نزولها في نسائه عليه الصلاة والسلام :
قد تعرفت على دلائل القول وقرائنه وموَيداته وأحاديثه المتواترة التي أطبق على نقلها تسع وأربعون (1) صحابياً وصحابية من أُمهات الموَمنين، وقد تلقته الا َُمّة بالقبول في القرون الماضية، وأمّا القول الثاني أعني نزولها في نسائه وزوجاته ص فقد نسب إلى أشخاص نقل عنهم، منهم:
1. ابن عباس.
2. عكرمة.
3. عروة بن الزبير .
4. مقاتل بن سليمان.
أمّا الاَوّل: فقد نقل عنه تارة، عن طريق سعيد بن جبير، وأُخرى عن طريق عكرمة، قال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس عن قوله: (إنّما يريد اللّه ... ) قال: نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وقال أيضاً: أخرج ابن مردويه عن طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
1 . سيوافيك مصدره.
وأمّا الثاني: أعني عكرمة، فقد نقله عنه الطبري، عن طريق «علقمة» وانّ عكرمة كان ينادي في السوق: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس ... ) نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
ونقل في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وابن مردويه، عن عكرمة في قوله: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم... ) إنّه قال ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وأمّا الثالث: أعني: عروة بن الزبير، فقال السيوطي: وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير انّه قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال: أزواج النبي نزلت في بيت عائشة.
وأمّا الرابع: فقد نقل عنه في أسباب النزول . (1)
تحليل هذه النقول :
أمّا نقله عن ابن عباس فليس بثابت، بل نقل عنه خلاف ذلك، فقد نقل السيوطي في «الدر المنثور » قال: وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال: شهدنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته أهل البيت (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) ».
وليس ابن مردويه فريداً في هذا النقل، فقد نقله عنه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (2) بسند ينتهي إلى أبي صالح، عن ابن عباس: إنّما يريد اللّه
1 . تفسير الطبري: 22|7 و 8؛ والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي: 5|198؛ وأسباب النزول للواحدي: 204.
2 . شواهد التنزيل: 2|30.
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) نزلت في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين. والرجس: الشك .
كما نقله الحافظ الحسين بن الحكم الحبري في «تنزيل الآيات» عن أبي صالح بمثل ما سبق. (1)
وممن رواه عن ابن عباس صاحب أرجح المطالب ص 54 طبع لاهور، والعلاّمة إسماعيل النقشبندي «في مناقب العترة» .
أضف إلى ذلك أنّ من البعيد أن يخفى على ابن عباس حبر الا َُمّة ما اطّلع عليه عيون الصحابة وأُمّهات الموَمنين، وقد أنهى بعض الفضلاء السادة (2) عدد رواة الحديث من الصحابة إلى تسعة وأربعين صحابياً. وجمعها من مصادر الفريقين في الفضائل والمناقب.
وأمّا عكرمة :
فقد ثبت تقوّله بذلك كما عرفت، لكنّ في نفس كلامه دليلاً واضحاً على أنّ الرأي العام يوم ذاك في شأن نزول الا َُمّة هو نزولها في حق فاطمة، وانّما تفرّد هو بذلك، ولاَجله رفع عقيرته في السوق بقوله: ليس بالذي تذهبون إليه وإنّما هو نساء النبي. أضف إلى ذلك: انّ تخصيص هذه الآية بالنداء في السوق وانّها نزلت في نساء النبي يعرب عن موقفه الخاص بالنسبة إلى من اشتهر نزول الآية في حقهم، وإلاّ فالمتعارف بين الناس أن الجهر بالحقيقة بشكل معقول لا بهذه
1 . تنزيل الآيات: 24 «مخطوط» منه نسخة في جامعة طهران. لاحظ إحقاق الحق: 14|53.
2 . آية التطهير في حديث الفريقين.
الصورة المعربة عن الانحراف عنهم.
هذا كله حول ما نقل عنه، وأمّا تحليل شخصيته وموقفه من الاَمانة والوثاقة، وانحرافه عن علي وانحيازه إلى الخوارج وطمعه الشديد بما في أيدي الا َُمراء فحدث عنه ولا حرج، ولاَجل إيقاف القارىَ على قليل مما ذكره أئمّة الجرح والتعديل في حقه نأتي ببعض ما ذكره الاِمام شمس الدين الذهبي نقّاد الفن في كتابيه: «تذكرة الحفاظ»، و «سير أعلام النبلاء»، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب الجرح والتعديل.
