عربي
Sunday 29th of December 2024
0
نفر 0

السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية المحضة ؟ وما هو الدليل ؟

يشمل الموضوعات الخارجية :

السؤال : هل الإمام يعلم بالموضوعات الخارجية المحضة ؟ وما هو الدليل ؟

الجواب : إنّ علم الإمام (عليه السلام) كتب حوله الكثير من علمائنا الأبرار ، وذكروا أدلّتهم عليه ، فتارة نبحث في علم الإمام ، وتارة نفرّق بين علمه بالموضوعات الخارجية المحضة وغيره ، فإذا فرغنا من الأدلّة الدالّة على علم الإمام ، وأثبتنا بالدليل والبرهان هذه المسألة ، فالأدلّة تشمل علم الإمام بكُلّ نواحيه ، والفرق بين علمه بالموضوعات الخارجية وغيره يحتاج إلى دليل ، لا أنّ علمه بالموضوعات الخارجية المحضة يحتاج إلى دليل ، إذ الأدلّة عامّة تشمل كُلّ العلوم ، والتخصيص يحتاج إلى دليل .

أضف إلى هذا ، توجد أدلّة صريحة في علم الإمام بالموضوعات الخارجية ، لا نطيل بذكرها الجواب .

( أحمد جعفر . البحرين . 19 سنة . طالب جامعة )

علمه بيوم موته :

السؤال : هل يعلم الإمام (عليه السلام) بيوم موته ؟ وأنّه متى يموت ؟

الجواب : لقد ثبت في محلّه عقلاً ونقلاً : أنّ الأرض بل كُلّ الكون الرحب الوسيع لا يخلو من حجّة لله تعالى ، إمّا ظاهراً وإمّا مستوراً ، ويكون كالشمس خلف السحاب ، والحجّة هو الإنسان الكامل الذي يكون بمنزلة قطب رحى


الصفحة 371


عالم الإمكان ، ولولاه لساخت الأرض بأهلها ، وهذه الحجّة الإلهية التي تتجلّى وتتبلور في الإنسان الكامل ، الذي هو خليفة الله في أسمائه وصفاته ، إنّما تكون بنصّ ونصب واختيار واصطفاء من الله سبحانه .

فكان أوّل مخلوق لله هو نور محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ نور أمير المؤمنين علي (عليه السلام) اشتقّ من نور رسول الله ، وكلاهما من نور الله ، ومن شجرة واحدة ، كما في الأحاديث الشريفة عند السنّة والشيعة ، فأعطاهما الله الولاية العظمى في خلقه ، ثمّ كانت في عترتهما الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، وفي الأنبياء والأوصياء ، فكُلّ واحد في عصره كان حجّة الله على خلقه ، ولازم الحجّية أن يعلم الحجّة بعلم لدُّني وغيبي من لدن حكيم عليم من الله سبحانه ، فاطلعهم الله برضاه على مغيّباته .

ومن المغيّبات علم المنايا والآجال ، فالنبيّ وكذلك الوصي حجّة الله يعلم علم المنايا والآجال ، ولولا ذلك العلم لما تمّت الحجّة الإلهية ، ولله الحجّة البالغة ، فلابدّ لحجّة الله أن يعلم متى يموت ؟ وتنتقل الحجّة منه إلى وصيّه وخليفته من بعده ـ من نبي أو وصي ـ فكُلّ إمام معصوم حجّة الله يعلم متى يموت ، ومتى يُسلّم مقاليد الإمامة والحجّة إلى الإمام الذي من بعده ، بنصّ ونصب من الله تعالى ، ومن لم يعلم بزمان موته ، كيف يكون حجّة الله على الخلائق ؟ وكيف يسلّم مقاليد وأزمة الأُمور طرّاً إلى من كان بعده .

فالعقل وكذلك النقل يقضي أن يكون الحجّة عالماً بما كان وما يكون ، وما هو كائن ، كُلّ ذلك بإذن من الله تعالى وبإرادته ، فإنّ الله جلّ جلاله هو العالم بالغيب على الإطلاق ، إلاّ أنّه يطلع على الغيب من ارتضى من رسول ، فالرسول يعلم الغيب إلاّ أنّه بإذن الله سبحانه ، فالحجّة ـ النبيّ أو الوصي ـ يعلم موته ، ويعلم بالمغيّبات ، ولولا ذلك لما كان حجّة الله على الطبيعة وما ورائها ، فتدّبر .


