س 35 : تصرّح بعض الآيات القرآنيّة بصفات التفضيل ، ويتّضح بجلاء عدم انطباقها على بعض أئمّة الاثني عشرية ، كقوله تعالى : { فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً } (2) ، وكقوله تعالى : { وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } (3) ، ما قولكم ؟
هل هناك آيات مثيلة ـ أي مصرّحة بصفات تفضيل ـ تذكر صفات يمكن انطباقها على جميع أئمّة الاثني عشرية ؛ وخاصّة من هم موضع خلاف مع الزيديّة ، وما هي ؟!
ج 35 : هذا التفاضل صحيح لولا أنّه أجنبي عن الموضوع ، فالإمامة لدينا خلافة الله في الأرض ، والله سبحانه يجعل وينصّب خليفة عنه وباختياره وبتفضيله ، قال تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ } (4) ، وقوله تعالى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } (5) .
وقال تعالى : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ
____________
1- مسند أحمد 1 / 398 ، فتح الباري 13 / 183 .
2- النساء : 95 .
3- النساء : 95 .
4- القصص : 68 .
5- النساء : 54 .
|
|
|
اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (1) .
فهذا التفضيل بين الناس إذا تساووا في المرتبة ، وليس بين جمهورهم والإمام ، فإنّ الإمامة مرتبة لا تدانيها مرتبة أُخرى .
والإمام لا يقعد حين يجب القيام ، وكذا لا يقوم حيث يجب القعود ، ولا ينفع القيام بل قد يضرّ .
س 36 : ما حكم خروج أفاضل وأعلام أهل البيت (عليهم السلام) من أئمّة الزيديّة وشيعتهم عند الإمامية ؟ كالإمام الأعظم الشهيد زيد بن علي ، وابنه الإمام يحيى ، والأئمّة الأخوة محمّد وإبراهيم وإدريس ويحيى أبناء عبد الله الكامل بن الحسن بن الإمام الحسن بن الإمام علي ، وكالإمام الحسين بن علي الفخ ، والإمام القاسم الرسي ، وحفيده الإمام الهادي وغيرهم (عليهم السلام) ؟!
هل هم بغاة على الأئمّة الاثني عشر ؟! أم أنّهم جهلوا النصّ على الاثني عشر؟! أم أنّ خروجهم كان دعوة إلى الاثني عشر ؟!
ج 36 : كان خروجهم على الظلم ، وكان أمراً بالمعروف ، ونهياً عن المنكر ، وكان مباركاً ومأذوناً من قبل الأئمّة (عليهم السلام) ، وحاشاهم من البغي أو الدعوة لأنفسهم ، ولو ظفروا لوفوا للأئمّة (عليهم السلام) ، كما وصفوهم ومدحوهم (عليهم السلام)، وكذلك صرّحوا بسعادتهم وأجرهم وشهادتهم .
وكانوا يعتقدون بأئمّتنا (عليهم السلام) ، وروى يحيى بن زيد عن أبيه الطاهر : ( أنّ الأئمّة اثنا عشر ، وسمّاهم بأسمائهم ، وقال : إنّه عهد معهود عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ) (2) .
هذا في بعض من ذكرت ، وأمّا البعض الأُخر ، فمنهم من نتوقّف فيهم لا نعلم حقيقتهم ، ومنهم من دعا إلى نفسه لا إلى إمام زمانه .
____________
1- البقرة : 247 .
2- النصّ والاجتهاد : 531 .
|
|
|
س 37 : فما معنى الأحاديث المجمع عليها، التي وردت في كتبكم ـ كالغدير للأميني ـ والتي جاءت في مدح أئمّة الزيديّة ، والثناء عليهم من النبيّ (صلى الله عليه وآله)، والدعاء على قاتلهم ، والبكاء عليهم عند إعلام الوحي له بقتل أحد منهم ؟
ج 37 : لو قرأت الغدير جيّداً ، وكذلك النصّ والاجتهاد ، وغيرها من كتب الرجال والتراجم ، لرأيت جزم المؤلّفين بتشيّع هؤلاء الرجال العظام ، وغيرهم من عظماء وشهداء وعلماء أهل البيت للأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) ، ولأئمّة زمانهم ، كعبد الله بن عباس ، والشهيد زيد بن علي ، وابنه يحيى ، وعبد الله بن الحسن المحض ، وغيرهم .
