدنيا متجر الأولياء . فإذا عرض شخص نفسه لإغراء زخارف الدنيا فهو مثل الطفل الذي يلمس ظهر الحية الناعم ، وهذه النعومة هي سم وإذا عرف شخص الدنيا لا يبيع نفسه لها .
فإذا ورد في الكلمات القصار ان المرأة عقرب أي أن الغرائز الجسمية عقرب . الإنسان لا يبع نفسه إلى يبيع نفسه إلى عقرب .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الاستخفاف بالصلاة
طول الأمل نوع آخر من الغرور
إصدار كتاب "الأمثال ومدلولاتها في نهج ...
الكنز
أسباب نشوء الحياة الاجتماعية
ما لا يجب أن تفعليه عندما يخونك زوجك
المرأة الصابرة المواسية لزوجها
الدين والأسرة
العفة والستر علاقة متفاعلة بين الرجال والنساء
طاجيكستان "تكافح الإرهاب" بمنع الأسماء ...

 
user comment