الصفحة 372


( هناء علي سلمان . البحرين . ... )

وظيفة المعصوم العمل بالظاهر :

السؤال : لماذا يا ترى لا يدفع الأئمّة (عليهم السلام) الأذى عن أنفسهم ؟ مع علمهم بوجود الضرر ، والذي يؤدّي بهم إلى الوفاة ؟

الجواب : علم المعصوم شيء ، وعمله وتكليفه شيء آخر ، إذ المعصوم (عليه السلام) مكلّف بالعمل بالظاهر ، ليتمّ الاختيار الذي وهبه الله للبشرية ، فالنبيّ والإمام (عليهما السلام) وظيفتهما العمل بالظاهر ، وخير شاهد على هذا : لو رجعنا إلى زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرأيناه ما كان يقيم الحدّ إلاّ على من تمّت الشهادة عليه ، ونعلم قطعاً بوجود مخالفات في عهد الرسول لم تقام الشهادة عليها ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعاقب عليها بالاعتماد على علمه بالأُمور .

( سمير . السعودية . ... )

وظيفة المعصوم ترتيب الأثر على الظاهر :

السؤال : دائماً ما يسألني زملائي في المدرسة عن حقيقة أنّ الأئمّة المعصومين يعلمون الغيب ، وأنا طبعاً أجاوبهم بالتأكيد أنّهم يعلمون الغيب ـ حسب ما تعلّمناه من شيوخنا في القطيف وغيرها ـ ولكن سألني أحدهم قائلاً : ما دام أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعلم الغيب ، فلماذا لم يجتنب عبد الرحمن بن ملجم الخارجي لعنه الله عندما قتله ؟ ولماذا لم يتراجع الحسين (عليه السلام) عن الذهاب إلى كربلاء ، وهو يعلم أنّه سيخذل وسيقتل ، وشكراً .

الجواب : إنّ علم الغيب المطلق من مختصّات ربّ العالمين ، فلا يعلم الغيب إلاّ هو ، نعم يطلع الله أنبياءه ورسله وأولياءه على الغيب ، وذلك كإحياء الموتى الذي هو من مختصّات الله جلّ جلاله إلاّ من إذن لـه ، هذا أوّلاً .


الصفحة 373


وثانياً : إنّ الأنبياء والمرسلين والأولياء الذين يطلعهم الله على الغيب ، وظيفتهم العملية ترتيب الأثر على الظاهر .

توضيح ذلك : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ما كان يقيم الحدّ إلاّ بعد أن تتمّ البيّنة ، مع أنّنا نجزم بأنّ في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان الناس يعصون في خلواتهم ، ونجزم بأنّ النبيّ كان يعلم بأفعالهم ، ولكن ما كان يقيم الحدّ إلاّ إذا تمّت البيّنة .

مثال آخر : قولـه تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } (1) .

فهنا يرد سؤال : كيف تزوّج نوح ولوط (عليهما السلام) بامرأتين طالحتين مع علمهما بحالهما ؟

الجواب : إنّ نوح ولوط وجميع الأنبياء والمرسلين والأولياء (عليهم السلام) لم تكن وظيفتهم ترتيب الأثر إلاّ على الظاهر ، إلاّ في موارد نادرة ، وذلك لئلا يبطل الاختيار وسنّة الحياة التي سنّها الله تعالى .

هذا ، وفي المسألة أقوال أُخرى ، نشير إلى بعضها :

1ـ إنّ الأنبياء والمرسلين والأولياء إذا شاءوا علموا ، وهذه الموارد من الموارد التي لم تتعلّق مشيئتهم بالعلم بها .

2ـ إنّ الله تعالى ينسيهم ما كانوا يعلمون في هذه الموارد .

3ـ إنّ من عظمة المعصومين أن يعلموا ويسلّموا التسليم المطلق لإرادة الله سبحانه في هذه الموارد .

وختاماً : ننبّهكم بأنّ مسألة علم الإمام فرع لمسألة الإمامة ، لا يمكن أن نبحثها قبل البحث في مسألة الإمامة والتسليم بها .

____________

1- التحريم : 10 .


الصفحة 374


( محمّد . اليمن . ... )

كيف ينسجم مع عزل علي لقيس بخدعة من معاوية :

السؤال : كيف يكون الإمام علي عالماً بالغيب ، مع أنّه عزل قيس بن سعد من ولاية مصر بخدعة من معاوية ؟ ألم يكن الإمام عالماً بهذا ؟ أرجو الإجابة .

