القرآن الكريم يتعرّض لبيان معالم النبوّة ومبانيها الأوليّة ، ويعني ذلك المواصفات الأساسيّة للقائد الإسلامي في إدارة البلاد ، وتسيير المجتمع نحو التقدّم والازدهار في كلّ جوانبه ، وصيانته من الانحطاط والانهيار ، وإقامة العدل الإسلامي وتصعيد القوى وروح النضال والجهاد ، وتعديل الثروات ، وتثقيف الناس ، وإعلاء كلمة الله في الأرض ، وإيصال الإنسان إلى ذروة كماله وقمّة شموخه ، ونزاهة الإنسانية ونجاتها من مخالب الطغيان والبغي والفساد ، وذلك من خلال النقاط التالية :
1 ـ بعث الرسل ووجود القائد الصالح من الامتحانات الإلهية :
( وَما أرْسَلـْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلينَ إلاّ أ نَّهُمْ يَأكُلونَ الطَّعامَ وَيَمْشونَ في الأسْواقِ وَجَعَلـْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْض فِتْنَةً أفَلا تُبْصِرونَ )[2].
2 ـ القائد يعيش بين الناس ويأكل ما أحلّه الله ، وإنّما المقصود إقامة وترويج
العمل الصالح في المجتمع :
( يا أ يُّها الرُّسُلُ كُلوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلوا صالِحاً )[3].
3 ـ الله جلّ جلاله ينصر من ألقى عليه مسؤولية القيادة في الدنيا والآخرة ، كالأنبياء والمرسلين ، وإن ضاقت بهم الاُمور :
( حَتَّى إذا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أ نَّهُمْ قَدْ كُذِبوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَوْمِ الُمجْرِمينَ )[4].
( إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنوا في الحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقومُ الأشْهادُ )[5].
( وَإنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الغالِبونَ )[6].
( فَأنْزَلَ عَلَيْهِمُ السَّكينَةَ وَأثابَهُمْ فَتْحاً قَريباً )[7].
( نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَريبٌ وَبَشِّرِ المُؤْمِنينَ )[8].
4 ـ وعاقبة الأمر إنّما الغلبة والنصر لله ولاُمنائه في الأرض ، فإنّ منطقهم منطق رصين وقويم :
( لأغْلِبَنَّ أنا وَرُسُلي )[9].
5 ـ ومن هذا المنطلق يطلبون من الله النصرة :
( قالَ رَبِّ انْصُرْني بِما كَذَّبونِ قالَ عَمَّا قَليل لَيُصْبِحُنَّ نادِمينَ فَأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالحَقِّ فَجَعَلـْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلـْقَوْمِ الظَّالِمينَ ثُمَّ أنْشَأنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُروناً آخَرينَ ثُمَّ أرْسَلـْنا رُسُلَنا تَتْرى كُلَّما جاءَ اُمَّةٌ رَسولُها كَذَّبوهُ فَأتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلـْناهُمْ أحاديثَ فَبُعْداً لِقَوْم لا يُؤْمِنونَ )[10].
6 ـ والمقصود من بعثة الأنبياء والقيادة الصالحة هو الإنذار والتبشير وإتمام الحجّة :
( رُسُلا مُبَشِّرينَ وَمُنْذِرينَ لِئَلاّ يَكونَ لِلـْناسِ عَلى اللهِ حُجَّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزيزاً حَكيماً )[11].
7 ـ ومن فلسفة النبوّة وما يكون في خطّها من الإمامة والقيادة المؤمنة هداية الناس :
( وَلِكُلِّ قَوْم هاد )[12].
8 ـ فيصطفي ويجتبي من خلقه ليهدوا الناس إلى الصراط المستقيم :
( وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلى الغَيْبِ وَلـكِنَّ اللهَ يَجْتَبي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ )[13].
9 ـ فكلّ واحد ممّن كان راعياً وقائداً أن يبذل ما في وسعه من الجهد والجهاد :
( وَجاءَ مِنْ أقْصى المَدينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعوا المُرْسَلينَ )[14].
10 ـ ولا يطلب من الناس حطام الدنيا أجراً لرسالته وقيادته الصالحة :
( اتَّبِعوا مَنْ لا يَسْألُكُمْ أجْراً وَهُمْ مُهْتَدونَ )[15].
