السؤال: في دعاء العهد المدوّن في المفاتيح ومصباح الكفعمي وغيرهما عبارة نصها \" اللهم إني أسألك بوجهك الكريم ، وبنور وجهك المنير ، وبملكك القديم \" أليس في وصف ملكه بالقدم مشعر على تعدد القدماء بالنسبة للقارئ في الوهلة الأولى؟
جواب سماحة الشيخ مصطفى الهرندي: بعد ما دلت الادلة بان القديم منحصر بالواجب جل وعلا .. فيمكن تقسيمه الى قسمين : القديم المطلق وينحصر في ذاته المقدسة ، القديم النسبي .. فان الممكنات متدرجة الوجود وطولية ينطلق على الموجود الاول قديم بالنسبة الى ما وجد بعدها .. فاول ما خلق الله حيث كان العالم -السماوات و الارض- فلا مانع من اطلاق القديم عليها
السؤال: روى السيد الإمام محسن الأمين قدس الله نفسه دعاء عن الصادق صلوات الله عليه في تمجيد الله عز وجل في الباب الرابع منه ، وفي هذا التمجيد نص العبارة التالية \" أنت الله لا إله إلا أنت خالق الخير والشر \" أليست الشرور عدميات ؟
جواب سماحة الشيخ مصطفى الهرندي: الشرور المفسرة بالعدم اصطلاح فلسفي ، اما في الروايات الشريفة فقد اطلقت على امور وجودية كالخمر مفتاح كل شر وكقوله - الزنى شر او شرب الخمر.. - وحيث لا مؤثر في الوجود الا الله تعالى فلو لم تكن الارادة الالهية مقتضية من طريق وضع سلسلة العلل والمعلولات في النظام الاصلح لم يتحول العنب الى الخمر ولم يتمكن الانسان من ارتكاب الفاحشة فمن هنا تنسب جميع الامور الوجودية اليه من دون فرق بين الخير وما يصطلح عليه بالشر.
السؤال: أريد آن اعرف بإيجاز عن مذهب البهائيين وما موقف الإسلام منها ؟
واب سماحة الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم
ج ـ البهائية فرقة تولدت وإنشقت من الفرقة البابية التي ابتدعها علي محمد الشيرازي الذي ادعى النيابة الخاصة عن الحجة عجل الله فرجه الشريف في بادىء أمره ـ وهو أمر ضروري البطلان لدى الامامية في الغيبة الكبرى ـ ثم تمادى به الأمر إلى إدعاء النبوة وأنه بعد النبي الخاتم صلى الله عليه وآله كما ادعى وأتى بكتاب جديد سماه (البيان) الذي ألّفه بالتلفيق بين آيات قرانية وزخارف حشوية أُخرى، مشتملة على الهذيان والغلط في اللغة العربية المكسّرة بالعجمة، وكان الباب الشيرازي قد نصب ميزرا يحيى النوري خليفة له مع معاونة أخيه حسين علي النوري، ولقب الأول بالازل والثاني ببهاء، وكانا قد اعتقلا من قبل الدولة في سلسلة المطاردة لهم بعد فتوى علماء الشيعة في إيران بكفرهم وخروج الباب واتباعه عن دين الاسلام، فتوسطت السفارة الروسية والبريطانية لإطلاق سراحهما وإخراجهما مع جماعة من البابية إلى بغداد وقد كان للسفارة البريطانية أكبر الدعم للفرقة البابية ـ ومكثوا هناك عشر سنين وأخذوا شيئاً فشيئاً يبتدعون الاحكام كبقية الفرق المنحرفة ثم ان السلطات اضطرت إلى ابعادهم الى جزيرة قبرص وهناك تنازع الاخوان فانقسمت البابية الى الازلية والبهائية، ثم انهما انتقلا الى فلسطين، وأخذت الحكومة الاسرائيلية والبريطانية في دعم البهائية ونشر دعوتها بانشاء مراكز في ايران واوروبا ، حتى راج لها أتباع، وتصدى علماء الشيعة في ايران أمامهم بقوة وإستنفار شديد فتوقف المدّ المنتشر للبهائية، ولكن لازالت إلى يومنا الحاضر الدوائر الغربية تطالب بفسح المجال لهم ودعمهم بكافة الوسائل الخفيّة· فمجمل مذهبهم انهم يعتقدون بنبوة كل من الباب الشيرازي والبهاء وبكتاب البيان وشريعة جديدة مشتتملة على كثير من الاباحيّات والعقائد المزخرفة، فلا ينتحلون اسم الاسلام فضلاً عن أن يكونوا مسلمين·
