عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

مناظرات الإمام الكاظم ( ع )

للإمام الكاظم ( عليه السلام ) مناظرات و احتجاجات هامّة ، و بليغة مع خصومه المناوئين له ، كما جرت له مناظرات أخرى مع علماء النصارى و اليهود ، و قد برع فيها جميعها ، و أفلج الجميع بما أقامه من الأدلّة الدامغة على صحّة ما يقول ، و بطلان ما ذهبوا إليه ، و قد اعترفوا كلّهم بالعجز و الفشل معجبين بغزارة علم الإمام ، و تفوّقه عليهم ، منها :
 


1ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع أبي يوسف القاضي :
 

أمر هارون الرشيد أبا يوسف أن يسأل الإمام ( عليه السلام ) بحضرته ، لعلّه يبدي عليه العجز ، فيتّخذ من ذلك وسيلة للحطّ من كرامته ، و لمّا اجتمع ( عليه السلام ) بهم ، وجّه إليه أبو يوسف السؤال التالي : ما تقول في التظليل للمحرم ؟ ،  قال ( عليه السلام ) : ( لا يصح ) .


قال : فيضرب الخباء في الأرض ، و يدخل البيت ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .


قال : فما الفرق بين الموضعين ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( ما تقول في الطامث ، أتقضي الصلاة ؟ ) ، قال أبو يوسف : لا.


قال ( عليه السلام ) : ( أتقضي الصوم ؟ )،  قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( و لمَ ؟ ) ، قال : هكذا جاء ، قال ( عليه السلام ) : ( وهكذا جاء هنا ) . فسكت أبو يوسف ، و لم يطق جواباً ، و بدا عليه الخجل و العجز ، فقال هارون : ما أراك صنعت شيئاً ، قال أبو يوسف : رماني بحجر دامغ . فتركهما الإمام ( عليه السلام ) و انصرف ، بعد أن خيّم عليهما الحزن و الشقاء .

 


2ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع أبي حنيفة :
 

دخل أبو حنيفة على

الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فقال له : ( رأيت ابنك موسى يصلّي و الناس يمرّون بين يديه ، فلم ينههم عن ذلك ؟ ، فأمر ( عليه السلام ) بإحضار ولده موسى ( عليه السلام ) ، فلمّا مثل بين يديه ، قال له : ( يا بني ، إنّ أبا حنيفة يذكر أنّك كنت تصلّي ، و الناس يمرّون بين يديك ؟ ) .

فقال ( عليه السلام ) : ( نعم ، يا أبتِ  و إن الذي كنت أصلّي له أقرب إليّ منهم ، يقول الله عزّ و جل : (

وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) .

عندها فرح الإمام الصادق ( عليه السلام ) و سرّ سروراً بالغاً ، لما أدلى به ولده من المنطق الرائع ، فقام إليه و ضمّه إلى صدره ، و قال مبتهجاً : ( بأبي أنت و أمّي يا مودع الأسرار ) .

 


3ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع علماء اليهود :
 

قصد وفد من علماء اليهود الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليحاججوه في الإسلام ، فلمّا مثلوا بين يديه انبروا إليه يطلبون منه الحجّة و الدليل على نبوّة

رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قائلين : أي معجز يدل على نبوّة محمّد ؟

أجابهم ( عليه السلام ) : ( كتابه المهيمن ، الباهر لعقول الناظرين ، مع ما أعطي من الحلال و الحرام و غيرهما ، ممّا لو ذكرناه لطال شرحه ) ، فقالوا : كيف لنا أن نعلم هذا كما وصفت ؟


فانطلق الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، و كان آنذاك صبياً قائلاً لهم : ( و كيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات الله لموسى على ما تصفون ؟ ) ، قالوا : علمنا ذلك بنقل الصادقين .


قال لهم : ( فاعلموا صدق ما أنبأتكم به بخبر طفل لقّنه الله تعالى من غير تعليم ، و لامعرفة عن الناقلين ) ، فبهروا و آمنوا بقول الإمام الكاظم الصبي ( عليه السلام ) ، الذي هو المعجز بحق ، و هتفوا معلنين إسلامهم قائلين : نشهد أن لا اله إلاّ الله ، و إنّ محمّداً رسول الله ، و إنّكم الأئمّة الهادون ، و الحجج من عند الله على خلقه .


و لمّا أدلى الإمام ( عليه السلام ) بهذه الحجّة و أسلم القوم على يده ، وثب إليه والده ( عليه السلام ) ، فقبّل ما بين عينيه ، و قال له : ( أنت القائم من بعدي ) ، ثمّ أمره بكسوة لهم و أوصلهم ، فانصرفوا  ، و هم شاكرون .

 


4ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع علماء النصارى :
 

جاء قطب من أقطاب النصارى و من علمائها النابهين ، يدعى بريهة ، كان يطلب الحق و يبغي الهداية ، اتصل بجميع الفرق الإسلامية ، و أخذ يحاججهم فلم يقتنع ، و لم يصل إلى الهدف الذي يريده ، حتّى وصفت له الشيعة ، و وصف له هشام بن الحكم ، فقصده و معه نخبة كبيرة من علماء النصارى ، فلمّا استقر به المجلس سأل بريهة هشام بن الحكم عن أهم المسائل الكلامية و العقائدية ، فأجابه عنها هشام .


ثمّ ارتحلوا جميعاً إلى التشرّف بمقابلة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، و قبل الالتقاء به اجتمعوا بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فقصّ عليه هشام مناظراته و حديثه مع العالم النصراني بريهة .


فالتفت ( عليه السلام ) إلى بريهة ، قائلاً له : ( يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟ ) قال : أنا به عالم .


