الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي:
روى السيوطي في الدر المنثور أن عكرمة كان يقول عن آية الأحزاب 33 * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. غير أن هناك من يعترض على ذلك لأسباب كثيرة، منها:
أولاً: أن الحافظ ابن كثير يقول في تفسيره: إذا كان المراد أنهن سبب النزول فهذا صحيح، وأما إن أريد أنهن المراد دون غيرهن، فهذا غير صحيح (1).
روى ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب عن ابن عم له قال: دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها، فسألتها عن علي رضي الله عنه، فقالت رضي الله عنها: تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تحته ابنته، وأحب الناس إليه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم، فألقى عليهم ثوباً، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، قالت: فدنوت منهم، فقلت: يا رسول الله، وأنا من أهل بيتك، فقال صلى الله عليه وسلم: تنحي، فإنك على خير.
قال: أخرجه الحافظ البزار والترمذي وابن كثير في تفسيره (2).
ثانياً: أن أهل البيت في آية الأحزاب 33 (آية التطهير)، إنما يراد به أهل بيت النبوة، المنحصر في بيت واحد، تسكنه سيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجها الإمام علي رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - وابناهما، الإمام الحسن والإمام الحسين، رضي الله عنهما، وأما بيت الزوجية، فلم يكن بيتاً واحداً، وإنما كان بيوتاً متعددة تسكنها
____________
(1) تفسير ابن كثير 3 / 769 (دار الكتب العلمية - بيروت 1406 هـ/ 1986).
(2) تفسير ابن كثير 3 / 772 - 773 (بيروت 1986).
|
الصفحة 13 |
|
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: * (وقرن في بيوتكن) *، وفي هذه الآية الأخيرة الخطاب موجه لمن في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، جميعاً.
ثالثاً: ما قيل من أن آية الأحزاب 33 وما بعدها، إنما جاءت في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فالرد على ذلك، أن هذا لا ينكر من عادة الفصحاء في كلامهم، فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره، ويعودون إليه.
والقرآن الكريم - وكذا كلام العرب وشعرهم - مملوء بذلك، ذلك لأن الكلام العربي، إنما يدخله الاستطراد والاعتراض، وهو تخلل الجملة الأجنبية بين الكلام المنتظم المناسب، كقول الله تعالى: * (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون * وإني مرسلة إليهم بهدية) * (1). فقوله: * (وكذلك يفعلون) *، جملة معترضة من جهة الله تعالى، بين كلام ملكة سبأ.
وقول الله تعالى: * (فلا أقسم بمواقع النجوم * و إنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم) * (2)، أي فلا أقسم بمواقع النجوم، إنه لقرآن كريم، وما بينهما اعتراض.
ومن ثم فلم لا يجوز أن يكون قول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * (3). جملة معترضة متخللة لخطاب نساء النبي صلى الله عليه وسلم، على هذا النهج؟
وعلى أيه حال، فلا أهمية لمن قال: بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، من أهل البيت، فلا توجد فرقة من المسلمين تدين بالولاء لإحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وتوجب الاقتداء بها.
____________
(1) سورة النمل: آية 34 - 35.
(2) سورة الواقعة: آية 75 - 77.
(3) سورة الأحزاب: آية 33.
|
الصفحة 14 |
|
رابعاً: أنه حتى الذين يجعلون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، من أهل البيت، وأن آية الأحزاب 33 نزلت فيهن، إنما يذهبون - في نفس الوقت - إلى أن الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والإمامين - الحسن والحسين - عليهم السلام، إنما هم أحق بأن يكونوا أهل البيت.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة فضل أهل البيت وحقوقهم، روى الإمام أحمد والترمذي وغير هما عن أم سلمة: أن هذه الآية (آية الأحزاب 33) لما نزلت: أدار النبي صلى الله عليه وسلم، كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ثم يقول الإمام ابن تيمية: وسنته صلى الله عليه وسلم، تفسير كتاب الله وتبينه، وتدل عليه وتعبر عنه، فلما قال: هؤلاء أهل بيتي، مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه، علمنا أن أزواجه - وإن كن من أهل بيته، كما دل عليه القرآن -، فإن هؤلاء - أي الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين - أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأن صلة النسب، أقوى من صلة الصهر، والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال - لا للاختصاص بأصل الحكم (1).
هذا فضلاً عما رواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة: أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرني أنه يقبض في وجعه، الذي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه، فضحكت (2).
خامساً: ما أجاب به زيد بن أرقم في الحديث المشهور، حين سئل: من أهل بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
____________
(1) ابن تيمية: رسالة فضل أهل البيت وحقوقهم - تعليق أبي تراب الظاهري - جدة 1405 هـ/ 1985 م ص 20 - 21.
(2) صحيح البخاري 5 / 26 (دار الجيل - بيروت).
|
الصفحة 15 |
|
روى مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين (1)، أولهما كتاب الله تعالى، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين، ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته، قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم، قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟، قال: نعم (2).
وفي رواية أخرى عن زيد بن أرقم، أنه ذكر الحديث بنحو ما تقدم، وفيه:
فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته، الذين حرموا الصدقة بعده (3).