نقل الاِمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفّـى 748هـ في «سير أعلام النبلاء» هذه الكلمات في حق عكرمة:
1. قال أيوب: «قال عكرمة: إنّـي لاَخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلّم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم...» ما معنى هذه الكلمة؟ وهل يقولها إنسان يملك شيئاً من العقل والوقار ؟!
2. قال ابن لهيعة: وكان يحدّث برأي نجدة الحروري (1)وأتاه، فأقام عنده ستة أشهر، ثم أتى ابن عباس فسلّم، فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث .
3. قال سعيد بن أبي مريم، عن أبي لهيعة، عن أبي الاَسود قال: كنت أوّل من سبّب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك أنّـي قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب، فأخبرته بغفلتهم، قال: فخرج إليهم وكان أوّل ما أحدث فيهم رأي الصفريّة.(2)
1 . هو نجدة بن عامر الحروري الحنفي من بني حنيفة رأس الفرقة النجدية، انفرد عن سائر الخوارج بآرائه.
2 . هم فرقة من الخوارج أتباع زياد بن الاَصفر.
4. قال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا .
5. قال علي بن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري.
6. وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: إنّما لم يذكر مالك عكرمة ـ يعني في الموطأ ـ قال: لاَنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفريّة.
7. وروى عمر بن قيس المكي، عن عطاء قال: كان عكرمة أباضياً . (1)
8. وعن أبي مريم قال: كان عكرمة بيهسياً . (2)
9. وقال إبراهيم الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة، أكان يرى رأي الاَباضية؟ فقال: يقال: انّه كان صفرياً، قلت: أتى البربر ؟ قال: نعم، وأتى خراسان يطوف على الا َُمراء يأخذ منهم.
10. وقال علي بن المديني: حكى عن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلاّ كافر. قال: وكان يرى رأي الاباضية . (3)
وقال في «ميزان الاعتدال» (4) : وقد وثقه جماعة، واعتمده البخاري، وأمّا مسلم فتجنّبه، وروى له قليلاً مقروناً بغيره، وأعرض عنه مالك، وتحايده إلاّ في حديث أو حديثين.
عفان، حدثنا وهيب قال: شهدت يحيى بن سعيد الاَنصاري ، وأيوب، فذكرا عكرمة فقال يحيى: كذاب، وقال أيوب: لم يكن بكذاب.
1 . هم أتباع عبد اللّه بن أباض، رأس الاَباضية.
2 . فرقة من الصفرية أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر الضبغي رأس الفرقة البيهسية من الخوارج.
3 . لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي: 5|18 ـ 22.
4 . ميزان الاعتدال: 3|93 ـ 97.
عن عبد اللّه بن الحارث: دخلت على علي بن عبد اللّه بن عباس فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش فقلت: ألا تتقي اللّه؟ قال: إنّ هذا الخبيث يكذب على أبي .
سئل محمد بن سيرين عن عكرمة؟ فقال: ما يسوَني أن يكون من أهل الجنة ولكنّه كذّاب.
هشام بن عبد اللّه المخزومي: سمعت ابن أبي ذئب يقول: رأيت عكرمة وكان غير ثقة.
وعن بريد بن هارون قال: قدم عكرمة البصرة، فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي، فسمع صوت غناء فقال: اسكتوا، ثم قال: قاتله اللّه لقد أجاد. وعن خالد بن أبي عمران قال: كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال: وددت أن بيدي حربة فاعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً.
وعن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلاّ كافر . قال: ويرى رأي الاَباضية، انّ عكرمة لم يدع موضعاً إلاّ خرج إليه: خراسان والشام واليمن ومصر وافريقية، كان يأتي الا َُمراء فيطلب جوائزهم.
وقال عبد العزيز الدراوردي: مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد فما شهدهما إلاّ سودان المدينة.
وعن ابن المسيب أنّه قال لمولاه «برد»: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.