الجواب : في البداية أرى من الضروري التمييز بين مصطلحين : علم الغيب ، وتعلّم الغيب من عالم الغيب .

فالأوّل ـ أعني علم الغيب ـ هو من مختصّات الله سبحانه { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ } (1) ، { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ } (2) .

وأمّا الثاني ـ أعني تعلّم الغيب من عالم الغيب ـ فيمكن ثبوته لغير الله سبحانه ، قال تعالى : { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ } (3) ، { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا... إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } (4) ، وكان عيسى (عليه السلام) يعلم الغيب { وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ } (5) .

وكان الخضر (عليه السلام) يعلم الغيب ، كما صرّح القرآن الكريم بذلك في سورة الكهف حيث قتل الغلام ، وأقام الجدار ، وأعاب السفينة ، ولم يتمكّن موسى من الصبر على هذا الغيب ، حتّى بيَّن لـه الخضر النكات الغيبية في ذلك : { فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ

____________

1- الأنعام : 59 .

2- الأعراف : 188 .

3- آل عمران : 179 .

4- الجنّ : 26 ـ 27 .

5- آل عمران : 49 .


الصفحة 375


شَيْئًا نُّكْرًا ... وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ... } (1) ، ومن خلال هذا نخرج بهذه النتيجة ، وهي أنّه لا يوجد أيّ محذور في ثبوت الغيب لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، ولكن ارجع لاستدرك وأقول هو تعلّم الغيب وليس علماً بالغيب .

وباتضاح هذا نعود إلى التساؤل الذي أشرتم إليه ونقول : إنّ أصل القضية التي قام بها معاوية هي مجرّد نقل تاريخي ، وليس كُلّ نقل تاريخي يمكن الاعتماد عليه ، والذي نقل تلك القضية هو إبراهيم الثقفي في كتابه الغارات (2) .

ويوجد كلام حول أصل كتاب الغارات ، فضلاً عن سند الرواية ، ولو سلّمنا صدقها فمن المحتمل أن يكون الإمام (عليه السلام) عالماً بالخدعة ، ولكنّه كان مضطرّاً على عزل قيس بسبب ضغط بعض أصحابه ، كما هو الحال في حرب صفّين في قضية الحكمين ، فإنّه (عليه السلام) كان يعلم بأنّ قضية الحكمين خدعة ، ولكنّه كان مضطرّاً إلى قبولها لضغط بعض أصحابه .

وما نقولـه ليس مجرد احتمال ، بل تساعده بعض الكتب التاريخية ، فقد روى البلاذري في أنساب الأشراف أنّه كان مضطرّاً إلى عزل قيس من قبل أصحابه (3) ، ونقل ذلك أيضاً الطبري في تاريخه (4) .

وملخّص ما نريد أن نقولـه : أنّ قضية خدعة معاوية ، قد نقلها الثقفي في كتابه ، ومجرد النقل التاريخي لا يصلح أن يكون مدركاً لتسجيل الإشكال ، وإذا

____________

1- الكهف : 74 ـ 80 .

2- الغارات 1 / 217 .

3- أنساب الأشراف : 392 .

4- تاريخ الأُمم والملوك 3 / 554 .


الصفحة 376


كان يصلح لذلك ، فهناك نقل تاريخي معاكس يدلّ على اضطرار الإمام (عليه السلام) لقبول عزل قيس ، وهو نقل البلاذري والطبري .

( جمال أحمد . البحرين . ... )

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : هل يجوز البكاء على الميّت القريب جدّاً ، ...
ماهي مكانة وحشي قاتل الحمزة عليه السلام في مذهب ...
السؤال : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?
ما هي الأدلة التي تثبت مشروعية التوسل بأهل البيت ...
السؤال : لماذا تمّ اختيار الإمام علي ابن أبي طالب ...
من هو شيخ الأنبياء ومن هو سيد البطحاء وشيخ ...
ما حكم من سرق فقُطع ثم سرق فقُطع ؟
السؤال : هل كانت زيارة الأربعين في نفس السنة التي ...
السؤال : من هو عبد الله بن سبأ ؟
السؤال: هل صحيح أنّ الشيعة لا يقبلون بمصادر أهل ...

 
user comment