التفسير في اللغة
راجع إلى معنى الأظهار والكشف، واصله في اللّغة التفسرة، وهي القليل من الماء الذي ينظر فيه الأطبّاء، فكما أنّ الطبيب بالنظر فيه يكشف عن علة المريض، فكذلك المفسّر يكشف عن شأن الآية وقصصها ومعناها والسبب الذي أنزلت فيه.(1)
فيكون معنى التفسير اصطلاحا
علم يُعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيّه محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وبيان معانيه، واستخراج احكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللّغة، والنحو، والتصريف، وعلم البيان، وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ.(2)
ويقول الإمام البلاغي، في معرض بيان الحاجة إلى التفسير، أن للحاجة إليه مقامات، نذكر منها ثلاثة مقامات - تعيننا على فهم دور علم التفسير في البحوث القرآنية، والفارق بينه وبين علوم القرآن – وإليك فيما يلي ملخّصها:
المقام الأوّل: في مفردات ألفاظه، وبيان معناها بالعربيّة فيرجع في التفسير لمفردات الفاظه إلى ما يحصل به الإطمئنان والوثوق، من مزاولة علم اللغة العربيّة، والتدبّر في موارد استعمالها في كلام العرب.
المقام الثاني: يحتوي القرآن على أرقى أنحاء البلاغة العربيّة، وتفنّنها بمحاسن المجاز والاستعارة والكناية وغيرها مما كان مأنوس الفهم، في عصر النزول، غير أن عوامل تاريخيّة أدّت إلى اختلاط الأمم الأخرى بالعرب، فتغير أسلوب الكلام العربي في عامة الناس، فعاد ذلك لدى العامّة يحتاج في معرفته إلى التعلّم والتدرّب.
فالحاجة إلى تفسير الكشف عن هذه الأسرار والنكت البلاغيّة المستعملة في القرآن.
المقام الثالث: في معرفة شأن النزول، فقد جاء في القرآن شئ كثير من الألفاظ العامة التي يراد بها الخاص، أو التي هي نصّ في خاصّ، باعتبار نزولها في شأنه وغير ذلك مما كان معروفاً في عصر نزوله، ثم صارت أسباب الخفاء تختلسه شيئاً فشيئاً وتجعل ضدّه.
والمفزع في تفسير ذلك هو ما يحصل به العلم من اجماع المسلمين في الرواية للتفسير، أو في الرواية عن الرّسول في الدلالة على من يفزع إليه بعده في تفسير كتاب الله كحديث الثقلين المتواتر القطعي بين الفريقين:
"إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض".(3)
من كل هذه النصوص اتضح لنا أن التفسير هو تناول النصّ القرآني ومحاولة فهم الآية على وجهها، واستكشاف المقاصد القرآنية من خلال الآيات والنّصوص.
ولكن علوم القرآن لا تتناول النصّ القرآني بالبحث المباشر، فليس علم القرآن محاولة فهم لمفردات الآيات القرآنية وتفصيلها.
وإنما علوم القرآن: ((مجموعة البحوث القرآنية العامة التي لا يستغني عنها الباحث القرآني في درك معاني آيات الكتاب وفهم حقايقها)).
والمثال على ذلك فكرة المتشابه والمحكم فإن عالم القرآن يتناول بحث المتشابه والمحكم، باعتباره ظاهرة قرآنية تستوجب البحث والتحقيق ليُعلم حقيقة المحكم والمتشابه وماهيّتهما ثم آثارهما وأحكامهما.
فليس هذا تناولاً لآية قرآنية مخصوصة، ولا يدور البحث حول نصّ قرآني معيّن، وإنما موضوع البحث ظاهرة قرآنيّة عامّة، يتوقف على تحليلها وتحقيقها البحث التفسيري.
ومن هنا تدرك العلاقة الوثيقى بين البحث التفسيري وعلوم القرآن فعلوم القرآن هي التي ترفع عن الباحث التفسيري مؤونة الجهد والتحقيق عن مثل هذه الظاهرة ((المحكم والمتشابه)) وتمهّد له الأرضيّة الكافية في مجال فهم المفردات القرآنية والنصوص.
--------------------------------------------------------------------------------
1- الآء الرحمن1: 32-47.البرهان في علوم القرآن للزركشي 147:2.الآء الرحمن1: 32-47.
2- الآء الرحمن1: 32-47.نفس المصدر 13:1.الآء الرحمن1: 32-47.
3- الآء الرحمن1: 32-47.الآء الرحمن1: 32-47.الآء الرحمن1: 32-47.
source : هدی القران