الإمام علي ( عليه السلام ) وحديث الدار
إنَّ الحسابات الاجتماعية كانت تقتضي أن يعيِّن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قائداً للأمَّة ، منعاً لظهورِ أيّ اختلاف وانشقاق فيها من بعده .
وأن يضمن ( صلى الله عليه وآله ) استمرار وبقاء الوحدة الإسلامية بتحصينِها بسياجٍ دِفاعيٍّ متين .
فتحصين الأمة وصيانتها من الحوادث المشؤومة ، والحيلولة دون مطالبة كل فريق بـ( الزعامة ) لنفسه دون غيره ، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة ، لم يكن ليتحقق إلا بتعيين قائد للأمَّة ، وعدم ترك الأمور للأقدار .
هذه الحسابات تهدينا إلى صحة نظرية التنصيص على تنصيب القائد بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ولهذا السبب ولأسباب أخرى طرح رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله ) مسألة الخلافة منذ بداية الدعوة الإسلامية ، وظلَّ يواصل طرحها طوال حياته .
حيث عيَّنَ ( صلى الله عليه وآله ) خليفته ، ونصَّ عليه بالنصِّ القاطع الواضح الصريح في بدء دعوته ( حديث الدار ) ، و ( حديث الغدير ) ، وحتى لحظات حياته الأخيرة ( حديث الكتف والدواة ) أيضاً .
وإليك بيان ذلك :
بالإضافة إلى الأدلة العقلية والفلسفية التي تثبت قطعية ( النصِّ على الخلافة ) ، فإنَّ هناك أخباراً وروايات وردت في المصادر المعتبرة ، تثبِّت صحة الموقف والرأي الذي ذهب إليه علماء الشيعة وتوثقه .
فقد نصَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) خلال نبوَّته على الخليفة من بعده مراراً وتكراراً ، لذلك فإنَّ مسألة الانتخاب الشعبي تكون منتفية .
ولما أمره الله عزَّ وجلَّ أن ينذر عشيرته الأقربين من العذاب الإلهي الأليم ، وأن يدعوهم إلى عقيدة التوحيد قبل دعوته العامة للناس ، جمع أربعين رجلاً من زعماء بني هاشم وبني عبد المطلب ، ثمَّ وقف ( صلى الله عليه وآله ) فيهم خطيباً وقال : ( أيُّكُم يؤازِرُني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم ؟ ) .
فأحجم القوم ، وقام الإمام علي ( عليه السلام ) ، وأعلن مؤازرته وتأييده له ، فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) برقبته ، والتفت إلى الحاضرين ، وقال : ( إنَّ هَذا أخي ووصِيِّي وخليفتي فيكم ) .
وقد عرف هذا الحديث عند المفسّرين والمحدِّثين : بـ( يوم الدار ) ، و ( حديث بدء الدعوة ) .