القلم
وهو تجلّ آخر لشأن الرسالة الإلهية والنبوّة المحمدية لرسول الله الذي هو السبب في سعادة من يستحق السعادة والرحمة الربانية للعالمين وهدى ورحمة للناس أجمعين:
{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ}([1]).
والقلم كما تفيد الروايات حقيقة تحدد مصير كل الأمور الباطن فيها والظاهرفي هذا العالم والقلم هو الذي يعين السعادة والهداية والكرامة، حيث القلم تعبير وتجل عن إرادة الحق تبارك وتعالى للرحمة الإلهية، والقلم في أحد معانيه هو الحقيقة المحمدية وقد أقسم به الحق تبارك وتعالى:
العقل: العقل بمعناه الأولي والأصلي وبلا أي ترديد ليس سوى الحقيقة المحمدية والتجلي في عالم الوجود؛ فأول ما صدر عن الحق تبارك وتعالى هو العقل، ولذا فهو أحب الخلق إلى خالق الخلق.
>وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليَّ منك<([3]).
ثم أليس أن أحب الخلق إلى الله عز وجل هو محمد’ حبيب الله وهو من أقرب الخلق إلى الله شأناً ومنزلةً.
أجل أنه هو عقل الكل وكل العقل وهو مجموع آثار العقل والأكثر إيجابية ونفعاً في عرصة هذا الوجود؛ تجلى على أتم صورة وأكمل وجود فالرسول محمد’ هو التعبير الأكثر جلاء والاكثر كمالاً للعقل.
الروح
الروح واستناداً لآيات القرآن المجيد هي من مقام عالم الأمر وقد ظهرت بكلمة الله عز وجل (كن) وليس من مقام الخلق ظهرت و من عناصر مادية:
{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَْمْرُ}([4]).
فالروح حقيقتها ليست معلومة لأحد قد صدرت من مقام الأمر الإلهي وبكلمة منه سبحانه ظهرت للوجود.
{وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}([5]).
قال عز وجل: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}([6]).
وقال عز وجل: {ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ}([7]).
وقد جاء في الروايات أن الله عز وجل أول ما خلق روح محمد’، وقد ورد عن النبي’ قوله: >أول ما خلق الله روحي<([8]).
ويجد المرء تدرجاً وتنوعاً في التعبير عن هذه الحقيقة مراعاةً للأفهام المختلفة والإدراكات المتنوعة كل ذلك من أجل إيصال هذه الحقيقة كل حسب طاقته ومستواه وإدراكه ولهذا نلاحظ في الروايات: >أول ما خلق الله النور<.
ونرى أحياناً قو ل الرسول’: >أول ما خلق الله القلم<([9]).
وقوله: >أول ما خلق الله العقل< وقوله: >أول ما خلق نوري<.
أو قوله: >أول ما خلق الله روحي<.
ومما أوضحنا آنفاً يمكن أن نخلص إلى نتيجة واحدة هي أن النور والقلم والروح والعقل كلمات ترتبط فيما بينها بمعنى واحد فهي تجليات لحقيقة واحدة وهي الحقيقة المحمدية: >عباراتنا شتى وحسنك واحد<
قصّة العشق خارجة عن البيان واختلاف الألفاظ يشير إلى جهة
واحدة وعلى أية حال فإن وجوده المقدس هو أصل وأساس جميع الأشياء وهو الجوهر الوجودي لكل الكائنات.
وما النور والقلم والعقل والروح إلا درجات لحقيقة واحدة أي بمعنى أن النور حقيقة القلم والروح والروح والقلم حقيقة العقل، وإذن فإن الله عز وجل خلق الحقيقة المحمدية ولها درجة النور والقلم والعقل والروح من نوره مباشرة ثم خلق جميع الكائنات بعد ذلك من نوره المقدس، وجاء في الأثر عن الإمام جعفر بن محمد الصادق‘: >خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة<([10]).
يعني أن الله عز وجل خلق المشيئة وهي الاسم الآخر لمظهر ونور محمد’ بالتجلي الذاتي من دون واسطة شيء آخر ثم خلق الكائنات الأخرى من النور المحمدي، ذلك أن الحقائق المتعينة والمحدودة العقلية والغير عقلية لا يمكنها الارتباط مباشرة بالذات المقدسة الإلهية التي هي منزهة من كل التعينات والقيود.
وإذن فإن النور المحمدي الإطلاقي هو بمثابة البرزخ الواسطة بين الثابت والمتغير وبين المطلق والمقيد وبين الساكن والمتحرك.
ومن دون النور المطلق المحمدي الذي هو الفيض المنبسط فإنه يستحيل وجود ارتباط ذاتي بين الخالق والمخلوق.
وإذن فإن التجلي الذاتي للحق تبارك وتعالى والنور الظهوري والجمال المطلق هو نفسه الفيض المحمدي المطلق والمشيئة الإشراقية الأحمدية والأنوار النبوية وقد جاء في الأثر: >إن الله خلق العقل ـ وهو أول خلق من الروحانيين ـ من يمين العرش من نوره<([11]).
وفرق أحمد عن أحد حرف ميم |
|
وفيه انطوت كل العوالم |