سادساً: أن قول الله تعالى: * (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم...) *. بالميم، يدل على أن الآية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ولو كان الخطاب خاصاً بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، لقال عنكن ويطهركن.
سابعاً: أن تحريم الصدقة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بطريق الإصالة
____________
(1) قال الإمام النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: ثقلين، فذكر كتاب الله وأهل بيته، قال العلماء، سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل لثقل العمل بهما (صحيح مسلم 15 / 180، وانظر روايات أخرى للحديث الشريف 15 / 179 - 181).
(2) صحيح مسلم 15 / 179 - 180) (دار الكتب العلمية بيروت (1401 هـ/ 1981 م).
(3) صحيح مسلم 1 / 181.
|
الصفحة 16 |
|
- كبني هاشم - وإنما هو تبع لتحريمها على النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فالصدقة عليهن حلال، قبل اتصالهن به صلى الله عليه وسلم، فهن فرع من هذا التحريم.
ومن المعروف أن التحريم على المولى فرع التحريم على سيده، ولما كان التحريم على بني هاشم أصلاً، استتبع ذلك مواليهم، ولما كان التحريم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تبعاً، لم يقو ذلك على استتباع مواليهم، لأنه فرع عن فرع. فقد ثبت في الصحيح أن بريرة تصدق عليها بلحم فأكلته، ولم يحرمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مولاة لعائشة رضي الله عنها (1).
ثامناً: ما ذهب إليه صاحب تفسير مجمع البيان من أن ثبوت عصمة المعنيين بالآية 33 من الأحزاب، إنما يدل على أنها مختصة بهؤلاء الخمسة الكرام البررة، النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، لأن من عداهم غير مقطوع بعصمته.
الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة:
يذهب فريق من العلماء إلى أن أهل البيت هم من حرمت عليهم الصدقة من بني هاشم، وهم: آل علي بن أبي طالب، وآل جعفر بن أبي طالب، ثم آل العباس بن عبد المطلب، يعنون بذلك بني هاشم جميعاً، وأن البيت هو بيت النسب، ومن ثم يكون: أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو أعمامه منهم.
روى القاضي عياض في الشفاء عن الشعبي: أن زيد بن ثابت الأنصاري، صلى على جنازة أمه، ثم قربت له بغلته ليركبها، فجاء عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، فأخذ بركابه، فقال زيد: خل عنه يا ابن عم رسول الله،
____________
(1) ابن قيم الجوزية، جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام - تحقيق طه يوسف شاهين - القاهرة 1972 ص 122 - 124.
|
الصفحة 17 |
|
فقال ابن عباس: هكذا نفعل بالعلماء، فقبل زيد يد ابن عباس، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا (1).
هذا فضلاً عن حديث زيد بن أرقم - والذي رواه مسلم في صحيحه - وفيه أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هم أهل بيته وعصبته، الذين حرموا الصدقة (2).
الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين:
يرى هذا الفريق من العلماء أن أهل البيت إنما هم الخمسة الكرام البررة:
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين، عليهم السلام.
وقد قال بهذا الرأي كثير من الصحابة، قاله أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع، وأم المؤمنين أم سلمة، وأم المؤمنين عائشة، وابن أبي سلمة - ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وسعد بن أبي وقاص وغيرهم.
وقال به الكثيرون من أهل التفسير والحديث، قال به الفخر الرازي في التفسير الكبير، والزمخشري في الكشاف، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن، والشوكاني في فتح القدير، والطبري في جامع البيان عن تأويل آي القرآن، والسيوطي في الدر المنثور، وابن حجر العسقلاني في الإصابة، والحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه، والإمام أحمد بن حنبل في المسند.
ولعل هذا الرأي - فيما أرى - أقرب إلى الصواب، بل هو أرجح الآراء وذلك لأسباب كثيرة:
____________
(1) القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي: الشفاء بتعريف حقوق المصطفى - الجزء الثاني - دار الكتب العلمية - بيروت 1399 هـ/ 1979 م ص 50.
(2) صحيح مسلم 15 / 180 - 181.
|
الصفحة 18 |
|
1 - روى مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب (وهو لقب أطلقه النبي على الإمام علي، وكان أحب إليه من أي لقب آخر) فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن، أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له - خلفه في بعض مغازيه - فقال له علي: خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: أدعو لي علياً، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: * (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) * دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (1).
ورواه الترمذي في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، قال: لما أنزل الله هذه الآية * (ندع أبناءنا وأبناءكم) *، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (2).
ورواه الحاكم في المستدرك (3)، والبيهقي في سننه (4).
ويقول صاحب الكشاف: لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب الكساء، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين، لأنها لما نزلت (آية المباهلة) آل عمران: 61، دعاهم صلى الله عليه وسلم، فاحتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، ومشت فاطمة خلفه، وعلي خلفهما، فعلم أنهم المراد من الآية، وأن أولاد فاطمة وذريتهم
____________
(1) صحيح مسلم 15 / 175 - 176.
(2) صحيح الترمذي 2 / 166.