( قُلْ ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر إلاّ مَنْ شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبيلا )[16].
11 ـ فهلاك الاُمّة وهلاك القرى لا تكون إلاّ بعد إتمام الحجّة :
( وَما أهْلَكْنا مِنْ قَرْيَة إلاّ لَها مُنْذِرونَ )[17].
12 ـ وقد فضّل الله بعض الأنبياء على بعض ، فهم في طبقات ، وكذلك العلماء وقادة الناس :
( تِلـْكَ الرُّسُلُ فَضَّلـْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْض )[18].
( وَلَقَدْ فَضَّلـْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْض )[19].
13 ـ إلاّ أنّ عملهم واحد ، كالتبليغ والإرشاد وتبيين الحقائق والواقعيات :
( وَأنْزَلـْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلـْناسِ ما نَزَلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرونَ )[20].
( وَإذْ أخَذَ اللهُ ميثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتاب وَحِكْمَة )[21].
14 ـ ومن وظيفة الناس أن يرجعوا إلى قيادتهم الحكيمة ويسألوا عن اُمور دينهم ودنياهم :
( وَما أرْسَلـْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاّ رِجالا نوحي إلَيْهِمْ فَاسْألوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمونَ )[22].
15 ـ وإنّ الله يسأل الناس كما يسأل الأنبياء :
( فَلَنَسْألَنَّ الَّذينَ اُرْسِلَ إلَيْهِمْ وَلَنَسْألَنَّ المُرْسَلينَ )[23].
16 ـ والناس إمّا أن يطيعوا اُولي الأمر من الأنبياء ومن ينوبهم ويرثهم أو يعصوه ، فجزاء المطيعين :
( وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسولَهُ يُدْخِلـْهُ جَنَّات تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهارَ خالِدينَ فيها وَذلِكَ الفَوْزُ العَظيمُ )[24].
( وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسولَ فَاُولـئِكَ مَعَ الَّذينَ أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبيِّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداء وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ اُولـئِكَ رَفيقاً )[25].
( وَأطيعوا اللهَ وَالرَّسولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمونَ )[26].
( قُلْ أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ فَإنْ تَوَلَّوا فَإنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلـْتُمْ وَإنْ تُطيعوهُ تَهْتَدوا وَما عَلى الرَّسولِ إلاّ البَلاغُ المُبينُ وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آمَنوا مِنْكُمْ وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلُِيمَكِّنَ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذي ارْتَضى لَهُمْ وَلِيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً )[27].
وأمّا جزاء العاصين :
( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فيها وَلَهُ عَذابٌ مُهينٌ )[28].
17 ـ وما على الرسل إلاّ البلاغ الواضح والمبين :
( وَما عَلَيْنا إلاّ البَلاغُ المُبينُ )[29].
( فَهَلْ عَلى الرُّسُلِ إلاّ البَلاغُ المُبينُ )[30].
( يا أ يُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما اُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )[31].
18 ـ وإنّما يكلّمون الناس بلسانهم وعلى قدر عقولهم :
( وَما أرْسَلـْنا مِنْ رَسول إلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )[32].
19 ـ وأمّا طريق دعوتهم فبالبراهين الساطعة والخطب الحكيمة والجدال الحسن :
( اُدْعُ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلـْهُمْ بَالَّتي هِيَ أحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبيلِهِ وَهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدينَ )[33].
20 ـ الاستقامة في سبيل الأهداف :
( فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما اُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ )[34].
( فاسْـتَـقِـمْ كَـما اُمِـرْتَ وَمَـنْ تـابَ مَـعَـكَ وَلا تَطْغوا إنَّهُ بِما تَعْمَلونَ بَصير )[35].
( قالَ قَدْ اُجيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقيما وَلا تَتَّبِعانِ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعْلَمونَ )[36].
( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَروا عَلى ما كُذبوا وَاُوذوا حَتَّى أتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَأِ المُرْسَلينَ )[37].
( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الذَّينَ يَدْعونَ رَبَّهُمْ بِالغَداةِ وَالعَشيِّ يُريدونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أغْفَلـْنا قَلـْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أمْرُهُ فُرُطاً )[38].