والقاعدة هي تشيّعهم ، وعدم الدعوة لأنفسهم ، وإنّما كانوا يدعون إلى الرضا من آل محمّد ، ولو ظفروا لوفوا كما وصف الإمام الصادق (عليه السلام) عمّه الشهيد زيد بن علي ، وترحّم عليهم ، وقال في وصفهم أيضاً : ( أنّهم نالوا الأجر والسعادة ) ، وبكى عليهم ، وغير ذلك من دلالات الوفاق والتأييد ، وتأدية الواجب والمطالبة بحقّ الأئمّة (عليهم السلام) .
س 38 : هل أئمّة الزيديّة وشيعتهم معذورون بخروجهم على الظلم أم لا ؟
ج 38 : نعم معذورون بل مأجورون ، وبنصّ أئمّتنا (عليهم السلام) ، بل كانوا مأذونين من قبل الأئمّة (عليهم السلام) ، ولكن ليس كلّ أئمّة الزيديّة ، الذين تعتقدون بهم أنتم ، والباقون وأن كان الزيديّة يعدّونهم في أئمّتهم ، كزيد ويحيى وغيرهما ، ولكنّا لا نعدهم زيدية بل إمامية .
س 39 : إن كان خروج أئمّة الزيديّة للدعوة للاثني عشر ، فما هو الدليل القطعي على ذلك من الروايات التاريخيّة ؟ التي تثبت التنسيق بين الأئمّة الزيديّة مع الأئمّة الاثني عشر ؟
لماذا لم يقل ذلك ويعترف به ، ويسلّم به الإمام الأعظم الشهيد الولي بن الولي زيد بن علي (عليه السلام) للروافض ؟ الذين رفضوه محتجّين بإمامة جعفر الصادق (عليه السلام) ؛ مع أنّ موقفه كان موقف الحريص على الفرد الواحد ولو
|
|
|
بإرضائه تقيّة ؛ فكيف بالصدق والحقّ ؟!
ج 39 : من أين لكم هذه الأكاذيب ؟ بأنّ الشيعة رفضوا زيداً وناهضوه ، إلاّ إذا صدّقتم ما في كتب أعدائهم !! بل على العكس من ذلك ، فقد نصروه وقاتلوا معه ولم يخالفوه ، وهم كانوا في نفس الوقت يعتقدون بإمامة الإمام الصادق (عليه السلام) ، وعدم قتال جميع الشيعة لا يدلّ على إثمهم ورفضهم له ، بل حصل ذلك مع الحسين (عليه السلام) عندما نصحه بعض أهل البيت بعدم الخروج ، كابن عباس ، ومحمّد بن الحنفيّة ، وغيرهما .
وعدم خروج جميع أهل البيت ، أو جميع الشيعة معه ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، وليس هو كالجهاد الدفاعي ، الذي يجب على كلّ مسلم حتّى المريض والمعذور ، والمرأة والطفل .
وأصحاب الأئمّة (عليهم السلام) لم يكونوا يعتقدون بزيد بأنّه إمام واجب الطاعة ، فلاحظ !! ومع ذلك فإنّ بعض أصحاب الأئمّة طلب ـ أي الإمام المعصوم (عليه السلام) ـ في الخروج مع زيد .
ثمّ متى كنتم تعتقدون بإمامة زين العابدين ؟ حتّى تقول عن زيد بن علي : الولي بن الولي!! وإذا قلت : أنّه من باب الإلزام ، فنقول لك : إنّا لا نعتقد بأنّ زيد(عليه السلام) إمام ، وإن كنّا نعتقد بأنّ السجّاد (عليه السلام) إمام .