أفبعد هذه الكلمات المتضافرة الحاكية عن انحراف الرجل عن جادة
الحق، وتكفيره عامّة المسلمين، وتمنّيه أن يقتل كل من شهد الموسم، يصح الاعتماد عليه في تفسير الذكر الحكيم؟ والاَسف أنّ المفسرين نقلوا أقواله وأرسلوها ولم يلتفتوا إلى أنّ الرجل كذّاب على مولاه وعلى المسلمين، فواجب على عشاق الكتاب العزيز وطلاب التفسير، تهذيب الكتب عن أقوال وآراء ذلك الدجال ومن يحذو حذوه .
عروة بن الزبير :
وأمّا عروة بن الزبير فيكفي في عدم حجية قوله، عداوَه لعلي وانحرافه عنه، ففي هذاالصدد يقول ابن أبي الحديد: روى جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليّاً (عليه السلام) فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين «عليه السلام» ، فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة فإنّ أبي حاكم أباك إلى اللّه فحكم لاَبي على أبيك، وأمّا أنت يا زهري فلو كنت بمكة لاَريتك كير أبيك.
وقد روي من طرق كثيرة: أنّ عروة بن الزبير كان يقول: لم يكن أحد من أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يزهو إلاّ علي بن أبي طالب، وأُسامة بن زيد.
وروى عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيى بن عروة قال: كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه، وقال لي مرّة: يا بني واللّه ما أحجم الناس عنه إلاّ طلباً للدنيا، لقد بعث إليه أُسامة بن زيد أن أبعث إلي بعطائي فواللّه انّك لتعلم انّك لو كنت في فم أسد لدخلت معك. فكتب إليه: إنّ هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن لي مالاً بالمدينة، فأصب منه ما شئت.
قال يحيى: فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به ومن عيبه له وانحرافه عنه . (1)
مقاتل بن سليمان :
وهو رابع النقلة لنزول الآية في نسائه ص ويكفي في عدم حجية قوله : ما نقله الذهبي في حقه في «سير أعلام النبلاء» قال: قال ابن عيينة: قلت لمقاتل: زعموا أنّك لم تسمع من الضحاك؟ قال: يغلق علي وعليه باب فقلت في نفسي: أجل باب المدينة.
وقيل: إنّه قال: سلوني عمّـا دون العرش، فقالوا: أين أمعاء النملة؟ فسكت، وسألوه : لما حج آدم من حلق رأسه؟ فقال: لا أدري. قال وكيع: كان كذّاباً.
وعن أبي حنيفة قال: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل (2) ومقاتل مشبّه، مات مقاتل سنة نيف وخمسين ومائة، وقال البخاري: مقاتل لا شيء البتة. قلت: اجمعوا على تركه. (3)
تجد اتفاق المتكلمين من الاَشاعرة والمعتزلة ومن قبلهم على أنّ القول بالتشبيه انّما تسرب إلى الاَوساط الاِسلامية من مقاتل، فهو الزعيم الركن بالقول
1 . شرح النهج لابن أبي الحديد: 4|102؛ وراجع سير أعلام النبلاء: 4|421 ـ 437 ما يدل على كونه من بغاة الدنيا وطالبيها، وقد بنى قصراً في العقيق وأنشد شعراً في مدحه، وكان مقرباً لدى الاَمويين خصوصاً عبد الملك بن مروان.
2 . التعطيل: هو انّ لا تثبت للّه الصفات التي وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله ص والتشبيه:أن يُشبَه اللّه سبحانه وتعالى بأحد من خلقه.
3 . سير أعلام النبلاء: 7|202.
بأنّ له سبحانه أعضاء مثل ما للاِنسان من اليد والرجل والوجه وغير ذلك، قاتل اللّه مقاتل، كيف يفتري على اللّه سبحانه كذباً ويُفسر آياته بغير وجهها ؟!
وقال الذهبي أيضاً في «ميزان الاعتدال» (1)، ما هذا تلخيصه: قال النسائي: كان مقاتل يكذب.
وعن يحيى: حديثه ليس بشيء. وقال الجوزجاني: كان دجّالاً جسوراً.
وقال ابن حبان: كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان يشبّه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث.
وعن خارجة بن مصعب: لم استحل دم يهودي، ولو وجدت مقاتل بن سليمان خلوة لشققت بطنه.
وقال ابن أبي حاتم: حديثه يدل على أنّه ليس بصدوق.