فقال ( عليه السلام ) : ( كيف ثقتك بتأويله ؟ ) قال : ما أوثقني بعلمي به !


فأخذ ( عليه السلام ) يقرأ عليه الإنجيل و يرتّل عليه فصوله ، فلمّا سمع ذلك بريهة آمن بأنّ دين الإسلام حق ، و إنّ الإمام من شجرة النبوّة ، فانبرى إليه قائلاً : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة .


ثمّ إنّه أسلم و أسلمت معه زوجته ، و قصدوا جميعاً والده الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فحكى له هشام الحديث ، و إسلام بريهة على يد ولده الكاظم ، فسرّ ( عليه السلام ) بذلك ، و التفت قائلاً له : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .


و انبرى بريهة إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) قائلاً : جعلت فداك ، أنّى لكم التوراة و الإنجيل و كتب الأنبياء ؟! ، قال ( عليه السلام ) : ( هي عندنا وراثة من عندهم ، نقرؤها كما قرأوها ، و نقولها كما قالوها ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء ، فيقول : لا أدري ) . و بعدها لزم بريهة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، و صار من أخلص أصحابه ، و لما انتقل الإمام إلى دار الخلود اتصل بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) حتّى توفّي في عهده .

 


5ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع راهب نصراني :
 

كان في الشام راهب معروف تقدّسه النصارى و تعظّمه ، و تسمع منه ، و كان يخرج لهم في كل يوم يوماً يعظهم ، التقى به الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في ذلك اليوم الذي يعظ به ، وقد طافت به الرهبان ، فلمّا استقر المجلس بالإمام التفت إليه الراهب قائلاً : يا هذا ، أنت غريب ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .


فقال : منّا أو علينا ؟، قال ( عليه السلام ) : ( لست منكم ) .


فقال : أنت من الأمّة المرحومة ؟، قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .


فقال : أمن علمائها أمن جهّالها ؟، قال ( عليه السلام ) : ( لست من جهّالها ) .


فاضطرب الراهب ، و تقدّم إلى الإمام ( عليه السلام ) يسأله عن أعقد المسائل عنده ، قائلاً : كيف طوبى أصلها في دار عيسى عندنا ، و عندكم في دار محمّد ، و أغصانها في كل دار ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّها كالشمس يصل ضوؤها إلى كل مكان وموضع ، وهي في السماء ) .


قال الراهب : إنّ الجنّة كيف لا ينفذ طعامها وإن أكلوا منه ؟ وكيف لا ينقص شيء منه ؟ قال ( عليه السلام ) : ( أنّه كالسراج في الدنيا ، و لاينقص منه شيء ) .


قال الراهب : إنّ في الجنّة ظلاً ممدوداً ، ما هو ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( الوقت الذي قبل طلوع الشمس ، هو الظل الممدود ) ، ثمّ تلا قوله تعالى : (

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ) .

قال الراهب : إنّ أهل الجنّة يأكلون و يشربون ، كيف لايكون لهم غائط و لابول ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّهم كالجنين في بطن أمّه ) .


قال الراهب : إنّ لأهل الجنّة خدماً يأتونهم بما أرادوا بلا أمر ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّ الإنسان إذا احتاج إلى شيء عرفت أعضاؤه ذلك ، فتعرفه الخدم فيحقّقون مراده من غير أمر ) .


قال الراهب : مفاتيح الجنّة من ذهب أو فضة ؟ ، قال ( عليه السلام ) : ( مفاتيح الجنّة قول العبد : لا اله إلاّ الله ) ، قال الراهب : صدقت ، ثمّ أسلم هو وقومه .

 


6ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع المهدي العباسي :
 

قال علي بن يقطين : سأل المهدي أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الخمر ، هل هي محرّمة في كتاب الله تعالى ، فإنّ الناس ، إنّما يعرفون النهي عنها ، و لايعرفون التحريم ؟ ، فقال ( عليه السلام ) له : ( بل هي محرّمة في كتاب الله عزّ وجل ) .


قال المهدي : في أي موضع هي محرّمة في كتاب الله عزّ و جل يا أبا الحسن ؟


فقال ( عليه السلام ) : ( قول الله عزّ وجل : (

إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .

فأمّا قوله ( مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) يعني الزنا المعلن ، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواحش في الجاهلية ، و أمّا قوله عزّ و جل : ( وَ مَا بَطَنَ ) يعني ما نكح الآباء ، لأنّ الناس كانوا قبل أن يبعث النبي ( صلّى الله عليه و آله ) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها ، تزوّجها ابنه الأكبر من بعده إذا لم تكن أمّه ، فحرّم الله عزّ و جل ذلك .


و أمّا ( الإِثْمَ ) فإنّها الخمرة بعينها ، و قد قال الله تعالى في موضع آخر : (

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) ، فأمّا الإثم في كتاب الله فهو الخمر و الميسر ، فإثمهما كبير ، كما قال عزّ و جل ) .

فقال المهدي : يا علي بن يقطين هذه و الله فتوى هاشمية .


source : تبیان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ملامح شخصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام
أحاديث في الخشية من الله (عزّ وجلّ)
أقوال علماء أهل السنة في اختصاص آية التطهير ...
فاطمة هي فاطمة.. وما أدراك ما فاطمة
معرفة فاطمة عليها السلام
علي مع الحق - علي مع القرآن - شبهة وجوابها - خلاصة ...
صدق الحدیث
السيد الشاه عبدالعظيم الحسني رضوان الله عليه
كلمات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) القصار
من آثار وفلسفة وأفكارالهادي (عليه السلام)

 
user comment