تاريخ الخروج
19 محرّم 61ﻫ.
سبب الخروج
كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه على الكوفة عبيد الله بن زياد، يطلب منه أن يرسل السبايا إليه بقوله: «سَرّح الأُسَارى إليّ»، فاستدعى ابن زياد بمخفر بن ثعلبة العائذي، فسلّم إليه رؤوس الشهداء مع أسرى أهل البيت(عليهم السلام)، وأمره أن يسير بالسبايا مع شمر بن ذي الجوشن إلى يزيد في الشام.
صفة الخروج
خرجت قافلة سبايا الإمام الحسين(عليه السلام) من الكوفة إلى الشام تتقدّمها رؤوس الشهداء، وفي مقدّمتها رأسُ الإمام الحسين(عليه السلام).
وسارت خلف الرؤوس النساءُ والأطفالُ، وفي مقدّمتهم السيّدة زينب(عليها السلام) بطلة كربلاء، والإمام زين العابدين(عليه السلام)، الذي وضعت بيده السلاسل وجُمِعت إلى عنقه، وحملوا جميعاً على أقتاب الإبل التي كانت بغير وطاء ولا غطاء، وساروا بهم من بلد إلى بلد، كما يسار بسبايا الكفّار، يتصفّح وجوههنّ أهل الأقطار.
كرامة للحسين(عليه السلام)
روى ابن لهيعة وغيره حديثاً أخذنا منه موضع الحاجة، قال: «كنت أطوف بالبيت، فإذا برجل يقول: اللّهمّ اغفر لي وما أراك فاعلاً، فقلت له: يا عبد الله اتّق الله ولا تقل مثل ذلك، فإنّ ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار وورق الأشجار فاستغفرت الله غفرها لك؛ فإنّه غفور رحيم.
قال: فقال لي: تعال حتّى أخبرك بقصّتي، فأتيته فقال: اعلم إنّا كنّا خمسين نفراً ممّن سار مع رأس الحسين(عليه السلام) إلى الشام، فكنّا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت وشربنا الخمر حول التابوت، فشرب أصحابي ليلة حتّى سكروا، ولم أشرب معهم، فلمّا جنّ الليل سمعت رعداً ورأيت برقاً، فإذا أبواب السماء قد فُتحت، ونزل آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق(عليهم السلام) ونبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله)، ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت، وأخرج الرأس وضمّه إلى نفسه وقبّله، ثمّ كذلك فعل الأنبياء كلّهم، وبكى النبيّ(صلى الله عليه وآله) على رأس الحسين(عليه السلام)، وعزّاه الأنبياء.
وقال له جبرئيل(عليه السلام): يا محمّد، إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أطيعك في أُمّتك، فإن أمرتني زلزلت بهم الأرض وجعلت عاليها سافلها كما فعلتُ بقوم لوط.
فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): لا يا جبرئيل، فإنّ لهم معي موقفاً بين يدي الله يوم القيامة. ثمّ جاء الملائكة نحونا ليقتلونا، فقلت: الأمان الأمان يا رسول الله، فقال: اذهب فلا غفر الله لك»(1).
أترجو أُمّة قتلت حسيناً ** شفاعة جدّه يوم الحساب
معاذ الله لا نلتم يقيناً ** شفاعة أحمد وأبي تراب
قتلتم خير مَن ركب المطايا ** وخير الشيب طراً والشباب(2).
في الشام
لمّا قربوا من دمشق، دنت السيّدة أُم كلثوم من شمر فقالت له: «لي إليك حاجة»: فقال: ما حاجتك؟ قالت: «إذا دخلت بنا البلد، فاحملنا في درب قليل النظّارة، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحّونا عنها، فقد خُزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في هذه الحال».
فأمر اللعين أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً، وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفة، حتّى أتى بهم باب دمشق، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السبي(3).
ـــــــــــــــــــــ
1ـ اللهوف في قتلى الطفوف: 100.
2ـ كامل الزيارات: 160.
3ـ اُنظر: اللهوف في قتلى الطفوف: 101.