مشكلة السياق؟! :
قد تعرفت على ما هو المراد من أهل البيت في الآية الشريفة من خلال الامعان فيها وفي ظل الروايات الواردة في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غير ان ّهناك مشكلة باسم مشكلة السياق وهي ان ّالآية وردت في ثنايا الآيات المربوطة بنساء النبي ص على وجه يكون قبلها وبعدها راجعاً إليهنّ ومع ذلك كيف يمكن أن تكون هذه الآية راجعة إلى أهل البيت بالمعنى الذي عرفت؟
وبعبارة أُخرى: إنّ آية التطهير جزء من الآية الثالثة والثلاثين، التي يرجع صدرها وذيلها إلى نساء النبي، فعندئذ كيف يصح القول بأنّـها راجعة إلى
1 . ميزان الاعتدال: 4|172 ـ 175.
غيرهنّ، فإنّ وحدة السياق قاضية على أنّ الكل راجع إلى موضوع واحد، وإرجاعها إلى غير نسائه يستلزم التفكيك بين أجزاء آية واحدة، نعم لو كانت آية التطهير آية مستقلة لكان الاَمر سهلاً إذ كان الاِشكال أضعف، ولكنّها جزء من آية واحدة نزلت في نساء النبي.
والجواب: لا شك أنّ السياق من الاَُمور التي يستدل بها على كشف المراد ويجعل صدر الكلام ووسطه وذيله قرينة على المراد، ووسيلة لتعيين ما أُريد منه، ولكنه حجة إذا لم يقم دليل أقوى على خلافه، فلو قام ترفع اليد عن وحدة السياق وقرينيّته.
وبعبارة أُخرى: إنّ الاعتماد على السياق إنّما يتم لو لم يكن هناك نص على خلافه، وقد عرفت النصوص الدالة على خلافه.
أضف إليه أنّ هناك دلائل قاطعة على أنّ آية التطهير آية مستقلة نزلت كذلك ووقعت في ثنايا الآية المربوطة بأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمصلحة كان صاحب الشريعة أعرف بها. (1) وإليك الدلائل الدالة على استقلالها:
الدليل الاوّل :
أطبقت الروايات المنتهية إلى الاَصحاب وأُمّهات الموَمنين والتابعين لهم بإحسان على نزولها مستقلة، سواء أقلنا بنزولها في حق العترة الطاهرة أو زوجات النبي أو أصحابه، فالكل ـ مع قطع النظر عن الاختلاف في المنزول فيه ـ
1 . نقل السيوطي عن ابن الحصّار : إنّ ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنّما كان بالوحي كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا. لاحظ الاِتقان: 1|194، الفصل الثامن عشر في جمع القرآن وترتيبه من طبعة مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
اتفقوا على نزولها مستقلة، وقد مضت النصوص عن الطبري و «الدر المنثور » والصحاح ترى أنّ أُمَّ سلمة تقول: نزلت في بيتي (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) .
ويروي أبو سعيد الخدري، عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ وفي علي وفاطمة وحسن وحسين (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) ».
وروت عائشة: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات غداة وعليه مرط مرجّل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) . إلى غير ذلك من النصوص.
حتى انّ ظاهر كلام عكرمة وعروة بن الزبير نزولها مستقلة بقول السيوطي: كان عكرمة ينادي في السوق (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) نزلت في نساء النبي .
وأخرج ابن سعد عن عروة بن الزبير أنّه قال: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) قال: أزواج النبي، نزلت في بيت عائشة . (1)
فالموافق والمخالف اتفقا على كونها آية مستقلة إمّا نزلت في بيت أُمّ سلمة أو بيت عائشة، وإمّا في حق العترة أو نسائه.
وعلى ذلك تسهل مخالفة السياق، والقول بنزولها في حق العترة الطاهرة، وانّ الصدر والذيل راجعان إلى نسائه ص لا ما ورد في ثناياها، فهو راجع إلى غيرهن.
1 . لاحظ : 389 ـ 402 من هذا الجزء.
ولا غرو في أن يكون الصدر والذيل راجعين إلى موضوع وما ورد في الاَثناء راجعاً إلى غيره فإنّ ذلك من فنون البلاغة وأساليبها، نرى نظيره في الذكر الحكيم وكلام البلغاء، وعليه ديدن العرب في محاوراتهم، فربما يرد في موضوع قبل أن يفرغ من الموضوع الذي كان يبحث عنه ثم يرجع إليه ثانياً.
