عربي
Monday 22nd of July 2024
0
نفر 0

نزول القرآن الكريم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله )

في رأي عدد من العلماء أن القرآن الكريم نزل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) مرتين :

الأولى : نزل عليه في ليلة القدر جملة واحدة ، على سبيل الإجمال .

الثانية : نزل عليه تدريجاً ، على سبيل التفصيل ، خلال المدة التي قضاها النبي ( صلى الله عليه وآله ) في أمَّته ، منذ بعثته ، وإلى وفاته .

ومعنى نزوله على سبيل الإجمال : هو نزول المعارف الإلهية ، التي يشتمل عليها القرآن ، وأسراره الكبرى على قلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لكي تمتلئ روحه بنور المعرفة القرآنية ، فقال تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) القدر : 1 .

ومعنى نزوله على سبيل التفصيل ، هو نزوله بألفاظه المحددة ، وآياته المتعاقبة ، والتي كانت في بعض الأحيان ترتبط بالحوادث والوقائع في زمن الرسالة ، وكذلك مواكبة تطورها ، ( الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) هود : 1 .

نوضح مزايا التدرج بالنقاط الآتية :

الأولى : مرَّت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) والدعوة حالات مختلفة جداً خلال ثلاث وعشرين سنة ، تبعاً لما مرَّت به الدعوة من مِحَن ، وقاسته من شدائد ، وما أحرزَتْه من انتصار ، وسجَّلَتْه من تقدم .

وهي حالات يتفاعل معها الإنسان الاعتيادي ، وتنعكس على أقواله وأفعاله ، ويتأثر بأسبابها وظروفها ، ولكن القرآن واكب تلك السنين بمختلف حالاتها من الضعف والقوة ، والعسر واليسر ، والهزيمة والانتصار .

وكان يسيرُ دائماً على خطه الرفيع ، فلم ينعكس عليه لون من ألوان الانفعال البشري الذي تثيره مثل تلك الحالات .

الثانية : إنَّ القرآن بتنزيله تدريجياً كان إمداداً معنوياً مستمراً للنبي ( صلى الله عليه وآله ) .

كما قال الله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) الفرقان : 32 .

فإن الوحي إذا كان يتجدَّد في كل حادثة ، كان أقوى للقلب ، وأشد عناية بالمرسل إليه ، ويستلزم ذلك نزول الملك إليه ، وتجدد العهد به ، وتقوية أمله في النصر ، واستهانته بما يستجد ويتعاقب من مِحَن ومشاكل .

ولهذا نجد القرآن يأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) تارة بالصبر ، فيقول : ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) المزمل : 10 .

وينهاه تارة أخرى عن الحزن ، كما في قوله : ( وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يونس : 65 .

الثالثة : إن القرآن الكريم ليس كتاباً كسائر الكتب التي تؤلف للتعليم والبحث العلمي ، وإنما هو عملية تغيير الإنسان تغييراً شاملاً كاملاً في عقله وروحه وإرادته .

وهدفه الأساس هو صنع أمة وبناء حضارة ، وهذا العمل لا يمكن أن يوجد مرة واحدة ، وإنما هو عمل تدريجي بطبيعته .

ولهذا كان من الضروري أن ينزل القرآن الكريم تدريجياً ، ليُحكم عملية البناء ، وينشئ أساساً بعد أساس ، ويجتثّ جذور الجاهلية ورواسبها بأناة وحكمة ، وقصة تحريم الخمر خير شاهد على ما نقول .

الرابعة : إن الرسالة الإسلامية كانت تواجه الشبهات ، والاتهامات ، والأسئلة المختلفة من قبل المشركين .

وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بحاجة إلى أن يواجه كل ذلك بالموقف والتفسير المناسبَين ، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بشكل تدريجي ، لأن طبيعة هذه المواقف والنشاطات المعادية هي طبيعة تدريجية ، وتحتاج إلى معالجة ميدانية مستمرة .

لعل هذا هو المراد من سياق قوله تعالى : ( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) الفرقان : 33 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

رد الشمس لعلي عليه السلام
أهل البيت^ خلفاء الله
حياة العبّاس بن علي عليه السلام
الارتباط بالمعصومين(ع) و أقسامها
ابو ذر فـي الـرّبـذَة
الانصار والغیبة
مجلس في شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
العناصر النفسية في شخصية العباس بن علي (عليهما ...
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
عبرات الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف على جده ...

 
user comment