1. حدَّثينا عن يومه المأثورِ وارفعي عنه حالكات الستورِ
2. وابعثيه يا ذكريات دموعاً في المآقي ووقدة في الصدورِ
3. وأنيري للخابطين بديجور الضلالات والعماء الكبيرِ
4. صفحةً للجهاد قد سطرتها رسلُ الحق بالنجيع الطهورِ
5. حدَّثينا عن نهضة ذعر الطاغوت من رجعها الأبي النذيرِ
6. واستفاقت ندمانه وهوى الكأس ومادت جوانب الماخورِ
7. وانجلت ظلمة الخنوع فهبَّت زمر المسلمين للتكفيرِ
8. فإذا الشام ملعب للمنايا وإذا الملك كالحطام النثيرِ
9. وإذا الغاشمون من آلِ حربٍ ميسم العار في جبين الدهورِ
10. شرَّد كالنعاج أذعرها النصل ففرَّت ومالها من مجيرِ
11. ذاك عرش الطاغوت قام على الرقِّ فألوى به انتفاض الأسيرِ
12. إيه يا كربلاء كم خضبت أرضك أهواء ثمَّ أو غدورِ
13. كم ظلوم أقام فيك على الأشلاء أركان عرشه والسريرِ
14. كم شهيد كانت دماه وَقِيداً لسراج الآمال في الديجورِ
15. إيه يا كربلاء عودي بهاتيك المآسي من نائيات العصورِ
16. وصفي موكب الحسين وقد قام يلبَّي ضراعة المستجيرِ
17. ومضى يقطع الصحارى مجدّاً بين رمل من لفحها وهجيرِ
18. قاصداً كربلاء حتّى إذا ما أنزلته فيها يد المقدورِ
19. ومضى يسأل الاُولى بايعوه بعهود الخداع والتغريرِ
20. كيف خانوا أما لديهم فضولٌ من إباءٍ أو وازع من ضميرِ
21. لم يجد غير أنفس دنَّستها شهواتٌ مسعورةٌ في الصدورِ
22. زمر باعت الكرامة بالمال وداست على النهى والشعورِ
23. وأتت تحمل الحسين على طاعة جبّارها الأثيم الكفورِ
24. فانبرى مشعل الإباء حسينٌ صارخاً في قطيعها المأجورِ
25. يا عبيد الزناة من آل سفيان ويا باعة التقى بالفجورِ
26. لم أجئ طامعاً لديكم بملك رفعته مقوَّسات الظهورِ
27. فنفوس الهداة ترغب عمّا تهب الأرض من متاع حقيرِ
28. إنّما جئتكم لأرفع عنكم ألف وزر وألف قيد ونيرِ
29. وأزيح الآثام عن ألق الحقِّ وألوي بسطوة السكَّيرِ
30. مستبيح الأعراض في مخدع البغي وجلاد شعبه المأسورِ
31. يا ضحايا الشرور جئت أقيكم بكياني إعصار تلك الشرورِ
32. غير أنّ العين التي تألف الظلّ ماء تخشى أن تستحمَّ بنورِ
33. فتروَّوا حيناً ولكنّما الشهوة غالت فيهم بقايا الضميرِ
34. فانبروا كالذئاب تغترف الدّم لتطفي من غلها المسعورِ
35. واستحرَّ القتال فالأرض سيل من نجيع ومدرج للنسورِ
36. ورجال الحسين يهوون كالأنجم في لجَّة الفناء الغميرِ
37. يا لها ساعة أفاضت على الدنيا سناء من داميات النحورِ
38. وانجلى النقع والحسين وحيدٌ ما له في جهاده من نصيرِ
39. تتناهى إليه ولولة الأطفال بالغالَّ من وراء الستورِ
40. وأنين الجرحى ونوح الثكالى بنشيج مقطَّع محرورِ
41. فانتضى سيفه وهبَّ إلى الباغين غضبان هازئاً بالمصيرِ
42. دائراً في جموعهم يزرع الموت فتعدو كالأرنب المذعورِ
43. ومضى في نضاله غير أن الفرد يعيا أمام جمع غفيرِ
44. فتهاوى على الثرى وتقضَّت بُقية من لهافة المحرورِ
45. فانبرت طغمة الزنى تطأ الموتى وتقسو على عذارى الخدورِ
46. يا شهيد الإخلاص كم من شهيدٍ فجَّر النور من ظلام القبورِ
47. يا نبيَّ الجهاد في كلَّ قلبٍ أنت جرح مخضّب بالنورِ
48. أنت حادي الأقوام إن غام مرقا ها وتاهت في عتمة الديجورِ
49. ليس تهوي صروح دين بناه رسل الحقَّ بالنجيع الطهورِ
الشاعر :
رشيد ياسين البصرة