هذه القصيدة العصماء من نظم العالم الكامل المرحوم الشيخ محمد علي الأعسم (ره) مواليد النجف 1154 ه ش
توفي في النجف الأشرف سنة 1233 ودفن في المقبرة التي هي لآل الأعسم في الصحن الشريف.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد
لهذه القصيدة قصة نسمعها عن لسان الشاعر :
كنت شابا آنذاك معروف بخلق الحسن وملتزماً في ديني قد كتبت قصيدة رثاء بحق الامام الحسين (عليه السلام)
والتي مطلعها :
قد أوهنت جلدي الديارُ الخالية..
من أهلها ما للديارِ وماليه
وعند انتهائي منها أريتها لوالدي العلامة الشيخ ابراهيم علي الاعسم قبل ان أسلمها للخطباء والراثين حيث انه كان لا أعطي نظمِ في رثاء اهل البيت للخطباء قبل ان أعرضها على والدي فكان راي الوالد وهو رجل يملك من الثقافة الدينية والوعي الفكري فكان رده لي ان لايعرضها للخطباء لانها فيها وزنا كالبحر صعب الخوض فيه وادراكه فتألمت من رد الوالد واخذ على عاتقه التزام الهدوء
فأخذها مني ثمّ صعد فصلى ووضعها تحت مصلاه فما كان إلاّ أن طُرق الباب سحراً وإذا بالخطيب الشيخ محمد علي القارئ
وهو صديق لـوالدي وافضل الخطباء في عصره وكان ممتازا بانشاد الشعر الحسيني
في محافل الحسين(عليه السلام) قال : إني رأيت البارحة كأني دخلت الرّوضة الحيدرية فرأيت أميرالمؤمنين (عليه السلام) جالساً فسلمتُ عليه فخاطبني وأعطاني ورقة فيها قصيدة وقال : اقرأ لي هذه القصيدة في رثاء ولدي الحسين فقرأتها وهو يبكي فانتبهت وأنا أحفظ منها هذا البيت :
قست القلوب فلم تمِلْ لهداية ٍ تبّاً لهاتيكَ القلوبِ القاسية
فتعجّب والدي وأخرج له الورقة التي تحت مصلّاه فدهش الشيخ محمد علي القارئ وقال : واللَّه إنها نفس الورقة بل هي هي التي أعطانيها أمير المؤمنين (عليه السلام).
عند ذالك ادرك والدي رحمه الله بأن قصيدة ولده مقبولة عند الامام (عليه السلام) ولذالك عرفت هذه القصيدة بالقصيدة المقبولة فاخبرني بكل ما حدث وطلب منه ان تقرأ في مصاب الحسين وقد اشتهرت منذ ذالك الحين
وهذه هي القصيدة :
قـد أوهنت جَلَدي الدّيارُ الخالية
مـن أهـلـهـا ما للدّيارِ وماليه
ومـتى سألتُ الدّارَ عن أربابها
يُـعِـدُ الصّدى منها سؤالي ثانية
كـانت غياثاً للمنوب فأصبحت
لـجـميعِ أنواعِ النّوائبِ حاوية
ومـعـالمٌ أضحت مآتمَ لا تَرى
فـيها سوى ناعٍ يجاوِبُ ناعية
وردَ الحسينُ إلى العراقِ وظنّهم
تـركوا النِّفاقَ إذا العراق كماهية
ولـقـد دعَـوهُ لـلعَنا فأجابهم
ودعـاهُـمُ لـهدى ً فردُّوا داعية
قـسَـتِ القلوبُ فلم تَمِلْ لهداية ٍ
تـبّـاً لـهـاتيكَ القلوب القاسية
مـا ذاقَ طعمَ فراتِهِمْ حَتّى قضى
عـطـشـاً فغُسِّلَ بالدّماء ِ القانية
يـابنَ النبيّ المصطفى ووصيِّهِ
وأخا الزكيِّ ابنَ البتولِ الزاكية
تـبـكيكَ عيني لا لأجلِ مثوبة ٍ
لـكـنّـمـا عيني لأجلِكَ باكية
تـبـتـلُّ مـنكم كربلا بدمٍ ولا
تـبـتـلُّ منِّي بالدّموعِ الجارية
أَنْـسَـتْ رزيـتُكُم رزايانا التي
سـلـفت وهوّنت الرزايا الآتية
وفـجـائـعُ الأيـامِ تـبقى مدّة ً
وتزولُ وهي إلى القيامة ِ باقية
لـهـفـي لِـرَكـبٍ صُـرعُـوا في كربلا
كـانـت بِـهـا آجـالُـهُـم مُـتـدانِـيَة
نَـصـروا ابـنَ بـنـت نـبيَّهُم طُوبى لَهُم
نـالُـوا بـنـصـرتِـهِ مَـراتِـبَ سامية
قَـدْ جـاوروه هـاهُـنـا بـقـبـورِهـم
وَقُـصُـورُهُـم يـومَ الـجَـزا مُـتَـحاذِيَة
وَلقدْ يَعِزُّ عِلى رَسولِ اللهِ أن
ْتُسبَى نِساهُ إلى يَزيدَ الطاغِيَة
وَيَرَى حُسيناً وَهوَ قُرَّة ُ عَينِه
ِوَرِجَالَهُ لم تَبْقَ مِنهُم بَاقِيَة
وَجُسومُهُم تَحتَ السَنابِكِ بِالعَرَى
وَرُوؤسُهُم فَوقَ الرِمَاحِ العَالِيَة
وإذْ أَتَتْ بِنتُ النَبِيِّ لِرَبِّهَا
تَشكُو وَلا تَخفَى عَليهِ خَافِيَة
رَبِّ انتَقِم مِمَّنْ أَبَادُوا عِترَتِي
وَسَبَوا عَلى عُجُفِ النِياقِ بَنَاتِيَة
وَاللهُ يَغضَبُ لِلبَتولِ بِدونِ أنْ
تَشكُو فَكيفَ إذَا أَتَتهُ شَاكِيَة
من اجلك يامولاى ياأبا عبدالله نشرتها فاذكرني يوم آخرتي فداك روحي.