( فَقاتِلْ في سَبيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤْمِنينَ عَسى الله أنْ يَكُفَّ بَأسَ الَّذينَ كَفَروا وَاللهُ أشَدُّ بَأساً وَأشَدُّ تَنْكيلا )[39].
( لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ ألاّ يَكونوا مُؤْمِنينَ )[40].
21 ـ وأمّا من صفاتهم الرفيعة ، ومقامهم الشامخ ، وحالاتهم الفردية والاجتماعية :
( كُلٌّ مِنَ الأخْيارُ )[41].
( كُلٌّ مِنَ الصَّابِرينَ )[42].
( إنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحينَ )[43].
( إنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيَّاً )[44].
( وَزادَهُ بَسْطَةً في الجِسْمِ وَالعِلـْمِ )[45].
( فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَليظَ القَلـْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ في الأمْرِ فَإذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلى اللهِ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلينَ )[46].
( وَكانَ تَقِيَّاً )[47].
( إنَّهُ كانَ مُخْلَصاً )[48].
( وَبَرَّاً بِوالِدَتي وَلَمْ يَجْعَلـْني شَقِيَّاً )[49].
( وَجَعَلَني مُبارَكاً أيْنَما كُنْتُ )[50].
( وَلَـمَّـا بَـلَـغَ أشُـدَّهُ وَاسْـتَـوى آ تَـيْناهُ حُكْماً وَعِلـْماً وَكَذلِكَ نَجْزي الُمحْسِنينَ ).
وهذا يعني أنّ من كان محسناً في أيّ عصر ومصر فإنّ الله يجزيه بإتيانه الحكم والعلم فتدبّر ، وكذلك في الآيات الاُخرى.
( وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إلى صِراط مُسْتَقيم )[51].
( وَكُلا آتَيْنا حُكْماً وَعِلـْماً )[52].
( أقْبِلْ وَلا تَخَفْ إنَّكَ مِنَ الآمِنينَ )[53].
( إنَّ إبْراهيمَ كانَ اُمَّةً قانِتاً للهِ حَنيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكينَ )[54].
( شاكِراً لأنْعُمِهِ )[55].
( إذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلـْب سَليم )[56].
( قالَ إنِّي جاعِلُكَ لِلـْناسِ إماماً )[57].
( وَأدْعو رَبِّي عَسى ألاّ أكونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيَّاً )[58].
( وَكانوا لَنا عابِدينَ )[59].
( إنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّماوات وَالأرْضَ حَنيفاً وَما أنا مِنَ المُشْرِكينَ )[60].
( إنِّي لَكُمْ رَسولٌ أمينٌ )[61].
( إنِّي أخافُ اللهَ رَبَّ العالَمينَ )[62].
( وَجَعَلـْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْق عَلِيَّاً )[63].
( إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلينَ عَلى صِراط مُسْتَقيم )[64].
( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ )[65].
( وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُرْسَلينَ )[66].
( وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجيهاً )[67].
( وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم )[68].
( الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أحَداً إلاّ اللهَ )[69].
( قُمِ الَّلَيْلَ إلاّ قَليلا )[70].
( إنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَويلا )[71].
( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتيلا )[72].
( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدينَ )[73].
( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقينَ )[74].
( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ أنَ اشْكُرْ للهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَميدٌ )[75].
( إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ )[76].
( وَكانَ يَأمُرْ أهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيَّاً )[77].
( قُلْ ما أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْر وَما أنا مِنَ المُتَكَلِّفينَ )[78].
وخلاصة الكلام : لا بدّ أن يكون القائد الإسلامي متّصفاً بصفات الأنبياء ; لأ نّه إنّما يديم خطّهم ومقصودهم وغايتهم ، فلا بدّ أن يكون من الأخيار صالحاً صابراً صدّيقاً مع ربّه ومع الناس ، عالماً باُمور دينهم ودنياهم ، رحيماً شفيقاً حريصاً عليهم ، يشاورهم في اُمور البلد وإدارته ، متوكّلا على الله ، متواضعاً للحقّ وللمؤمنين ، له قلب سليم يخاف ربّه ويعبده ويدعوه حنيفاً مسلماً ، ويكون بنفسه اُمّةً شاكراً أميناً تقيّاً ، وجيهاً عند الله ، يحمل الأخلاق الطيّبة ، ويبلّغ رسالات الله ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، يقوم الليل بالعبادة والتهجّد ويسبّح الله ويذكره كثيراً ، ويعبده حتّى الموت ، حكيماً شاكراً صادق الوعد ، يأمر رعيّته وأهله بالصلاة والزكاة ، وكان عند ربّه مرضيّاً.
