عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

عاصر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) خلال فترة إمامته أربعة من الخلفاء العباسيين وهم : المنصور ، المهدي ، الهادي ، الرشيد .

وقد زخرت هذه الفترة بالأحداث والوقائع التاريخية الخطيرة ، وكان من أبرز تلك الوقائع هي الثورات والسجن والملاحقات والقتل الفردي والجماعي لآل علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، وبني عمومتهم من الطالبِيّين .

فالولاة يحكمون ويعبثون ويتصرفون كيف شاءوا ما زالوا محافظين على طاعة الخليفة .

لأن المطلوب هو الولاء للخليفة العباسي لا بَسط العدل وإقامة أحكام الإسلام ، وفي مثل هذه الأوضاع كان طبيعياً أن ينال الإمام ( عليه السلام ) الظلم والسجن والاضطهاد .

فأمر الرشيد بنقل الإمام من سجن الفضل إلى سجن السندي بن شاهك ، والأخير كان شريراً لم تدخل الرحمة إلى قلبه ، وقد تَنكّر لجميع القِيَم .

فكان لا يؤمن بالآخرة ولا يرجو لله وقاراً ، فقابل الإمام ( عليه السلام ) بكل قسوة وجفاء ، فَضَيّق عليه في مأكله ومشربه ، وكَبّله بالقيود

ويقول الرواة : إنه قَيّده ( عليه السلام ) بثلاثين رطلاً من الحديد .

وأقبل الإمام ( عليه السلام ) على عادته على العبادة ، فكان في أغلب أوقاته يصلي لربه ، ويقرأ كتاب الله ، ويُمجّده ويَحمُده على أنْ فَرّغه لعبادته .

كتابه إلى هارون :

وأرسل الإمام ( عليه السلام ) رسالة إلى هارون الرشيد أعرب فيها عن نقمته عليه ، وهذا هو نَصّها : ( إِنّه لن يَنقضي عَنّي يوم من البلاء حَتى ينقضي عَنك يوم من الرّخَاء حتى نَفنَى جميعاً إلى يومٍ ليس فيه انقضاء ، وهُناك يَخسرُ المُبطلون ) .

وحكت هذه الرسالة ما أَلمّ بالإمام ( عليه السلام ) من الأسى في السجن ، وأنه سيحاكم الطاغية هارون الرشيد أمام الله تعالى في يوم يخسر فيه المبطلون .

شهادته ( عليه السلام ) :

عهد هارون إلى السندي باغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، فَدُسّ له سُمّاً فاتكاً في رطب ، وأجبره السندي على تناوله .

فأكل ( عليه السلام ) مِنهُ رطبات يسيرة ، فقال له السندي : زِد على ذلك .

فَرَمَقَهُ الإمام ( عليه السلام ) بَطَرْفِه وقال له : ( حَسبُكَ ، قد بَلغتُ ما تحتاجُ إليه ) .

وتفاعل السم في بدنه ( عليه السلام ) ، وأخذ يعاني الآلام القاسية ، وقد حفت به الشرطة القُساة .

ولازَمه السندي ، وكان يُسمِعُه مُرَّ الكلام وأقساه ، ومَنعَ عنه جميع الإسعافات لِيُعَجّل له النهاية المَحتومة .

ولما ثقل حاله ( عليه السلام ) وأشرف على النهاية ، استدعى المُسيّب بن زهرة ، وقال له : ( إني على ما عَرّفتُك من الرحيل إلى الله عزَّ وجلَّ ، فإذا دَعوتُ بِشُربة من ماءٍ فَشربتُها ورأيتني قد انتَفَختُ واصفَرَّ لوني واحمَرَّ واخضَرَّ ، وَأتَلَوَّنُ ألواناً ، فأخبر الطاغية بوفاتي ) .

فقال المُسيَّب : فلم أزلْ أراقب وَعده ، حتى دعا ( عليه السلام ) بشربة فَشربَها ، ثم استدعاني فقال : ( يا مُسيَّب ، إن هذا الرِّجس السِّندي بن شَاهك سَيزعم أنه يتولَّى غسلي ودفني ، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً ، فإذا حُمِلت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فَألحِدُوني بها ) .

قال المُسيَّب : ثم رأيتُ شخصاً أشبه الأشخاص به جالساً إلى جانبه ، وكان عهدي بسيِّدي الرضا ( عليه السلام ) وهو غلام ، فأردت أن أسأله ، فصاح بي سيدي الكاظم ( عليه السلام ) وقال : ( أَليسَ قَد نَهَيتُك ؟! ) .

ثم إنه غاب ذلك الشخص ، وجئتُ إلى الإمام ( عليه السلام ) فإذا به جثة هامدة قد فارق الحياة ، فانتهيت بالخبر إلى الرشيد .

وكانت شهادته ( عليه السلام ) في ( 25 ) رجب من سنة ( 183 هـ ) .

فخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان إمام المسلمين وسيد المتقين والعابدين ، وخرجَت الشيعة وهي تلطم الصدور ، وتذرف الدموع ، وخرجت السيدات من نسائهم وَهُنَّ يَندبْنَ الإمام ( عليه السلام ) ويرفَعْنَ أصواتَهُنَّ بالنياحَة عليه ( عليه السلام ) .

وسارت مواكب التشييع في شوارع بغداد ، وهي تردد أهازيج اللوعة والحزن .

وسارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن وقد ساد عليها الحزن ، حتى انتهت إلى مقابر قريش في بغداد .

فَحُفِر للجثمان العظيم قبر ، فواروه فيه وانصرف المشيعون وهم يعددون فضائله ( عليه السلام ) ، ويَذكُرون بمزيد من اللَّوعة الخسارةَ التي مُني بها المسلمون .

فَتَحيَّات من الله على تلك الروح العظيمة ، التي ملأت الدنيا بفضائلها وآثارها ومآثرها .

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وصية الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لهشام بن الحكم ...
الظروف السياسية في عصر الإمام الكاظم
السيّدة فاطمة بنت الإمام الكاظم عليه السّلام
الإمام الكاظم سجين الحق وقائد المعارضة السلمية
ادعية الامام الکاظم عليه السلام
أدعية الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) لأيام ...
مناظرة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) مع هارون ...
إمامة الإمام الكاظم ( عليه السلام )
سیرة الامام موسی الکاظم(ع)
إمامة الإمام الكاظم ( عليه السلام )

 
user comment