يقول الطبرسي: من عادة الفصحاء في كلامهم انّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه، والقرآن من ذلك مملوء، وكذلك كلام العرب وأشعارهم. (1)
قال الشيخ محمد عبده: إنّ من عادة القرآن أن ينتقل بالاِنسان من شأن إلى شأن ثم يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرة بعد المرة. (2)
وروي عن الاِمام جعفر الصادق (عليه السلام) : «إنّ الآية من القرآن يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء ». (3)
ولاَجل أن يقف القارىَ على صحة ما قاله هوَلاء الاَكابر نأتي بشاهد، فنقول: قال سبحانه ناقلاً عن «العزيز» مخاطباً زوجته: (إِنّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ x يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِين ) . (4) نرى أنّ العزيز يخاطب أوّلاً امرأته بقوله: (إِنّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ) وقبل أن يفرغ من كلامه معها، يخاطب يوسف بقوله: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) ... ثم يرجع إلى الموضوع الاَوّل ويخاطب زوجته بقوله: (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ) ... فقوله (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ
1 . مجمع البيان: 4|357.
2 . تفسير المنار: 2|451.
3 . الكاشف: 6|217.
4 . يوسف: 28 ـ 29.
هَذَا ) جملة معترضة وقعت بين الخطابين، والمسوّغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين، وكانت له صلة تامّة بالواقعة التي رفعت إلى العزيز.
والضابطة الكليّة لهذا النوع من الكلام هو وجود التناسب المقتضي للعدول من الاَوّل إلى الثاني، ثم منه إلى الاَوّل ، وهي أيضاً موجودة في المقام، فإنّه سبحانه يخاطب نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخطابات التالية:
1. (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) .
2. (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن ... ) .
3. (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاَُولى ) .
فعند ذلك صح أن ينتقل إلى الكلام عن أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وذلك لوجهين:
1. تعريفهنّ على جماعة بلغوا في التورع والتقى، الذروة العليا، وفي الطهارة عن الرذائل والمساوىَ، القمة. وبذلك استحقوا أن يكونوا أُسوة في الحياة وقدوة في مجال العمل، فيلزم عليهن أن يقتدين بهم ويستضيئنّ بضوئهم.
2. التنبيه على أنّ حياتهنّ مقرونة بحياة أُمّة طاهرة من الرجس ومطهرة من الدنس، ولهن معهم لحمة القرابة ووصلة الحسب، واللازم عليهن التحفّظ على شوَون هذه القرابة بالابتعاد عن المعاصي والمساوىَ، والتحلّـي بما يرضيه سبحانه ولاَجل ذلك يقول سبحانه : (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء )، وما هذا إلاّ لقرابتهن منه ص وصلتهن بأهل بيته. وهي لا تنفك عن المسوَولية الخاصة، فالانتساب للنبي الاَكرم ص ولبيته الرفيع، سبب المسوَولية ومنشوَها،
وفي ضوء هذين الوجهين صح أن يطرح طهارة أهل البيت في أثناء المحاورة مع نساء النبي والكلام حول شوَونهن.
ولقد قام محقّقو الاِمامية ببيان مناسبة العدول في الآية ، نأتي ببعض تحقيقاتهم:
قال السيد القاضي التستري: «لا يبعد أن يكون اختلاف آية التطهير مع ما قبلها على طريق الالتفات من الاَزواج إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته «عليهم السلام» على معنى أنّ تأديب الاَزواج وترغيبهن إلى الصلاح والسداد، من توابع إذهاب الرجس والدنس عن أهل البيت (عليهم السلام) ، فالحاصل نظم الآية على هذا: انّ اللّه تعالى رغب أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى العفة والصلاح بأنّه إنّما أراد في الاَزل أن يجعلكم معصومين يا أهل البيت واللائق أن يكون المنسوب إلى المعصوم عفيفاً صالحاً كما قال: (والطّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ ) (1). (2)
وقال العلاّمة المظفر: وإنّما جعل سبحانه هذه الآية في أثناء ذكر الاَزواج وخطابهن للتنبيه على أنّه سبحانه أمرهن ونهاهن وأدّبهن إكراماً لاَهل البيت وتنزيهاً لهم عن أن تنالهم بسببهن وصمة، وصوناً لهم عن أن يلحقهم من أجلهن عيب، ورفعاً لهم عن أن يتصل بهم أهل المعاصي، ولذا استهل سبحانه الآيات بقوله: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) ضرورة أنّ هذا التميّز انّما هو للاتصال بالنبي وآله، لا لذواتهن فهن في محل، و أهل البيت في محل آخر، فليست الآية الكريمة إلاّ كقول القائل: يا زوجة فلان لست كأزواج سائر الناس فتعفّفي، وتستّـري، وأطيعي اللّه تعالى، إنّما زوجك من بيت أطهار يريد اللّه حفظهم من الاَدناس وصونهم عن النقائص. (3)
1 . النور: 26.