22 ـ وبمثل هؤلاء يقتدى ويهتدى ، فهم الاُسوة الحسنة والقدوة الصالحة :
( وَلَكُمْ في رَسولِ اللهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )[79].
( وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا )[80].
( قَدْ كانَتْ لَكُمْ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبْراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ )[81].
23 ـ وفي قصصهم تثبيت العقيدة والموعظة الحسنة والذكرى النافعة :
( وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتْ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هذِهِ الحَقُّ وَمَوْعِظَةً وَذِكْرى لِلـْمُؤْمِنينَ )[82].
24 ـ ومن وظيفتهم رفع الاختلاف بين الاُمّة :
( وَما أنْزَلـْنا عَلَيْكَ الكِتابَ إلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذي اخْتَلَفوا فيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤْمِنونَ )[83].
25 ـ وقد أمر الله بإطاعتهم :
( يا أ يُّها الَّذينَ آمَنوا أطيعوا اللهَ وَأطيعوا الرَّسولَ وَاُولي الأمْرِ مِنْكُمْ )[84].
( مَنْ يُطِعِ الرَّسولَ فَقَدْ أطاعَ اللهَ )[85].
( إنَّما وَلِّيّكُمُ اللهُ وَرَسولُهُ وَالَّذينَ آمَنوا الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعونَ )[86].
26 ـ وأعطاهم وأقرّ لهم العزّة :
( وَكَلِمَةُ اللهِ هيَ العُلـْيا وَاللهُ عَزيزٌ حَكيمٌ )[87].
( وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلـْمُؤْمِنينَ )[88].
( فَلا تَهِنوا وَتَدْعوا إلى السَّلَمِ وَأنْتُمْ الأعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ )[89].
( وَلا تَهِنوا وَلا تَحْزَنوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ )[90].
27 ـ وأهّلهم للقيادة والإمامة :
( وَلَقَدْ آتَيْنا إبْراهيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمينَ )[91].
( وَإذِ ابْتَلى إبْراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأتَمَّهُنَّ قالَ إنِّي جاعِلُكَ لِلـْنَّاسِ إماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتي قالَ لا يَنالُ عَهْدي الظَّالِمينَ )[92].
( اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَل رِسالَتَهُ )[93].
28 ـ فيتصلّبون في إجراء الحقّ والعدالة :
( وَلا تَـأخُـذُكُـمْ بِـهِـمـا رَأفَـة في دينِ اللهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ )[94].
29 ـ وفي سبيل سعادة الإنسان :
( وَلِكُلِّ اُمَّة رَسولٌ فَإذا جاءَ رَسولُهُمْ قَضى بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمونَ )[95].
( وَلَوْ أ نَّهُمْ إذْ ظَلَموا أنْفُسَهُمْ جاؤوكَ فَاسْتَغْفَروا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسولُ لَوَجَدوا اللهَ تَوَّاباً رَحيماً )[96].
( وَاذْكُرْ في الكِتابِ إسْماعيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ وَكانَ رَسولا نَبِيَّاً وَكانَ يَأمُر أهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيَّاً )[97].
30 ـ والقيام بالمسؤولية مع الرأفة والرحمة :
( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنينَ رَؤوفٌ رَحيمٌ )[98].
( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إنْ لَمْ يُؤْمِنوا بِهذا الحَديثِ أسَفاً )[99].
31 ـ وجوهر المسؤولية تبليغ الرسالات الإلهية بنصح وأمانة :
( قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بي سَفاهَةً وَلـكِنِّي رَسولٌ مِنْ رَبِّ العالَمينَ اُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأنا لَكُمْ ناصِحٌ أمينٌ )[100].
