عربي
Thursday 2nd of May 2024
0
نفر 0

ثواب البكاء على مصيبته

ثواب البكاء على مصيبته

وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله يقول: إنَّ الحسين بن علي عند ربه عزّ وجلّ ينظر إلى معسكره ومن حلّه من الشهداء معه،، وينظر إلى زوّاره، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله عزّ وجل من أحدكم بولده وإنّه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آبائه^ أن يستغفروا له، ويقول: لو يعلم زائري ما أعدَّ الله له لكان فرحه أكثر من جزعه، وإنّ زائره لينقلب وما عليه من ذنب<.

وعن أبي جعفر× قال: كان علي بن الحسين‘ يقول: >أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خدّه بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خدّه لأذىً مسنّا من عدوّنا في الدنيا بوأه الله مبوّأ صدق في الجنة، وأيما مؤمن مسّه أذىً فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خدّيه من مضاضة ما أوذي فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار<.

وروى السيد بن  طاووس: >أيما مؤمن مسّه أذى فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار<.

قال الإمام الرضا×: >فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام...<([1]).

وقال× لابن شبيب:

>يابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فبانك للحسين بن علي بن أبي طالب ...  وقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله إلى أن قال: يابن شبيب! إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب ...<([2]).

وهذه نماذج من الروايات الواردة في مسألة البكاء على أهل البيت^ وهي غيض من فيض ومن أراد التفصيل فيمكنه مراجعة مصادر معتبرة في هذا المضمار وهنا نسجل بعض النقاط:

1ـ إن البكاء الذي يترتب عليه الثواب العظيم هو ما يصدر عن إنسان مؤمن.

2 ـ إنّ البكاء على أهل البيت يكون أكثر مصداقية من إنسان يسير على خطى أهل البيت^.

3ـ إنّ البكاء الذي يكون خالصاً لله ولرسوله هو البكاء الذي تحثّ عليه الآثار والأحاديث.

4 ـ إنّ البكاء الخالد والذي يظهر الروح ويغسل القلب هو بكاء إنسان لم يتلوث بالذنوب والمعاصي والآثام.

5 ـ إن البكاء الذي تتوافر فيه المواصفات أعلاه هو الذي يستحيل يوم القيامة إلى رحمة ومغفرة ورضوان من الله أكبر.

مسألة التغير والتحول في القرآن الكريم

يشير القرآن الكريم إلى ظاهرة التغيير والتحوّل بصراحة على الصعيدين المادي والمعنوي.


1 ـ على الصعيد المادي:

قال تعالى: {وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الأَْنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ }([3]).

وهذه الظاهرة مدهشة حقاً إذ يستحيل الفرث والدم إلى لبن سائغ ففيه كل هذه المواصفات المعروضة ويتحول إلى سائل غني بالمواد الغذائية والفيتامينات.

هناك ظاهرة أخرى يشير إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ}([4]).

لاحظ هذه الكائنات الصغيرة وهي تدور بين الأزهار والحقول فتمتص رحيق الورود ثم تحوّله إلى مادّة العسل الذي ينطوي على معجزات في الشفاء من الأمراض ومكافحة الجراثيم.

وهذه الظاهرة الكبرى في نمو آلاف الأنواع من النباتات التي تكسو الأرض في البراري ولا أحد يعرف كيف تنمو وكيف تنبت وكيف تؤمن غذاءها من التراب ومن الماء فتأتي الحيوانات بكل أنواعها وتتغذى من هذه النبتة ومن تلك الشجرة ومن هذه الأعشاب والأدغال.

قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَْرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ }([5]).

2 ـ على الصعيد المعنوي:

إن من يتأمل في آيات القرآن الكريم يلاحظ بعض الإشارات في تحوّل أعمال الإنسان فهي على صعيد الخير تتحول إلى جنّة ورضوان من الله.

وهكذا بالنسبة للأعمال الشريرة أنها تتحول إلى عذاب أبدي.

وعندما يرتكب الإنسان أعمالاً تستوجب غضب الله فإن توبة الإنسان وندمه تحيل الغضب الإلهي إلى رحمة ربانية.

وهكذا بالنسبة للعبادات إنها تتحول في العالم الملكوتي إلى أشياء حقيقة تتجسم في  عالم تظهر فيه هذه الأعمال بصورة أخرى، قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً }([6]).

وقال سبحانه : {وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}([7]).

وقال تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}([8]).

وجاء في الأثر أن امرأة زارت النبي’ وكانت قصيرة فلما خرجت أشارت عائشة إلى قصرها بيدها فقال النبي’: >ألفظيها يا عائشة! قالت يا رسول الله ما أكلت شيئاً فقال النبي’: >ألفظي< فلما لفظت إذا قطعة لحم تسقط من فمها ([9]).

قال تعالى: {... وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ }([10]).

وجاء في الحديث الشريف:

>إنما هي أعمالكم تردُّ إليكم<.



([1]) الأمالي للصدوق: 128، المجلس السابع والعشرون، حديث 2؛ روضة الواعظين: 1/169؛ وسائل الشيعة: 14/504، باب 66، حديث 19697؛ بحار الأنوار: 44/283، باب 34، حديث 17.

([2]) عيون أخبار الرضا: 1/299، باب 28، حديث 58؛ الأمالي للصدوق: 129، المجلس السابع والعشرون، حديث 5؛ وسائل الشيعة: 14/502، باب 66، حديث 19694؛ بحار الأنوار: 44/285، باب 34، حديث 23.

([3]) سورة النحل: الآية 66.

([4]) سورة النحل: الآية 69.

([5]) سورة البقرة: الآية 22.

([6]) سورة آل عمران: الآية 30.

([7]) سورة البقرة: الآية 281.

([8]) سورة النساء: الآية 10.

([9]) المحاسن: 2/460، باب 54، حديث 410؛ بحار الأنوار: 72/256، باب 66، حديث 45.

([10]) سورة الحجرات: الآية 12.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في ذكري الأربعين:القيم العالية لانتفاضة الحسين ...
سیرة الامام المنتظر (عجل الله فرجه)
مدح الارتباط بالأئمة المعصومين (ع)
الرسالة بين الامام والنصير
العلاقة بين أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) وأئمّة ...
علم الامام جعفر الصادق (عليه السلام) باللغات
حياة الإمام علي الهادي (عليه السلام) العامرة ...
كرامات الإمام علي ( عليه السلام )
سخاء الإمام الرضا ( عليه السلام )
المنهج الاصلاحي عند الإمام الصادق(ع)

 
user comment