2 . إحقاق الحق: 2|570.
3 . دلائل الصدق: 2|72.
الدليل الثاني :
إنّ لسان الآيات الواردة حول نساء النبي لسان الاِنذار والتهديد، ولسان الآية المربوطة بأهل بيته لسان المدح والثناء، فجعل الآيتين آية واحدة وإرجاع الجميع إليهن ممّا لا يقبله الذوق السليم، فأين قوله سبحانه : (يا نساء النبي من يأت منكنَّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ) من قوله: (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) ؟!
كما انّ لسان القرآن في أزواج النبي، لسان المدح والانذار ويكفيك الاِمعان في آيات سورة التحريم فلاحظ.
الدليل الثالث :
إنّ قوله سبحانه : (إنّما يريد اللّه ... ) في المصاحف جزء من الآية الثالثة والثلاثين فلو رفعناه منها لم يتطرق أيّ خلل في نظم الآية ومضمونها وتتحصل من ضم الآية الرابعة والثلاثين إلى ما بقيت، آية تامة واضحة المضمون، مبينة المرمى منسجمة الفاصلة، مع فواصل الآيات المتقدمة عليها، وإليك تفصيل الآية في ضمن مقاطع:
أ . (وقرن في بيوتكن ولا تبرَّجن تبرُّج الجاهلية الاَُولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن اللّه ورسوله ) .
ب. (إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ). (1)
1 . الاَحزاب: 33.
ج. (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات اللّه والحكمة إنّ اللّه كان لطيفاً خبيراً ) . (1)
فلو رفعنا قوله: (إنّما يريد اللّه ) وضممنا ما تقدم عليه بما تأخر، جاءت الآية تامة من دون حدوث خلل في المعنى والنظم، وهذا دليل على أنّ قوله تعالى: (إنّما يريد اللّه ) آية مستقلة وردت في ضمن الآية لمصلحة ربما نشير إليها.
إنّ الاَحاديث على كثرتها صريحة في نزول الآية وحدها، ولم يرد حتى في رواية واحدة نزولها في ضمن آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي كما ينسب إلى عكرمة وعروة، فالآية لم تكن حسب النزول جزءاً من آيات نساء النبي ولا متصلة بها، وانّما وضعت إمّا بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة.
ويوَيده أنّ آية (وقرن في بيوتكن ) باقية على انسجامها واتصالها لو قدّر ارتفاع آية التطهير من بين جملها. (2)
وليس هذا أمراً بدعاً فله نظير في القرآن الكريم .
فقد تضافرت السنّة، وروى الفريقان أن قولــه سبحانــه : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَـرُوا مِنْ دِينِكُـمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسْلاَمَ دِيناً ) (3) نزلت في غدير خم عندما نصّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً إماماً للا َُمّة وولياً للموَمنين، مع أنّه في المصاحف جزء الآية الثالثة من «سورة المائدة» التي تبيّـن أحكام اللّحوم، وإليك نفس الآية في
مقاطع ثلاثة:
1 . الاَحزاب: 34.
2 . الميزان: 16|330.
3 . سورة المائدة: 3.
أ . (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ الْسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالاَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ) . (1)
ب. (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاِسلام ديناً ) .