هذه جملة وإشارات من مواصفات القائد الإسلامي ، يمكن أن يستلهم منها ومن غيرها خصائص ومميّزات اُخرى ، فتأمّل وتعمّق في آيات الله الكريمة ، وتدبّر في معانيها ومغزاها ، حتّى تستخرج من كنوزها الجواهر القيّمة واللآلئ الثمينة ، فإنّ القرآن الكريم غضّ جديد لا يبلى ، ويتماشى مع كلّ عصر ، فيه المعارف والعلوم والفنون ، وهو كتاب حياة وصنع الإنسان الكامل ، والسير إلى الله المقتدر ، فإلى الله المنتهى ، وإليه تصير الاُمور.
--------------------------------------------------------------------------------
[1]لقد طبع مجمل هذه الدراسة في مجلّة ( نور الإسلام ) البيروتيّة العدد 60 ـ 61 سنة 1417 هـ ، فآثرت طبعها مرّة اُخرى بتنقيح وتفصيل في حلّة جديدة تعميماً للفائدة ، ومن الله التوفيق.
[2]الفرقان : 20.
[3]المؤمنون : 51.
[4]يوسف : 110.
[5]المؤمن : 51.
[6]الصافّات : 173.
[7]الفتح : 18.
[8]الصفّ : 13.
[9]المجادلة : 21 . القصص : 35.
[10]المؤمنون : 44 . آل عمران : 81 . العنكبوت : 30 . القمر : 10.
[11]النساء : 165.
[12]الرعد : 7.
[13]آل عمران : 179.
[14]يس : 21 . الأنعام : 90 . سبأ : 47 . ص : 86 . القلم : 46.
[15]يس : 21.
[16]الفرقان : 57.
[17]الشعراء : 208.
[18]البقرة : 253.
[19]الإسراء : 55.
[20]النحل : 44.
[21]آل عمران : 81 . الأحزاب : 7.
[22]النحل : 42.
[23]الأعراف : 5.
[24]النساء : 13.
[25]النساء : 69.
[26]آل عمران : 132 . الأنفال : 20 ـ 46 . النور : 51 و 52.
[27]النور : 54 ـ 55 . الأحزاب : 7 . الفتح : 17.
[28]النساء : 14 . التوبة : 63 . النور : 63.
[29]يس : 17.
[30]النحل : 35.
[31]المائدة : 67.
[32]إبراهيم : 4.
[33]النحل : 125.
[34]الشورى : 15.
[35]هود : 112.
[36]يونس : 89 .
[37]الأنعام : 34.
[38]الكهف : 28.
[39]النساء : 84 .
[40]الشعراء : 3.
[41]ص : 48.
[42]الأنبياء : 85 .
[43]الأنبياء : 86 .
[44]مريم : 56.
[45]البقرة : 242.
[46]آل عمران : 159.
[47]مريم : 13.
[48]مريم : 51.
[49]مريم : 32.
[50]) مريم : 21.
[51]الأنعام م 86 .
[52]الأنبياء : 79.
[53]القصص : 31.
[54]النحل : 120.
[55]النحل : 121.
[56]الصافّات : 84 .
[57]البقرة : 124.
[58]مريم : 48.
[59]الأنبياء : 73.
[60]الأنعام : 79.
[61]الدخان : 18.
[62]المائدة : 28.
[63]مريم : 50.
[64]يس : 2.
[65]القلم : 48 . الأحقاف : 35 . الطور : 48.
[66]الشعراء : 215.
[67]الأحزاب : 69.
[68]القلم : 4.
[69]الأحزاب : 39.
[70]المزّمّل : 1.
[71]المزّمّل : 7.
[72]المزّمّل : 8 .
[73]الحجر : 98.
[74]الحجر : 99.
[75]لقمان : 12.
[76]مريم : 54.
[77]مريم : 55.
[78]ص : 86 .
[79]الأحزاب : 21.
[80]الحشر : 7.
[81]الممتحنة : 4.
[82]هود : 120.
[83]النحل : 64.
[84]النساء : 59.
[85]النساء : 80 .
[86]المائدة : 55.
[87]التوبة : 40.
[88]المنافقون : 8 .
[89]محمّد : 35.
[90]آل عمران : 139.
[91]الأنبياء : 51.
[92]البقرة : 124.
[93]الأنعام : 124.
[94]النور : 2.
[95]يونس : 47.
[96]النساء : 64.
[97]مريم : 54 ـ 55.
[98]التوبة : 128.
[99]الكهف : 6.
[100]الأعراف : 66.