عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

حبّ أهل البيت (عليهم السّلام) الطريق إلى الله

(لكلّ شيء أساس وأساس الإسلام حبّنا أهل البيت)

ونعني بحبّ أهل البيت (عليهم السّلام) الحبّ العملي، وإلاّ فالحبّ القلبي لابدّ أن يكون مفروض الوجود قبل العمل ، إذ العمل لا يصح إلاّ به ، ففي الحديث المروي عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لو أنّ عبداً عَبَدَ الله ألف عام ، ثم ذُبِحَ كما يُذبَحُ الكبش ، ثمّ أتى الله ببغضنا أهل البيت لردّ عليه عمله) (1) ، بل إنّ حبّهم علامة السعادة وعلامة طيب المولد ، ويدلّ عليه الحديث المروي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام) عن آبائه ، عن عليّ (عليه السّلام) قال: (قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: يا أبا ذر من أحبّنا أهل البيت ، فليحمد الله على أّول النعم ، قال: يا رسول الله وما أوّل النعم ؟ قال: طيب الولادة إنّه لا يحبّنا إلاّ من طاب مولده) (2).

ونعني بالحبّ ، الحبّ العملي وهو السير على نهجهم والأخذ عنهم ، واحترامهم وتعظيمهم ، وإحياء ذكرهم وتعاهدهم بالزيارة كلّ يوم سواء كان المؤمن قريباً من مراقدهم المقدّسة أم كان بعيداً عنها ، فيزور الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ويزور الزهراء (عليها السلام) بزيارتها المخصوصة بها ، ويزور أمير المؤمنين وأبناءه (عليهم السّلام) بزيارة الجامعة الكبيرة أو الصغيرة ، أو زيارة أمين الله سواءً كان بعيداً أم قريباً من مراقدهم المقدّسة ، ويزورهم بزيارتهم المخصوصة إذا كان قريباً من مراقدهم المقدّسة ، ويزور الإمام الحسين (عليه السّلام) بزيارة عاشوراء كلّ يوم ؛ لما ورد من التأكيد عليها ، وعلى زيارة الجامعة وعلى صلاة الليل ، كما مرّ نقله عن الإمام المهدي (عليه السّلام)، ولا يخفى ما لزيارة عاشوراء من الآثار العجيبة حتى صارت ورداً يتخذ لقضاء الحوائج ، وذلك أمر مشهور وكذلك يتعاهد الإمام المهدي بزيارته ، بأحد زياراته ولو زيارة (سلام الله الشامل التامّ) والدعاء بتعجيل فرجه.

وبالجملة حبّ أهل البيت (عليهم السّلام) العملي أمر لازم على كلّ موالٍ لهم ، ويتأكّد في السالك إلى الله.

يقول الإمام الهادي (عليه السّلام) في زيارة الجامعة: (من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحّده قبل عنكم ، ومن قصده توجّه بكم) ، وفي الحديث المروي عن الإمام الرضا (عليه السّلام) عن آبائه (عليهم السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ (عليه السّلام): يا عليّ أنت حجّة الله ، وأنت باب الله ، وأنت الطريق إلى الله ، وأنت النبأ العظيم ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت الملأ الأعلى) ، هذا مضافاً إلى أنّ السلوك الموصل والمضمون به حصول الغاية إنّما يكون بالسير على النهج الذي رسموه هم وأكّدوا عليه في هذا المجال ، فإنّهم أدرى وأخبر بما يوصل إلى الله وإلى رضاه ، وقد أكّد الإمام في زيارة الجامعة على ذلك، حيث قال: (إلى الله تدعون وعليه تدلّون ، ثمّ قال : وإلى سبيله ترشدون) فإنّهم عيبة علم الله ، وحجّته وصراطه ونوره وبرهانه ، والمتتبع لسيرتهم ، وتاريخ حياتهم يجد العبادة لله في أبرز صورها سمة ظاهرة على سلوكهم ، بل هي نهجهم الذي لا يفارقونه ولا يفارقهم.

فهذا أمير المؤمنين (عليه السّلام) يناجي ربّه كلّ ليلة ، ثمّ يخرّ في غشيته ، ومثله ولده زين العابدين (عليه السّلام) ، ويعرف عن الإمام الكاظم طول عبادته ، وعرف عنه سجدته الطويلة حتى أشتهر بصاحب السجدة الطويلة ، وكلهم على ذلك النهج يسيرون ، وإن اختلفت ظروفهم بنحو قد تخفى علينا سيرة بعضهم ، إلاّ أنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ نهجهم في التعبّد لله واحد ؛ لأنّ مرتبة المعرفة بالله عندهم واحدة ، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف ، وكلّ واحد منهم ينطلق في عبادة الله من مقام معرفته به تعالى ، وقد أعطاهم الله من عظمة الشأن ورفعته أن بلغ بهم أشرف محلّ المكرمين ، وأعلى منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين ، وجعلهم في مقام لا يلحقه لاحق ، ولا يفوقه فائق ، ولا يسبقه سابق ، ولا يطمع في إدراكه طامع ، وجعلهم السادة الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل الذكر وأولي الأمر، وجعل مودّتهم واجبة وطاعتهم واجبة، وأوجب الصلاة عليهم في الصلاة ، وقد ورد في استحباب الصلاة عليهم والأمر بها في غير الصلاة الأحاديث الكثيرة ، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال: (صلّوا على محمّد وآل محمّد فإنّ الله عزّ وجلّ يقبل دعاءكم عند ذكر محمّد ودعائكم له ، وحفظكم إياه صلّى الله عليه وآله) (3) ، بل قد يستفاد من بعض الأحاديث وجوب الصلاة عليهم حتى في غير الصلاة كما في حديث الأعمش عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: (الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله واجبة في كلّ المواطن وعند العطاس والرياح وغير ذلك) (4) ، بل في حديث الصادق (عليه السّلام) المروي عنه قال: (إذا صلّى أحدكم ولم يذكر النبيّ صلّى الله عليه وآله يسلك بصلاته غير سبيل الجنة) ، وقال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من ذُكرت عنده فلم يصلِّ علي فدخل النار فأبعده الله) (5) ، وفي الحديث المروي عن علي بن الحسين (عليه السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ البخيل كلّ البخيل الذي إذا ذُكرت عنده لم يصلِ عليَّ صلّى الله عليه وآله) (6) .