ج . (فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْـرَ مُتَجَانِف لاِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ).(2)
فإذا رفعنا الجزء الثاني يحصل من ضم الاَوّل إلى الثالث آية تامة من دون طروء خلل في مضمونها ونظمها، وذلك دليل على أنّ الجزء الثاني آية مستقلة وردت في ضمن آية أُخرى بتصويب صاحب الشريعة الغراء أو بتصويب من جامعي القرآن بعد رحلته ص .
أضف إلى ذلك أنّ مضمون الآية ـ أعني: أحكام اللحوم ـ قد ورد في آيات أُخر من دون أن تشتمل على هذه الزيادة، فهذه قرينة على أنّ ما ورد في الاَثناء ليس من صميم الآية في سورة المائدة، وإنّما وضع في أثنائها بأمر من النبي الاَكرم لمصلحة عامة نشير إليها .
ما هو السر في جعلها جزءاً من آية أُخرى :
قد اتضح مما ذكرنا أن القرآن الكريم إنّما انتقل إلى موضوع أهل البيت
1 . سورة المائدة: 3.
2 . سورة المائدة: 3.
وخطابهم لاَجل إعلام نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّهن في جوار هوَلاء المطهرين فيجب عليهن القيام بأداء حقوق هوَلاء العظماء، الذين ميّزهم اللّه تعالى عن غيرهم من هذه الا َُمّة بالتطهير والعصمة و الاقتداء بهم في القول والسلوك.
ولكن يبقى هنا سوَال آخر، وهو أنّه إذا كانت الآية ، آية مستقلة فلماذا جاءت في المصحف جزءاً من آية أُخرى، ولم تكتب بصورة آية تامّة في جنب الآيات الا َُخرى ؟
الجواب: التاريخ يطلعنا بصفحات طويلة على موقف قريش وغيرهم من أهل البيت (عليهم السلام) ، فإنّ مرجل الحسد ما زال يغلي والاتجاهات السلبية ضدهم كانت كالشمس في رابعة النهار، فاقتضت الحكمة الاِلهية أن تجعل الآية في ثنايا الآيات المتعلّقة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل تخفيف الحساسية ضد أهل البيت ، وان كانت الحقيقة لا تخفى على من نظر إليها بعين صحيحة، وأنّ الآية تهدف إلى جماعة أُخرى غير نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما بيّناه قبل قليل.
وللسيد عبد الحسين شرف الدين هنا كلام ربّما يفصل ما أجملناه فإنّه ـ قدّس اللّه سرّه ـ بعد ما أثبت أنّ قوله سبحانه : (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصلاةَ وَيُوَْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (1) منزل في حق الاِمام أمير الموَمنين (عليه السلام) طرح سوَالاً ، وهو أنّه إذا كان أمير الموَمنين «عليه السلام» هو المراد من الآية فلماذا عبر عن المفرد بلفظ الجمع؟
فقال: إنّ العرب قد تعبّـر عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة التعظيم حيث يستوجب، ثم قال: وعندي في ذلك نكتة ألطف وأدق، وهي أنّه إنّما أُتي بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بُقياً منه تعالى على كثير من الناس، فإنّ شانئي علي
1 . المائدة: 55.
وأعداء بني هاشم وسائر المنافقين وأهل الحسد والتنافس لا يطيقون أن يسمعوها بصيغة المفرد إذ لا يبقى لهم حينئذ مطمع في التمويه ولا ملتمس في التضليل فيكون منهم بسبب يأسهم حينئذ ما تخشى عواقبه على الاِسلام فجاءت الآية بصيغة الجمع مع كونها للمفرد اتقاء من معرتهم، ثم كانت النصوص بعدها تترى بعبارات مختلفة ومقامات متعددة وبث فيهم أمر الولاية تدريجاً حتى أكمل اللّه الدين وأتمَّ النعمة جرياً منه ص على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشق عليهم، ولو كانت الآية بالعبارة المختصة بالمفرد لجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكباراً، وهذه الحكمة مطردة في كل ما جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير الموَمنين وأهل بيته الطاهرين كما لا يخفى، وقد أوضحنا هذه الجمل وأقمنا عليها الشواهد القاطعة والبراهين الساطعة في كتابينا «سبيل الموَمنين» و «تنزيل الآيات» والحمد للّه على الهداية والتوفيق والسلام . (1)
1 . المراجعات:المراجعة: 42 ص 166.