(3) المستدرك للحاكم 3 150.
(4) سنن البيهقي 7 / 63.
|
الصفحة 19 |
|
يسمون أبناءه، وينسبون إليه نسبة صحيحة، نافعة في الدنيا والآخرة (1).
وأخرج الدار قطني: أن علياً احتج يوم الشورى على أهلها، فقال لهم:
أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه وسلم، نفسه، وأبناؤه أبناءه، ونساؤه نساءه، غيري، قالوا: اللهم لا (2).
وفي السيرة الحلبية: فلما أصبح صلى الله عليه وسلم، أقبل ومعه حسن وحسين وفاطمة وعلي، رضي الله عنهم، وقال: اللهم هؤلاء أهلي.
وعند ذلك قال لهم (أي لوفد نجران) الأسقف: إني لأرى وجوهاً، لو سألوا الله أن يزيل لهم جبلاً، لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني، فقالوا: لا نباهلك (3).
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * (4).
ورواه الحاكم في المستدرك (5)، والطبراني في الصغير (6)، والزمخشري في الكشاف (7).
____________
(1) تفسير الكشاف للزمخشري 1 / 147 - 148.
(2) أحمد بن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 239 (دار الكتب العلمية - بيروت 1403 هـ/ 1983).
(3) علي بن برهان الدين الحلبي: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون الشهير بالسيرة الحلبية 3 / 236 (ط الحلبي - القاهرة 1384 هـ/ 1964).
(4) صحيح مسلم 15 / 194.
(5) المستدرك للحاكم 3 / 147.
(6) المعجم الصغير للطبراني 22 / 5.
(7) تفسير الكشاف 1 / 148.
|
الصفحة 20 |
|
وروى الإمام أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا، قالت: ثم وضع يده عليهم، ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، إنك حميد مجيد، قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال: إنك على خير (1).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (2)، والمتقي الهندي في كنز العمال (3)، وذكره السيوطي في الدر المنثور، وقال: أخرجه الطبراني (4).
وفي رواية في المسند أيضاً عن أم سلمة قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيتي يوماً، إذ قالت الخادم: إن علياً وفاطمة بالسدة، قالت: فقال لي: قومي فتنحي لي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة، ومعهما الحسن والحسين، وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما، واعتنق علياً بإحدى يديه، وفاطمة باليد الأخرى، فقبل فاطمة، وقبل علياً، فأغدق عليهم خميصة سوداء، فقال: اللهم إليك، لا إلى النار، أنا وأهل بيتي، قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله، قال: وأنت (5).
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع، وعنده قوم فذكروا علياً فشتموه فشتمته معهم، فلما قاموا قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟ قلت رأيت القوم شتموه فشتمته معهم، فقال:
ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، فقال: أتيت فاطمة أسألها
____________
(1) مسند الإمام أحمد 6 / 323.
(2) مشكل الآثار 1 / 334.
(3) كنز العمال 7 / 103.
(4) فضائل الخمسة 1 / 233.
(5) مسند الإمام أحمد 6 / 296.
|
الصفحة 21 |
|
عن علي، فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست أنتظره، حتى جاء رسول الله صلى عليه وسلم، ومعه علي وحسن وحسين، آخذاً كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدني علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه - أو قال كساء - ثم تلا هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق (1).
ورواه الإمام الطبري في التفسير (2)، والترمذي في صحيحه (3)، والسيوطي في الدر المنثور (4)، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد (5)، والحاكم في المستدرك (6)، وأحمد في المسند (7).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جلل علياً وفاطمة والحسن والحسين كساء، ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت أم سلمة: قلت يا رسول الله أنا منهم، قال: إنك إلى خير (8).
ورواه الإمام أحمد في المسند (9).
____________
(1) الإمام أحمد بن حنبل: كتاب فضائل الصحابة 2 / 557 - 578 (ط بيروت 1403 هـ/ 1983 م - نشر - مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى بمكة المكرمة).
(2) تفسير الطبري 22 / 5 - 6.
(3) صحيح الترمذي 5 / 351، 663.
(4) تفسير الدر المنثور 5 / 198.
(5) مجمع الزوائد 9 / 166.
(6) المستدرك للحاكم 3 / 147.
(7) مسند الإمام أحمد 4 / 107.
(8) أسد الغابة 4 / 110.
(9) مسند الإمام أحمد 6 / 292.
|
الصفحة 22 |
|
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الرحمة هابطة، قال: ادعوا لي، ادعوا لي، قالت صفية، من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي: علياً وفاطمة والحسن والحسين، فجئ بهم، فألقي عليهم كساء، ثم رفع يديه، ثم قال: اللهم هؤلاء آلي، فصل على محمد وعلى آل محمد، وأنزل الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * (1).
وروى المتقي الهندي في كنز العمال عن واثلة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين تحت ثوبه، وقال: اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، اللهم إن هؤلاء مني، وأنا منهم، فجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم، قال واثلة: وكنت على الباب، فقلت: وعلي يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: اللهم وعلى واثلة، قال أخرجه الديلمي (2).