فوائد الصلاة على محمّد وآله:

وللصلاة على محمّد وآله فوائد عدّة:

منها: إجابة الدعاء وتزكية الأعمال ، ويدلّ عليه الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السّلام)، حيث قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (صلاتكم عليَّ إجابة لدعائكم، وزكاة لأعمالكم)(7).

ومنها: تكفير الذنوب ، ويدلّ عليه ما روي عن الإمام الرضا (عليه السّلام)، حيث قال: (من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه، فليكثر من الصلاة على محمّد وآله ، فإنّها تهدم الذنوب هدماً) (8).

ومنها: الوقاية من حرّ جهنم ، ويدلّ عليه ما رواه الصباح بن سيابه عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: (ألا أعلمك شيئاً يقي الله به وجهك حرّ جهنم؟ قال: قلت بلى ، قال: قل بعد الفجر اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد مائة مرّة يقِ الله به وجهك من حرّ جهنم) (9).

ومنها : وجوب الشفاعة له ، ويدلّ عليه ما روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في وصيته لعليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، قال: (يا عليّ من صلّى عليَّ كلّ يوم أوكلّ ليلة ، وجبت له شفاعتي ولو كان من أهل الكبائر).

ومنها: تثقيل الميزان ، ويدلّ عليه الحديث المروي عن الإمام جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن أبيه ، قال : (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنا عند الميزان يوم القيامة ، فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة عليّ حتى أثقل بها حسناته) (10).

ومنها : رفع الحجاب عن الدعاء ، ويدلّ عليه ما رواه أبو ذرّ عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يُصلّى عليَّ وعلى أهل بيتي) (11).

ومنها: ذهاب النفاق، ويدل عليه ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليَّ فإنّها تذهب بالنفاق) (12).

ومنها: قضاء الحوائج ، ويدلّ عليه ما رواه محمّد بن الفضل عن الإمام الرضا (عليه السّلام) قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من صلّى عليَّ يوم الجمعة مائة مرّة قضى الله له ستين حاجة، منها للدنيا ثلاثون حاجة، وثلاثون للآخرة) (13) ، ومثله ما رواه في نوادر الراوندي عن الإمام جعفر بن محمّد عن آبائه (عليهم السّلام) جميعاً قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من صلّى عليَّ مائة مرّة قضى له مائة حاجة) (14) ، وما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السّلام)، قال: (من قال في يوم مئة ربِّ صلّي على محمّد وأهل بيته قضى الله له مائة حاجة، ثلاثون منها للدنيا، وسبعون للآخرة) (15).

ومنها: لإدراك القائم (عليه السّلام) ، ويدلّ عليه ما نقله في المفاتيح رواية عن الإمام الصادق (عليه السّلام)، حيث قال: (من قال بعد صلاة الفجر ، وبعد صلاة الظهر: اللهم صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجل فرجهم لم يمت حتى يدرك القائم (عليه السّلام)).

ومنها: ما يقرأ ورداً لقضاء الحوائج وهو: (اللهم صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها بعدد ما أحاط به علمك) كل يوم (135) مرة أو أزيد ، وهذا يستعمله أهل الأوراد لقضاء الحوائج.

وليعلم أنّ المراد بالصلاة على محمّد الصلاة على محمّد وعلى آله، أمّا الصلاة على محمّد وحده ، فلا تجوز فإنّها الصلاة البتراء ، وهي منهي عنها بالحديث المشهور المروي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، حيث قال: (لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء)، ولما رواه أبان بن تغلب عن الإمام الباقر، عن آبائه عليهم جميعاً السلام، قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من صلّى عليَّ ولم يصلِّ على آلي لم يجد ريح الجنة ، وانّ ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام) (16) .

ــــــــــــــــــــــ

(1) - البحار، ج27، ص 185.

(2) - البحار، ج27، ص 150.

(3) - البحار، ج91، ص50.

(4) - البحار، ج91، ص50.

(5) - البحار، ج91، ص 49.

(6) - البحار، ج91، ص 61.

(7) - البحار، ج91، ص 54.

(8) - البحار، ج91، ص 47.

(9) - البحار، ج91، ص 58.

(10) - البحار، ج91، ص 65.

(11) - البحار، ج91، ص 66.

(12) - البحار، ج91، ص (59 – 60).

(13) - البحار، ج91، ص60.

(14) - البحار، ج91، ص70.

(15) - البحار، ج91، ص 59.

(16) - البحار، ج91، ص 56.


source : http://www.alhassanain.com/arabic/show_articles.php?articles_id=601&link_articles=holy_prophet_and_ahlul_bayt_library/general/hubb_ahlu_albayt
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الامويون والحسين عليه السلام
حاجة نظام الخلق إلى خليفة الله‏
لا يضحي الإمام بالعدالة للمصلحة
ملامح عقيلة الهاشميّين السيّدة زينب الكبرى *
يوم الخروج وكيفيته
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
الدفاعٌ عن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم
أهل البيت النور المطلق
حديث الغدير ودلالته على ولاية أمير المؤمنين (ع)
عوامل نشوء اليقين بولادة الامام المهدي (عليه ...

 
user comment