السؤال: في قصة آدم عليه السلام ورد (وعصى آدم ربه فغوى) وكذلك (فوسوس لهما الشيطان) ··· هل عصمة الأنبياء عليهم السلام ترتبط بوجودهم في الدنيا ولا ترتبط بوجودهم في غيرها من حياة، كالحياة في الجنة البرزخية مما يمكن أن تترتب عليه المعاصي ومقدماتها كالوسوسة ثم العصيان إذ لا تكليف إلا في الحياة الدنيا··· نرجو التوضيح وبيان الإشتباه إن وجد، سدد الله خطاكم وزادكم علما·
جواب سماحة الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم ·
لا يخفى ان الامتحان والتكليف والامر والنهي الالهي التشريعي مختص بالنشأة الدنياوية للبشر كما هو مفاد قوله تعالى (قلنا اهبطوا منها جمعياً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) فالتشريع الهادي المنجز ثوابه على طاعته وعقابه على مخالفته هو في الهبوط إلى الارض والنشأة الدنياوية، فما كان من نهي منه تعالى في الجنة قبل الدنيا لم يكن مولودياً تشريعياً بالمعنى الذي نعهده بل إرشاد وإشفاق نصيحة منه تعالى لآدم وحواء، ويطلق العصيان على مخالفة الآمر الذي من صنف الارشاد مثل أن الاخ يخالف أخاه الذي ينصحه فيقول له عصيت أمري لا سيما اذا كان الآمر يفوق المأمور في المنزلة، فلم يكن من آدم عليه السلام معصية حقيقية بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن من معنى معهود كي يخلّ بعصمته، وهو ما عبّر عنه علماء الامامية بترك الاولى، أي كون الموافقة بنحو الأولوية في حكم العقل لا اللزوم، وسرّ التعيير بذلك في الآية هو أن المقرّب يتوقع منه ما لا يتوقع من الأباعد ومن هنا قيل حسنات الابرار سيئات المقربين أي أن الفعل الذي يعدّ حسنات الابرار لو أتى به المقرّب على درجة الكيفية التي أتى بها الابرار لعدّه المولى مستهينا به، كما في مثال الملك يتوقع من وزيره من الاحترام والتعظيم والتبعية ما لا يتوقع من سائر الرعيّة، لا بمعنى أن النقصان الذي يقع في فعل الوزير معصية بالمعنى المعهود المصطلح في التكاليف العامة، بل بمعنى تركه للاولى الذي هو في شأن الوزير جفوة في مقام القرب والمقربين، فتكون غواية، وأما وسوسة الشيطان فليس بمعنى تسلطه على قلب النبي وعقله، فانه قد يتسلط على بدن النبي كما في أيوب أو على اتباعه كما في القاء الشيطان في أمنية الانبياء أي الكمال في الخارج المحيطي الذي يتمنى الانبياء صلاحه، فيكون ما يلقى الشيطان فتنة للاتباع، لكنه لا يتسلط على مركز النبوة وهو قلب وعقل النبي اللذين يتلقيان الوحي، وكان الشيطان قد قاسمهما أي قسم بالله تعالى أن نهيه تعالى لم يتعلق بالشجرة المخصوصة، بناءاً على جعل الاستثناء في الآية منقطعاً لا متصلاً، فكان ذلك نحو من الخداع لا التسويل، لا سيما وان الدار لم تكن دار تكليف·